|
|
 ترهاقا ..محرر مصر وفلسطين من الاشوريين
|
ما بين الاقصر ونبتة ومروي
الأقصر مدينة مصرية ، بل هي مدينة السياحة والسواح في مصر وتضم أهم موارد مصر السياحية ، وادي الملوك ، الذي درج ملوك مصر القدامي على اعداد صروح موتهم فيه ، فقد كان الملك المصري أو النوبي يعرف أنه مهما امتدت به الأيام ، فإنه سيغادر الفانية إلى دار الخلود ، ولذلك جعل كل ملك من موته موضوعاً ومن قبره مشروعاً ، جند له المئات بل الآلاف من المهندسين والفنانين والنحاتين لإقامة المشروع - لأن الفرعون كان يبحث عن الخلود بوسائله المادية والفنية ، وقد حلت الأديان مشكلة الخلود بأن الجسد يفني وتبقى الروح ، ولذلك في الثقافة الإسلامية فإنّ الحي احق من الميت بالمطلوبات والنفقات ، لذا جاءت القبور تعكس هذه الفلسفة ، ولذلك فإن قبور جهابذة الثقافة الإسلامية ، بمن فيهم الرسول الكريم تعكسه اوضاع البقيع .
ولكن على نقيض ذلك ، كانت فلسفة الموت عند فراعنة مصر وملوكها ولذلك فإن مقابرهم وضرائحهم ومعابدهم آية من الجمال تحاول أن تتحدى الزمن ولكن هيهات ! وكان كل فرعون يحرص ان تصحبه كنوزه وخبيئته إلى مثواه الاخير ، وأصبحت هذه الخبايا والكنوز ولاتزال زادا للصوص والأثريين ، كما أصبحت زادا لميزانية مصر ولاتزال أرض مصر تكشف كشفاً يوماً عن الغريب والمثير فهي معجزة جيولوجية من الناحية الآثرية .
حينما دلفت إلى معبد الكرنك ، أخذ المرشد يشرح ، قائلا : هذا ليس معبد - هذه مدينة ، لأن كل من مر على مصر من الفراعنة وترهاقا والبطالمة والاسكندر والعصور المسيحية ، حاول طبع هذا المعبد بطبعته ، فهذه مسلة حتشبسوت وهذا تحتمس يحاول ان يطمس آثارها بمسلته وأضافته ومعبد يقوم على (334) ركيزة قائم بذاته ، بجمالياته ونقوشه ومحاولته لمجاراة الخلود والتطلع إلى الغيب ولسان حاله ترفق أو لاتترفق بها أيها الناظر لانني امثل سر الخلود وحركة الزمان .
ووقفت كثيراً أتأمل الصروح العشرة (أي الأعمدة الضخمة) التي بناها ترهاقا ، هذا الملك السوداني ، الذي حرر مصر وفلسطين وملك كل هذه المنطقة ثم تراجع إلى نبتة ( كريمة الحالية ) حيث دفن هناك إلى جوار جبل البركل ، حيث يظل تمثاله المنحوت على الجبل شاخصا ساكنا ، إلى أن بددت سكونه منشآت سد مروي وما تشهد المدينة من نهضة متكاملة، ولعل روح ترهاقا '' كما هو اسمه في العهد القديم التوراة '' تفرح بذلك وإن رددت لن تبلغوا ما بلغت ، لأنني حررت فلسطين ومصر من الأشوريين وأمنت الخائفين من النيل إلى القدس فهل تستطيعون بلوغ هذا الشأو - وها هي فلسطين والعراق تنادي ؟ ومن يدري يا ترهاقا لعل بذرة صالحة سمراء تكرر المشهد مرة اخرى ويخرج من خبايا مروي المخلص الجديد
والواقف في متحق النوبة أو متحف الاقصر او أمام معبد الفيلة أو أدفو أو الكرنك أو حتى اهرامات الجيزة لا يملك إلا أن يشهد بوحدة الحضارة في هذه المنطقة ، ذات الثقافة.. ثقافة الزراعة والساقية والشادوف ، ذات الفنون ذات الرؤية للحياة ما بعد الموت ، والكثيرون لايدرون ان الاهرامات كذلك مجرد مدافن، هي مشروع قبر كل فرعون أو ملك - ومع ان الاهرامات في مصر اضخم واعظم، الا أنها في السودان اكثر ففي السودان يوجد اكثر من مائتي هرم ، ويمثل كل هرم مدفناً لملك او ملكة من ملوك السودان - تم دفنه فيها ومعه شئ من بضاعته ، وحينما فجر اللص الكبير الذي جاء مع جنود محمد علي مقدمة هرم الملكة اماني شيحت او شختو ويمكن تسهيله بالشيخة أماني ، وجدت حبيسة كنز من الذهب ، لم يجرؤ ملوك اوربا على غناهم الفاحش القيام بشرائه ، لأنهم حسبوه مزيفاً وتم بيعه لذلك بالتقسيط ولاتزال اجزاء منه في متاحف برلين وأمريكا . وإذا كان معبد الكرنك يمثل مدينة ، فإن معبد المصورات يمثل كذلك جامعة أو دار علم ، تحتاج لمن يفك شفرتها ويبرز دورها في مسيرة الحياة السودانية ، وقد أولى الرئيس البشير هذه المنطقة اهتمامه وزارها اكثر من مرة ووجه باكمال شبكة الطرق فيها ولكن لم تتم المتابعة. بالإضافة الى المعابد والاهرامات فإن السودان يملك المدينة الملكية وهي مدينة كاملة بمعابدها وقصورها في كبوشية ولكن للأسف متروكة للتعرية وعوامل الهدم .
وتكشف الدراسات الاثرية عن وحدة هذه المنطقة ( مصر والسودان ) وانها بحيرة حضارية واحدة متجانسة متماسكة وانه دون تفعيل هذه البحيرة فلن يستطيع السودان الحفاظ على موارده الهائلة وثرواته ولا تستطيع مصر القيام بدورها في المنطقة وانها بانفصالها عن بحيرتها تفقد تماسكها وتفقد فضاءها الحيوي وتصبح عرضة للابتزاز وطلب المعونات .
تفعيل البحيرة السودانية، المصرية هو رصيد المستقبل للبلدين وهو مفتاح التقدم والأمن والازدهار في عصر التكتلات والعولمة والوحدات الكبيرة - وقيام بحيرة حضارية مصرية - سودانية يرفدها اكثر من مائة مليون من البشر وترفدها موارد زراعية ومعدنية وبترولية وسياحية وثقافية وحضارة بحرين عظيمين البحر الأحمر والبحر المتوسط ، حدث يهز التاريخ ويفتح مسارات التجديد والتقدم والانعتاق الحضاري .
المسارات الكبرى في التاريخ ، تجيء استجابة لمبادرات كبيرة ومغامرات كبيرة وخيال خصب ومعرفة بالتاريخ ولاتجيء بالحسابات الصغيرة وحسابات الربح والخسارة وتقييد حركة الانتقال والتفريق بين سكان الوادي بالتأشيرات والجوازات ، حينما تفتح أبواب البحيرة الحضارية ، سينسي الناس التعرية والهدم والتدخل الخارجي سينشغلون باحياء طريق الاربعين ووصل دارفور بالمتوسطية والحاق أهل الجنوب بالمستقبل وقيام الزواج المصري ، السوداني كضمانة من ضمانات التواصل واحد رافعات المستقبل
حسن مكي - الرأي العام 29 ابريل 2007
|
|
 
|
|
|
|
Faisal Al Zubeir
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست