تابعنا بكثير من الاعتزاز والفخر في تونس ومصر ، ونحن نشهد كيف ان الشعوب تخرج من صمتها المهيب وتتحدى الاجهزة الامنية القمعية وتركل حكامها الدكتاتورين وترميهم في مزبلة التاريخ، واروع ما شهادناه ، تلاحم الجيش والشعب في مشهد بليغ يعبر عن وعي تلك الجنود بدورهم ومهامهم وانحيازهم في الوقت المناسب لتحقيق رغبات شعوبهم وهو الدور الذي يفقده جيشنا في السودان.في نفس الوقت الذي ننظر بفخر لمواقف الجيش المصري والتونسي الذي انحاز الي خيار الشعب، ننظر بعين الحسرة والالم لما وصل اليه جيشنا في السودان وكم خٌدِعنا عندما صدقنا رفع شعار قوات الشعب المسلحة والحقيقة ليس كذلك.
ينتابنا الشعور بالدهشة والاعتزاز معا ،ونحن نشهد الشعوب تعتلى على ظهور الدبابات وتعانق الجنود وتحمل ضباطها على الاكتاف وشاهدنا كيف يحي الضباط جموع الجماهير الهادرة التي تتدفق في الشوارع طمعا في الحرية والانعتاق، فالجيش عندنا يختلف تماما في سلوكه وتصرفاته وتعليماته وأومره، فالجيش عندنا ممنوع الاقتراب ،ممنوع التصوير، ممنوع الدخول في مؤسساتها ، ممنوع الاقتراب من آلياتها،ممنوع الحديث عنه.الجيش عندهم في خدمة الشعب وعندنا في خدعة الشعب ، عندهم يلهم الشعب وعدنا يلتهم الشعب ، عندهم في حماية الشعب وعندنا ي حماية النظم الطاغية ، عندهم تسهر على شرعية الشعب وعندنا تنقلب على شرعية الشعب ..
فمنذ استقلال السودان وحتى اللحظة لن نرى ان الجيش السودانى صوب سلاحه مرة واحدة ضد عدو خارجي وانما في صدور الشعب العارية وما جرى في الجنوب منذ خمسون عاما وجبال النوبة وما يجرى الان في دارفور وما تصاحب تلك الاحداث التي تتسم باستخدم العنف المفرط والقتل والترويع والاغتصاب والنهب والسلب ، تبين بجلاء مدى بشاعة جيشنا وقسوة جندنا و بالطبع ازاحت الاقنعه لتتجلى لنا زيف اداعاته بانه في خدمة الشعب؟!
وبما انني من دارفور وأقضي فيها كل وقت في الرصد عما ترتكبه جيش النظام من فظاعات ، واكثر ما ادهشني هو عندما شاهدت جنودا ذات مرة في طريقهم الي عمليات يهتفون ابادة، تطهير ، هكذا يهتفون صدقوني وفي ذاكرتنا زيارة الرئيس وهو المشير في الجيش، في الفاشر عام 2003 عندما قال وسط تهليل الجنجويد وتكبيرالجنود "لا اريد اسيرا ولا جريحا ، اريد دارفور نظيفة" وفعلا نفذوا الاوامر وسلموه نظيفه بعد ان احرقوا قراها وقتلوا انسانها واغتصبوا نسائها ويتَموا اطفالها وثكلوا امهاتها ونهبوا اموالها، وكنا شاهدين سيارات الجيش الكبيرة تنقل ممتلكات المواطنين من القرى المنهوبة .. اسرة ومفارش وبطاطين وحتى ملابس رثة وادوات طبخ قديمة وتعرض في اسواق القمامة على عينك يا تاجر. انها غنائم حرب على شعب دارفور. هذا، بجانب عمليات التدمير المقصودة والممنهجة لكل مصادر الحياة من مدارس و ابار مياه ، ومزارع ، وبساتين ، بفعل طائرات الانتنوف الروسية الصنع التي تدك الارض دكا دون آبهة بالاروح التي تذهق والنفوس التي تروع والحيوانات التي تنفق في الابار وحول مصادر المياه...
حتى صار المواطنون عندنا كحمر مستنفره تفر من مواكب الجيش العابره على عكس ما نراه اليوم في شاشات، ضباط يحيون حشود الشعب الماره! ويتحدثون الي الشعب ويبثون الطمانية والسكينة في قلوب الشعب وعندنا يكممون الافواه ويثيرون الرعب والخوف في نفوس الشعب ، ولكننا ما زلنا نتشبث ببقايا امل حتى تعود الوعى الي جيشنا ويفهم الدروس المجانية من الجيش التونسي والمصرى في التعامل مع الشعب الراغب في التحرر ، يا حسرتنا نحن نطأطأ رؤوسنا خجلا امام اعناق الشعوب التي تعلو يوما بعد يوم لان جيوشهم تٌتهم بالانحياز للشعب وجيوشنا تٌتهم بإبادة الشعب.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة