|
حكاية عادل ومحاسـن
|
حين قررت أن أهاجر من السودان لإحدى الدول العربيـة وفي الليلة التي سبقت ليلة السفر كانت أمي كعادتها تواصل وصاياها ( عادل ود أخوي ما بقصر معاك هناك الله يوفقك ويحفظك وعافية منك وبرضوا محاسن زوجة ود أخوي مابتقصر معاك ما تسكن مع العذابه أسكن مع ناس عادل ومحاسن في البيت ... وقاطعتها أختي بلهجة حادة ( محاسن شنو يا أمي والله كان على محاسن راح فيها كفاية أربعة سنة ما سألت في أهلها مات خاله وماتت حبوبتها و....) وبعد أن وصلت للاغتراب وللحلم وجدت عادل الذي طالما أطلق النارية في عيون الحسان والشبان في السودان بالملابس الشيك والروائح الغالية والشنط الرائعة والخدود الناعمة بسبب لهيب المكيف البارد وجدته مختلفا وجدت السيد عادل وحرمه المصون محاسن قد أختلفت حياتهم كان شاحبا وقلقا حتى لونه الأبيض تحول إلى سمره خفيفة – والأغرب أنه لا يخرج كثيرا من المنزل وعرفت بعد فترة أن الإقامة (مطوفة) والضرائب غير مسددة – العمل غير ثابت – والإيجار غالي – والبنت على أبواب المدرسة – وقطعة الأرض غير مبنية في السودان – والخطابات تترى تطالب بالدعم لأن الغلاء عم حتى الملح ( وحدي أحضرت له تسعة خطابات ) مسكينة أختى لأنها لا تعرف لماذا لم تحضر محاسن لأهلها منذ أربع سنوات – ومسكينة محاسن التي تتابع خمسة مسلسلات في اليوم غير مسلسلات توم اند جيري وكابتن ماجد وتحفظ الدعايات عن ظهر قلب ومع نيدو تكبر الأحزان وبعد أن قضيت عاما كاملا عاطلا عن العمل كانت أمي توصي القادمين وترسل الخطابات وتلعن في سنسفيل عادل وأنه لم يساعدني ( أمي لا تدرك أن عادل بحاجة للمساعدة ) ولا تدرك أن كل المغتربين بحاجة للمساعدة مسكينة أمي التي لن تقتنع على الإطلاق بأن عادل الذي قضي 15 عاما في الاغتراب غير قادر على مساعدة نفسه دعك من مساعدتي ولك الله أخي عادل وليحفظ الله الصغيرة الأمورة رونق ... جميع الحقوق محفوظة لدليل المواقع السودانيـة والعربية والخدميـة
|
|
|
|
|
|