على حملة السلاح ان يعوا موقع دارفور من الاستثمارات الدولية
هل نجح معسكر (كنانة) في تهيئة اللاعبين لمعسكر (الدوحة)..؟
خالد ابواحمد [email protected]
عقد في السودان مؤخراً ملتقى مبادرة أهل السودان حول آفاق حلول النزاع المسلح في دارفور، وشارك في الملتقى ثلاثة وثلاثون حزباً سياسياً وممثلو عدد من الدول المجاورة وقادة المجتمع المدني والمنظمات المعنية بملف دارفور، وكما هو معروف قاطع الملتقى أكثر من عشرين تكتلاً مُعارضاً، وصفوا المبادرة بأنها غيبت القوى السياسية ومجتمعات دارفور والحركات المسلحة المعارضة.
لا أخفي على القارئ الكريم أنني كنت في قناعة بفشل هذا الملتقى وكلي تأكيد بأن الملتقى لن يحقق أي فائدة مرجوة منه في ايجاد سبيل لحل قضية دارفور التي فاقت القضية الفلسطينية في تداعياتها وافرازاتها، لكن متابعتي لما حدث هناك داخل جلسات الملتقى واللقاءات الجانبية بين الأطراف السياسية المختلفة من جانب والمؤتمر الوطني الحاكم من جانب آخر تأكد لي غير ما كنت أعتقد وأقول هذا القول متجرداً من معاداتي للنظام الحاكم هناك في الخرطوم.
نعم لم تشارك قوى سياسية ذات وزن ثقيل في الساحة السياسية، نعم لم تشارك الحركات المسلحة في الميدان، نعم لم يخرج الملتقى بتوصيات تلزم الحكومة بوقف اطلاق النار، كما لم تلزم التوصيات الحركات لمسلحة بوقف اطلاق النار، نعم أرادت الحكومة من عقدها الملتقى المزيد من المكاسب السياسية على المستوى المحلي والاقليمي والدولي.
لكن..!.
- من خلال متابعاتي من على البعد بواسطة عدد من الزملاء الصحافيين وممن أعرفهم شاركوا في هذا الملتقى أقول أن الحكومة استمعت ولأول مرة كلاماً لم تسمعه من قبل وناقشت ملفات لم تكن ترضى بمناقشتها إلا في الدوائر الضيقة جدا جداً.
- أبناء دارفور داخل الملتقى تحدثوا بشفافية ووضوح عن كل ما في جعبتهم من نقاط ومن رؤى وأفكار يرون أنها تساهم في حل المشكلة للأبد.
- الحكومة استمعت لأشخاص ولجهات ما كان تتاح لها الفرصة من قبل في مناقشة هكذا ملفات، وحديث بصدق وبدون أي مؤثرات سياسية وتنظيمية وعاطفية، وأعتقد جازماً أن الجانب الحكومي كان في حاجة ماسة لكي يستمع لصوت الضمير بهذا الوضوح وتلك الشفافية.
- تسنى للحكومة الاستماع لبعض رؤى ووجهات نظر الحركات المسلحة من داخل الموجودين في الملتقى وهذا بدوره نقطة ايجابية تجعل الحكومة تتهيأ للقاء الدوحة بمعرفة بعض أجندة الحركات المسلحة.
- الاطراف السياسية المختلفة التي شهدت وشاركت في هذا الحدث وجدت الفرصة لأول مرة في الجلوس مع من تختلف معهم في الرأي، الامر الذي يشير إلى أن الحكومة نجحت في إقامة هذا المعسكر في جعل النفوس تتآلف وتتصارح مع بعضها البعض قصدت الحكومة او لم تقصد أن المعسكر كان فرصة مؤاتية للاستماع لوجهات النظر المختلفة ولو على الصعيد الشخصي، كما أن قيادات الحكومة لأول مرة تجد اطرافاً لهم مشكلة متجمعين في مكان واحد.
وقديما تعلمنا من العمل التنظيمي الاسلامي عبر المعسكرات المقفولة أن نستمع لبعضنا البعض وان نعرف بعضنا أكثر فأكثر، فتلتحم أرواحنا، فضلاً عن الاستفادة من الفضاء الرحب في اطلاق العنان للتفكير والتأمل والتدبر في الحياة التي نعيش، ومناقشة الاجندة المطروحة بروح صافية ونفس هادئ ويقين تام بصلاح وسيلة التلاقي على نقاط تقربنا للهدف أكثر وأكثر.
وأخلص هنا إلى أن الملتقى كان بمثابة (معسكر) تمهيدي لـ (معسكر) الدوحة والذي تتحول كل الأنظار إليه والذي يتطلب من الحكومة والحركات المسلحة التحلي بروح المسئولية مع إمعان النظر في المآسي والكوارث التي حلت بإنسان دارفور وما يعانيه حالياً من مصاعب في كل مناحي الحياة.
كما أن الطرفين الحكومة والحركات المسلحة عليهم أن يدركوا غاية الادراك أن العالم كله بمؤسساته الدولية والاقليمية ينتظر من لقاء الدوحة وقف هذه الحرب والتشريد والتقتيل في أعظم بقاع السودان، ولانسان دارفور المعطاء الذي قدم للسودان ولتاريخ السودان الكثير، وعلى الاخوة في معسكر الحركات المسلحة أن يضعوا في حساباتهم أن الوصول إلى حل لوقف الحرب سيكتب لدارفور مُستقبلاً مُشرقاً مع حاجة العالم للغذاء ومكافحة الفقر، إذ أن دارفور بمناطقها المختلفة تمثل ثروة حيوانية لا توجد في أي مكان في المنطقة العربية والافريقية، وأن ثورة الاستثمارات العالمية في مجال الغذاء والتنمية والتقنية والتعليم ينبغي أن تكون حاضرة في مخيلة قادة الحركات المسلحة الذين هم من الكفاءات السودانية المتميزة، والذين يعول عليهم في فهم الاستراتجيات الاقتصادية الجديدة التي فرضتها الأزمة المالية العالمية.
وبامكان دارفور أن تلعب دوراً كبيراً في حل أزمة الغذاء العالمي الأمر الذي يخرج بإنسانها من دائرة الحروب والمجاعات المتتالية إلى رحاب المستقبل الواعد حيث ينتظر المنطقة استثمارات وتحولات مجتمعية قابلة للنجاح وفي أن ترسم أوضاعاً جديدة تزيل ما لحق بالنفوس من أحقاد بسبب المجازر التي حدثت في المنطقة.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة