رئيس حركة تحرير السودان يصبح محط أنظار الكثيرين في الوقت الذي يصاب فيه رئيس جمهورية السودان بالهلع و الذعر.
بقلم / إستيف باترينو- من صحيفة سودان تريبيون الإكترونية ترجمة- حجرين جاموس
لا أحد يدري كيف تمت المصادفة ؛ هل بواسطة إبتكاراته الذكية و المتعددة أو هو الحظ المطلق أم إلتقاء الأثنين معاً ؟ ففي الوقت الذي كان فيه لويس مورينو يقدم طلب الأدعاء بإعتقال الرئيس السوداني عمر البشير ؛ لقيامه بعمليات التطهير العرقي و لإرتكابه جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية في دارفور ؛ كان رئيس حركة تحرير السودان السيد/ عبدالواحد محمد نور في الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن دي سي يتفاكر معهم ( المسئولين الأمريكين) في كيفية إيجاد حل لقضية دارفور ؛ و ما أسعدها من لحظة و وقت لبروز حركته و قيادته مجدداُ نشاطه على الصعيد القومي و الدولي.
و من السابق لأوانه التكهن بعد ؛ هل هو الحظ أم التعاسة فقد ولد السيد / عبدالواحد محمد احمد النور بمدينة صغيرة غربي السودان يسمى زالنجي سنة 1968 ؛ و الذي نشأ و ترعرع فيها لا يعرف عالماً أبعد من محيط مدينته الصغيرة . و في سنة 1983 و هو صبي أصيب بعلة في رئته ؛ نقل على أثرها إلى العاصمة الخرطوم و لأول مرة لتلقي العلاج و سرعان ما كانت الرحلة نقطة التحول في حياته ؛ فقد لاحظ من خلالها الفوارق الطبقية و الإجتماعية و العمرانية بين العاصمة الفاتنة الخرطوم و إقليم دارفور الذي يسوده البؤس والفقر و الشقاء و التهميش و إهمال تام للبنية التحتية و الخدمات و لم يكف جل إهتمام القائد الثوري المرض فحسب ؛ بل أصبح يفكر كثيراً عن أسباب الفوارق و التباينات بين العاصمة و دارفور و بدأ يدب فيه الوعي السياسي و من ثم التفكير في المشكلة و المسببات و هو التهميش السياسي في السودان ؛ و لحسن حظه وجود حركة الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق مما ساعد كثيراً في إتساع أفق أماله و تطلعاته ليصبح أخيراً معجباً بشخصية الدكتور جون قرنق ؛ و أطروحاته السياسية لبناء سودان جديد ديمقراطي و علماني . و عندما كان يدرس السيد / عبدالواحد القانون في جامعة الخرطوم في سنة 1992 وجد شبان و رفاق يشاطرونه نفس الرؤى و الأفكار و بنفس الهمة و العزيمة لتحقيق أحلامه فأسس حركة تحرير السودان بهدف وقف قتل المواطنين الأبرياء في دارفور أولاً ؛ والذي كان يمارسه حكومة الجبهة الأسلامية الدكتاتورية عندما إستولت على السلطة في الخرطوم وقتها قبل ثلاثة سنوات و من ثم العمل بطرق سلمية لبناء سودان جديد قائم على أسس المواطنة و المساواة في الحقوق و الواجبات . و لكن للأسف لم يصغي حكومة الجبهة الأسلامية لذلك الطلب و تواصل قتل الأبرياء في دارفور و بوتيرة أشد و أعنف من ذي قبل ؛ و في سنة 2001 لم يبقي لحركة تحرير السودان خيار سوى اللجوء إلى النضال المسلح لمقاومة العنف المتنامي في دارفور و الدفاع عن المواطنين . و عندما قامت الحركة بأولى عملياتها ضد حكومة الخرطوم في دارفور أصبح الأقليم محط أنظار الجميع ؛ نتيجة لذلك و بدلاً من أن تقوم حكومة الخرطوم بمحاربة المتمردين أطلق النظام سياسة الأرض المحروقة في دارفور ضد المواطنين مما أدى إلى قتل أكثر من نصف مليون شخص و تشريد الملايين الأبرياء و نهب جميع الممتلكات ؛ الأمر الذي دفع الأمم المتحدة بوصف الحال في دارفور بأنها ( أسوأ كارثة أنسانية في العالم) ووصفتها حكومة الولايات المتحدة من بين حكومات أخرى ( بتطهير عرقي) و بموجب ذلك تم إحالة ملف دارفور غلى مجلس الأمن و أصدر المجلس قرارات عدة بشأن دارفور ؛ أخيرها قرار محمكة الجنايات الدولية بإتهام مسئولى الخرطوم بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور ؛ وعلى رأسهم الرئيس السوداني عمر البشير.
جرت محاولات و بذل جهود عدة لوقف العنف و تحقيق السلام في دارفور و لكنها باتت كلها بالفشل مثل إتفاقية سلام دارفور و التي تم توقيعها في مايو 2006 بأبوجا بين حكومة السودان ممثلة في المؤتمر الوطني و حركة تحرير السودان فصيل مني مناوي .
و بناءاً على تقرير مجموعة الأزمات الدولية – منظمة دولية لدرء الكوارث و الحروب – فشل إتفاقية سلام دارفور لتحقيق الأمن و السلم بل زاد الوضع تعقيداً لضيق نطاق توقيع الإتفاقية إذ كان الموقع هو فصيل واحد فقط و كما أن الفصيل الموقع مني مناوي لم يحظى بشعبية تذكر في دارفور . كما ان الطرفان الموقعان كانا مسئولان عن الهجوم على المواطنين و عمال الإغاثة العاملين في دارفور و بعض من قوات الأتحاد الإفريقي.
و عندما رفض عبدالواحد النور التوقيع على إتفاقية أبوجا لنقاط ضعفه و عدم تحقيقه للحد الادني لمطالب أهل دارفور أعتقد الكثيرون و خاصة الذين فصّلوا الاتفاقية( مهندسي الاتفاقية) بأن عبدالواحد سوف يتم تجاهله الأمر الذي دفع قادة من حركته ينشقون عنه لأعتقادهم بأنه سوف يعزل من محيط قضية أهله في دارفور للأبد و لكن أثبت الأيام بأنهم كانوا مخطئون في ذلك.
ذهب عبدالواحد النور إلى أوربا حاملاً معه قضية أهله في دارفور بعزيمة أقوى من قبل مدافعاً عن مطالبه العادله في الساحة الدولية أولها الأمن و من ثم الحقوق السياسية و تردد في وسائل الإعلام كثيراً بأنه سوف يطرد من أوربا و لم يتم ذلك بل أصبح مصدر إهتمام في اوربا ذو شعبية واسعة و الان يتجول في الولايات المتحدة للتباحث حول قضية دارفور ؛ أما عن شعبيته وسط أهل دارفور فحدث و لا حرج و خاصة وسط النازحين و اللاجئين في تنامي مستمر ولا أحد ينافسه فيه ؛ فالحكومات مثل الحكومة الأمريكية و بعض الحكومات الغربية يرون فيه القائد البديل لحكم السودان و لربما لذلك الأمر الذي جعل من الحكومة الأمريكية يتفاكر معه في وقت إعلان محمكة الجنايات الدولية عن طلب إعتقال البشير.
لقد أثبت عبدالواحد النور للجميع بأنه ليس لعبة ( دمية) في يد أي من الحكومات الأجنبية على الرغم من أنه يقدر و يثمن كثيراً الدور و الدعم الذي قدمه و ظل يقدمه تلك الحكومات لدارفور و هو القائد المؤمن بأهدافه و مبادئه الذي ظل ينشده و لا يساوم في ذلك أبداً و خاصةً فيما يتعلق بأمن المواطن في دارفور و بناء السودان الجديد ؛ فثبات مبادئه دفع الدول الغربية أن يطلقوا عليه لقب السيد ( لا ) ( مستر نو) و ذلك لعدم قبوله لأي مساومة.
ويرجح السيد عبد الواحد نجاح حركته على عوامل كثيرة من بينها الوعيى السياسي المتأصل بين أهل دارفور مما سهل عملية ربط القيادة السياسية و العسكرية و المجتمع المدني و تنظيمات الطلاب و المهنيين و المرأة و غيرها من القطاعات المختلفة.
و يعتقد عبدالواحد النور بأن المنشقين من الحركة سوف يعودون إليها و في خلال جولته في الولايات المتحدة ظل يناشد جميع السودانين عامة بالوحدة و خاصة القوى السياسية لبناء سودان علماني – سودان المساواة في الحقوق و الواجبات و الذي سوف يعمل بكل همة و عزيمة لتحقيقها و توصيلها حتى للذين لا يؤمنون بها.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة