|
|
 التطهير العرقي بين القبائل الجنوبية
|
التطهير العرقي بين القبائل الجنوبية
لعلكم تذكرون أني قد أشرت إلى الكتاب الذي أصدره د. واني تومبي حول ممارسات الحركة الشعبية في جنوب السودان من قتل وخطف واغتصاب وممارسات يندى لها الجبين وقد اشتعلت الصحافة الجنوبية بعد ذلك بين قادح ومادح لكتاب تومبي، لكن مازاد النار اشتعالاً هو ذلك التهديد الخطير الذي تلقته زوجة تومبي من الحركة والجيش الشعبي، ففي حين صب نيال بول رئيس تحرير صحيفة (ستيزن الموالي للحركة الشعبية جام غضبه على تومبي معلقاً كل القصة في (شماعة الحيطة القصيرة المؤتمر الوطني، كان ألفرد تعبان رئيس تحرير (الخرطوم مونتر والمعروف باستقلاليته معقولاً في طرحه حيث أكد على حق تومبي في التعبير عن رأيه وعبر عن حزنه لتلقي تومبي وأسرته تهديداً ممن لا يتفقون مع رأيه. أُورد هذه المقدمة تمهيداً للحديث عن الصراعات التي تحتدم في جنوب السودان الذي تحكمه الحركة الشعبية بالحديد والنار. ولعل قرار رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير بمنع دخول أفراد الحركة الشعبية إلى الخمارات والحانات والمطاعم بأسلحتهم بعد أن ضجت جوبا ومدن الجنوب من ممارسات أفراد الجيش الشعبي الذين يُكرِهون الفتيات على الذهاب معهم بل ويخطفونهن حسبما أوردت بعض المقالات وقد صدرت تلك الاحتجاجات حتى من الحكومة اليوغندية. قبل أيام قليلة كتب أحدهم في »الخرطوم مونتر« مهاجماً أبناء الإستوائية متهماً إياهم بالخيانة لقضية الجنوب الأمر الذي أثار غضب ألفرد تعبان وجعله يدافع عن وطنية الإستوائيين. أواصل القول بأنه حين يكون عنوان افتتاحية صحيفة الخرطوم مونتر »أوقفوا التطهير العرقي« فإنه بالقطع لن يتبادر إلى أذهانكم أن المخاطَب في هذه الحالة هو الطلاب الجنوبيون الذين طالبتهم الصحيفة في افتتاحيتها بتاريخ 26/4/2007بأن يكفوا عن قتل بعضهم البعض على أسس عرقية. الافتتاحية كانت تشير إلى معركة حدثت مؤخراً بين طلاب قادمين من الإستوائية الكبرى وأعالى النيل، في داخليات الطلاب، حيث طالبت بوقف ما سمته بالتطهير العرقي في كل جنوب السودان خاصة في المؤسسات التعليمية. الصراع القبلي بين الطلاب الجنوبيين بات أمراً عادياً، ولعل الناس يذكرون أن طالباً جنوبياً قد قُتل قبل نحو أسبوع في مدينة الصافية في الخرطوم بحري خلال معركة احتدمت بين الطلاب المنتسبين إلى قبيلتين جنوبيتين، هذا بالطبع بخلاف الجرحى، وقد شهد سكان الصافية المعركة التي انتقلت من سكن الطلاب إلى الشارع العام!! القضية باتت أمراً مزعجاً للساسة الجنوبيين بعد أن وصل الصراع إلى صفحات الصحف، وكدليل على ذلك أُشير إلى مقال نُشر في نفس العدد من الصحيفة كتبه أحد القساوسة الجنوبيين، يسمى فرانسيس واجو واني بعنوان (الوضع المالي للجنوبيين يقودهم إلى عدم الوحدة وليس الوحدة وقال القس فرانسيس: »إن الجنوبيين قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل كانوا يظهرون متحدين أو على الأقل كانوا يسيرون نحو الوحدة، لكن بعد توقيع الاتفاقية أخذت علامات التشرذم تطفو على السطح« وأجمل الكاتب عشرة عوامل قال إنها تشجع على عدم التوحد أهمها وأُولاها سيطرة مجموعة عرقية على الوزارات والوظائف العليا الأمر الذي يؤكد احتجاجاً من المجموعات العرقية الأخرى، ويفرز مرارات في النفوس وتحدث الكاتب عن العنف الذي يتخذه الكثيرون وسيلةً لحل المشكلات بما في ذلك القتل وكذلك عن الوقاحة التي يتعامل بها الجنوبيون مع بعضهم البعض بما في ذلك لغة التفاهم، وكذلك عن عقدة العظمة التي تشعر بها بعض المجموعات العرقية وعن سرقة المواشي، وقدم الكاتب رؤية متكاملة للأسباب التي تدعو إلى عدم توحُّد الجنوبيين. بقيت نقطتان مهمتان أُولاهما هي أن البعض سيظن أني شامت على أبناء الجنوب وأرجو أن أُؤكد أن هذا الذي يحدث من سيادة شريعة الغاب التي تحكم الجنوب الآن والتي تسعى الحركة الشعبية إلى تعميمها على السودان جميعه من خلال مشروعها للسودان الجديد لا يخدم خط منبر السلام العادل إذ أنه يصب في مصلحة الوحدة التي نعمل على إنهائها. ثانياً فإن الحديث عن هيمنة الدينكا على مفاصل الحكم في الجنوب أمرٌ لا يحتاج إلى دليل وقد كتب عنه الكثيرون من أمثال ألفرد تعبان الذي تحدث كذلك عن حرمان المسلمين من دخول مجلس وزراء حكومة الجنوب. في الختام أود أن اسأل قبيلة النعام التي لم تقنعها أحداث الإثنين الأسود وغيرها.. ألم تقتنعوا الآن بأنه من الخير للشمال أن يعيش في دولة منفصلة بعد أن رأينا ما يفعله الجنوبيون لبعضهم البعض، ثم أليس من الخير للجنوبيين أن يعيشوا لوحدهم ويحلوا مشاكلهم بعيداً عنا نحن أبناء الشمال؟!
الطيب مصطفى
|
|
 
|
|
|
|
waleed500
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست