|
تاج السر مكي: المشروع الوطني ومسؤوليات الحاكم
|
From Sudanile 4/3/200
=====
تحليل سياسي
المشروع الوطني ومسؤوليات الحاكم
تاج السر مكي
يفرض المشروع الوطني مسؤوليات لا تحتمل المراجعة فحياة المواطنين ومعاشهم وكرامتهم أول مهام الحاكم والنظام، كيف يعيش الناس؟.. هل تتناسب ما يكسبونه مع حاجاتهم الضرورية التي تكفل لهم الحياة الكريمة؟.. فالموظف أو العامل أو المهني الذي لا يكفيه راتبه لإعداد منزل صحي وغذاء مكتمل العناصر وكساء معقول وتعليم لأبنائه وعلاج لأسقامه وترفيه يحفظ له توازنه النفسي والروحي، لا يمكن أن يكون شخصاً سوياً ومنتجاً للخيرات... وإذا لم يتوفر كل ذلك فما معنى أن تكون أصلاً هنالك حكومة؟ لقد نشأت الحكومات لتسوس الرعايا فتنظم حياتهم وتوظف قدراتهم الجماعية والفردية لرفاه المجتمع.
المواطن الذي لا يكسب ما يحفظ له إنسانيته يعيش حياة تفتقر إلى الشعور بالأمان والصحة النفسية وهو يتعرض لكافة الضغوط التي تدفع به إلى التعدي على حق الآخرين وعلى المال العام وإلى التخلي عن بعض القيم النبيلة، فتتمزق دواخله أولاً حتى يفقد الإحساس بها، ويفعل كل ما لا يتسق مع السلوك الإنساني.
الحاكم الذي يرفع يده عن ما يدور وسط رعاياه هو يتخلى عن مسؤولياته الأساسية والأحزاب والتنظيمات السياسية التي تخلو برامجها مما يفيد حياة الناس وقضاياهم اليومية تكون فاقدة للدسم وتجل من العمل العام ملهاة وترفاً وتسلية لا تهم المواطنين ولا تعنيهم.. ماذا يأكل المواطن؟ ماذا يتعلم وكيف يغدو قابلاً للتعلم؟ كيف يتم علاج أسقامه هل حقه في العمل مكفول؟... وهل دوره في مجتمعه يحفظ له توازنا نفسياً وروحياً؟
الحاكم عليه معرفة عدد الذين لا يجدون فرصاً للعمل والمتشردين بسبب عدم تهيئتهم ليقوموا بعمل منتج وأولئك الذين تشردوا بسبب القسر الذي مورس عليهم وبسبب ظلم حاق بهم، أو بسبب نشاطهم الاجتماعي والسياسي أو بسبب اختلال في التخطيط وقصور في المسؤولية تجاه من يتقدمون إلى سوق العمل دون أن تتاح لهم فرص متساوية مع غيرهم، أو بسبب المحسوبية وغياب مقاييس العدل اللازمة والقوانين المستمدة من دستور ديمقراطي تشرعه وتشرف عليه وتراقبه مؤسسة تمثل كل خلايا المجتمع وأمزجته وثقافاته وعاداته وقيمه.
الأسواق التي تتراخى فيها قبضة القانون المنصف الذي ترى في المواطن إنساناً له حقوق كمال عليه واجبات، ذاك القانون الذي يحمي من قدموا زهرة عمرهم وشبابهم لخدمة المجتمع، ثم تراجعوا متقاعدين ليكفل لهم مجتمعهم ضمانات لتقاعدهم وشيخوختهم... لابد من ضبط تلك القوانين بإيقاع يؤكد الكرامة وحقوق الإنسان ويحمي الطفولة والشيخوخة وكرامة المرأة.
مجتمع السودانيين مجتمع عشائري وبدوي، الشهامة فيه أصلية والكرم فيه سلوك طبيعي وعفوي... فإذا أقسر المواطن للإقلال من شهامته أو منعه من أن يكون كريماً بسبب الحاجة فستموت داخله الرغبة في البقاء والاستمتاع بالإبداعات الإنسانية والمشاركة في تخليقها.
إن من يتصدى لمشاكل الناس عليه أن يتأهل تأهيلاً عالياً ويتمتع بثقافة رفيعة وبحب خالص للناس وتواضع جم وشفافية تسوقه إلى معرفة حقه بشعبه الذي يتصدى لقيادته... أما إذا كان يرى في السلطة عرشاً يصعد إليه وصولجاناً يمسك به وأبهة يتفاخر بها فعليه التراجع دون تردد... فسيكتب اسمه بمداد باهت حالما يتناساه التاريخ لقد مضى عهد الزعامة النرجسية... فالمعارف والمعلومات غدت تتدفق رغم كل قوائم الممنوعات والمحاذير ولن يقف أمام الحق حاجز
نقلاً عن الأيام
========
المجد لشعب السودان...المجد لأمة السودان
|
|
|
|
|
|