داروفور وحمار الحلب !
بقلم : عمر قسم السيد
اقليم دارفور عريق في اسلامه ، فقد كانت الهدايا تحمل منه الى الكعبة المشرفة والمدينة المنورة ، فالاقليم يسكنه خليط من القبائل التى ترجع بعض اصولها الى العربية كالمسيرية والكبابيش والبن هلبة واولاد راشد ، وهم يشتغلون بالرعي خاصة – الابل – لذلك يسمون بالابالة وهم بدو رحل ، ويسكن الاقليم كذلك بعض القبائل ذات الاصول الافريقية كالفور والبرنو والبرتي والمساليت والزغاوة والتنجر والتاما .. وهؤلاء يشتغلون بالزراعة ورعى الاغنام .
فالاقليم غنى بثرواته ، باعتباره ذا كثافة سكانية عالية ، ولا يخفى على فطنة المتتبع للتاريخ والاحداث الاطماع الامريكية في السودان ، فهى قديمة ، انتعشت في عهد الرئيس السابق جعفر نميري ، وقبل ان يكون لامريكا مصالح في السودان كانت تعمل على حصاره دوليا لخلق – القلاقل – للخرطوم بمساندتها للمتمردين من ابناء الجنوب قبل إحلال السلام ، كما قامت بتوجيه ضربات عسكرية فعلية ، حيث قصفت مصنع الشفاء للادوية في اغسطس 1998م بالصواريخ بدعوى انتاجه اسلحة كيماوية ، وهو ما ثبت – كذبه لاحقا – الا ان هذا الاسلوب العدائي تجاه السودان قد اعيد التفكير فيه مرة اخرى بعد ظهور المصالح الامريكية في السودان وهى البترول والرغبة في الاستفادة من نفوذ السودان وعلاقاته المتميزة مع دول الجوار الافريقية ، فتعاونت امريكا مع الحركة الشعبية في حرب الجنوب التى استمرت لما يقرب ربع قرن من الزمان ، ففى سبيل محاولة سيطرة امريكا على بترول السودان عملت بالتدخل بشكل او بآخر لاحلال سلام الجنوب ( مشاكوس ونيفاشا ) بغرض اعطاء الجنوبيين حقوقهم – وهم موالون تاريخيا لواشنطن – والسيطرة على نفط جنوب السودان والضغط على حكومة الخرطوم في دارفور وشرق السودان لشغل حكومة الخرطوم عن ملف النفط والتنمية واستقلال عائدات الموارد في الحروب والنزاعات الداخلية ، فامريكا تريد السودان ممزقا لتنهب ثرواته .. فدخلت اسرائيل فعملت على تغذية هذا الواقع بطرق سياسية امنية واستخبارية مع الامريكان لاختراق النسيج السوداني الداخلي ، فقبل عدة ايام تواترت بعض المصادر الاعلامية من العاصمة اليوغندية ان السفير الاسرائيلي لدى شرق افريقيا الذى يقيم بكينيا بانة قام بزيارة العاصمة اليوغندية " كمبالا " والتقى بوفد من الحركة الشعبية – وبحسب المصادر – فان هذه الزيارة تتعلق بان تقوم بموجبها اسرائيل بتدريب ( كوادر اعلامية جنوبية ) على العمل الاذعي والاعلامي بعد ان ارسلت محطتين اذاعيتين الى جنوب السودان ، الاولى تم تركيبها في عاصمة الجنوب " جوبا " ، اما الثانية فقد تم تركيبها في مدينة " الكرمك " بولاية النيل الازرق حيث اطلق على الثانية ( اذاعة الحركة fm ) وتعمل باللهجة المحلية ، اضافة لبثها لاغاني ورسائل تدعم – خط الحركة الشعبية الاعلامي لمواجهة الانتخابات القادمة – كما تقف اسرائيل مساندة إدعاءات الجنائية الدولية بعد اصدارها مذكرة بغرض ايقاف الرئيس البشير ، فكل ذلك لادخال السودان في متاهات من عدم الاستقرار والاهتزاز السياسي بغرض قطف ثمار السودان اليانعة سياسيا واقتصاديا ووضعها في القبضة الامريكية التى حاولت المساومة كثيرا ولكن لم تجد الاستجابة من حكومة الخرطوم الصامدة ، فآثرت الدخول عبر بوابة " العرقية والعنصرية " من خلال درايتها بالتركيبة الدارفورية سابقة الذكر في هذا المقال ، واطلت مصطلح ما يعرف – بالابادة الجماعية – مستقلة بذلك المنظمات العاملة في دارفور ودعم كبار قادة التمرد امثال ( عبد الواحد محمد نور وخليل ابراهيم ) بالاسلحة والاموال لإضعاف حكومة الخرطوم ، فهؤلاء المتمرين اثاروا الفتن بين القبائل وروجوا " للتهميش وعدم المساواة " وفتنة القبائل العربية والافريقية للزج بالمواطن البسيط الى دائرة الحرب دون ان يدري ، وتدخلت فرنسا الى إيواء زعماء التمرد في دارفور ومساندهم ، بل ظهرت المحاولات لافساد العلاقات بين الشمال والجنوب للعبث باتفاقية السلام المعقودة بين الطرفين . حيث ساندت الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم بزعم ان هناك عراقيل تعترض اتفاقية السلام المبرمة في العام 2005م ، ودعا اموم بدوره الى تدخل المجتمع الدولي من اجل تقديم المساعدة لتنفيذ ما يتوهمه من تباطوء الشريك الاخر من تنفيذ بعض بنود الاتفاقية ، فكانت هذه جبهة اخرى قد فتحت ابوابها ضد حكومة الخرطوم ، اضافة الى ان الحركة الشعبية جمدت نشاطها في حكومة الوحدة الوطنية اكثر من مرة وهى لا تدرى اين مصلحتها !
ولا تعلم ان اسرائيل تقف لها بالمرصاد .
ان حرب المصالح تستعر الان اكثر في دارفور عن طريق استغلال معسكرات النازحين للتبشير والتنصير ، وتجنيد الاطفال في صفوف الحركات المسلحة لمقاتلة حكومة الخرطوم التى قدمت التنازلات الكبيرة من اجل احلال السلام في دارفور وانهاء الازمة ، فكان ملتى اهل السودان الذى اطلق مبادرته الرئيس البشير في زيارته الاخيرة لولايات دارفور الثلاث ، وشاركت فيه اغلبية القوى السياسية باستثناء الحركات المسلحة المعارضة ، وفي الجلسة الختامية اعلن البشير وقف اطلاق النار غير المشروط بدارفور بكل – جدية – ولكن وقف سليمان صندل لاصدار بيان صحافي نشرته الـbbc يعلن فيه عن رفضه لاطلاق النار !!
لماذا إذا لم يقف المجتمع الدولي والامم المتحدة لإدانة صندل ؟
ولكن نقولها ان امريكا لن تستطيع فعل شئ للسودان ، وما تفعله يمكن ان نشبهه – بحمار الحلب- الذى يربط له " جرس " في عنقه عندما يتكاسل ويسير ببطء . وعلى القارئ ان يدرك بفطنته من هو – حمار الحلب – ومن الذى يسحب ويجر حبل " حمار الحلب "
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة