هل فقد الاستاذ / عبدالرحيم حمدى عراّب أقتصاد الانقاذ البوصلة ؟
بالامس وأنا أتابع عبر قناة الجزيرة الفضائية الخبر الذى شكل ربكة أنقاذية أقتصادية غير مسبوقة , ولاشك أن الجميع قد تتبع حيثياته , وهو ما تمخض عن لقاء الرئيس الامريكى السابق جيمى كارتر بالسيد / رئيس الجمهورية , والقنبلة التى فجرها كارتر عقب اللقاء بتصريحه بأن السيد/ رئيس الجمهورية قد أخطره بتبنى حكومة الشمال لكافة ديون السودان فى حالة تقرير الجنوبيين الانفصال عن الشمال . بالنسبة لى لم أستغرب الامر على ضوء فهمى المتواضع للسياسة الامريكية تجاه الدول النامية وكيفية أدارتها لبؤر صراعاتها اللانهائية . حيث من خلال أبتساماتهم المشهودة عند لقاءاتهم خلال قمة التوتر يقدمون وعودا يسيل لها لعاب مضيفهم فيندفع لتقديم مبادرات اّنية كبيرة لايلبس المسؤول الامريكى بأطلاقها , حتى يثبت أن لقاءه كان مثمرا . وهنا أنا لست بصدد مناقشة الحدث وتداعيته التى أصابت الجميع بالدهشة , حيث وبعد أقل من ساعة واحدة سارعت الخارجية السودانية لتكذيب تصريحات الرئيس الاسبق كارتر , وهى سابقة دبلوماسية غير معهودة , فعادة مثل هذه اللقاءات يحضرها بعض المستشارين والمعاونيين للسيد الرئيس , وذلك للمساهمة فى توضيح الرؤية للضيف اذا طرح أمر وتطلب الامر المزيد من التفصيل أو المرجعيات المعنية بالمقترح , وهنا بالضرورة وجود وزير المالية أو المستشار الاقتصادى للسيد الرئيس , فبالتأكيد مقترح بهذا الوزن لايقدم عليه رئيس دولة دون أعداد مسبق , ودراسة مسبقة للمقترح , خاصة وأن الموضوع من ضمن المواضيع التى لم تحسم بعد مع الحركة الشعبية , والتى أرجئت لما بعد الاستفتاء . ولكن الذى أدهشنى هو أن قتاة الجزيرة سارعت عقب أزاعتها لهذا الخبر ومن خلال نشرتها الاقتصادية بأستضافة الاستاذ / عبدالرحيم حمدى عراّب أقتصاد الانقاذ , حتى تستجلى أبعاد هذه الخطوة , فماكان من الاستاذ حمدى الا أن أمن على الخطوة , ,استشهد بما عبر عنه السيد الرئيس خلال المقابلة الاخيرة للسيد الرئيس من خلال قناة الجزيرة الجمعة الماضية , حيث حدد أن هنالك ثلاثة أركان لهذه الديون ( الحكومة بالشمال والحركة الشعبية والمقرضيين ) , فهل كان الاستاذ / عبدالرحيم حمدى على علم بماسيقترحه السيد الرئيس ؟ ومن ثم بنى تحليله , أم كان مثلنا علم به من أجهزة الاعلام أى قناة الجزيرة أو غيرها ؟ أم فوجئت بعض قيادات المؤتمر الوطنى بالطرح وحدثت دربكة كبيرة أدت فى اّخر المطاف لتبنى ما صرحت به الخارجية السودانية على ضوء تصريحات الرئيس الامريكى السابق ؟ وهنا نتسائل كيف يدار أقتصاد هذا البلد أذا كان موضوع بهذا الحجم بالنسبة للاقتصاد السودانى تتم معالجته بهذه الكيفية ؟ حيث حرم السودان ولاكثر من عشرون عاما من الاستفادة من تمويل ودعم المؤسسات الدولية . وهو حسب قناعتى ليس مرجعه أعتلاء الانقاذ سدة الحكم وأن كان لها نصيب الاسد فى ذلك من خلال ما أنتهجته من سياسات , ولكن حتى بالديمقراطية الثالثة كان هناك أحجام من المؤسسات الدولية , وهذا ماسنعرض له لاحقا .
فالغريب فى الامر هو ماعبر عنه الاستاذ / عبد الرحيم حمدى فى معرض رده على مقدم برنامج الجزيرة الاقتصادى عن تداعيات المديونية العالية على الاقتصاد السودانى وأحجام المستثمريين لولوج الاقتصاد السودانى , حيث عبر الاستاذ حمدى أن هذا غير صحيح , وأن الكثير من المستثمرين ولجوا للاقتصاد السودانى والان الاوضاع الاقتصادية مشجعة وأن السودان قد حقق معدلات نمو كبيرة .....الخ , فقد ذهلت لحديث الاستاذ , وتمنيت لو أن مقدم البرنامج طلب من أرشيف الجزيرة أستضافة الجزيرة للاستاذ حمدى قبل حوالى العام , حين مشاركته باحد المؤتمرات بالدوحة على ما أعتقد حين عبر عن أن الاقتصاد السودانى وقتها أشبه بالسفينة التى تغرق , فسبحان مغير الاحوال , كيف أصبح أقتصاد السودان فى هذه الفترة الوجيزة بهذه الصورة الوردية التى صورها لنا بالامس الاستاذ حمدى عن الاقتصاد السودانى ؟ وما تفسيره للسياسات التقشفية التى يقذف بها تارة السيد / وزير المالية وتارة السيد / محافظ بنك السودان , حتى أصبحنا نتوقع غدا أن يطل علينا وزير السياحة بسياسات أقتصادية , مستفيدين من أصرار الشعب السودانى على تمسكه وبكل قوة لانجاح عملية الاستفتاء دون أى توتر , مهما كانت حجم الكرات والبالونات الاقتصادية التى يقذف بها حزب المؤتمر الوطنى هذه الايام , فالسودان بألتأكيد ليس تونس ولا الجزائر , ولن ينجر لفخ أحداث توتر فى الشارع خلال هذه المرحلة للاستفادة منها فى خلط الاوراق , وأننى لعلى ثقة تامة لو دفع وزير المالية هذه الايام بسعر رطل السكر ليبلغ خمسة جنيهات وجالون البنزين ب 15 جنيه لن يخرج مواطن واحد للشارع ليعبر عن أعتراضه , لان هذا الشعب العبقرى يعطى دروسا غير مسبوقة لحكامه عادة , وأن أستحقاقات أتفاقية نيفاشا ستقدم خدمة لهذا الشعب لاتقدر بثمن , فهو يريد تجريد الحكومة من أهم عناصر أرتكازها الا وهو الاقتصاد , هذا فى تضافر مع أزمات مالية وأقتصادية ومعيشية تكتنف العالم , ليرى كيف ستبحر سفينة الانقاذ وسط هذه الامواج المتلاطمة والعواصف التى تهز أركان دول فى قامة أسبانيا وأيطاليا والبرتقال وهى تنحنى أمام المارد الصينى حيث رئيسها يجوب دول الاتحاد الاوروبى بلغة أقتصادية مبسطة يشترى أقتصادباتهم ( وهنا أطلب من الاستاذ حمدى تفسير هذا التعبير لغير المتخصصين فى علوم الاقتصاد ) فهو بلا شك تعبير لن يجده فى كتب الاقتصاد ولكنى وجدت أنه التعبير الافضل للتعبير عن جولة الرئيس الصينى . وبالعودة للموضوع , لماذا يصرّ أقتصاديو الانقاذ على الحديث عن معدلات النمو وأجمالى الناتج المحلى كمعايير أقتصادية ويتجنبون الحديث عن التنمية ومعاييرها المتعددة ؟ وهذا أيضا أتركه للاستاذ حمدى ليفسره للمواطنين وغير المتخصصين فى مجال الاقتصاد لان البون شاسع بالنسبة لتحليل أقتصاديات الدول النامية دون تقديم نتائج معايير التنمية , وهنا ستظر مدى حجم الصورة القبيحة . حيث تتناول وبالتفصيل حجم السكان الذين يعيشون دون خط الفقر أى على أقل من دولار وربع الدولار الامريكى فى اليوم , حجم البطالة فى أوساط السكان بمختلف شرائحهم , الاوضاع بالنسبة لسكان الريف ومعدلات الهجرة من الريف للمدن , أوضاع المرأة بالريف ومايعرف بالنوع فى التنمية , الاوضاع الصحية وتفشى الامراض والاوبئة , أوضاع الامن الغذائى والى أى مدى هناك ماتعرف بشبكات الامن الاجتماعى أن وجدت أصلا ......الخ الخ الخ من المعايير التنموية , هذا ناهيك عن تطور المعايير للخكم على أقتصاديات الدول وبالاخص النامية , من حيث مايعرف بالشفافية والنزاهة والفساد , وللاستاذ حمدى أن يطلع على تقارير المؤسسات الدولية المعنية بهذه الجوانب والتى ذات صلة مباشرة بالجانب الاقتصادى ليملك المواطن البسيط على موقع أقتصاده الوردى هذا على ضوء تقارير تلك المؤسسات , وليعد أستطلاع للرأى العام بالبلاد , وفق الاصول العلمية لاعداد مثل هذا الاستطلاع وفق المعايير الدولية أذا شكك فى مصداقية نلك التقارير , وأن كان تنقصه القدرة على أعداد مثل هذا الاستطلاع , بسبب عدم تخصصه فى هذا المضمار , فهناك مؤسسات وشركات دولية متحصصة فى هذا المجال , يمكن اللجوء اليها لنقف جميعا على حقيقة الامر دون تجنى على أحد .
أما بخصوص تعبيره بأن السودان قد أستوفى شروط أعفاء الديون منذ عام 2002 , فاليسمح لى الاستاذ حمدى وهو عراّب أقتصاد الانقاذ , ووزير المالية الاسبق للبلاد أن يقدم للمواطن البسيط ماهى تلك الشروط ؟ وهو الرجل الذى تعاطى مع هذه المؤسسات الدولية لردحا طويل من الزمن , وأتسائل هنا أين ذهبت حنكته السياسية وهو المخضرم فى هذا المضمار والسياسى البارز , متى كانت كافة الشروط المطلوبة تحدد بصورة علنية بالمؤسسات التمويلية الدولية ؟ فلماذا (وحسب فهمى المتواضع أيضا ) لايحدثنا الاستاذ حمدى عن توقعاته لطبيعة الشروط غير المعلنة المطلوب أستيفاءها ؟ أم أن الامر فقط ينحصر فى الشروط المعلنة .
أن ديون السودان جميعها يمكن ألغاءها فى يوم واحد , وهى أصلا فى عداد الديون المعدومة بالنسبة للدائنيين , ولكن يدرك ساسة الانقاذ ما هى الشروط غير المعلنة لالغائها , ويدركون كذلك أنه فى حالة تحديد حصة منها لدولة الجنوب المرتقبة , سوف يتم ألغائها من قبل المانحيين فور أعتماد الدولة الجديدة ولكن بشرط أن تفى تلك الدولة المرتقبة بالايفاء بالدور المطلوب منها القيام به وهذا الدور ماسوف تفصح عنه مقبل الايام وحسب أعتقادى هو أحد الجوانب التى تجعل من هذا الملف أكثر تعقيدا بالنسبة للحكومة بالشمال . فأطلاق قادة الحركة الشعبية للاتزامات خلف الميكرفون فى نشوة الاحتفالات بما هو جار من المنظور السياسى ليس كافيا , ولايمثل اتفاقية مبرمة , وخاصة أن هنالك العديد من براميل البارود على الطريق والتى تنزر بمالايحمد عقباه , فاى مستثمر عاقل هذا الذى يقدم على الاستثمار فى ساحة هذا حالها يا أستاذ حمدى , وعن أى أقتصاد وردى تتحدث ؟ فالساحة حبلى ببؤر توتر لاحصر لها , ومحاولة تجميل الواقع الذى يعيشه محمد أحمد أحسب أن أنفجارها جميعا رهين بأتمام خطوات الاعتراف الدولى بالدولة الوليدة , وبالبلدى كده ( ربنا يكضب الشينة ).
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء –هايدلبرغ –المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون:00249912956441
بريد الكترونى:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة