(كلام عابر)
كــلام أشـــتر
يجد الشأن السوداني هذه الأيام مساحات واسعة في وسائط التواصل العالمية المسموعة والمرئية خصوصا العربية منها وذلك بصورة غير مألوفة إذ لم يكن الشأن السوداني موضع اهتمام الآخرين بهذا القدر حتى "الأشقاء" منهم ، والسبب في هذا الاهتمام الفجائي كما هو معروف تسارع الأحداث واستحقاق الخيار بين الوحدة والانفصال أو الاستقلال الذي سيمارسه شعب جنوب السودان. أجرت هذه الوسائط الإعلامية لقاءات مباشرة مع مسئولين حكوميين وسياسيين وأكاديميين وإعلاميين ودبلوماسيين سودانيين وغير سودانيين، بعضهم كانت إجاباتهم متوازنة وعقلانية تحترم المشاهد والمستمع وتحترم قبل ذلك المتحدث نفسه بغض النظر عن توافق المستمع أو المشاهد معها، وبعضهم كان كلامه "أشتر" لا يبدو أن المتحدث قد أعطى نفسه الفرصة الكافية للتفكير قبل القذف الكلمات على الهواء في وجوه الناس. من نوعية هذا الكلام اخترت ثلاثة نماذج .. اثنين منهم سودانيين والثالث "شقيق".
الوزير المفوض في سفارة السودان في لندن ظهر عدة مرات على شاشة بي بي سي العربية مدافعا بحكم وظيفته عن النظام. استدعى هذه المرة في معرض حديثه عن الوضع في السودان شرعية الانتخابات الأخيرة كسند أخلاقي لرفض الدعوات للمؤتمر الدستوري والحكومة القومية الانتقالية وهي شرعية تجاوزتها الأحداث ولم يعد يعول عليها كثيرا، ثم أفتى بكل جرأة أن السيد الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني والدكتور حسن الترابي ليس لهم وزن ولا مصداقية ولا قيمة في السودان، وهو لا بد أنه يعلم في قرارة نفسه أن فتواه غير صحيحة ولا تتجاوز مصداقيتها أو قيمتها مساحة الغرفة التي استضافت اللقاء ولكنه،أي الوزير المفوض، نتاج طبيعي لسياسة التمكين التي أغلقت منذ عام 1990م أبواب وزارة الخارجية في وجوه أبناء السودان ولم يعد الالتحاق بها يجيء عبر التنافس الشريف المتاح لكل أبناء السودان بل صار وقفا على المتمكنين، ووجود هذا النوع من الدبلوماسيين وغلبتهم بمرور السنين في وزارة الخارجية سيظل مشكلة عصية في مقبل الأيام.
النموذج الثاني هو السيد بشير آدم رحمة القيادي المرموق في المؤتمر الشعبي الذي قال ردا على استفسار نفس القناة الفضائية عن مصير أعضاء حزبه من مواطني جنوب السودان في حال غلبة خيار الانفصال فقال بلا تردد أن هؤلاء الأعضاء هم الذين سيقررون الصيغة الجديدة التي سيكون عليها وضعهم سواء كانوا سيقيمون فرعا للمؤتمر الشعبي في الجنوب أو سيكونون حزبا جديدا أو أي شكل تنظيمي آخر يختارونه. المفترض أن أعضاء حزب المؤتمر الشعبي جزء من مؤسسة سياسية لها رؤية تستبق الأحداث أو تتفاعل معها وليسوا وكلاء تجاريين في الجنوب لشركة في الشمال وكان الأجدر بالسيد بشير رحمة بكل إرثه الأكاديمي والتنظيمي أن يقول لمذيع بي بي سي إن كانت ليست له إجابة عقلانية جاهزة أن الأمر قيد الدراسة في أجهزة ومؤسسات الحزب المعنية، وكانت ستكون إجابة كافية ووافية.
النموذج الثالث وهو أكثرها قبحا ما قاله لقناة الجزيرة أكاديمي "شقيق" يدعي المعرفة بالشأن السوداني ،لا استحضر اسمه ولم أحرص على ذلك. قال في معرض حديثه مدافعا عن سياسة محمد علي باشا في السودان إن محمد علي لم يدخل السودان مستعمرا فاتحا ولكنه دخله معمرا فأقام "الترسانات" والقواعد "الصناعية" وواصل "الشقيق" كذبه المقزز الصريح فأكد أن محمد علي هو الذي أدخل السكة حديد في السودان. (بمعنى أن السكة حديد لم تدخل السودان مع دخول جيش كتشنر).
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة