لماذا تجب علينا طاعة القوانين؟
كثير من الناس يلتزمون بتطبيق القوانين بحذافيرها خوفاً من العقوبات القانونية عند تأكدهم من وجود الرقابة الخارجية الفعالة التي تستطيع ضبطهم وإخضاعهم لعقوبات السجن أو الغرامة ، ولكننا قد نفاجأ بشدة عندما نجد نفس هؤلاء الناس يخرقون القوانين مع سبق الإصرار والترصد بمجرد تأكدهم من انعدام الرقابة القانونية الخارجية! فمثلاً نجد أن كثير من سائقي المركبات يتقيدون بالسرعة القانونية عند تأكدهم من وجود الرادارات ويربطون أحزمة الأمان ولا يستخدمون الهاتف الجوال ويضعون الصغار في المقاعد الخلفية عند تأكدهم من وجود دوريات الشرطة في الدوارات وفي الشوارع الرئيسية ، ولكنهم يرتكبون المخالفات القانونية بالجملة حين يقومون بتجاوز السرعات القانونية ولا يربطون أحزمة الأمان ويستخدمون الجوالات أثناء القيادة ويضعون فلذات أكبادهم في المقاعد الأمامية عند قيادة سياراتهم في الشوارع الداخلية الخالية من وسائل الرقابة القانونية وكأن لسان حالهم يقول: غاب القط فألعب يا فار!
والسؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل يجب علينا طاعة القوانين فقط عند تأكدنا من فعالية وسائل الضبط والرقابة الخارجية ؟ أم يجب علينا تفعيل رقابتنا الذاتية الداخلية والالتزام بالقوانين في كل الأحوال وفي كل الأوقات؟ هل يجب علينا إطاعة القوانين السارية خوفاُ من الغرامات أم يجب علينا طاعة القوانين حفاظاً على سلامتنا الشخصية وسلامة الجميع؟
من المؤكد أن المقولة الشائعة التي مفادها ما وُضعت القوانين إلا لتخرق هي تعبير عن الجهل المطبق بفوائد القوانين ، فمعظم القوانين قد شُرعت لحماية الجميع من المخاطر القاتلة ولم تشرع من أجل تحصيل الغرامات ، فقد أثبتت التجارب العلمية أن تحديد السرعة القانونية ووضع حزام الأمان وعدم استخدام الجوال أثناء القيادة يقلل من وقوع الحوادث ويخفف من جسامة الإصابات عند وقوع الحوادث ، فالسيارات المفرطة السرعة تنقلب مراراً وتكراراً عند اختلال عجلة القيادة والسائقون الذين لا يضعون أحزمة الأمان قد يطيرون إلى خارج السيارات عند الارتطامات المفاجئة العنيفة والمنشغلون بأحاديث الجوالات قد يرتكبون أفظع الحوادث بسبب عدم التركيز على ما يجري أمامهم ، كذلك فإن الكيس الهوائي الذي يندفع خارجاً ويكتسح ركاب المقاعد الأمامية في لحظة الاصطدام العنيف قد يهشم الأقفاص الصدرية الهشة للصغار ويعرضهم للوفاة الفورية أو العاهات الدائمة المستديمة ! لهذا فإن حضور الوعي القانوني يعني غياب الحوادث وأن إحكام الرقابة الذاتية الداخلية هو المنجي من مصائب الحوادث ، أما الاستهتار بالقوانين والتلذذ بمخالفتها بعيداً عن أعين الرقابة الخارجية فهو أقصر وأسرع طريق لتهديد سلامة الجميع ، وأخيراً وليس آخراً يجب ألا ننسى أن الإفلات المؤقت من جميع الرقابات الأرضية لا يعني الفوز مطلقاً فالعدالة السماوية لها عيون لا تنام وهي تطال في نهاية المطاف كل المستهترين بأرواح وممتلكات الآخرين.
فيصل علي سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة