|
حديث المدينة......وفي الليلة الظلماء..!!عثمان ميرغني...
|
رغم يقيني بأن حزب المؤتمر الوطني يكابد حالة (صمم) عنيد.. وأنه لا يسمع إلا بـ(السماعة الدولية)..إلا أن الواجب الوطني يحتم على (الكبار) ان يتدخلوا في الأزمة الخطيرة التي وضعت السودان على حافة الهاوية. مولانا أبيل ألير.. كان دائما صمام الأمان في جدلية الأزمة بين الشمال والجنوب.. على يديه تحقق أول (سلام) في اتفاقية أديس أبابا عام 1972.. والتي لولا أن عصفت بها أهواء (التمادي في نقض المواثيق والعهود) لما أشعلت حربا أهلية ضروسا أخرى لعشرين عاما دامية. وخلال سني المفاوضات الشاقة في كينيا.. من مشاكوس الى معضلة ناكورا.... الى منتجع نيفاشا.. الى لحظة النصر بتوقيع اتفاق السلام الشامل في 9 يناير 2005.. كان دائما (أبيل) خلف الكواليس يفك العقد ويمنع التراجع حتى عبرت الاتفاقية الى حيز الوجود.. وصار لها حكومة ودستور. حينما تنهار المرجعيات ويصبح (الخطر) وحده هو المرجيعة فإن (الكبار) أمثال مولانا أبيل ألير هم وحدهم القادرون على تفكيك الأحزمة الناسفة التي يلبسها شريكا الحكم (الوطني والشعبية).. وإنقاذ البلاد من الشر المحدق بها.. ولأن الوضع لا يحتمل الانتظار فإن المطلوب من مولانا أبيل ألير أن يمارس فورا دبلوماسية الرمق الأخير لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل أن ندخل في حيز (وغداً أمر).. صحيح أن موقف الحركة الشعبية حرك المياه الساكنة في الملعب السياسي.. وربما يساعد في علاج (الصمم) الذي أصيب به المؤتمر الوطني.. وساعد على ايقاظه من حالة الخدر المستديمة.. لكن موقف الحركة لن يكون مجديا اذا لم تصر على فتح نوافذ الحريات على مصراعيها.. ومنح الشعب حرية التعبير والتنظيم.. فالملعب السياسي – خاصة في العاصمة – ظل مكبلا بقبضة حديدية يفرضها المؤتمر الوطني لمنع اي صوت الا صوته في أي منابر مفتوحة. ولن يتحقق التحول الديمقراطي طالما ظلت القبضة الحديدية مفروضة على الشعب.. فإذا ما أصرت الحركة الشعبية على فرض الغاء كل القوانين التي تكبل الحريات – وما أكثرها – وسمحت للناس بأن يخرجوا من زنازين المؤتمر الوطني فإن كل ما تشتكي منه الحركة في مختلف المجالات الأخرى يصبح في متناول اليد. حزب المؤتمر الوطني لا يخشى مما قد تفعله الحركة في الجنوب، لكنه غارق في هواجس ما قد تفعله في الشمال. فالسياسات القابضة التي اتبعها في الشمال أوجدت طاقة كامنة قوية رافضة لأطروحاته، وأي حركة سياسية مهما صغرت تستثمر هذه الطاقة تستطيع ان تفجر منها بركانا كاسحا. واجب الكبار من أمثال مولانا أبيل ألير ان يمنعوا الانزلاق نحو الهاوية.. لكن دون أن يحرموا الشعب السوداني من التمتع بحق الغضب والرفض الصريح بالفعل لا بالقول لاحتكار حزب المؤتمر الوطني للحكمة وإقصائه لكل الشعب السودني خارج اللعبة السياسية.. فالواقع أن حزب المؤتمر الوطني يحكم منفردا ولا تمثل الأحزاب الأخرى المتحالفة معه الا شحنة (صحبة راكب) لا حول لها ولا قوة.. اقصى نضالاتها لا يحقق أكثر من الأجور والمزايا التي تحصل عليها.. مجرد موظفين في البلاط الملكي في كامل أناقة الظهر والوظيفة لإثبات جاه البلاط الملكي لا أكثر. مارسوا الغضب الخلاق.. الذي يغير الواقع.. لا (التغاضب) الشفوي الذي لا يغير حالاً!!.
|
|
|
|
|
|