هل ستخضع حصة بترول شمال السودان بعد 9 يناير لسيناريو العراق (النفط مقابل الغذاء)
كان لخطاب السيد رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال صدى واسع , خاصة فيما يتعلق بالجانب الذى يدعو فيه قوى المعارضة بمختلف الون طيفها للمشاركة فى تكوين حكومة ذات قاعدة عريضة , وهو مادعوت له خلال مقالى السابق من أجل تفويت الفرصة للقوى المتربصة بالبلاد , وعظم حجم التحديات الماثلة , ولكن لم يضمن الطرح الميكانيزم الذى من خلاله ستتم هذه الخطوة , وهو مادفع قوى المعارضة تخضع الامر لكثير من التأويلات , فهل ستتم من خلال لجنة يشكلها السيد رئيس الجمهورية تضم ممثليين عن كافة القوى السياسية وشخصيات قومية للاعداد لمؤتمر جامع يعالج كافة القضايا موضع الخلاف , أم ينحصر الامر برمته فى اتصالات ثنائية يجريها حزب المؤتمر الوطنى بمختلف قوى المعارضة كلا على حدة للتأسيس لتلكم الحكومة , وان صدق هذا الطرح أنه المقصود , تكون الحكومة وعلى رأسها حزب المؤتمر الوطنى لازالت تطلق البالونات السياسية فى وقت تمر فيها البلاد باخطر مراحله التاريخية . وهو ماعبرت عنه بأن ليس هناك من وقت لمثل هذه المناورات السياسية , وكافة السيناريوهات المحتملة أقلها أعادة سيناريو العراق على ارض السودان مع اضافة عناصر تعددية الانفصالات المرتقبة للبلاد , مما يجعل سيناريو السودان احلك سوادا من السيناريو العراقى .
فبخصوص ردود افعال قوى احزاب المعارضة على طرح السيد رئيس الجمهورية , والحديث عن تجمع للاطاحة بنظام الحكم سوى بالتحرك المدنى أو خلافه حسب ماورد على قيادات المعارضة , أعتقد هذا يؤطر لمناخ يدعو للتصعيد فى وقت نحن اخوج مانكون فيه لتحكيم الحوار الهادىء البناء الذى يفضى الى تجنيب البلاد المزيد من الويلات التى تلوح ملامحها فى الافق . أقول هذا مع ادراكى التام بأن قيادات المؤتمر الوطنى تدرك تماما ابعاد وحجم السيناريوهات المحتملة بعد تاريخ 9 يناير , ومدى قدرتهم على مواجهتها اذا ما اصرّ وا على مواصلة المشوار منفردين . وتجربة اتفاقية نيفاشا وافرازاتها , فهل شارك الشعب السودانى فى بلورتها , وهل كان للحراك المدنى الشمالى على المستوى السياسى ضلع فى مخرجاتها , لقد مضى المؤتمر الوطنى لوحده , وهاهو يجنى الثمار بعد مشاركته فى ابعاد وتهميش القوى السياسية الشمالية . فهل هو على استعداد ويقف على ارضية على الاقل شبيهة بالتى كان يقف عليها قبل التوقيع على نيفاشا ؟ أن الاوضاع بعد تاريخ 9 يناير مختلفة تماما . واذا كان الامر قبل نيفاشا بؤرة توتره الاقوى هى جنوب البلاد , والتى ساهم مهندسو السياسة الامريكية اخراجها , فهاهم اليوم قد عينوا مهندسهم الجديد لقضية دارفور حتى قبل تاريخ 9 يناير , والجميع يعلم جيدا أن ملف دارفور متخم بالعديد من المنافذ التى تجعل من القضية مطية لاستباحة البلاد من ما يسمى زورا المجتمع الدولى . وأيضا ستجد الحكومة تواجه سيناريوهات , لايملك حتى بقية القوى السياسية وقتها أن تؤثر فى تداعيتها , فمثلما همشها المجتمع الدولى سابقا فى نيفاشا , سيعاد نفس السيناريو ولكن فى ظروف أكثر تعقيدا بالنسبة للحكومة . والجميع يدرك أن اولى هذه السيناريوهات سيكون التحرك العسكرى للحركات المسلحة , يعقبه تحرك مجلس الامن , ومن ثم الحديث عن ضرورة اعمال الفصل السابع , وتصاعد الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان والابادة الجماعية بوتيرة أكبراتساعا , وهو مايمكن أن يفضى فى اّخر المطاف للحديث عن زيادة التواجد للقوات الدولية بالاقليم , اضافة الى تبنى السيناريو العراقى فيما يتعلق بالنفط مقابل الغذاء , ولكن بصيغة أكثر تطورا , الا وهو تخكم الامم المتحدة فى عائدات النفط الشمالية وتوجيه شطرا منها لدعم اللاجئيين والنازخيين من الاقليم , وهو مايعنى استحواز العديد من ماتسمى نفسها بالمنظمات الانسانية الدولية على حصة من عائدات بترول الشمال للمساهمة فى التخفيف من معاناة اللاجئيين والنازحيين , والحقيقة أن معظم هذه الاموال ستوجه الى جيوب العاملين بهذه المنظمات وجهات أخرى , وهو ماحدث بالعراق , حيث نهبت مليارات الدولارات بأسم هذا البرنامج . فهل ياترى يدرك قلدتنا السياسيين كل هذه الابعاد . أضف الى ذلك بؤرتى أبيى وجنوب كردفان والنيل الازرق وقضية المشورة الشعبية , ومايمكن أن تفرزه فى حالة ضعف الحكومة المركزية فى حالة تطورات قضية دارفور المرتقبة .
حيال كل ذلك , على قياداتنا السياسية الارتفاع لمستوى هذه التحديات , والنأى عن عمليات رفع سيرمومتر التوتر السياسى وسط الشارع العام , فالشعب السودانى وبحسه السياسى المرهف , وبعبقريته الفذة , لايحتاج لكل هذا الزخم الاعلامى , وأوضاعه تجعله يمارس نفس سياسته التى اتبعها عقب اتفاقية نيفاشا , فهو لم يحرك ساكنا , ادراكا منه بأن هناك اّخرين اكثر قدرة منه على الفعل قادرين على حسم الامور , فأى جهة تراهن على نزول المواطنيين للشارع هى لم تفهم بعد عبقرية هذا الشعب , واذا كان الحديث اليوم يدور حول حتمية انفصال جنوب البلاد , فليس هناك قوة تمنع أهل الجنوب لاحقا حينما تزول اسباب انفصالهم للعودة الى احضان الوطن الذى يتسع للجميع .
أخيرا أقول على قيادات المؤتمر الوطنى أن يتبعوا دعوة السيد رئيس الجمهورية المباركة بالدعوة لتشكيل لجنة قومية تضم الجميع للاعداد لمؤتمر جامع يناقش كافة القضايا الخلافية ومعالجتها فى أطار البيت السودانى , فمهما كانت حجم تلكم الخلافات بين ابناء الوطن الواحد لن ترقى للثمن الذى سيدفعه الوطن وهذا الشعب الصابر من تمزيق اوصاله وتبديد ثرواته , بينما الشعوب من حوله تأخذ بأسباب النمو والتطور , يشاهدهم ويعتصره الالم وهو الشعب الذى حباه الله بجلّ مقومات التنمية وارساء قواعد المجتمع الانموزج .
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ – المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون :00249912956441
بريد الكترونى:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة