د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
تعريف السوداني
هنالك مقولة مشهورة تحدد ان " وطني هو المكان الذي اكسب فيه عيشي" . لكن اذا كانت تلك المقولة صالحة للاشخاص الذين يبحثون عن الرزق و يضربون في ارض الله الواسعة و لكنها ليست صالحة بالضرورة لاكتساب الهوية الوطنية او القومية او للاندماج في هذا البلد او ذاك. و قديما قال احد شعراء البادية معبرا بشكل ما عن القبول من عدمه " البلد الابوك اهلو و جفوك نظارو ذي المتلي قاعد فيه شن بشاتن حاله-- اولي الختره فوق جملا تكب فقارو ما خالقنا زول مولانا واسعه ديارو" او شيء من هذا القبيل. يقودنا ذلك الي سؤال بسيط جدا : من هو السوداني؟ الاجابة علي ذلك السؤال بشكل دقيق و موضوعي تجعلنا في الطريق الصحيح لوضع خارطة لهوية الانسان السوداني الذي تتجاذبه النعوت و الصفات و الانتماءات بين العرق و الثقافة و الدين و الاصل و الفصل. ذلك التعريف ضروري للمصالحة مع الذات و الاعتراف بالواقع و الافتخار بالانتماء.
هنالك اتجاه لالقاء الاضاد في السودان لبعضها البعض و كل من السودانيين يفاخر بمعتقده و اصله و قل ان يتيح للاخر ان يأخذ حقه في الاعتداد بذاته. كل ذلك ربما لان السودان بلد عجيب فقد وضعته الجغرافية بين قارتين و جعله التاريخ ملتقي للثقافات و الاديان و الاعراق و تداخل الحضارات النوبية مع العربية مع التركية مع ممالك الفونج و سلطنات الفور و المساليت وصولا الي العهد الاستعماري المرتبط بالتبشير المسيحي و التأثير و التأثر المتبادل بين الحضارات مع حضور قوي للتفوق و الدونية و الغطرسة و الهيمنة الي اخر تلك التأثيرات.
قبل ان يخرج السودان من ذلك الواقع بعد الاستعمار و قبل ان يحدد هويته و يجد وسائل للترابط بين شعوبه المختلفة داهمته الحرب الاهلية بين الشمال و الجنوب و التي استمرت لعقود من الزمان. و عندما اخذ السودان يبحث جادا عن مخرج من تلك الحرب و قبل توقيع اتفاقيات السلام الشامل و التي تعتبر رغم كل ما يثار حولها من افضل الاتفاقيات التي تم التوصل اليها في اطفاء نار الحروب الاهلية في العالم الثالث عاجلته مشكلة دارفور التي استشرت بشكل خبيث و تصاعدت الي مستويات لم تكن متوقعة حتي في اشد السناريوهات تشاؤما و اكثرها قسوة.
لم تكفي السودان كل تلك النيران و انما اكتوي بنيران الهجرة اليه من البلدان المجاورة و غير المجاورة اما بسبب الحروب و النزاعات السياسية و القبلية و الاجتماعية او بسبب الفقر و البحث عن الرزق في ارضه الواسعة الصالحة للزراعة و الرعي و اما لاسباب اخري بين التجارة و الدعوة و التبشير الي ان امتلأ بالسحنات من كل فج وصوب لدرجة تجعل من الصعب لاي كان التمييز بين السوداني و غير السودان بناءا علي الشكل و ابعد من ذلك بناء علي الانتماء العرقي او الديني. الان نجد السودانيون حتي في المهجر علي درجة من التباين فمنهم الابيض و الاسمر و الاسود و منهم اضافة للغالبية المسلمة المسيحي الأرثوذكسي و البروتستانتي و الكاثوليكي و منهم من ينتمي الي معتقدات اخري. في ظل هذا الوضع نحتاج لتعريف للسوداني الذي يحمل جنسية هذا الوطن و ينتمي اليه كما نريد لذلك السوداني ان يعتز بجنسيته و يفتخر و يضحي من اجلها بها و يرفع رأسه عليا بين شعوب العالم و يقول بكل فخر " انا سوداني سوداني انا " ، كيف لنا ان نصل الي ذلك الهدف فعلا و ليس قول؟ا.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة