|
الأسطـــــورة
|
وأنا طالب بالمرحلة الثانوية كنت أعايش ولاء أهلناالأعمى لآل المهدي ، وأعتقادهم الراسخ فيهم حتى أنناقد قمنا بترشيح جدي واعتباره الأنصاري الأول ، فقدكان عميق الأيمان بكرامات الأمام وضمانه لهم بشبر في الجنة أن همو قاوموا الأنظمة التي يناوئونهاوماتوا . وكانوا ينتظرون الأشارة من الأمام لدخول أي معترك ضد الأنظمة الكافرة حسب أعتقادهم . كان لايقبل كلمة أو نقداً لآل المهدي وكان يحلف بالمهدي ويصر بأنه المهدي المنتظر عقب أحداث ودنوباوي والجزيرة أباالتي عشنا في أتونها وتفاصيلها لحظة بلحظة ، ثم مقتل الأمام الهادي . التقيت أحد الشباب من الجزيرة أبا، وتحدثنا عن ماهيةهذاالولاء المنقطع النظير . فأخبرني بأنهم كانوا مخدوعين ، وحكى لي كل المآسي التي عانوهاوالأستغلال المريع لأنسانيتهم وخداعهم بأسم الدين كما يفعل حاخامات هذا العصر . هزتني تلك الحكايا فكتبت قصيدة الأسطورة التي نشرت بجريدة القوات المسلحة في ذلك الوقت ، وألقاها المذيع حمدي بدرالدين عبر التلفزيون عدة مرات. صدقوني لقد كنت معرضاً للأغتيال من قبل جدي لو كان يقرأ الجرايد أو يشاهد التلفاز في ذلك الوقت . لكن القدر جعل منه رجلاً أمياً لا يفهم مفردات ما كتبت . وعلى لسان صديقي الشاب من الجزيرة أبا كتبت قصيدة الأسطورة .
أحكي لكم مأساتنا ... يا سادتي لو تسمحون أحكي لكم رواية ... فصولها مليئة ضياع ... مليئة أسى كعمرنا الحزين أحكي لكم أسطورة نعيشها حقيقة في قرننا العشرين
أسمي أنا ؟؟؟ لا أسم لي لأن أمي أسمها كان الفجاءة ووالدي قدر لعين
ولدت ذات يوم في جزيرة الرشيد وحول قصره التليد تناثرت أكواخنا الحقيرة ... مليئة جواري ... مليئة عبيد وأخوتي جموع قوم بائسين السل في صدورهم والموت والهزال والطاعون يعشعش الصديد في عروقهم ويرقد القذى على العيون مأساتنا يا سادتي مأساة قوم جاهلين
أود أن أسألكم ... هل رأيتم دارنا ؟؟؟ هل رأيتم بؤسنا وذلنا وعارنا؟ تفضلوا يا سادتي تفضلوا هنا أودكم لو تدخلون لكي تروا حياتنا لكي تروا مأساتنا وسادتي ترونها حصير ومفرشي حصير وسيدي هناك عند قصره الكبير ... يغوص في الحشايا ... يغوص في مطارف الحرير أتى بها يا سادتي من مالنا أتى بها من جدنا وجهدنا وكدنا لكننا... لا نستطيع أن نقول لا ... لألهنا الصغير نجله كأنه رسول نبيعه ولاءنا كأنه وكيل الله عندنا لأنه يقول ... "من لم يطع"أشارتي لن يضمن الوصول نحج عند بيته ... وحوله نطوف نقبل الجدار ونأكل الحصى ونلثم التراب عند قصره المنيف
تمهلوا يا سادتي فالبصق لا يفيد والقئ لا يفيد لأنه .... مهما بطونكم تقيأت ... ما حررت عبيد
سبعون عام .. أبصارنا كانت تطوف على المدى جابت تلال بلادنا ... وديانها وسهوبها وتسلقت كل الذرى طافت على أرجائها ... حزناً وفوق دروبها ومثلما ... بنلوب كانت تنتظر يوماً مآب حبيبها يوليسيز فارسنا العنيد اليوم عاد لتموت في تاريخنا ... أسطورة الأتباع والأسياد وأسى الملايين التي ... نسجت ثياب الصبرعبر دموعها ونحيبها
|
|
|
|
|
|