بعد إفتتاح مقره
الجيش الشعبي..إستعد..إنتباه !!
تقرير:خالد البلولة إزيرق
على ضفاف النيل بمنطقة رامشيلد، وبعيداً عن جوبا وضوضائها، إحتفلت الحركة الشعبية بإفتتاح مبنى الرئاسة الإنتقالية للجيش الشعبي، في وقت لم يمض فيه شهر على إكمال القوات المسلحة إنسحابها من الجنوب خلال يناير الجاري.
إحتفالية رامشيلد بالمقر الرئاسي للشعبي تعد بداية عهد جديد لجيش الجنوب الذي ربما يصبح مسؤولاً عن دولة الجنوب، حال وقوع الإنفصال أو يشكل نواة جديدة للقوات المسلحة إذا قدر للوحدة ان تكون خياراً جنوبياً بعد ثلاث سنوات.
ويشكل مبنى الرئاسة الإنتقالية العامة لـ «الجيش الشعبي» رمزية ربما يؤرخ بها لبداية عهد جديد لجيش الجنوب إذا قدر له ان يكون دولة، كما انها قد تتعدى منظورها القريب الى ما ورائها، خاصة وأنها تمت بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة اليد الطولى في دعم الحركة الشعبية وجيشها الشعبي. وفوق هذا وذاك إتفاق السلام الشامل.
وينظر مراقبون للدعم الأمريكي لإنشاء المبنى بشىء من الريبة في ظل العلاقة المتنامية بين الجانبين، التي أخذت الطابع الرسمي بعد السلام في ميادين مختلفة، دفعت بالحركة ممثلة في حكومة جنوب السودان بالتعاقد مع شركة «بلاك ووتر» الامريكية بغرض تدريب وتحديث جيشها ليصبح كما قيل «جيشاً نظامياً» على طراز حديث. وتسعى «بلاك ووتر» على نحو تدريجي لتوسيع انشطتها لتصبح تقريباً الشركة الاوفر حظاً في الحصول على تعاقدات مع البنتاجون لانجاز مهام «خاصة» وفاقت تعاقداتها عشرات المليارات من الدولارت ومن بين إنجازاتها قواعد عسكرية عديدة لصالح وزارة الدفاع الامريكية وعملت في كل من افغانستان والصومال والعراق حيث اوكلت لها رسمياً مهام قتالية عديدة.
وقد أعتبرت مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية جنداي فريزر الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لمبنى رئاسة الجيش الشعبي، في تصريح صحفي بأنه «تقدم في سبيل تحويل الجيش الشعبي لقوة محترفة، وان بلادها «محظوظة» لمشاركتها في هذا العمل، بإعتباره رمزا للشراكة القائمة بين شعب الجنوب والولايات المتحدة الاميركية، وتبرهن على إلتزام واشنطن بتنفيذ اتفاق السلام».
وهو دعم بحسب مراقبين لم يكن مقتصراً على الجوانب الفنية واللوجستية وإنما يتعداها الى قدرات قتالية وتدريبية عالية بتمويل كبير، وهو ما نفاه وزير الشرطة والأمن في حكومة الجنوب بول ميوم في تصريحات صحفية بقوله «إن الدعم الاميركي يشمل جوانب غير قتالية ولا يتضمن تسليح جيش الحركة، ويتمثل في التأهيل والتدريب العادي بجانب تأهيل المباني، وأضاف «هو دعم بأي شيء عدا السلاح».
وكان الفريق محمد بشير سليمان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الأسبق، قد أرجع الدعم الأمريكي للجيش الشعبي، في منبر «الرأى العام» مطلع نوفمبر الماضي، الى صراع المصالح الذي تديره الولايات المتحدة ضد الصين بشأن البترول بقوله «إن العلاقات السودانية الصينية واحدة من مهددات الأمن القومي السوداني، ويحتاج لمعالجة من الصينيين قبل السودانيين، لأن مصالح الصين في السودان أدت الى صراع قوى أخرى كانت لها رؤى ومطامع في السودان خاصة «أمريكا»، لأن أمريكا التي لا تريد للسودان أن يكون قوياً تدعم قوات الجيش الشعبي، ما يتطلب من الصين موقفاً اقوى تجاه الأمن القومي السوداني».
ويبدو أن خيار المضي قدماً في تأهيل الجيش الشعبي وجعله على طراز الجيوش المتقدمة عسكرياً، والذي ظل هما لقيادات الحركة الشعبية منذ توقيع إتفاقية نيفاشا، قد قطع شوطاً بعيداً من واقع إهتمام حكومة الجنوب به، ربما لقراءات وسيناريوهات تتجاوز دوره المرسوم له في الإتفاقية من قبل قيادات الحركة الى وضع ربما يكون فيه جيش دولة، وكانت خطوات تأهيل جيش الحركة قد أشار إليها الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم في مناظرته الصحفية مع الدرديري محمد أحمد بقوله «إن قدرات الجيش الشعبي الآن إرتفعت خلال العامين الماضيين أكثرمن مائة مرة».
وهو تأهيل تنتقده قيادات الدولة والمؤتمر الوطني بإعتباره خرقاً لاتفاقية السلام التي تنص على أن قوات الحركة الشعبية غير مسموح لها بتطوير القدرات القتالية الا بعد موافقة مجلس الدفاع المشترك وتحت رقابة وتنسيق الأمم المتحدة، وعليها أن تخطر مجلس الدفاع المشترك بأى طلب لإعادة تسليح الحركة، الأمر الذي جعل بعض المراقبين يشيرون الى ان اي تسليح لقوات الحركة من وراء ظهر مجلس الدفاع المشترك، هو خرق صريح للإتفاقية.
ويأتي الإحتفاء بتدشين مبني رئاسة جيش الحركة كرمزية تتيح له طرح نفسه كقوة نظامية رسمية لجنوب السودان، ويوفر له فرصاً أوسع للتحرك بإتجاه التأهيل والتدريب بشكل أفضل، في ظل الرفض الذي تبديه قيادات الحركة الشعبية لمناهضة محاولات حظر التسليح على الجيش الشعبي، وتذهب هذه القيادات الى انه لم ينص في الإتفاقيه على تمويل الجيش الشعبي، لأنها قصرت التمويل للقوات المسلحة والقوات المشتركة فقط من موازنة الدولة، لكنها في ذات الوقت كفلت للحركة الشعبية البحث عن مساعدات خارجية لدعم جيشها، وهو ما دفع نائب رئيس المجلس الوطني أتيم قرنق عندما سئل عن شرعية تعاقد حكومة الجنوب مع شركة «بلاك ووتر» أن رد بقوله إنهم «سيستعينون بالشيطان لو دعا الأمر لتدريب جيش الحركة».
ويري مراقبون أن التخوف من محاولات حكومة الجنوب لتأهيل الجيش الشعبي ليس له ما يبرره لإعتبارات عدة، منها أن ما يرد من أرقام مالية للمساعدات العسكرية تذهب في شكل عطاءات لشركات أمريكية لتنفيذ بعض المشاريع سواء في التدريب أو التأهيل، ثانياً: أن الإدارة الأمريكية لن تكون على إستعداد لبناء جيش قوي مسلح في الجنوب ربما يشكل تهديداً لحلفاء إستراتيجيين لها مثل يوغندا وكينيا في وقت لم تتضح فيه هوية الجنوب بعد.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة