|
الفأر وبراقش
|
لم أتردد في استنكار وإدانة تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك، في 11 سبتمبر من العام الماضي، باستخدام مدنيين كقنابل اقتحام، ولا أتردد في وصف ما حدث بأنه عمل إرهابي، ولا أقول إن الولايات المتحدة تستاهل ما لحق بها جراء تلك الحوادث، على الرغم من إدراكي منذ نعومة أظافر وعيي السياسي، بأنها دولة تملك قدرات عجيبة على حمل الآخرين على كرهها، ذلك أنها درجت على الاستخفاف بكل ما هو غير أمريكي، وهاهي اليوم تتخذ من تلك الأحداث ذريعة لعولمة الرعب، فقبل أن يستقر غبار معارك أفغانستان بدأت واشنطن في البحث عن أعداء جدد، في سعيها لـ"إنهاء التاريخ" بجعل كافة الدول تحت البوت الأمريكي وما أدراك ما البوت الأمريكي،..وليس من العقل أو الحكمة التحرش بالثور الأمريكي الهائج لأنه مثل ذلك القط الذي طلب من فأر أن ينقله إلى الشاطئ الآخر من النهر، وعاهده ألا يعتدي عليه، وعندما توسط القارب الذي كان الفأر يملكه النهر طلب القط من الفأر الكف عن ذر التراب في وجهه، فقال الفأر المرعوب: يا صديقي نحن في مركب على الماء فمن أين لي بالتراب أذروه في وجهك؟ هنا صاح القط: فصاحتكم وفلسفتكم يا معشر الفئران هي التي تحملنا على قتلكم وأكلكم،.. ثم هجم على الفأر والتهمه!! ومنذ بدأت أمريكا في تعليم أسلحتها الذكية الجديدة الحلاقة على رؤوس الأفغان، كان حريا بالعديد من دول العالم ان تبلّ رؤوسها لاستقبال أمواس كروز وتوماهوك!! وإذا كانت ميندناو في الفلبين هي ارض المعركة الثانية بعد أفغانستان، فالشرق الأوسط سيكون أرض المعركة التالية، ويفسر هذا التصريحات البليدة التي يطلقها المسؤولون الأمريكيون رميا للفلسطينيين بكل كبيرة وتبرئة لمجرم محترف من موديل شارون!! فإدانة الفلسطينيين الإرهاب، توطئة لإلصاق التهمة بالمغضوب عليهم أمريكيا،.. يعني واشنطن تقول للعرب: لن تلوون ذراعنا بالتباكي على الفلسطينيين!! وقد أراقت السلطة الفلسطينية ما تبقى من ماء وجهها لنيل رضا شارون وقارون (بوش)، فاعتقلت زين الرجال وكممت الأفواه، ولكنها تبقى فأر القارب ذاك في مواجهة القط!! بذمتكم هل تستطيع الولايات المتحدة أن تقنع حمارا يعاني من موت دماغي بأن دولة إسرائيل هي الضحية في ما يجري من أحداثٍ اليوم؟ هل فقدت واشنطن الحياء بدرجة أن تجعل القتيل مسؤولا عن مقتله؟ ولماذا تقوم الدنيا وتقعد لمصرع أمريكي، ولا تهتز قصبة لمصراع شعب بأكمله؟ ويا من تحسب نفسك سيد الكون تذكر أن الضغط يولد الانفجار.. .. ولا تكن براقش!! جعفر عباس http://www.alwatan.com.sa
|
|
|
|
|
|