أزمة إستحقاقات الشعوب
لقد كثر اللغط حول مدلول و مفهوم التحول الديمقراطي ، لدى شعوب دول العالم الثالث ، وعجزت نظمها السياسية في إرساء قيم التداول السلمي للسلطة ، وذلك لإستماتتها في التشبث بأهداب السلطة وإستحالة مفارقة باحتها الخضراء الموغلة بسدرها المخضود وطلحها الممدود ، مثلها مثل الجنًة التي طالما حرص إبيلس على البقاء فيها خالدا مخلدا ولم يك يعلم ما يخبئه له الغيب من مفاجأت مذهلة من تغير في قواعد اللعب ، حتى تبين له الحقيقة المرة ذلك بأن ذراع القدر كان أطول من ضغث أحلامه ، وأن إرادة السماء كانت أمضى من سراب غروره وأفتتانه ، فشاءت الإرادة أن يزج به في غياهب ظلمة ليست لها قرار ، وحصد من بعد مسرته البؤس والبوار ، ولما رأى السيد اللعين ان لا بد مما ليس له بد، سعي إلي تجييش وتجنيد قوى الشر وتعبئه أتباعه من المارقين لهد مصفوفة السماء ، إلا ان السماء كانت هي أشدً بأسا وأشدً تنكيلا، فأثيرت معركة ضارية لا هوادة فيها بين قوى الحق وقوى الباطل فكان النصر حليف قوى الحق والزوال والبوار لقوى الباطل .
لقد عانت البشرية كثيرا من ويلات الحروب وأزمات الأوبئة والمجاعات التي أفرزتها إخفاقات الإنسان في الموائمة بين البيئة والظروف المحيطة بها ، ولم تكد البشرية تفيق من غمرتها وتنهض من عثرتها حتى جثمت الدكتاتورية بشبحها المروع فوق صدرها لتعيق مسيرتها ، وتثبط همتها من الإضطلاع بدورها في إرساء المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وتثبيت أركان الحكم الرشيد ، فتجلى مفهوم الحكم والسلطة في نظرة أحادية ضيقة لا تتعدى مجرد تكريس آلة الدولة في خدمة مصالح فردية ، ولما كانت السلطة وآلتها ملكا للشعب تقويما وتصحيحا وتوفيقا فلا يجوز لكائن من كان أن يعطل أهلية الشعوب في إختيار ما يرونه ومن يرونه مناسبا في إدارة دفة إرثهم القومي دونما تدخل سافر من مجموعة أو كيان أو حزب ، إلا وأعتبر متغولا ومتعديا من غير ما مقتضى.
إن الأحداث التي تدور رحاها الآن في كافة أرجاء المعمورة لهي ردة فعل طبيعية نتيجة إنتكاسة الأنظمة وتخبطها في الدياجير ، وإزهاق روح الديمقراطية دونما وجه حق شرعي ، وإعتقال حريات الشعوب وحجبها عن التعبير عن آمالها وتطلعاتها للخروج من الأزمات المحدقة بها من كل حدب وصوب وتحرير رقاب الشعوب من طوق إمبراطوريات الظلام .كنا نعتقد حتى عهد قريب أن الإمبراطوريات الغربية التي طالما إرتبطت نظمها الإستراتيجية بأنظمة عربية معينة إنسياقها وإنحيازها لتلك الأنظمة حفاظا لتلك العلائق الإستراتجية القومية ،إلا انه قد تبين لنا من خلال المنابر التي عقدت لمدارسة الأزمة عن كثب إنحيازها التام لمبدأ حرية الشعوب ضاربين بأرض الحائط تلك المصالح الإرتباطية الحدية فلهم الشكر والتجلة لتقديرهم عمومية المسئولية الإنسانية وأنحيازهم لمعسكر المنطق والحق والعدالة.
أن الحرية التي طالما ظل يردد صدى أنشودتها الآفاق ، ويسير بحلمها الركبان ،أنها آتية لا محالة فالتحية والتجلة للشعوب الديمقراطية والمحبة للسلام – وقريبا سيسفر الصبح لنا عن آمال لم نعش إلا لها
عاش الشعب ودامت الحريات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة