ما هو المطلوب فعله حتى لا تتحول كردفان إلى دار فور أخرى
من المصطلحات الرائجة هذه الأيام على السنة العديد من السياسيين والمحللين والمراقبين وأقلام الكتاب في أعمدة الصحف والمواقع على شبكة الانترنيت هو التحذير من "المجهول" الذي ينتظر السودان إذا لم يتم الوصول إلى حل سياسي لأزماته المتفاقمة، لاسيما أزمة دارفور التي فرضت نفسها على المشهد السياسي السوداني، بعد أن امتشقت حركات الثورة السلاح وسيلة لاسترداد الحقوق المسلوبة خلال نصف قرن من قبل مجموعات انتهازية في المركز أدمنت اللعبة السياسية التي تمثلت في حكم أحزاب غير مسئولة لا في طرحها ولا تصرفاتها وسياساتها حينما تصل إلى سدة الحكم، وحكومات عسكرية طائشة تكرس مفاهيم الجهة والقبيلة بسبب اختلال معايير الالتحاق بمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، الأمر الذي أدى رجحان الكفة لصالح إقليم بعينه،على حساب أقاليم السودان الأخرى، وكما هو معروف في كل الأحوال أن الوضع غير الصحيح لا ينجم عنه إلا ما هو أسوء منه.
وهذا ما تؤكده الوقائع خلال مسيرة نصف قرن من استقلال السودان إذ سارت الأمور فيه من سيء إلى أسوأ، حتى وجدنا أنفسنا اليوم أن الأزمات تحاصرنا من كل الجهات، حرب الجنوب التي انتهت إلى اتفاق نيفاشا الغير معلومة نتائجه حتى 2011، ثم الشرق،و دارفور والتي ننتظر نتائجها بنوع القرار الذي ستصدره محكمة الجنايات بحق رئيس نظام الإنقاذ، والآن كردفان التي صبرت كثيرا، برغم أنها تعاني الأمرين فهي من جهة تعتبر في نظر الكثير ضمن مثلث عبد الرحيم حمدي الموعود بالتنمية، ومن جهة أخرى تعتبر كردفان من أكثر أقاليم السودان وفرة بالثروات والخيرات ولكنها تعاني من الفقر والعطش والجهل والبطالة، بسبب سياسات المحاباة والواسطة القرابة التي جعلت أبناءها يشعرون بحالة الغبن والظلم الذي يواجهونه اليوم حتى في إقليمهم الغني بالنفط، الذي تكالبت عليه الشركات من كل حدب وصوب سواء من داخل السودان أو خارجه لكنهم لا ينالون حظهم في مجالات التوظيف والتعيين في شركات البترول.
لذلك أقول أن المجهول الذي يحذرنا منه الكثير هو وقائع وحقائق واقع معلوم للجميع وبخاصة لجماعة المؤتمر الوطني وبالإمكان تفاديه إذا أرادوا وصدقت نواياهم، لان مطالب أهل الهامش هي بسط العدل وتوزيع الخيرات والمنافع على الناس بالتساوي حتى يحصل كل إنسان نزف دما أو نضح عرقا في هذا الوطن على حقه دون منة من احد، وهذا يعتبر من أنجع الحلول واقلها كلفة في مقابل السيناريوهات المحتملة في حالة التعامي عن المطالب المشروعة لأهل الأقاليم لاسيما كردفان.
لان السيناريوهات الأخرى ستكون خطيرة جدا هذه المرة، ولن تكون كسابقاتها، أي انتفاضة شعبية تسلم الحكم لنخبة المركز الانتهازية لتتلاعب بمصير البلاد حتى تحين الفرصة لانقلاب عسكري جديد، كما حدث في انتفاضة مارس/ ابريل المجيدة، هذه المرة ستكون الفوضى عامة وأولى ضحاياه سيكون المركز والمحسوبين عليه، وهذه الحرب ستكون حرب شاملة ومدمرة للجميع ، لان السلاح أصبح أكثر وفرة من أكياس الطحين والصدور تغلي بالغبن جراء انقسام المجتمع السوداني إلى طبقتين طبقة تناطح السحاب في بناءها وثرواتها، وأخرى ترزح في الحضيض.
وحتى لا تتحول كردفان إلى دارفور أخرى فعلى جماعة المؤتمر الوطني التخلي عن حماقاتهم التي عرفناهم عنهم طيلة عقدين من الزمان التي ادخلوا فيها البلاد في دوامة من الصراعات من اجل انتزاع كل طرف نصيبه من السلطة والثروة عبر استخدام السلاح هذا الأسلوب الذي شجع عليه رئيس نظام الإنقاذ، تعبيرا عن تحديه و طغيانه وتجبره على أبناء شعبه ، حتى أصبح مصيره معلقا في أيدي قضاة المحكمة الجنايات الدولية في لاهاي بعد خمسة سنوات من حرب دارفور التي كان بإمكانه بجهد وطني خالص ان يوفر على البلاد الكثير من الوقت والجهد والمال والأنفس.
فعلى جماعة المؤتمر الوطني هذه المرة أن يستجيبوا لدواعي الحل الوطني والذي يتمثل في إعطاء كل أقاليم السودان حقها في السلطة والثروة كصيغة حل وطني شامل ،كما لخصته مبادرة الأستاذ علي محمود حسنين، وهذه ستكون مناسبة طيبة تجعل كل أبناء السودان في الداخل والخارج يتدافعون إلى المشاركة والدعم والمساندة والمساهمة الجادة ليكون لهم رأي وقرار وعندها سنضع حدا لأزماتنا ولن تكون هناك ذريعة لأحد ليتخلف عن مسيرة الحل الوطني، ونضمن أن كردفان أو الإقليم الأوسط إلى دارفور أخرى لأننا وضعنا معا الأساس الذي على أساسه سنتقاسم النبقة بضمائر ملئها الرحمة والصفاء وتخضر ربوع الوطن ويحلق فوق رؤوسنا سرب حمام السلام ونورس البحر من جديد!
الطيب الزين / السويد
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة