|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
9-11-2008 أوباما .. والتاريخ ليس صناعة فردية!
هاشم كرار – جريدة الوطن – الدوحة قطر
اكتملت الصورة.
والصورة ــ أي صورة ــ عبارة عن جزئيات، جزئيات تتداخل، تتحد، وتتوحد .. وفي حالة سقوط أي جزئية، من هذه الجزئيات، لا تكتمل الصورة ــ أي صورة ــ بأية حال من الأحوال.
الصورة اكتملت.
وأوباما، لم يكن إلا الجزئية الأخيرة، التي تداخلت مع جزئيات كثيرة، لتعطي الصورة اكتمالها المذهل.
التغيير .. تلكم هي الصورة..
والتغيير، عادة، لا يتم فجأة، أو مرة واحدة، التغيير صرح، والصرح، لا يقوم فجأة .. انه يقوم من لبنة، فوقها لبنة، فوقها لبنات، ولم يكن مارتن لوثر كنغ، سوى اللبنة الأولى .. ولم يكن السود، وأنصارهم «بيض الحقوق المدنية»، سوى تلكم اللبنات التي منها كان هذا الصرح: التغيير.
أوباما، يفهم ذلك ..
ويفهم ــ من هنا ــ أن التاريخ، لئن كان يقدم رجُلا ــ فإن هذا التاريخ ليس صناعة فردية .. تماماً مثلما أن الصورة ــ أي صورة ــ ليست جزئية واحدة!
انطلاقا من كل ذلك، لم يشأ أوباما أن ينسب التغيير لنفسه، وإنما نسبه إلى الأمة الأميركية، تلك التي تعالت على فروقات اللون، لتزف لأول مرة في تاريخها «أسود» إلى البيت الأبيض!
نعم، من كان يُصدق؟ من؟
نعم، لكنها .. أميركا!
الذين لم يصدقوا، انذهلوا، عن حقيقة أن حجرا واحدا، يمكن أن يحرك البركة . وانذهلوا عن حقيقة، أن كل ما في الكون، هو في حالة حركة، وان في الحركة «بركة»، ومن بركات الحركة: التغيير.
مارتن لوثر كنغ، ألقى الحجر في البركة «البيضاء» الساكنة. كان رجلا حالما .. غير أنه لم يكن وحده الحالم بالتغيير، لو كان هو وحده، لكانت إذن «الرصاصات البيضاء» التي اغتالته، اغتالت معه ــ في نفس اللحظة ــ الحلم الكبير.
بلى، لم يكن مارتن لوثر كنغ، هو الحالم الوحيد. كان هنالك سواد أعظم، يحلم: عبيد تتمزق ظهورهم بالسياط .. نساء بائسات في أكواخ قذرة، وبائسة، أطفال في سن الدراسة، لا يقتربون ــ مجرد الاقتراب ــ من مدارس «بيضاء» .. سيدة يصفعها رجل أبيض، فقط لأنها تجرأت وركبت باصا للبيض، سيدة أخرى تبصق في وجهها سيدة بيضاء، لأنها دخلت حانة للبيض!
الأحلام، الفردية .. تُغتال، لكن الحلم، ذلك الذي هو «على الشيوع»، لا يُغتال اطلاقا .. والحلم الذي تحقق ليلة الأربعاء الشهيرة في أميركا، لم يكن هو ــ فقط ــ حلم أوباما .. ولا حلم مارتن لوثر كنغ، فحسب، وإنما كان حُلم العبيد ــ جملة وتفصيلا ــ أولئك الذين كانوا يرزحون تحت أغلال فروقات اللون، والعنصر، والدم، في الدنيا الجديدة!
الدنيا الجديدة؟ بلى، كانت اسما من كولومبس، لبلاد الضفة الأخرى من بحر الظلمات، اسم استمد وجوده من «حالة الاكتشاف». «اسم بلا مسمى» لكن «الدنيا الجديدة»، أصبحت اسما ومسمى، في الأربعاء الشهيرة!
خمسون عاما..
وخمسون عاما، لا تساوي شيئا في عُمر الأمم.
لكن رغم ذلك، أنجزت الأمة الأميركية، ما أدهش العالم، وليس هنالك من ما هو أكثر. إدهاشا، من رجل أسود، يترأس الأمة، التي كان «الأبيض» فيها، يبصق في وجه «الأسود»، فقط لأنه لم يفسح له طريقا في الطريق!
الطريق، واسعة.
هكذا فهم البيض، في أميركا. وهذا الفهم، ليس هو فهم يوم واحد، أو يومين. انه الفهم الذي بدأ يتشكل، منذ أن ألقى مارتن لوثر الحجر في البركة الساكنة، وهو فهم، ما كان ليمكن ان يتشكل، لولا ان السود ظلوا يلقون في البركة، حجرا وراء حجر، وهم يحلمون .. ولولا أن الحلم، أصبح هو أيضا حلم بيض .. ولولا ان الحلم، استحال إلى حقوق!
ما أجمل أن نحلم..
وما أجمل، أن يستحيل الحلم إلى واقع.
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع