الباقيات الصالحات : العدالة مقابل السلام
أكثر منطقة أستخدمت فيها مفهوم السلام هباءً , كانت الشرق الاوسط والتي تعتبر ايضا بؤرة من البؤر المهددّة للسلم الكوني ! فلقد تلاعب الاطراف المتنازعة هناك بمفهوم السلام ردحا من الزمن وزهقت ارواح الملايين والازهاق مازال على وتيرته. لقد حاول العرب دفن رؤوس الجميع تحت رمال الصحراء عبثاً , بأن لا وجود لليهود في اي شبر من الجزيرة العربية ثم نسمع زعماء العرب وعلى راسهم صاحب القضية " أبو عمار " يقول في الهواء الطلق , نحن ابناء عمومة !
هذة المنطقة لا تعترف بالحقائق التاريخية من آثار وغيرها ,كما تسَوق منظومةالجلابة بأن لون بشرتهم السوداء لا علاقة له مع افريقيا عندما فضحت ذلك الفضائيات, انما يلومون الشمس و خط الاستواء ولكن من حقك ايضا ان تتسآئل ولماذا بقي الحلبي في السودان حلبيّا ولم يتغير طعمه , ونعرف ان المنظومة مندفعة من الغيرة روّجت إشمئزاز اللون الابيض الفاقع ولاسباب غير مفهومة تعطي للون الاسود الواحد اسماء بعدد قوس قزح ! ولكن لنعود للحقائق التاريخية, فعندما يتعلق الامر بالجغرافيا , أنهم جميعا يولون صوب القبلة الدينية , لتأكيد " ميراث الارض" . التراث الاسلامي يسهب في دراما اليهود والعرب , وكانت المدينة المنورة هي مركز الصراع كما هي اليوم القدس ! و اليهود وما ادراك ما اليهود , جاؤوا بكلام او الاصح " ادعاء" لم نسمع به عبر الدهور .. الارض الهبة الالهية , من الفرات الى النيل , هدية من الله الى شعب بني اسرائيل لتأسيس الدولة الكبرى ! ويستشهدون بشهادة صماء في زبر الاولين , التوراة والزبور , وهنا مربط الفرس , هل فعلا تم تقسيم الكرة الارضية في" جغرافيا الازل" وما بال الامم الاخرى , فان عدالة الله يقتضي التصريح ايضا بحقوق الاخرين في تلك الزبر ! ذلك , حتى لا يقع سؤ فهم ويسفك دماء بثمن بخس وبالتالي لا يربط نزاع الشرق الاوسط الي التقسيم الحالي للجغرافيا السياسية و هي قسمة ضيزى ؟ نعلم بان الاستعمار نصّب نفسه حاكما بامر الله و وزّع التاريخ والجغرافيا على ذوقه ! ولكن أن يذهب كل المزاعم والشعارات مع مهب الريح , أعني هنا كلاما من قبيل دولة اسرائيل الكبرى او محو الوجود اليهودي من الجزيرة العربية ماهي الا تخاريف بل جل الامر يشبه لعبة اطفال سيئي الطبع ولكن في نهاية المطاف ,تبادل الطرفين تهم الابادة والتطهير العرقي.
لقد فرضت السياسية قوانينها , اعني الحقائق على الارض , وبالتالى بات مفهوم الارض مقابل السلام مجرد اضغاث احلام في بقعة مشبعة بالاحلام الدينية , اعترفت منظمة حماس بذلك واعترفت اسرائيل بفلسطين , والعرب جاؤوا بالمبادرة العربية مثل النعام الذي لم يحتمل راسه المدفون سخونة الرمال فرفع راسه لرؤية الشمس, أعترفت بأسرائيل مقابل قيام دولة فلسطين ! واصبحت المفاهيم العملية هي المواضيع القابلة للنقاش والمفاوضات مثل : الامن مقابل السلام او العدالة مقابل السلام او الحرية مقابل السلام , لان هذة الامور او المفاهيم هي التي تحدد شروط الاستقرار والسلام على اية ارض , ما معنى ارض بدون عدالة وبدون حرية وبدون امن ؟ هذة هي الصيغ التي تحدد مصار بناء الارض وليس الاستحواذ . بالعدالة وهنا نعني التمسك بمجريات الحقيقة السياسية بكافة اشكالها, تستطيع ان تنتزع الحقوق المسلوبة بما فيها الارض والعرض .
هذا منطق بسيط وعملي خذوا الحكمة من افواه المجانين !
وعندما يتعلق الامر بدارفور ,فان المسالة هنا لاعلاقة لها بالاوهام و لا بالاساطير , فنحن لدينا مرجعية واقعية وعملية وموثوقة , وهي " الباقيات الصالحات" لا تفسرني خطاً , انما اعني هنا ( الناجون) من المحرقة وهؤلاء يقّدر عددهم باكثر من مليونين , ويجب ان اكون واضحا هنا نحن لدينا فهماً مختلفاً عما هو متداول بشان اعداد القتلى , نحن الذين قلنا بان ردوفان كرادتش اكثر رحمة من المشير البشير , بسبب الفارق العددي, الفرق هو الفان روح ! وفقا للاحصاءات المعترفة بها رسميا من حكومة البشير , ولكن اذاما استندنا الى ارقام الامم المتحدة , فان جرم ردوفان كراديتش لا يمثل إلا 38% من جرم البشير وهذالا يعني بحال اننا نسينا الاستاذ على عثمان الذي يخبئ نفسه وراء اصبع المشير.أما وفقا لتقديراتنا النسبية فان كرادتيش بالنسبة لهما , فهو ملاك رحيم ! لاننا نعتبر كل من قهر واجبر لترك منزله وبالتالي منزلته فهو في عداد الموتى ! نعم .. لا يمكن ان يكون المكان ابدا مثلما كان ... وبهذا المعنى فهؤلاء هم في عالم آخر , وهذا صحيح فان الذين في مخيمات اللجوء, الذي يسميه الدكتور الطيب مصطفى( مخيمات العار ) وهو الذي وراء الماكينة التي تستحيي النساء , ولقد فضلنا استخدام مفهوم ( الإستحيائية ) بدلا عن الاغتصاب تكريما لتلكم النساء الشريفات , وما حفزني لكتابة هذة المقالة سوى احدهن , وهي أمراة في السبعينيات من العمر , فلقد سئلت من قبل المراة الجريئة السيدة مايا فاروق, عما اذا كانت ترى ان الاولوية يجب ان تعطى لمحاكمة البشير او السلام , وبالرغم من انها في المخيمات , دون ادنى تردد قالت بالفطرة , بطريقة تبعث حتى للضحك من سخريته للحديث ان السلام بدون تحقيق العدالة , واشجعك لمشاهدة الفيديو في موقع سيفدارفور , لم تستطيع من شدة الغضب الكلام فقط عبرت بلغة الاشارات , وفهمنا رفضها الحازم للمساومة بشان محاكمة المشير , هذة مسالة لا تتعلق بالحقد او الكراهية انها ببساطة مسالة عدالة لا اكثر ولا اقل. في حقيقة الامر اقنعتني هذة المراة لانها تمثل المراة النبيلة الصادقة المؤمنة , هي تغضب من اجل اعلاء كلمة الحق والعدالة وليست انسانة تدفعها نزوة او انفة او عصبية , لانها انسانة على الفطرة ولكن العبرة هنا ان معاناة هؤلاء لا تعني لهم شيئا مقابل تحقيق العدالة , المثل الني يرجع للنار اي عودةالى محرقة اخرى ولا يوجدعاقل يقبل بذلك.
! ويجرني سيرة هذة المراة لاربط صورتها في مخيلتي و حديثا للدكتور خليل ابراهيم رئيس العدل والمساواة , يقول نحن شرفاء , عندما يتهم الثوار في دارفور بالعمالة وهي تهمة بالية عديمة القيمة , ولكنها تستحق الرد بجملة واحدة وهي نحن شرفاء, ينبغي ان تنتبه مليا لهذةالجملة قبل اية تفكير آخر لان هذة الجملة هي التي ستحدد مصيرك ومستقبلك في السودان وعلى هذا الكوكب, لان قضية العدالة والحرية والسلام هي قضايا تتمحور أسها في الشرف! فبدون شرف تستطيع تحقيق سقط المتاع ولكن لا تستطيع انجاز القضايا الكبرى مثل حقوق الاجيال في العيش الكريم !
في حقيقة الامر نحن نعتقد ان قضية دارفور كانت ستنتهي الى نهاية ماساوية لولا عودة الدكتور خليل واخذ زمام الامور , حتى حركة العدل كانت ستدخل في لعبة الاسباط كما هي حال حركة التحرير المفتقرة الى الحنكة والقيادة الحكيمة والتي أضرت كثيرا القضية ونحن نامل من جميع الحركات ان تنظرالى الامور نظرة جوهرية .
قولنا هو مصائب قوم لقوم فوائد , الآن تستغل المنظومة الحاكمة ازمة المجتمع الدولي في الاقتصاد, لتجري الصفقات السرية , لتقديم الباقيات الصالحات, الناجون من المحرقة كبش فداء لاستمرار المنظومة في الحياة , وحتى هذة اللحظة التوجه الدولي لحل هذة الازمة هي الحل والضمان الافضل , ذلك لان الوساطات الاقليمية والعربية , تجربتها هي الفشل الذريع دائما,اتفاقيات مكة وصنعاء ودوحة انهارت انهيار البورصات! و لان الانظمة المستبدة كما الحال عندنا لا تضع لقيم الاخلاق والمبادئ والصداقة اية اعتبار عندما تتعلق الامر بتقليص هيمنتها ونفوذها وظلمها , انما تستغل هذة المساعي لكسب المزيد المزيد من الدهاء والتلاعب بارواح الابرياء..شئ واحدوحاسم وهو الاكراه لجرها الى ابرام اتفاقيات كبرى مثل نيفاشا, فلولا النفوذ الامريكي , لما كانت نيفاشا .
فلا يعتقدن احدا بان الاعتماد على النفس رهان خاسر في هذة الاوقات العصيبة, وكما لا يعتقدن احدا بان الرهان على المجتمع الدولي هو رهان خاسر ايضا.
كيسر ابكر
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة