|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
الاوضاع الانسانية.. الملف المنسي في اتفاقية الشرق
تقرير: انور عوض
الاوضاع الانسانية.. الجزم بخروج شرق السودان من ثالوث (الفقر والمرض والجهل) يعد مشكلة معقدة تشبه الى حد كبير التعقيدات التي تواجه الاقليم قبل وبعد اتفاقية سلام الشرق.. ومع ان رئيس الجمهورية افتتح عددا من المشروعات التنموية بولاية البحر الاحمر لدى زيارته لها مؤخرا الا انه اشار الى تحدي الفقر الماثل.. وبقراءة مصاحبة لمشروع (النهضة الزراعية) بالولاية يتضح ان الوضع الانساني بالشرق يتطلب قراءة من اكثر من زاوية سيما ان كل طرف من الاطراف ذات الصلة ينظر لواقع الشرق من الزاوية التي تليه عدا المواطن، وبالعودة للقضية لمربع التباين فإن هناك مايستدعي القلق، فمساعد رئيس الجمهورية موسى محمد احمد مثلا اوردت احدى الصحف على لسانه مؤخرا: (ظل انسان شرق السودان يعاني من الفقر والمرض والجهل ، وكان دائما عرضة لدورات متتابعة ومنتظمة من الجفاف والتصحر والمجاعات والفجوات الغذائية والامراض) ، ونبه موسى الذي تحدث امام سفراء الدول الغربية والعربية وممثلين للاتحاد الاوروبي ومنظمات دولية الى ان متوسط دخل الفرد فى معظم مناطق شرق السودان أقل من دولار واحد في اليوم وهو مايعادل اثنين جنيه سوداني.
النبرة الغارقة في الاسي التي ظهرت في مفردات موسى ظهر جزء كبير منها في مادة صحافية بدأت بسؤال وانتهت به (كسلا .. بورتسودان .. القضارف .. أقاليم أهلكها الجوع والجهل.. مطامح السياسة ومطامع الثروة) وهذا هو العنوان الذي اختاره الصحفي نصير المقامسي من صحيفة عكاظ السعودية عنوانا لتغطية صحافية له خاصة بشرق السودان ضمن اربع حلقات من سلسة عنونها (السودان الى اين )، غير ان محمد طاهر ايلا والي البحر الاحمر اتجه الى وجهة اخرى يفصل بينها وشبح المجاعة بون شاسع وقال ايلا في تصريحات مؤخرا: إن ولايته تنفذ مشروعات تنموية تستهدف البنية التحتية وانشاء قرى نموذجية جديدة وموانئ جديدة ، وكشف اتجاه حكومته لتوفير الخدمات في الريف،و قال ان ولايته موعودة بمستقبل كبير ومن الجهة الاخرى وفي بورتسودان نفسها - اكبر مدن الشرق- يصف ناشطون التنمية التي يقودها ايلا بعدم الجدوى وانها لاتوفر وجبة للفقراء او وظيفة للعاطلين، وقال لي الناشط البيجاوي جعفر بامكار وانا اسأله عن التنمية التي تشهدها عاصمة البحر الاحمر قبل اسابيع: ان الصورة تكاد تكون مقلوبة حيث يرى ان مشروعات التنمية اهملت التنمية البشرية وقضايا التعليم والصحة وفتح فرص العمل والتدريب للشباب وقال: (المفارقات عديدة هنا، الولاية غنية جدا بينما المواطن يقتله الفقر) ويقول بامكار ان المال ينفق في تفاصيل لاتمس احتياجات الناس وان الاولوية يجب ان تكون للمياه والتنمية البشرية ويضيف (صحيح هناك طرق جديدة ورصف للكورنيش ولكن هذا العمل لاعلاقة له بالمرة بالواقع هنا وحجم المشاكل التي تواجه المواطن كل صباح وأكمل بقوله: (الواقع بالولاية يفضح كل شئ و المسح الغذائي يقول الكثير - وتابع - طوابير العطالة موجودة في كل مكان، ايرادات ضخمة تصب للمصلحة القومية ونحن في الولاية نتفرج عليها فقط).
وباختصار يرى بامكار ان اوضاع مواطني الولاية تدلل على اتساع دائرة الفقر (الحقيقة .. هي الفقر بينما مظاهر تنمية الترف لا تغيب عن العين هنا) ويقر جعفر بامكار بان هناك اموالا قد صرفت في تشييد الطرق بشكل جيد ولكنها اي الطرق عديمة الفائدة المباشرة للفقراء ولاتوفر لهم وجبة، وان الاسفلت لا يوفر للمرضى الفقراء قيمة الدواء على حد تعبيره مبديا تساؤله حول تركيز المشروعات بعاصمة الولاية دون اهتمام بالريف.
وفي الخرطوم مال النائب البرلماني محمد طاهر اوكير نحو التشاؤم تجاه المنتظر من صندوق اعمار الشرق وقال: (لا نتوقع الكثير من صندوق الاعمار لحكوميته وزياراته الانتقائية التي شملها برنامج الزيارات الميدانية الاخيرة) وقال انها لم تشمل المناطق المتأثرة بالجفاف - واضاف - (ومما يزيد من القلق ان المشروعات الزراعية في كل من دلتا طوكر و مشروع القاش يعتبران في غرفة الانعاش والمشروعان يمثلان اكبر المساحات الزراعية بولايتي البحر الاحمر وكسلا) ويتوقع اوكير ان تشهد المنطقة مجاعة - واكمل مبتسما (حكوميا تسمى بالفجوة الغذائية..!!) وقال ان الحكومة كعادتها لن تنتبه للامر الا متأخره مما سيزيد من عدد المتضررين من هذه السياسات غير المتوازنة .ويذهب نائب البرلمان محمد طاهر اوكير الى ان المؤسسات الاقتصادية الضخمة بالشرق تهتم بقوميتها ولا تلتفت الى دعم مواطني المنطقة ويستثنى اوكير فقط هيئة الموانيء البحرية، وفي مارس الماضي وبعد جوله له بمدن وقرى الشرق نبه موسى محمد احمد رئيس جبهة الشرق الى اهمية الاهتمام بالملف الانساني واعتبر صندوق الاعمار لوحده لن ينجح في حل المشكلة واكد موسى ان زيارته كشفت عن سوء وتدهور الاوضاع الانسانية بالشرق رغم جهود الدوله لتخفيفها داعيا الى معالجة فورية من الحكومة بوضع خطة اسعافية بمشاركة المجتمع الدولي والمجتمع المدني المحلي، وبالعودة لما دار يومها عبّر مسؤول الشئون الانسانية بالجبهة عصمت علي ابراهيم عن عدم رضي الجبهة عن ما تم في الملف الانساني مقارنة بغيره من ملفات اتفاقية الشرق ، و لم يحمل عصمت الحكومة الحالية مسئولية تدهور الاوضاع الانسانية بالشرق ولكنه وجه نداء للمنظمات الدولية والاقليمية لتلافي الوضع قبل بلوغه مرحلة الخطر ، ملمحا الى تحميلها نوعا من القصورمبررا ذلك بأنه جراء التعقيدات الحكومية التي تواجه المنظمات بشرق السودان - واضاف - (شبح المجاعة سيعود لشرق السودان اذا لم يتم تدارك الامر بمعالجة اوضاع المشاريع الزراعية بالاقليم بجانب سرعة تنفيذ برامج نزع الالغام التي تحول بين المزارعين وممارسة نشاطهم الزراعي) وذهب مسئول الشئون الانسانية والمدير التنفيذي لمنظمة البجا للاعمار والتنمية في ذات الوقت الى ان الشرق يضم نصف مليون نازح وفقا لتقارير حكومية وتقارير الامم المتحدة واشار الى ان شريحة النازحين عانت من الاهمال طوال العامين الماضيين مما دفع النازحين للجوء لاطراف المدن حيث بلغت الاحياء التي سكنوها حول بورتسودان وحدها اربعة عشر حيا كاملة ودلف يومها المسئول الانساني بجبهة الشرق الى نواحي صحية تهدد حياة المواطنين وقال ان (19 %) من الاطفال بالاقليم يعانون من سوء التغذية مطالبا الحكومة بضرورة ضمان عودة النازحين واللاجئين وتوفير الخدمات الاساسية لهم - واضاف - (نحن لا نستدر عطف احد ولكن الواقع على الارض يستدعي خطة اسعافية من الحكومة في الشأن الانساني بمساندة المنظمات الدولية)، بعض القيادات الحزبية التي شاركت في التنوير مثل د. ابراهيم الامين عن حزب الامة القومي دعا الى ضرورة تكوين لجنة قومية لمساعدة الشرق، ومن جهته اعتبر عثمان شيبة من منظمة اليونسيف ان اوضاع الشرق تتطلب الاستجابة الهيكلية داعيا الى انشاء صناديق فاعلة للضمان الاجتماعي بهدف المساهمة في تخفيف آثار سياسة التحرير الاجتماعي بشرق السودان.
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع