زمن العنج - زمن البجا
بقلم جعفر بامكار محمد
باحث في تراث وتاريخ البجا
مقدمة :
قبل اكثر من سبع سنوات تقريبا زارني بالمنزل صديقي عبد القادر ابو علي وهو الان نائب مدير هيئة الموانئ البحرية وهو من ابناء البجا وذكر لي انه كان في الصين في الفترة الاخيرة في زيارة عمل وصادف هناك سودانيا اسمه احمد المعتصم الشيخ وان هذا السوداني عندما علم انه من البجا اهداه مسودة كتاب اسمه (زمن العنج) وانه اي عبد القادر قد اطلع على هذه المسودة واهداها لي لعلمه باهتمامي وولعي بالتاريخ القديم والتراث وخصوصا تاريخ وتراث البجا القديم . منذ ذلك الوقت اطلعت على هذه المسودة اكثر من مرة واستفدت منها كثيرا و عملت عليها بعض الملاحظات وكنت امل ان اتصل بصاحب الكتاب او على الاقل ان اطلع على كتابه عند صدوره ولكن كتابه لم يصدر حتى الان لاسباب اجهلها . لقد قابلت صاحب الكتاب لمرة واحدة فقط صدفة بدار الدراسات الاضافية بجامعة الخرطوم وهو في عجلة من امره وانا ايضا في عجلة من امري ولم تستغرق مقابلتنا اكثر من عشرة دقائق وكان ذلك قبل سنوات ولم اقابله مرة اخرى ولا ادري اين هو الان – لقد وصلني كتابه قبل سبع سنوات ومن اقصى الارض من الصين وصاحب الكتاب لم التقيه في حياتي غير عشرة دقائق . اقدار عجيبة !
على كل حال ارجو ان يعذرني صاحب الكتاب ان استعرض بعض افكاره التي اعجبتني واعلق عليها واشرك معي القراء وأقدم له عذري واسفي له مقدما ان لم يرضه ذلك فانا لا اعرف له عنوانا لاستأذنه . كذلك فان المقتطفات التي سوف اختارها من مسودة كتابه تستحق التوقف عندها والتمعن والتفكر فيما ورد بها فهي في معظمها افكار اصيلة واستنتاجات وافتراضات لم يسبقه اليها احد على حسب علمي وامل ان تكون مفيدة للقراء كما انني وفي حلقة قادمة سوف اعقب على بعض ما اورده الكاتب في شكل ملاحظات تتفق فيما ذهب اليه الكاتب وقد تختلف معه احيانا وعلى كل حال فالكتاب جيد ويستحق النشر واتمنى لمؤلفه كل نجاح وتوفيق .
المقتطفات من مسودة كتاب (زمن العنج) :
(تحاول هذه الدراسة البحث في مسألة الالفنج الذين يرد ذكرهم بصورة متكررة في التراث الشفاهي والمخطوطات الوطنية التي تؤرخ لنهاية مملكة علوة وظهور الفونج . والاشارة للعنج تصورهم في الفترة المسيحية المتاخرة بعد سقوط دنقلا واسلامها في النصف الاول من القرن الرابع عشر الميلادي وقبل ظهور دولة الفونج في اوائل القرن السادس عشر الميلادي (لقد لخص محمد عوض محمد -1951 – ان العنج من الاسماء القليلة في تاريخ السودان التي لا يكاد يعرف بها مسمى وانما وصل الينا هذا الاسم نتيجة لسؤال السكان وهم عادة من العرب عن من كان قبلهم في البلاد وممن ورثوا الحكم فيها فيكون ردهم بانهم قد استولوا على البلاد من العنج وان هذا التواتر من جهات متعددة يحمل على الظن بل على اليقين ان امر الفنج ليس حديث خرافة او اسطورة بل لابد انه كان يطلق على شعب قديم خضع بالتدريج للنفوذ المفروض بواسطة المهاجرين المتأخرين نسبيا) .
(ان الانج او العنج شعب قديم واسع الانتشار وبعد سقوط سوبا عاصمة دولة علوة المسيحية اول القرن السادس عشر الميلادي اطلق على الانج اسم القدماء او السابقين للفونج) .
(يرى ماكمايكل ان السكان القدماء لسوبا وجزيرة مروي – البطانة – وشمال كردفان مازال يقال عنهم عنج) .
(تطلق كلمة عنج على سكان مملكة علوة عامة وملوك سوبا خاصة وهو ما تؤكده المخطوطات الوطنية) .
(يدلنا التراث المجموع من منطقة النوبة على عدم وجود تراث العنج بتلك المنطقة)
(بدأ تراث العنج في الظهور بكثافة في منطقة الشلال الرابع والخامس ويشير جاكسون ان السكان في المنطقة يرجعون بعض المقابر الاثرية لفترة العنج )
تراث العنج موجود جنوب الشلال الخامس وحتى العبيدية وكذلك هناك اشارات للعنج في ارتولي والباوقة وكذلك في ابي حراز المقابلة لبربر وكذلك في الدامر )
(يقال ان بعض اجداد الفروع الرئيسية للجعليين مثل نافع ونفيع امهم عنجاوية أي بجاوية وكذلك نجد اشارات تراث العنج في شندي وما جاورها ويوجد تراث مكثف عن العنج في الاودية الداخلية والابار بالمنطقة الشرقية لمنطقة الجعليين وفي وادي الكربكان وقد رصدت روايات عن العنج في منطقة الشلال السادس وفي غرب المنطقة في المتمة وما جاورها . وفي منطقة شرق النيل ونجد اشارات للعنج عند البطاحين كما اشار ماكمايكل لرواية عمدة البطاحين . وكذلك يشير تراث البطاحين الذي تم جمعه الى انهم سكنوا المنطقة من عند شندي لغاية ابودليق في زمن العنج . وللشكرية الدور الكبير في انهم هم الذين كتلوا العنج وملكوا البلد – البطانة – ويورد ماكمايكل ان الشكرية حدثوه عن معارك غامضة مع العنج سكان جبل قيلي . وتذكر الروايات ان الكواهلة من اوائل من جاءوا للحلفاية من قبائل العرب ولم يحدوا سوى بعض العنج) .
0كذلك كان هناك وجود للعنج في سوبا وما جاورها وفي العيلفون وفي كترانج ومنطقة اربجي ومنطقة المناقل ومنطقة الجموعية شمال النيل الابيض وكذلك بغرب النيل بوادي المقدم وبغرب ام درمان ومنطقة الكبابيش) .
(في الجزء الشرقي في البطانة نجد مسمى العنج يختفي ليحل محله اسم (البلو) والذي يشير لنفس فترة العنج في المنطقة الوسطى ونجد ان البلو يظهر في تراث المرغوماب ليحل محل العنج في تراث القبائل المجاورة لهم كالشكرية والبطاحين وكلما اتجهنا شرقا وعند القبائل البجاوية عموما نجد ان لفظ البلو يصبح البديل للفظ العنج )
(ان اسم حلنقة وهي قبيلة بجاوية تسكن بمنطقة كسلا قد يكون اسمها ذو صلة باسم فنج حيث جاء في تراث البجا ان القسم الجنوبي من الحلنقة الذي استقر في بلاد الاحباش كانوا دائما يحملون سوطا وبسبب ذلك سماهم الاحباش (ALANGA) والتي تعني السوط في اللغة الامهرية ومن الملفت للانتباه ان الحلنقة الحاليين احتفظوا للسوط بمكانة عندهم كاهم رموز السلطة في طقوسهم عند الزواج والختان حيث يقدمون للصبي عند الختان وبطريقة طقوسية سوطا وسيفا وكلمة (الانجا) الامهرية قد تكون هي نفس كلمة (الانج) التي وردت بهذا الاسم عند المؤرخين العرب وقد اشتهر (الانج) او (العنج) ايضا بالسوط وينسب اليهم (سوط العنج) فالعبدلاب الذين يقال انهم ورثوا عن العنج السلطة شارات السلطة احتفظوا للسوط بمكانة خاصة عندهم كاهم علامة في طقوسهم عند الختان والزواج ويشير تراثهم انه في اليوم الاربعين حيث زيارة النهر والاولياء لا بد من غطاء الراس وحمل السوط والسيف ومازال سوط العنج من اهم الرموز في عملية الجرتق في الختان والزواج في منطقة النيل الاوسط عند الجعليين والميرفاب والرباطاب والمناصير ) .
من خلال إشارات المؤرخين العرب للانج نجد ان هؤلاء الانج قد اصبح لهم كيان سياسي حوالي عام 1286م في منطقة البجا الجنوبية وقد اطلق على حاكم المنطقة صاحب الانج)
ان تراث البجا يفيد بان نفوذ الحلنقة في الزمن السابق قد امتد في وقت من الاوقات حتى سواكن ومصوع وامتدت حدودهم الغربية على نهر اتبرا ويقول عنهم اوين ان لابد ان يكونوا قبيلة واسعة الانتشار في ذلك الوقت وانهم قد تم حصرهم في وقت لاحق في محيط منطقة كسلا وان الظاهرة المفردة في تراث كل اقسام الهدندوة في ماضيهم انهم قد هزموا الحلنقة في المعارك)
(في نفس منطقة القاش حل اسم البلو محل الحلنقة في الفترة من القرن الرابع عشر وحتى القرن السادس عشر الميلادي واصبح هو السائد في التراث والمصادر اللاحقة والملاحظ ان ما يرد عن البلو في الروايات الشفاهية للبجا يتطابق مع ماورد عن الحلنقة ويذكر هؤلاء البلو في قصص متشابهة بصورة عامة عند قبائل البجا الجنوبية وتروي الروايات عن البلو في تاريخ الحباب والحماسين وعند الهدندوة والكميلاب والامرأر والبني عامر وحتى عند المرغوماب في شمال البطانة . كل هذه القصص تدور حول محور واحد هو انه كان يسيطر على هذه المناطق في الزمن السابق عنصر حاكم موحد يطلق عليه اسم البلو ويقال انهم سيطروا على المناطق من سواكن الى مصوع في الجنوب وفي المناطق غربا حتى دلتا القاش ونهر عطبرة) .
(قد اشتهر البلو في المصادر بانهم محاربون ممتازون وقد وصفهم (لوبو) الذي قابلهم في سواكن بانهم شجعان ومحاربون اشداء ومشهورون كخيالة وفرسان وتشير اغلب المصادر الى الارتباط الوثيق بين البلو والخيل ويشير (بييز) ان خيلهم احسن من خيل التقري وانها تاتي من منطقة دكين (القاش) ومازالت بعض القبائل التي ورثت البلو في منطقة القاش وماجاورها مثل البني عامر والحلنقة والكميلاب وبعض فروع الهدندوة تشتهر ياقتناء الخيل واجادة القتال على ظهورها ).
(وقد اشتهر البلو من ناحية اخرى بنوع الحكم الذي فرضوه على الاخرين وهو نوع من التنظيم اشبه بالاقطاع تكون فيه السيادة لفئة حاكمة تخضع لها غالبية السكان بصورة شبه مطلقة ).
من الاشارات التي يمكن جمعها عن نظم الحكم التي ورثها النابتاب في البني عامر والاسر الحاكمة عند الحباب والحماسين تصل الى أن هذا النظام يقتضي وجود فئتين يمثلان طبقتي الحكام والرعايا . ويتم فرض التمايز الاجتماعي بينهما بقواعد سلوك واعراف تحدد حقوق الاحترام لطبقة السادة عبر طقوس منها الاختلاف في الزي وفي المكانة الاجتماعية والقانونية والحق في الحركة وفي حمل السلاح بينما تحدد هذه الاعراف وقواعد السلوك واجبات طبقة الرعايا وانماط سلوكهم وتقيد حركتهم . الهدف الاساسي الذي تخدمه هذه الاعراف هو تمكين طبقة السادة والحكام . بالرغم من الاشارات التي ترجح أن طبقة البلو كانت من عشائر بجاوية وانه لم يكن هناك أي اختلاف يذكر في الصفات السلالية بين طبقة الحكام من البلو وطبقة المحكومين من البجة الا انه كانت هنالك الكثير من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية وفي الطقوس والعادات والتقاليد التي ميزت طبقة البلو حتى صارت الكلمة في التراث البجاوي تعني السيد او الحاكم في استعمالها العام ولاحظنا أن مسمى البلو الذي يتواتر في الجزء الغربي من البطانه ثم يسود كلما اتجهنا شرقاً في أرض البجا من نهر عطبرة وحتى البحر الاحمر وكل ما ينسب للعنج في منطقة النيل الاوسط نجده ينسب للبلو واوضح علاقة بين العنج والبلو تظهرلنا من تراث العبدلاب الذي يربط بين العنج في النيل والبلو في الشرق في كيان واحد تحت مسمى العنج . وتراث العبدلاب يفيدنا اولاً بمحاربتهم للعنج في منطقة النيل وهزيمتهم للعنج وطردهم من المنطقة في عهد عبد الله جماع الذي خضعت له جميع البلاد الا منطقة العنج في جهات البحر الأحمر التي قام بفتحها ابنه الشيخ عجيب بعد ذلك وقتل شيخ عربان العنج انقسم جيش العنج الى طائفتين ذهبت طائفة الى كرسك وطائفة الى مصوع ويحدد تراث العبدلاب ان بعض تلك المعارك وقعت في منطقة التاكا وكسلا وحفرت وبعد هزيمة العنج ولى الشيخ عجيب على تلك البلاد نابت جد النابتات وفي تراث المنطقة النيلية الوسطى أنه العنج عنصر طارئ قادم من خارج المنطقة . وتشير اغلب الروايات على انهم من البدو وانهم عنصر مختلف من السكان النوبة وقد اشار لذلك كاتب الشونه بقوله " أن العنج كانوا قد تقلبوا على النوبة في الفترة السابقة للفونج . وتشير أغلب الروايات الى انهم قد تم طردهم الى الفيافي الواسعة والقفار او من حيث جاءوا والتي يحددها تراث العبدلاب بمنطقة البحر الاحمر وكسلا وحفرت التي دارت فيها آخر المعارك بين العبدلاب والعنج " البلو "
" تراث البجا يذكر البلو في قصص متتابعة تروى في تاريخ الحباب وعند الهدندوة والكميلاب والأمرأر والبني عامر . وكل هذه القصص تدور حول محور واحد هو انه كان بحكم المنطقة في الزمن السابق عنصر يسمى البلو وهذا العنصر تم القضاء عليه على يد العبدلاب ونتيجة لذلك ظهرت رئاسات جديدة لهذه القبائل لها علاقة بالعبدلاب " يرجح بعض المؤرخين أن الالفاظ انج وحلنقة وعنج مسميات خارجية وأن لفظ بلو هو لفظ محلي عرفوا به في تراث البجا "
" البلو او العنج الذين جاءوا للمنطقة الوسطى من النيل كانو كما اوضحنا يجملون ثقافة مغايره للثقافة النوبية التي عرفت في المنطقة النيلية ويحملون تراثاً مختلفاً للحكم ومؤسساته يبدوا انهم فرضوه على هذه المنطقة الأمر الذي يمكن ان نستشفه في مقارنة النظام الاداري في عهد النوبة الذي عرف بالمنطقة وما حدث من تغيير في المنطقة التي خضعت لسيطرة العتح وهي المنطقة من الشلال الرابع وحتى السلال السادس في النيل وشمال النيل الازرق وبعض ارض الجزيرة والنيل الابيض وشرقاً البطانة وغرباً منطقة الكبابيش وهي المناطق التي يسود فيها التراث عن العنج واول ما نلاحظه هو اختفاء التقسيم الاقليمي الجغرافي وظهور جديد من التقسيم الاداري الذي يعتمد على التقسيم العشائري القبلي للسكان فنجد أنه التقسيمات اصبحت بداية من الشلال الرابع تسمى بلاد الشايقية ثم المناصير ثم الرباطاب ثم الميرفاب ثم الجعليين ثم الجموعية ، المسلمية ، الشكرية تقسيم يعتمد على السكان مما يوضح بشكل واضح الاختلاف من النظام النوبي الاقليمي والذي ساد واستمر في المناطق التي لم تتأثر بحكم العنج كما اوضحنا . وهدفنا من هذا العرض هو تبيان ان العنج عندما بسطوا سيطرتهم على المنطقة الوسطى من النيل والتي كانت تمثل الولاية الشمالية لمملكة علوة " الابواب " نجدهم قد احدثوا نمطاً ادارياً جديداً لم يكن معروفاً في المنطقة النوبية من قبل وهو نظام معروف عند البجا التي جاءوا منها ويعتمد على ادارة السكان في شكل عشائر وبدنات وحصص ولذلك عادوا تشكيل السكان في شكل مجموعات قبلية او عشائرية .حتى يمكنهم ادارتها على نمط موروثاتهم الادارية والتي تعتمد على موارد السكان وليس على موارد الارض ) .
(هذا التقسيم تميز بظاهرة لفتت انظار الكثيرين وهي انتشار المقطع (اب) في اسماء المجموعات السكانية للمنطقة التي سيطر عليها العنج وهو مقطع يسود في منطقة البجا وقد اصطلح على انه مقطع بجاوي ويمكننا ان ترصد هذا المقطع البجاوي في منطقة يمكن حصرها وتحديدها (اول ما نلاحظ انعدام هذا المقطع في التقسيمات السكانية لمنطقة النوبة السفلى ثم نجده بكثافة عند المناصير والرباطاب والميرفاب وينتشر في منطقة الجعليين والجموعية ونجده عند المرغوماب والشكرية والبطاحين في المنطقة ما بين نهر عطبرة والنيل ثم نجده عند العشائر التي تسكن في المنطقة الشمالية للنيل الازرق ثم نجده في بعض المناطق الشمالية من الجزيرة والنيل الابيض وظهر لنا هذا المقطع عند نسبة كبيرة من بطون قبائل الكبابيش ويختفي هذا المقطع في مناطق كردفان ودارفور ويكاد ينحصر في نفس المنطقة التي حددناها بانها منطقة شيوع التراث عن العنج) .
(يلفت نظرنا في المنطقة الوسطى الاشارات الكبيرة الى وجود عنصر بجاوي في التركيبة السكانية للمنطقة التي قام بحكمها العنج وخاصة في الاسر الحاكمة . فنجد ان بعض الروايات الشفاهية عند العبدلاب تشير الى ان الشيخ عجيب تزوج من بنت ملك العنج وتزوج عجيب نفسه بمريم بنت عشيب من الامرار وكانت نتيجة هذا الزواج هو ابنة عثمان جد العتامنة والذي آلت اليه مقاليد الحكم بعده ثم عثمان بن الشيخ عجيب المانجلو تزوج من البجه (الكميلاب) بنتهم ايلقد وبهذا نجد ان العبدلاب انفسهم بدأ امرهم بعلاقة قوية مع العنج البجا وان لغة الام بالنسبة لبعض هؤلاء الاجداد اللغة البجاوية وهذه الظاهرة نجدها عند الجعليين ايضا حيث يقال ان نافع ونفيع ابنا الملك ابودبوس كانت امهم عنجاوية أي بجاوية وقد احتفظ فرعهم بالرئاسة عند الجعليين ويقال نفس الامر عن الشايقية يقول حيدر بوجود عنصر بجاوي قوي عند قبيلة الشايقية خاصة في فرعهم من الرعاة الذي يعيش في الصحراء الشرقية والذي يظهر عندهم الاثر البجاوي بوضوح وتقول بعض روايات الشايقية الشفاهية بان الشايقية والجعليين والجوامعة والجميعاب هم من اصل بجاوي واحد وان جدهم غانم في واحدة من غزواته على البجا صبا الفتاة (قليش) احدى بنات البجا وتزوجها وولدت له جامع وجموع وشائق وعرمان جد الجعليين) .
وقد اشار بوركهارت الى ان الميرفاب في منطقة بربر يرجعون باصولهم الى البجا وقد تمت الاشارة الى ان الرباطاب يظهر في ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم بعض المظاهر التي لا توجد بهذه الصورة الا عند البجا ومنها المعاملة الخاصة للنساء وخاصة تجنب النسيبة ودفع الطيبة عند اغضاب المرأة وحق اولياء المرأة في تأديبها وليس الزوج ونجد نفس العنصر البجاوي عند الكبابيش الذين يقال انهم امتصوا في داخل تشكيلهم القبلي بعض العناصر البجاوية )
(في هذا الصدد قد يفيد النظر الى الاشارات التي وردت عند الرحالة الاوربيين وقد استبعدها البعض مثل ما قاله الرحالة كلوستو من ان الكبابيش يتكلمون نفس اللغة التي يتكلمها العبابدة والبشاريين وهي اللغة البجاوية . ومن جهة اخرى يورد الرحالة قيرن انه في وقت زيارته 1841 وجد الشكرية يتكلمون بلغة مشابهة للغة الهدندوة والبشاريين وفي روايات الجعليين عندما هم الملك نمر بالرد على استفزازات اسماعيل باشا نجد ان المك مساعد تكلم مع المك نمر باللغة البجاوية طالبا منه التريث في الرد .
ويشير دكتور عون الشريف قاسم الى التيار البجاوي في لغة وسط السودان والذي ينساب قويا في صلب لهجتنا ويقف شاهدا على أن الاتصال بين المجموعات البشرية كان منذ القدم وحادا فنحن نتحدث اللغة البجاوية حيث نذكر المرفعين والبعشوم والبعنيب او نستعمل العنقريب والكركب والفندك والدانة للشراب والسكسك والكرورية والنصل او حين ناخذ الشبال في العرس ونستعمل في مجال الاطعمة الدوف والقنقر والعنكوليب او حين نقول لمن لم يحالفه الحظ جلا او ننادي الطفل بالدرفون او نشكوا من الدبس و نبرم الشنب ونطبل البيت بالطبلة ونقول لمن يرحل قنجر ونصف الشفاء الغلبظة بالشلاليف واصل الشلوفة عند البجا خرطوم الفيل ونرى ان تأثير البجا في لهجتنا اعمق من ذلك بكثير والسؤال الذي يجابهنا هنا هو هل امتد نفوذ البجا الى وسط السودان فأثروا فيه منذ القدم تأثيرا مباشرا كما فعل النوبة والجواب واضح ؟
ونواصل ،،،،
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة