بأسم إنسان وادي النيل .. العبقرية التي جسدت الحضارة والتاريخ، وبأسم روابط الدم والثقافة والنيل الذي يشكل ذلك التلاحم الذي لا ينفصم. وبأسم كل ذلك الموروث التاريخي الذي شكل الأهداف المشتركة السامية وخلق المصير الواحد والذي قامت عليه ومن أجله أسرة وادي النيل كمعبر عن أن ذلك النسيج الإجتماعي والعطاء الإنساني في جنوب الوادي وشماله؛ نخاطبكم وكلنا ثقة في أنكم تعتبرون الأسرة صوت الجماهير في وادي النيل كله.
لقد تابعتم طيلة الفترة الماضية تطورات الأحداث المؤسفة للأخوة السودانيين الذين إعتصموا بميدان مصطفي محمود بالقاهرة، وتود أسرة وادي النيل إنطلاقاً من دورها الرائد في تحقيق وحدة وادي النيل وما يترتب عليها من واجب قيادي بحكم تكوينها الذي يضم قيادات فكرية وسياسية وعلمية وثقافية من جنوب الوداي وشماله أن نوضح الآتي:
أولاً: تعبر الأسرة عن أسفها وحزنها لذلك الحدث المأساوي الذي ألحق أضراراً بشرية ومادية بالأخوة من جنوب الوادي.
ثانياً: لقد كانت الأسرة أول الساعين لإيجاد حل عادل لتلك المشكلة بل وبذلت جهداً كبيراً لتقريب وجهات النظر بين المعتصمين والمفوضية وإقترحت حلولاً كان يمكن أن تشكل أرضية جيدة للحلول المناسبة.
ثالثاً: إن الأسرة تثمن قرار الحكومة المصرية بتكوين لجنة للتحقيق لتوضيح الحقائق حول ملابسات هذا الحدث المؤسف، كما تثمن الجهود الحثيثة التي يبذلها معالي الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الإجتماعي لأحتواء آثار الحادث.
رابعاً: ورغم تأكيدنا علي وضع الحقائق كاملة أمام شعب وادي النيل الواحد في جنوبه وشماله حول هذا الحادث المؤسف وإتخاذ ما يلزم من إجراءات، إلا أننا نذكر بأن هنالك أحداثاً طارئة كثيرة مشابهة حدثت في تاريخ علاقات البلدين وقام العقلاء الحريصون علي العلاقات الإستراتيجية والتاريخية بين البلدين وعلي مصالح شعب وادي النيل بإحتواء آثارها الجانبية إنطلاقاً من أن تلك العلاقات والمصالح لا تسمح بخلق أي فراغات أو مساحات تستغلها أي قوي محلية أو أجنبية لزرع الفرقة بين الأشقاء والتأثير علي الأمن القومي للبلدين.
خامساً: لا يسعنا إلي أن نشيد بجماهير شعب وادي النيل في شماله وجنوبه لإحتواء الحدث ووضع الحلول اللازمة في حجمها الصحيح والمساهمة في علاج آثارها. وإنطلاق من دور الأسرة تجاه إنسان وادي النيل وتداركاً لتداعيات الحدث فإن الاسرة ومنذ اليوم الأول للحدث تحركت مع مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة والمجلس المصري للشئون الأفريقية وجمعية رجال الأعمال المصرية، في محاولات جادة لمحاصرة الآثار الجانبية للحدث ومساعدة المتضررين منه علي المستوي الصحي والمادي والعلاجي والإنساني والتعليمي والقانوني وفي هذا الصدد نشكر كل من ساهم معنا من الخيرين وعلي رأسهم إدارة الإمدادات والتمويل بالقوات المسلحة المصرية ورجال الأعمال المصريين ونناشد في نفس الوقت كافة أبناء شعبنا في وادي النيل لمد يد العون لأخوانهم.
سادساً: تؤكد الأسرة أن علاقة شعب الوادي أقوي بكثير من أن تهزها النوائب أو أن ينال منها طامع.
وإنطلاقاً من واجبنا المعلن نؤكد أننا نعمل ليل نهار وعلي كل المستويات لإحتوء أية تداعيات ولتقديم يد العون لكل المتضررين والسعي لإيجاد حل نهائي لمشكلة اللاجئين. وقبل الختام لابد من الإشارة إلي أن التناول الإعلامي الذي أعملته بعض وسائل الإعلام المصرية قد أضر كثيراً بصورة الأخوة اللاجئين من أبناء شعبنا في جنوب الوادي لدي الرأي العام وإنطلاقاً من واجبنا جميعاً نحو السعي لدعم وحدة وادي النيل فإننا نأمل في أن تعمل ذات الوسائل الإعلامية التي تناولت هذه الحادثة علي تصحيح تلك الصورة لدي الرأي العام في شمال الوادي.
ختاماً فإن ثقتنا التامة في وعي وإيمان إنسان وادي النيل بمقدراته العظيمة وتراثه المتراكم عبر التاريخ ستمكنه من تفويت الفرصة علي محاولات النيل من تلك المقدرات وذلك التراث.
توفيق بيومي
الأمين العام لأسرة وادي النيل
القاهرة يناير 2006
