بهبابة من سعف اشجار الدوم ضاربة جذورها عميقا في فيافي الصعيد البعيدة شاربة من موية النيل الازرق لمن يرسل رزاره للضفاف عند قيسان, كرمك, دمازين ,رصيروص جلقني, ام درمان, فلاتة وبنزقة, وود النيل محل القمري (قيل) وبعيدا حتي القربين وفيافي الصهباء نواحي ضيعة (كمال جار النبي).... بتلك (الهبابة) ولع فيني (جمر الحي) واشتهيت وجبة من الكجيك وشواء (فار البوص) وكديس الخلاء وذلك المخلوق الذي يشابه كثير (اللاكوست) المرسوم علي جنبات فانلات اولاد البندر عندما رايتهم في زيهم الانيق في ذلك الزمان البعيد..... شوال فرش لا ادري لماذا (شوال) وليس الا شوال فقط..لعل ذلك اتيا من فوبيا ذلك المكان الذي ينشط فيه الالاف من البشر وتحرق الاطنان من محروقات البترول وتدور المئات من المحركات وعتاد غربلة الارض ليصبح الناتج هو (شوال).... فليكن شوالنا مخلفات لدقيق ردي (السحن) وتمارس بين مسامه (حشرات) عسلية اللون اوجدت لنفسها مساحة داخل تلكم الكيلات التي سحنتها طاحونة (ود اب كريعة) وحولتها الي بودرة الذرة التي في (استاندرها)كان عليها ان تكون بيضاء اللون ولكن هي الان تميل الي لون العسل في اطراف تلكم الالوان المتمردة علي لون البودرة الاساسي...... انه طعام الفقراء (البني كربو) هو عجينة ذلك الدقيق الردي الصناعة الملي براغيث الارض وتصنع منه عصيدةقادرة في ادني معدلات تماسكها في تجاوز اختبارات السماكة للصخور في اعلي معامل قياسات التماسك دقة وكفاءة وانضباط..عصيدة يمكن ان تطلق عليها بكل ارتياح انها يمكن ان (تفلع) وقادرة بكل يسر علي تهشيم (راس) ادمي ان استعملت في خناقة ليس ابتزالا لها بل دقة في توصيف تماسكها وصلابة ايوناتها.. في تلكم الفيافي وعندما يرسل النيل الازرق باطنه عبر فيضانه النشيط او عبر مراكب مدهشة يقودها رجال يغيبون خلف الشفق الي مسافات بعيدة في سطح ذلك النهر ويعودن الينا حاملين اطنان من (السمك) وانواعه المدهشة تباع علي ضفاف النهر الذي يكسوه(الطين الازرق) ويلتف حولهم سماسرة الاسماك واصحاب المطاعم ومخزني السمك ومحولينه الي اسماك ناشفة قادرة علي البقاء لسنين عديدة حتي تجد لها سوقا يحملها الي بيوت وكنابي وقطاطي الفقراء في اطراف القري الكثيرة ومعسكراتهم المنتشرة في غيط ذلك المكان المدهش الجغرافيا والمناخ..... اذن انه الكجيك .....
يتمدد الشوال الفرش ويتسع ويبسط خيوط (دبارته) شاهقا لنسافر اليوم ويحملنا بساط الشوق ويودعنا النبلاء المرابضين علي فيافي النيل الازرق وضفافه حاملين الطورية وملوحين بجلاليب بيضاء مزقها (شوك) الخلاء ونري ضريسة عالقة بها اثر الرقاد المضني في الغيط البعيد لتمتزج مع راقصات وديعات يردنن اغاني موغلة في المحنة والدعاش والكورال لنترك لهم كجيكهم وويكتهم وبعض المرس الذي مر علي تعطينه سنين عديدة .نسافر يا سادتي اليوم الي فبافي بعيدة في الاطراف الشمالية تماما من استوائية القارة الافريقية حيث الامطار تحتل معظم العام وتفرض سيطرتها علي ما يسمي عند اهل العلم بالمناخ فلذا موسم رحيلنا هو بدايات خريف استوائي يرسل امطار متقطعة خفيفة متوشحة بالخجل في بداياتها وعندها تنفض الارض دواخلها من بدوز عالية الخصوبة تشتاق الي روية الضوء وحشرات جالسة علي الهبشة في انتطار (رشة مطر) ثم تتفجر كالبركان طائرة اسراب تكاثر اسراب ولكن فلنترك كل هذه الاسراب جانبا و نمتطي جناح (النمل ابي ريش) الذي يجوب طرقات حبيبات التربة وهو يشتاق الي الرحيل ويثقب الارض في الارض عميقا ثم تهطل الامطار ويكتسي سريعا بجناح ناعم الملمس ثم يحلق عاليا ليعانق ضياء نيران شاهقة اللهب اوقدها رجال اشداء اقوياء سحنتهم سمراء ويتلهفون عاليا الي التهام وجبة( النقونق).... يتساقط الرمل طائعا الي جنبات اللهب فهذا هي دورة الحياة وثمن بقائهم في هذه الغابة الاستوائية التي يعشق اهلها خيراتها... تساقط صديقنا النمل الريشي علي حواف اللهب ولهفة الرجال الاشداء لالتهام جسده الدسم يتكامل من تريزا وصديقاتها الجالسات في الاكواخ ومنذ ان ارسل البرق الاتي من زاوية المطر الاكيد..يجلسن لسحن (الكيموت) ذلك الذي ايضا ينبت من باطن الارض مغلفا بغطاء سميك يحمي به حبته الطاعمة ويهديها الي مرحاكة تريزا وصديقاتها لكي تمارس علي سطحه (الفركشن) العالي الجهد ليتحول الي طحين عالي الدرش جاهزا في انتظار الرجال القادمين من اطراف الغابة بصديقنا النمل الذي جذبته النيران الشاهقة... اذن انها وجبة (الفول السوداني) النابت من الارض والنمل السودان الضارب جذور ترحاله عميقا في حبيبات تربة الغابة وحالما بالتحليق حتي تصطاده نيران الرجال الاشداء.. دسامة لا تقاوم وطعم فريد المذاق ودهشة للبساطة وتسخير الطبيعة لخدمة الغذاء وقمة الانسجام ما بين مكونات الارض من اشياء هي تلك الوجبة التي ادعوكم مع تريزا وواني ولادو وانا لتذوقها والتهامها ...اذن انه النقونق رائد الدسامة مجسم ترف الغابة عندما تهدي اهلها قمة انتاجها ....ونعود..
05-06-2007, 06:03 PM
عبدالكريم الامين احمد
عبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520
لا زالت مدارات الاستواء تظلننا وتلحفنا غربا عميقا ضرب جذوره في سوداننا ومنذ زمن بعيد بنمط غذاء غتي وثر وقوي التاثير ويورث القوي والشجاعة ويجاوز بين عطايا الزرع والضرع اذن انها حبيبات الدخن (المعبكة) بعد رحلة سحنها المضني داخل (فندك) يرفع عموده عاليا ليمارس السحن القسري لينتج بودرة عالية الطعم والدهشة تسمي بودرة (الفرا) تدشن للتكامل مع مضخات الضرع الملي بالالبان لابقار رعت علي ارض خضراء وعانقت عجالها بكل لهفة ريثما ترتب ضرعها لجبدات(ابكر) الذي تمنحه (روبا) عالي الدسم لتتنتج كل تلك الرحلة طعاما او قل مشروبا عالي التوغل في افريقته مهما تمدن واضيفت اليه في هذا الزمن الديكوري معجون الطحنية.... قبائل افريقية تسربت الي تلك البقاع ذات زمن بعيد ومخيلتها تحمل نمط غذائها الرهيب فتسرب بين حيشان الاحياء التي قطنتها في كل ربوع السودان سر هذا ا(القدقدو) الرهيب وعجت به الاسواق وتسابق عليه الجميع شرقا في اسواق كسلا والقضارف والشوك والمفازة وغربا في ابوقبة فحل الديوم وفاشر علي دينار..,والاسواق الموسمية في فيافي دينقا ولكن قمة رواجه ومكمن تواجده لن تراه الا في احياء الدباغة في مدني وحواف بعض الاحياء في مكوار ولكن تظل (مايرنو) او قل موسكو هي موطنه المسافر عبر الاجيال من تخوم (نجيريا) ولست نيجريا كما تنطق في نشرات الاخبار... هذا المحلول الافريقي الثري مدهش في كل اشيائه في سلاسة صناعته وبساطة مكوناته وفي عطاياه العالية فهو يمنح الخصوبة للجميع وينشط في مواسم حصاد الارض عندما تهب الارض دخنا عالي الجودة وتسحو الابقار وتمنح ضرعها بلا ملل ..ليسعد ثاني وابكر وتكر وبيلو وتبدع مريومة وحفصة وعشة في صناعتة وتجويده وحمله الي الاسواق في كل مكان ليشاركهم الجميع مذاق هذا القدقدو الذي يكاد شوقه ومذاقه التاريخي يكتل الجميع حبا فيه....
انت جاي بتين ؟ لو جيت الايام دي واكلت كجيك احجز ليك انا في ساهرون طوالي
يا زول امشي ليك حتة سمحة مالك ع روحك
هولندا شرم الشيخ انشاء الله هونولولو
مرحب بسودانية والف شكر علي الاهتمام العالي بتلك (اللقاويس) ويادكتورة انا ناس هولولو وين وين ديل في السينما ما امشيهن.. انا اشواقي في هذه الايام ذاهبة بعيدداا هناااك في رحلة عبر الفيافي والجخانين وبرفقة صديقي (عطا برنتة) والبرنتا هو نوع فريد من (الورلة) فصيلة بري للتماسيح طبعا (انتو يا دكتور بتسموه لاكوست)..اشتاق الذهاب والتجوال مع صديقي عطا من (حفرة الي حفرة) حتي نحظي ببرنتة شحمانة وتسيل اللعاب ثم يتلوي عطا سلخها بمهارة عالية ثم شواء نيران في الهواء الطلق واسامر صديقي عطا ليحدثني عما دار في تلكم الفيافي.. ... يادكتورة كوني معانا ولو ما عملتي حسابك بعد شوية سادعوك لوجبة (قعونج)..:D
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة