ثورة التعليم العالي ومعالي الوزير
قرأت ما أوردته الأستاذة/ أماني إسماعيل علي لسان معالي وزير التعليم العـالي د. بيتر أدوك في صـحيفة الرأي العـام والذي أبان فيه حال التدهور المريع الذي وصل إليه مستوي التعليم العالي بالبلاد وقد أستحق معالي الوزير الشكر كل الشكر علي هذه الخـلاصة التي وضعت النقاط علي الحروف وأثبتت الحقيقة المرة التي لم تعد خــافية علي كل ذو بصيرة ، وكان واضحاً أن رأي معالي الوزير نتاجاً لدراسة شملت مؤسسات التعليم العالي علاوة علي جهات العمل , فجاء الرأي متكاملاً وأميناً مع النفس فلك مني معالي الوزير ألف شكر
وقد أوردت ألأستاذة أماني أن معالي د.عمر محمد توم ، الأمين العام لوزارة التعليم العالي ، يقول انه يختلف مع معالي الوزير في الرأي فشرح كيف أن الوزارة قد توسعت في التعليم العالي وكيف وفرت مقاعد لكل الأقاليم وانتهجت مبدأ العدالة في توزيع المقاعد بين الأقاليم وإنها قررت قبل عامين مبدأ التجويد في التعليم بعد أن أدت السياسات أهدافها بنشر التعليم العالي،
وفي الحقيقة لا أجد فيما ورد أي اختلاف للرأي بين الرجلين لان معالي الوزير يتحدث عن "الكيف" الأكاديمي في مستوي التعليم ود. عمر يتحدث عن "الكم" العددي في مؤسسات التعليم وإذا كان الأمر كذلك فكلاهما محق وللأسف انه عندما يؤكد د.عمر أننا قد توسعنا في هذا التعليم المتدني وعديم الفائدة نجد أن المصيبة أكبر وحق لنا أن نأسف علي أننا قد هدمنا مستقبل أجيال بتعليم بائر ليس من السهل أن نصلح من أكمل فيه المشوار حتى التخرج ، ولا أعتقد أن هنالك عاقلاً يتفق علي أن السياسة التعليمية قد أدت أهدافها بهذا التوسع "الكمي" والتدني "الكيفي" وإذا كانت أهداف الوزارة لا تهتم بالكيف طيلة هذه الفترة التي قاربت العشرين عاماً وما زالت في مرحلة إصدار اللوائح ، فقد حق لمعالي الوزير أن يطلق هذه الصيحة لكل غيور علي مستقبل هذه الأمة وحق لهذه الأمة أن تفخر بمثل د. بيتر الذي فضح هذا الجرم ولابد من المحاسبة ولابد من غربلة الوزارة من أدرانها
من المحزن جداً أن نجد أن فينا من يحاول أن يواري سوءات الآخرين علي حساب الجميع ، ومن أراد أن يعرف كيف أن هذا التدني في مستوي التعليم قد وصل مرحلة الجريمة فليسأل الخريجين أنفسهم كيف يجدون مقدراتهم في العمل ومن أراد أن يبكي فليسأل الخريجين الذين حاولوا الكسب من تعليمهم في الخارج ليعرف أنهم وجدوا أنفسهم في وحل من الجهالة وأنهم أقل مقدرات من أي خريج ثانوي من البلدان الأخرى.
من المعلوم أن من يريد أن يصحح مساره عليه أولا أن يعرف انه في الطريق الخطأ وإذا كان هنالك من لا يعرف أنه قد حاد عن الجادة أو من يريد أن يكابر خوفاً علي منصب أو هرباً من تحمل المسئولية فلا مجال للمجاملات علي مصلحة الوطن فإن الضرر قد بان في أهم مرفق من مرافق الدولة ونتمنى من معالي الوزير أن يكمل مشواره بتصحيح الوضع ومن الطبيعي أن يكون ذلك بوضع خبراء يؤمنون بالفكرة أولاً ولهم الدراية بهذا المجال حتى لو احتاج الأمر لجلب خبراء من الخارج فليكن ذلك علي جناح السرعة وكل يوم يمر هو علي حساب الأجيال
وفي الحقيقة التعليم هو سلسلة مرتبطة تبدأ من الابتدائية وحتى التخرج ولابد للإصلاح من أن يشمل جميع المراحل ولابد للغة الإنجليزية من أن تأخذ مكانها الصحيح بدأًً من المرحلة الابتدائية فهي لغة العالم ومن أراد لأمته مكانة لابد من أن يعطي أهمية قصوى لهذه اللغة , إن التعريب في المناهج العلمية كان بداية الانحراف مما يستدعي وقفه واستبدال المناهج بمناهج تواكب النهضة العلمية التي يشهدها العالم اليوم والتي لا مجال فيها للتعريب ولا يعنى ذلك انتقاصا من قيمة اللغة العربية فقد كان علماؤنا الأجلاء مثل الدكتور الراحل عبد الله الطيب يمتلك ناصية اللغتين وما زادته معرفته إلا كمالاً ولا أري السبب الذي يستند عليه من يتمسك بنهج التعريب إلا انتقاصا من مقدرات الأبناء وبواراً للخريجين كأن الأمر مؤامرة علي هذا البلد الذي كان يأخذ خريجيه مكانة مرموقة في العالم العربي بسبب امتلاكهم مقدرات طيبة في اللغة الإنجليزية مكنتهم من التواصل مع جميع الشعوب
وإذا قلنا أن مرتكزات النهضة للبلد هي التعليم والصحة والعدل فإننا نتمنى من وزراء الصحة والعدل أن ينهجوا هذا النهج التصحيحي الذي بدأه معالي وزير التعليم العالي ونتمنى من وزيرة الصحة أن تبين مواطن الخلل في المستشفيات ومحاسبة كل الذين يستهترون بأرواح الناس حتى لو أستدعي الوضع التعاقد مع أطباء من الخارج فكفي المتاجرة بهذه المهنة الإنسانية التي أصبحت معبراً للكسب المادي بدون أي اعتبار لأخلاق المهنة ولابد لانضباط الأخصائيين بالتواجد عند الحاجة علي مدار الساعة ولابد من كسر احتكارية المهنة والسماح للأطباء من الدول الآسيوية بالعمل بدلاً من استجلاب الخدم والعمال للعمل في مهن هامشية لا حاجة لها
ونتمنى أيضا من معالي وزير العدل أن يفتح بابه ليسمع كيف أن قضايا الناس تبقي بالشهور للبت فيها فلا أحد يستطيع أن يتحدث مع القضاة ولا مسئول يحاسبهم ، إن المسئولية يا معالي الوزير تستدعي أن تطوفوا علي المحاكم لتعرفوا ما يجري للغلابة أدعوك من هذا المنبر أن تذهب يوماً إلا مجمع المحاكم بالخرطوم جنوب أو غيرها لتري بأم عينك التسويف والتأخير والمجاملات في قضايا الناس بأعذار واهية مثل كثرة الشغل ، بالطبع إن من يريد أن يكدس القضايا ما عليه إلا أن يرفع الجلسات ليوم واحد فتتراكم القضايا بالشهور فلا رئيس القضاء يعرف ولا وزير العدل يريد أن يعرف ولا ضمير للقضاة لرفع معاناة الناس والأمر يا سيدي يحتاج لثورة بدأها د.بيتر ونتمنى أن تكملوها وفق الله الجميع لما فيه خير هذه الأمة
يوسف علي النور حسن
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة