رجع الصدى: قل ما تشاء.. كن ما تقول
الأغبياء في أغلب دول العالم يجلسون في المقاعد الخلفية!!
علي أحمد حاج الأمين
أشار علم الاتصال الجماهيري لعناصر العملية الإتصاليه ابتدأ من الرسالة، المرسل، الوسيلة، المستقبل ومن ثم أكد علي أهمية رجع الصدى (ما يعبر عن الجمهور المستهدف) وما يكونه من رأي متعلق بالقبول=(الموافقة) أو بالرفض=(الامتعاض)، لكن المنهج السوداني أو الذي تم سودنته لم يراعي أو يتوقف عند رجع الصدى كثيرا وكل ما قالته المناهج التعليمية وما تناولته المؤسسات الإعلامية، هو كيفية قياس رجع الصدى دون التوقف أو التعرف علي خصائص الجمهور المتلقي وبما أننا نتحدث عن المؤسسات السودانية وجمهورها السوداني فنحن نعني التباين المزاجي والديني والعرقي واللغوي/ الثقافي والفوارق العمرية المصاحبة لخصائص الجمهور المستهدف، فضلا عن اعتبارات وخصائص أخري للجمهور تختلف أهميتها وضرورة معرفتها باختلاف المادة والوسيلة التي يتعرض لها الجمهور.
ونسمع أحيانا في الخطابات النمطية ذات الطابع العمومي الفضفاض لكثير من مؤسسات الدولة وخاصة الإعلامية منها مثلا مقولة أن 90% أو أغلب الجمهور السوداني يتلقي أو يتعاطي المواد/الرسالة التي نقدمها له!! وعندما نسأل نفس هذه المؤسسة كيف عرفت هذه النسبة وما هو الدليل علي أن هذه الجماهير تحب أو تدعم أو تقف أو تتعاطي أو تتبني ما تقدموه فنجد الإجابة: (بطرق قياس رجع الصدى) وهي عبر التلفون/ الموبايل أو الرسائل الالكترونية أو المتصفحين لموقع المؤسسة، ورغم غباء هذه المقولات الوهمية والتي تخلو من العملية إلا أنها (مقصودة) وتهدف إلي صبغ المؤسسة بأنها صاحبة الجمهور الأعظم كما أنها تعبر عنه أو تلبي احتياجاته، وتكمن وهمية الخطاب بان طرق قياس الرأي العام أو رجع الصدى المتعارف عليها في السودان تعبر عن خمول المؤسسة إن لم يكن أحاديتها تجاه ما تقدمه لان ليس كل السودانيين يتعاملوا مع طرق القياس التي تقيس بها هذه المؤسسات فضلا عن أغلبية هذه المؤسسات لا توجد فيها وحدات ومراكز لقياس رجع الصدى؛ ويمكن أن نسأل الجمهور القاري من منكم مرت علية استمارة استبيان أو وجد مؤسسة ما في منطقته تسال عن تقبل الجمهور لما تقدمه هذه المؤسسة/الوسيلة من خدمات، ورغم أننا نسمع أحيانا في بعض المؤسسات أو وسائل الاتصال الجماهيري مقولات علي شاكلة أن السودان بلد متعدد أو أن هنالك جمهور أمي وأخر متعلم الخ.. ولكن لا أظن أن هنالك مؤسسات تقول أن هنالك جمهور مركز ثقافي سلطوي مازال يمارس (الدلع) البرامجي والخدمي (أي ما يقدم من خطاب/رسالة/مواد تعبر عنه ويتماهي معها) وهنالك جمهور هامش ثقافي (لا تعبر عنه المؤسسات/الوسائل بل تمارس علية القهر والإقصاء الثقافي) وهنا يمكن أن نسال هل هنالك وسيلة جماهيرية عبرت عن التعدد ومثلته داخل خطابها الرسمي(برامجها)؟ هل هنالك وسيلة/ مؤسسة اتجهت بأدواتها للجمهور لتعرف ماهية احتياجاته أو رغباته؟ والجدير بالقول أن هنالك كثير من المؤسسات تتعامل مع الجمهور المستقبل (رجع الصدى) بأنه سلة مهملات لرمي القاذورات "الخطابات/البرامج" وإذا أرادات إحدى المؤسسات التأكد من رجع الصدى تجاه ما تقدمه وسائل الاتصال الجماهيري من مواد/رسالة فلتذهب للجمهور نفسه لان كثير من المؤسسات عندما تريد أن تتجنب البحث عن رأي الجمهور تقرر أن تستقطبه وتمارس عليه الغزل بالمقولات الفضفاضة علي شاكلة (الشعب السوداني الأبي) (الشعب السوداني معلم الشعوب) (السودان بطبعه شعب متذوق وناقد) الخ... كأنما ما تقدمه هذه المؤسسة يتم بناء علي رغبة هذا الجمهور "المعلم" متناسين أن هنالك كثير من الجماهير المكبوتة التي لم تجد وسائل أو أدوات تعبر بها عن ما تحمله من نقد/ سخط/ لعنة/ اتفاق كلي أو ضمني مع ما يقدم/ أو رفض كلي له؛ ولذلك نجد بعض الجماهير تعبر عن أرائها بمقاطعة المؤسسة أو وسيلة الاتصال الجماهيري أو تفرغ انفعالاتها أثناء مشاهدة التلفزيون مثلا بالبكاء أو الضحك أو تكسير ورمي ورفس كل ما هو بجانب المشاهد وقد يكون تكسير التلفزيون أو الراديو أو تمزيق الصحيفة وأحيانا يخرج "رجع الصدى" بتعبير لغوي من أمثال (أنعل!!... وتُف عليكم!!..الخ..) وهذا الجمهور المغبون أو الذي يحتاج أن يعبر عن صوته/ثقافته، فهنالك مؤسسات ومناهج صممت لكبته واستقطابه، لأن رجع الصدى قد يعري المؤسسة أو المواد/ الرسالة التي تقدمها كما يعري (الإنتلجينسيا) الأفندية سواء كانوا رجال الدين أو المثقفين أو السياسيين، لأننا لسنا في دولة/مؤسسات تحترم جمهورها!! أو لسنا كبقية الدول (المحترمة) التي يكون فيها التعبير عفوي أو طبيعي؛ بمعني انه أصبح سلوك اجتماعي أو حق دستوري داخل هذه الدولة وهو (حق التعبير) فضلا عن أن واجب الدولة تجاه مواطنها أن تستصحبه داخل الخطاب الرسمي وخدمات المؤسسات الرسمية. وفي شأن رجع الصدى هناك حقيقة تقوم/ تنشأ من أجلها وعن طريقها المؤسسات وهي أن ضمان نجاح أو مسيرة مؤسسة يتوقف علي جمهورها الذي يتكون من جمهور داخلي وهو (الإدارة/ الموظفين/ العمال)، وجمهور خارجي وهو الذي تستهدفه المؤسسة بخدماتها "الشعب"، وتختلف طبيعة الخدمات المقدمة للجمهور باختلاف المؤسسة ومالكيها، وهنا يمكن أن نسال الجمهور"رجع الصدى" هل مؤسسات الدولة التي ترفع شعارات تؤكد علي أنها قامت من أجل مصلحة وخدمة المواطن تعبر وتمثل وتخدم المواطن؟ هل مؤسساتنا تتحرك وفق ما يريده ويطلبه رجع الصدى "الجماهير"؟ وهل المؤسسات تعير اهتمام لما يقوله الجمهور عنها أو يسمح له بتوصيل أرائه؟ إن الأغبياء في أغلب دول العالم يحترمون أنفسهم ويجلسون في المقاعد الخلفية!! فهل أغبياء السودان يجلسون في المقاعد الخلفية أم يتصدرون المقاعد الأمامية!!؟ ولرجع الصدي كل الحق في الرد والتعقيب علي ما ذكر.
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة