المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي

Quote: اسم جديد(نعم)..قيادة جديدة(..)!! مؤتمر الشيوعي ..طوق النجاة او رصاصة الرحمة محمد عبد العزيز يقترب موعد إنعقاد المؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي المؤجل منذ اربعين عام ، والذي كان من المقرر ان يعقد منذ اغسطس 1970، ولكن انقلاب هاشم العطا وما اعقبه من احداث جعلت الامر يرجأ الى ما بعد انجلاء نظام نميري،وقد قررت اللجنة المركزية للحزب فى اكتوبر 1985 العمل على اجرائه فى اقرب فرصة، الا ان انقلاب الانقاذ فى يونيو1989 التي اتت بالاعداء الايدلوجيين للحزب على سدة الحكم، وعصفت بقيادات الحزب من جديد الى دوائر الاعتقال والتشريد، والتغييب . ادى الى ارجاء المؤتمر مرة اخري الى وقت غير معلوم. كما ان انهيار الاتحاد السوفيتي (مصدر الالهام للحزب) خصوصا، ومنظومة الكتلة الشيوعية فى اوربا الشرقية عموما فى ذات العام ضاعفت من معاناة الحزب البدنية والمعنوية، الامر الذى جعل من عام 1989 بالنسبة للحزب هو عام (الحزن) بامتياز. غير ان موعد المؤتمر العام الخامس للحزب لم يحدد بشكل قاطع ،الا ان بعض الاشارات الخاصة المحت الى ان المؤتمر سيعقد فى ديسمبر او يناير القادمين أن سارت الامور على ما يرام. وهذه الامور يعني بها الظروف الامنية. واستبعد آخرون قيام المؤتمر فى هذه الفترة لاسباب يرى البعض انها غير ملائمة له ، ويقولون ان المضايقات الامنية مازالت مستمرة ويستدلون بما حدث لصحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب في الفترة الاخيرة علاوة على ان الحزب لم يصدق له فى الاونة الاخيرة بعدة ندوات، فما بالك (بمؤتمر عديل!)!!-على حد تعبيرهم-. وينتظر أن يبحث المؤتمر الخامس المزمع انعقاده فى عدد من ألاجندة رتبت فى التقريرالعام الذي يعنى بتقييم الأداء للحزب ، خلال الفترة من المؤتمر الرابع وحتى حينه. كما سيعمد ايضاً لمناقشة البرنامج العام للحزب، وكذلك اللائحة التنظيمية ، بجانب التقرير التنظيمي الخاص , وبالطبع إنتخاب اللجنة المركزية الجديدة للحزب. خاصة وان اللجنة الحالية فقدت الكثير من عضويتها لعوامل المرض او الموت او الانشقاق. ويستبعد الكثير من المراقبين انتخاب سكرتير جديد للحزب لخلافة نقد،ويؤكدون استمراره فى القيادة بجانب بعض الوجوه الشابة الموثوق فيها للجنة المركزية، ويعتبرون ان الشيوعي سقط ايضاً كبقية القوي السياسية فى ازمة اللا بديل. وتبدو الملفات الاكثر سخونة على طاولة المؤتمر الخامس هي مشروع الدستور،والبرنامج السياسي،و اللائحة التنظيمية (خاصة ان اللائحة الحالية والبرنامج هما من نتاج 1967م مع بعض التعديل الطفيف، والتعويل على ورقة متغيرات العصر). وسيقوم المؤتمرون بتقييم علاقة الحزب بالقوي السياسية الاخري (التحالفات) بما فيها تحالفه مع قوي التجمع، علاوة على استذكار دروس انهيار التجربة الاشتراكية، واستكشاف مستقبل الفكر الماركسي. اضافة لتقديم قراءة نقدية لتجربة 19 يوليو (أنقلاب هاشم العطا) التي لم يضع الحزب الشيوعي السوداني حتي الان موقفاَ واضحاً حتي الان .غير ان النقطة الاخيرة ربما لا تثار لانها ستحدث جدلاً واسعاً فى اروقة الحزب. وقد تحدث بعض قياديي الحزب الشيوعي عن رؤية جديدة للحزب تتخطي جدار النصوص المقدسة بما فيها النصوص الماركسية , والاجتهادات الانجلزية " نسبة لأنجلز " . وأوضحت ان الاستناد الاساسي سيأتي من منطلق تجربة الحزب في السودان والتي تجاوزت الستين بعام. ولم يتوقف حديث تلك القيادات عند هذا الحد بل تخطاه ليصل الي اعلان كفر الحزب صراحة بدولة الحزب الواحد حتي وان كان الشيوعي نفسه والدعوة الصريحة للديقراطية التعددية. والعمل من اجل ديمقراطية النظام السياسي والاقتصادي ، والسعي لمخاطبة قضايا العصر (حقوق الانسان والعولمة الخ...) والسعي لخلق واقع مهادن للدين. ويعول الحزب كثيرا على تيار الشباب داخل الحزب والذي يمثل حسب تصور البعض قرابة الـ80% من مجمل العضوية. ويري السكرتير العام للحزب محمد ابراهيم نقد كما قال للرأي العام امس الاول ان الشباب الحاليين للحزب ليسوا بعيدين عن حياته، فهم مشاركون اصيلين فى نضالات الحزب، ومتشربين بتجاربه وارثه النضالي. ويقول احد كوادر الحزب "رفض ذكر اسمه" ان المؤتمر لن يكتب له النجاح حتي ولو كان التحضير جيداً الا بمشاركة فاعلة للكوادر الحزب بالداخل والخارج، وخاصة شريحتي الشباب والمراة والتي تمثل الاغلبية بالحزب. ورغم ان الشباب هم الغالبية علاوة على التعويل الكبير عليهم الا ان البعض مازال يري ان الطبيعة التنظيمية للحزب (خرسانية) وهذا ما سمح له بالبقاء متماسكا طوال هذه الفترة رغم الهزات العاصفة التى مر بها. وذات الطبيعة الخرسانية لا تقبل التغير بسهولة، ويشبهون الحزب برجل عجوز مسدود الاوردة والشرايين. ويستدلون فى ذلك بان ترتيبات المؤتمر من اعداد وتجهيز اشرف عليها الحرس القديم الرافض لاي تغيير على هيكلة الحزب، ويتخوفون من ما احدثه الحرس من تدجين للكثير من القيادات الشابة التى يعول عليها. والتي تحمل ذات الرؤي التحفظية تجاه التغيير وتسيطر فى ذات الوقت على قطاعات الشباب والطلاب. وفى ذات الوقت ينشط تيار قوي ومتحمس داخل الحزب ينتظر باحر من الجمر انعقاد المؤتمر للتعبير عن رؤاه بحرية والعمل على اقناع القواعد بها. ويستبشر هذا التيار بالمؤتمر ويصر على ان انعقاده حقيقة لا ريب فيها، وانه ليس مجرد أفيون لتخدير العضوية، ويعتبرون ان روح المؤتمر هذا العام مختلفة، ويستدلون بتصريحات قيادات الحزب حول طرح الكثير من القضايا الجوهرية لطاولة النقاش بما فى ذلك أسم الحزب،والذي ينادي كثيرون بانه اصبح غير مناسب فى هذه المرحلة. تيار الاصلاح والتغيير داخل الحزب او ما يسمي التيار (الصابر) كما يحلو للبعض تسميته أثبت قوته وفعالية تاثيره فى المؤتمرات القاعدية خاصة فى المناطق الطرفية للخرطوم. لذا فلا يمكن الاستهانة به واستغلاله خاصة انه أنتظر أربعة عقود. ويتخوف البعض من عمليات الاصلاح الجوهرية التي ربما تلحق بجسم الحزب ما فعله جورباتشوف بالاتحاد السوفيتي باحداث ثقب صغير فى جدران الحزب الخرسانية لاخراج الضغوط الحبيسة، ولكن يحدث ان يتوسع الثقب فينهار النظام. صراع التيارات داخل الحزب لن يحسم الا بعد عقد المؤتمر، وعندها سيحسم الكثير. ولو قدر للحرس القديم بتفريخاته الحديثة ان يحسم الصراع لصالحه، فسيحفظ للحزب تماسكه، وقوته التقليدية الا انه سيشهد خروج تيار التغيير من الحزب.