تطمينات بهدوء أمني بالسودان
115 ألفا بالشمال و4 ملايين بالجنوب في الإستفتاء علي تقرير مصيرهم اليوم.
الخرطوم " أفريقيا اليوم " صباح موسى [email protected]
يبدأ مواطنو جنوب السودان اليوم في الإقتراع على مصير بلادهم, وسط حالة من الهدوء تسود العاصمة الخرطوم, ووسط تأكيدات وتطمينات أمنية من عدم حدوث أي عنف,في أجواء تشبه أجواء الإنتخابات السودانية في أبريل الماضي, ويغلب على المشهد غلاء الأسعار لبعض السلع تبرره الحكومة بأنه ليس له علاقة بالإستفتاء, وأنه نتيجة لزيادة الأسعار العالمية, هذه الزيادة جلبت بدورها زيادات لسلع أخرى ليس هناك أي مبرر لغلائها, الأمر الذي يفسره المراقبون بأنه نتيجة لحالة من التوجس والقلق للظرف الدقيق الذي تمر به البلاد.
وعلى صعيد الشارع السوداني هناك حالة من التذمر نتيجة لهذه الزيادة, وتذهب بعض ربات البيوت إلى شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية خوفا من مستقبل يرونه غير واضح المعالم.
الإستفتاء الذي سيبدأ اليوم سوف ينتهي في الخامس عشر من الشهر الجاري ولمدة أسبوع يتم بمشاركة أكثر من 400 مراقب دولي, و2100 مراقب محلي من منظمات المجتمع المدني الدولية والإقليمية والسودانية, بالإضافة إلى 18 ألفا مراقب من الأحزاب السياسية السودانية المختلفة, يرى مراقبون أنه لن يشهد توترات أمنية خاصة بعد خطاب البشير بجوبا والذي عكس أن الخرطوم ارتضت بالنتيجة مسبقا, وأنها سوف تعترف بها طالما كانت رغبة الجنوب هي الإنفصال, ولكنهم في الوقت نفسه توقعوا بأن يشهد اليوم الأول للإقتراع إحجاما ملحوظا من الناس, وأن الإقبال علي التصويت سوف يتزايد في اليوم الثالث والرابع.
حالة الهدوء التي تشهدها الخرطوم يقابلها حالة من الإحتفالات المسبقة في شوارع مدينة جوبا, والتي تشهد تجمعات لمواطني الجنوب يجوبون شوراع المدينة رافعين لافتات الإنفصال, وشعارات تقول " باي باي خرطوم". وعلى صعيد مفوضية الإستفتاء بالجنوب أكدت بدورها أن كل الإجراءات قد انتهت استعدادا للغد, ووزعت صناديق الإقتراع على المراكز استعدادا للإنطلاق, ومثلما حدث بالخرطوم من غلاء في الأسعار شهدت جوبا هي الأخرى هذه الموجة من الغلاء نتيجة لمغادرة التجار الشماليين والذين يسيطرون بنسبة كبيرة على مقاليد التجارة هناك, وذلك خوفا من الأوضاع بعد الانفصال, رغم تطمينات حكومة الجنوب والحركة الشعبية لهم, إلا أن التوجس لديهم يبدو أنه أكبر من التطمين.
من جانبها أعلنت مفوضية إستفتاء جنوب السودان بالخرطوم عن اكتمال كافة الاستعدادات لبدء عملية الإقتراع للإستفتاء إبتداء في الثامنة من صباح اليومً ، وقالت الدكتورة سعاد إبراهيم عيسى الناطق الرسمي باسم المفوضية إن المفوضية وقفت على كافة الترتيبات التي تمت بالمراكز وتسلمها بطاقات الإقتراع والصناديق والأحبار وكافة المواد اللوجستية الخاصة بإجراء اقتراع الإستفتاء، مبينة أن الجنوبيين الذين سيصوتون بالولايات الشمالية يقارب عددهم (115) ألف مقترع فيما يقارب عدد المقترعين بولايات الجنوب (4) ملايين جنوبي تقريباً ، مؤكدة أن عملية الإقتراع ستتم بكل هدوء خاصة وأن جميع المراكز قد تم تأمينها تماماً من قبل السلطات.
كما أكد جهاز الأمن والمخابرات السوداني إستقرار الأوضاع الأمنية في السودان. وقال الفريق مهندس "محمد عطا المولى عباس" المدير العام للجهاز أن عملية الإستفتاء لجنوب السودان ستمضي دون صعوبات وإضطرابات بأية درجة، داعيا قيادات المجتمع ورموز العمل الديني والدعوي إلى تبصير المواطنين بقيم التسامح وإشاعة روح الحوار بين كافة الطوائف والجماعات لما فيه خير البلاد ومصالح أهلها.
" كمال حسن علي" وزير الدولة بالخارجية السوداني يؤكد أن اليوم سيكون يوما عاديا وأنه سوف يمر مثلما هو مقرر له. وقال " علي" لـ " أفريقيا اليوم" www.africaalyom.com
لا أتخيل أن يكون هناك عنف, وسوف يمارس الناس حقهم بسلاسة في أجواء مهيأة, كما استبعد في الوقت نفسه قيام الحرب بعد عملية الإستفتاء كما يتوقع البعض, وقال أن الأجواء الآن مهيأة للسلام بعد خطاب الرئيس البشير في جوبا وتأكيده على قبوله نتيجة الإستفتاء, مشددا على أن أي عداء بين الشمال والجنوب ليس في صالح الطرفين, مضيفا طالما ارتضينا بهذا الوضع لابد من التعاون والتعايش بيننا, وذهب إلى أن الإصلاحات الإقتصادية التي تشهدها البلاد هذه الأيام برفع الأسعار, حتى وإن كانت قاسية, ولكنها في الصالح العام, وقال أن الحكومة اتخذت إجراءات إقتصادية مشددة حتى لا ترهق المواطنيين, ولكن في ظل الأسعار العالمية يستحيل الإستمرار لأنه سيدمر الإقتصاد.
في المقابل حملت المعارضة كعادتها الوضع الذي وصل إليه السودان على عاتق المؤتمر الوطني, و أكدت قياداتها أن سياسات الحزب الحاكم هي السبب في إنفصال الجنوب, وفي إنهيار الإقتصاد, وسوف ينتقل الوضع إلى ولايات أخرى بالسودان سوف تطلب هي الأخرى بالإنفصال.
" فاروق أبوعيسى" الناطق الرسمي لتحالف المعارضة السودانية يتفق مع الكثيرين بأن اليوم سوف يمر بهدوء, مستبعدا حدوث أي تحرشات من هنا أو هناك. وقال لـ " أفريقيا اليوم" لا أرى مصلحة في حدوث هرج, فالجنوبيون من مصلحتهم أن ينتهي الأمر بهدوء ليحققوا رغبتهم في الإنفصال, و كلمات البشير في جوبا عملت على تهدئة الأمور كثيرا لدي المؤتمر الوطني , وعزا " عيسى" غلاء الأسعار الذي سبق الإستفتاء بأيام إلى سياسات المؤتمر الوطني الخاطئة, وقال أن مستوى الصرف الكبير على أجهزة الدولة والمرتبات من الممكن أن يوفر زيادات كثيرة, موضحا أنها ليست المرة الأولى, وأن الزيادات بلغت 30% في بعض المواد, وأخرى 20%, مضيفا أنها لن تكون الزيادات الأخيرة وفق حديث وزير المالية بأن هناك زيادات ثانية وثالثة, وكل هذا يتحمله المواطن البسيط.
أما المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية فمن الواضح أنها تريد أن يمر إستفتاء السودان بسلام, وقد زادت من وعودها للخرطوم بتحسين الإقتصاد السوداني إذا مر الإستفتاء بسلام, ووعود أخرى برفع إسم السودان من قائمة الإرهاب, وترجمت واشنطون ذلك بزيارات كثيرة لمسئوليها للخرطوم آخرها زيارة " جون كيري" رئيس لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس, والذي أكد نية بلاده في السلام, كما وعد بعلاقات جديدة مع الخرطوم. أتى الرجل وترك وعوده, وحيا كلمات البشير في جوبا, التي كان لها وقعا كبير على نفوس المجتمع الدولي حتى على المراقبيين للإستفتاء تمثل ذلك في كلمات الرئيس الأمريكي السابق " جيمي كارتر" والذي أتى إلى الخرطوم على رأس فريق كامل من مركزه للمراقبة, فقد حيا كارتر موقف البشير وخطابه المسئول بجوبا.
" عبد الله أحمد" مواطن من شمال السودان يرى أن اليوم سوف يمر كباقي الأيام بالنسبة له ويقول لـ " أفريقيا اليوم" أن إخواننا بالجنوب واضح أنهم يريدون الإنفصال عنا وهذا حقهم فليأخذوه بهدوء, مضيفا نريد أن تمر أيام الإستفتاء بسلام حتى تعود الأسعار إلى معدلاتها, حيث أن الإستفتاء له أثر عليها بالتأكيد ... فقط نريد أن نعيش حياتنا بهدوء سواء كان معنا الجنوبيون أم تركونا.
أما " جوزيف أتيم" مواطن من جنوب السودان يقول لـ " أفريقيا اليوم" رغم أنني إنتظرت هذا اليوم كثيرا إلا أنني أخشى تبعاته, فأنا أريد إنفصال الجنوب, ولكن هل ستستطيع دولتنا الجديدة بناء نفسها بهدوء؟ هذا سؤال كبير نخاف منه, مشيرا إلى أن كثيرا من الأسر الجنوبية رحلت من الشمال إلى الجنوب, ولكن أوضاعهم مازالت غير مستقرة, وغير معروف متى ستستقر؟.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة