أجراه في جوبا: مصطفى سري
قال وزير الخدمة العامة بحكومة جنوب السودان ديفيد دينق إن وزارته استطاعت حصر الموظفين والعمال في الجنوب وإن أعدادهم وصلت لأكثر من 100 ألف من العاملين، وأضاف إن هذا لا يشمل العاملين في القطاع الخاص.
وأشار دينق في حوار مع (السوداني) أن المناطق التي كانت تحت سيطرة الحكومة قبل اتفاق السلام تصرف المرتبات كتأمين اجتماعي للموظفين في المدن، وقال أغلب الظن أن الموظفين توفوا فإن عوائلهم سجلت أبناءها لتصرف ذات المرتبات. وأضاف وجدنا أن هناك اسماء وهمية في المصالح، وأن مسؤولا في مصلحة يدعي أن لديه (100) عامل في حين أن الحقيقة أن عدد عماله (25) عاملا.
وكشف دينق عن أن حكومة الجنوب قررت إغلاق مكاتب تنسيق الولايات الجنوبية المنتشرة في العاصمة، وقال إن الاتصالات بين هذه المكاتب وحكومة الوحدة الوطنية تتم عبر حكومة جنوب السودان، وإن المتابعة سيؤول الى وزارة مجلس وزراء حكومة الجنوب ومكتب رئيس حكومتها في الخرطوم.
وقال وزير الخدمة العامة بحكومة الجنوب إن كل السودانيين يمكنهم العمل في الجنوب بما فيهم الشماليون، وأضاف سنستفيد من كل الخبرات، وقال إن الحد الأدنى للأجور في الجنوب (50) دولارا والأعلى (1000) دولار.
وأنتم في عهد جديد لحكومة جنوب السودان هل تم حصر اعداد العاملين في الخدمة العامة؟ وما هي المشاكل التي تواجههم؟
المشاكل التي وجدناها هي التحديد الدقيق لأعداد الذين يعملون في الخدمة العامة. فنحن لم نحصل على العدد الحقيقي، الذين كانوا في الخدمة المدنية تحت ادارة الحركة الشعبية معروفون، لكن نحن قررنا في حكومة جنوب السودان أن نعمل على تعداد الموظفين.. والآن ذهبت اللجان لحصر الموظفين في المناطق التي كانت يسيطر عليها الجيش الحكومي، أو تلك التي كانت تسطير عليها الحركة الشعبية، وحتى الآن وصل عدد الموظفين والعمال إلى نحو 55 ألفاً في المنطقتين: مناطق الحركة سابقا، ومناطق الجيش الحكومي، لكن لم نستطع إكمال ذلك وقررنا حصر ولايتي جونقلي والبحيرات، وأخذنا هذه المعلومات عن الولايتين وبحاصل ضرب تقديري وصلنا الى أن أكثر من 100 ألف هو عدد العاملين، وهذا لا يشمل العاملين في القطاع الخاص.
تحديدا كم عدد العاملين؟ وهل صرفت لهذه العمالة مرتبات في الفترة القليلة الماضية؟
ن يمكن أن نقــــول إن العدد الكلي ما بين 120 - 150 ألفاً للعمالة الحكومية، وما عرفناه خلال فترة الحرب أن المناطق التي كانت تحت سيطرة الحكومة آنذاك أن المرتبات تصرف كتأمين اجتماعي للموظفين في المدن الكبرى وأغلب الظن أن الموظفين الذين توفوا فإن عوائلهم سجلت ابناءها لتصرف ذات المرتب. ووجدنا كذلك أن هناك اسماء وهمية مثل أن تجد موظفا مسؤولا في مصلحة ما يقول إن لديه 100 عامل وفي الحقيقة فإن عدد عماله لا يتجاوز 25 عاملاً.. وهذه المسائل تجدها في المناطق التي كانت تحت سيطرة الحكومة قبل توقيع اتفاق السلام.
وماذا عن العاملين في مناطق الحركة؟
ب المناطق التي كانت تحت سيطرة الحركة الشعبية لم يصرف عاملوها مرتبات، لأننا أصلا لا نصرف مرتبات، هذا جيش طوعي. إذن المشكلة صرف مرتبات لمجموعات تستحقها هذه هي المشكلة. والحكومة في الجنوب ستواجه بمشكلة اذا اوقفت صرف تلك المرتبات التي كانت تصرف من قبل، ستحصل آثار سلبية، والآن حكومة جنوب السودان تقوم بدراسات لوضع بدائل مثل أن الشخص الذي توفى ولا زالت عائلته تصرف ذات المرتب أن تقوم بتحويل ذلك لما يعرف بفوائد ما بعد الخدمة. ونحن في السودان ليس لدينا ما يعرف بالضمان الاجتماعي كما هو موجود في دول أخرى.
إذن ما الحل؟
ك إما أن تقول للشخص اذهب الى منزلك، أو تصرف له مبلغاً معقولا ولابد أن تختار احد هذين الخيارين. وفي سياستنا سنوقف الترهل الوظيفي والإداري وستكون الخبرة والكفاءة هما المعياران اللذان ستعمل بهما وزارة الخدمة العامة.
إذن ما العدد المطلوب لسد النقص من موظفين وعاملين بكل ولاية؟
ل- مبدئيا نحتاج الى ما بين 50 - 55 الفاً لكل ولايات الجنوب، والمتوسط لكل ولاية 5 آلاف وهي عشر ولايات، وحكومة جنوب السودان في عاصمتهــا جوبــا تحتاج ما بين 3 - 5 آلاف، ولقد وضعنا ذلك في ميزانية عام 2005م.
لكن لديكم مكاتب تنسيق للولايات الجنوبية في الخرطوم وبها عاملون يصرفون مرتبات ماذا بشأنهم؟
ش هناك قرار من حكومة جنوب السودان بإغلاق مكاتب تنسيق الولايات الجنوبية، والسبب أن الاتصالات بينها وبين حكومة الوحدة الوطنية تصبح بواسطة حكومة جنوب السودان، والقرار صدر من حكومة جنوب السودان وهو الآن لدى وزارة مجلس الوزراء في حكومة الجنوب ومكتب رئيس حكومة الجنوب، وسيقومان بوضع الترتيبات اللازمة بحصر أولئك الموظفين وإغلاق هذه المكاتب.. وحكومة جنوب السودان هي وحدها التي تباشر الاتصال مع حكومة الوحدة الوطنية.
هل تم وضع هيكل للأجور والمرتبات؟ وكم يبلغ الحد الأدنى والأعلى؟
ج الحد الأدنى المرتبات يبلغ 50 دولاراً والأعلى ألف دولار، وهذا لا يشمل الموظفين الذين تم تعيينهم سياسيا، لأن ذلك ليس ضمن اختصاصاتنا، مع أن هذا الحد يشمل القطاع الخاص. ومن دراساتنا فإن متوسط الدخل يصل إلى دولار في اليوم وهذا يعني 30 دولارا في الشهر، لكن نحن قررنا 50 دولارا.
وما هو مصدركم للقوى العاملة في الجنوب؟
ا لدينا خمس مراحل: أولا المتقاعدون من الجيش الشعبي لتحرير السودان، ثانيا الموظفون في المناطق المحررة (أي تحت سيطرة الجيش الشعبي آنذاك) ثالثا الموظفون الذين كانوا يعملون في مناطق الحكومة السابقة، رابعا الطلب من سوق العمل والشباب خاصة، خامسا الذين يقيمون في دول المهجر.
لكن هل تعتقد أن الذين هم بدول المهجر يمكن أن يأتوا خاصة أنهم يتقاضون مرتبات أفضل؟
أنا شخصيا كنت أعمل موظفا في الأمم المتحدة وكان راتبي يصل إلى 8 آلاف دولار. وحين قررت الانضمام للجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان اعترض كثير من زملائي على هذا القرار خاصة انهم يعلمون أن هناك ترقية قادمة لي وربما ارتفع مرتبي الى 16 الف دولار، لكن كنت قد قررت خاصة أنني أرى أن ابناء الجنوب يموتون من أجل الغذاء، والجيش الشعبي لا يصرف له مرتب. أنا الآن وزير في الحكومة لا استطيع أن أصل إلى ذلك المرتب، وحتى الموظفين الذين كانوا خلفي يقولون (هذا الرجل أدخل المسمار إلى رأسه)! هناك دراسات جارية لجلب المهاجرين كخبراء وبتعيين لفترة محددة ودفع محدد لعمل معين، وإذا قرر الشخص أن يدخل الخدمة المدنية فإنه سيخضع لتلك المعايير.
إذن ما هي الأسس والمعايير، الخبرة، والذين كانوا في الجيش الشعبي هل ستظهر مسألة التعليم والمؤهل عائقاً أمامهم؟
ح هناك برنامج تأهيلي وخصصنا في الوزارة قسما خاصا لرفع القدرات وإرسالهم الى كورسات، وسنرسل في الأيام القادمة أعدادا كبيرة إلى جنوب افريقيا. وأنا علمت أن المكاتب الحكومية يمكن ألا تجد فيها خبرة، حتى الخرطوم وجدنا أن الموظفين الذين عملوا في مناطق الحركة الشعبية افضل خبرة وتأهيلا من الموظفين في الخرطوم. واعتقد ما حدث في الخدمة المدنية من تشريد وبقرارات في المصالح والوزارات هدت الخدمة المدنية..
ولعلك تعلم أن هذه القرارات كانت تؤخذ من خارج الوزارة أو المصلحة، وليس عبر ما هو متعارف عليه في الخدمة المدنية، وأصبح لا يوجد قانون للخدمة المدنية وأصبحت قطاع غير رسمي.
كم عدد الذين سترسلونهم الى جنوب افريقيا وهل يشمل موظفين من الشمال؟
نعم، 30 موظفا سيتم ارسالهم؛ 19 من الجنوب و11 من الشمال، أي من الخرطوم في الحكومة المركزية لتخصصات مختلفة في الخدمة العامة.. والمنسق لهذا البرنامج هو الدكتور برنابا بنجامين، وزير الدولة بوزارة التعاون الدولي، في حكومة الوحدة الوطنية.
لكن يظهر انكم اخرجتم مناطق جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق التي قاتلت معكم؟
ح هناك آليات لجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق في مسألة الخدمة المدنية، ولكن حتى الآن لم نقرر. وأؤكد لك نحن ملتزمون تجاه المنطقتين.
وهل يمكن لأبناء الشمال الخريجين أن يتقدموا لوظائف في جنوب السودان؟
نعم، الذي يتخرج من الجامعة وهو من الشمال ويتقدم للخدمة المدنية في الجنوب يمكنه أن يتنافس مع الآخرين، لأن التقديم للخدمة العامة يشمل كل السودانيين. وأؤكد لك إذا تقدم أي سوداني شمالي أو جنوبي بطلب لن يسأله أحد.
وماذا بشأن الخبراء في الشمال الذين يمكن أن يساعدوكم في الخدمة العامة؟
و نعم الذي لديه خبرة نستفيد منها ونعمل على أن يأتي ويقدم خبرته لفترة محددة، وأتمنى أن يتقدم أحدهم للوظيفة. وعندما كنت في الخرطوم اجتمعت مع خبراء عديدين كانت لدي علاقات بهم ونحن على اتصال بهم وبالدكتور منصور خالد لتوفير الخبراء في كل المجالات.
وما صحة أن حكومة الجنوب تعطي الأولوية لكوادر الجيش الشعبي؟
ه الراحل الدكتور جونق قرنق قال لي قبل موته أنت ستصبح وزيرا للخدمة العامة عند تشكيل حكومة جنوب السودان، ورددت عليه لكن ماذا أفعل مع كوادر الجيش الشعبي وأولئك الذين في المدن والأرياف والمهجرين ومن هم في شمال السودان ومن تأخذ، ومن ترفض وان هذا سيخلق مشكلة؟؟ قال لي قرنق (إذا جاءك شهيد من الجيش الشعبي وطلب وظيفة ادخله فورا، عدا ذلك اعمل لكل السودانيين، وهذه تعليمات وأن تساوي الجيش الشعبي مع كل سوداني) لذلك المعيار هو الخبرة والمؤهل.
وهل الكوادر والجنود والضباط من الجيش الشعبي يعملون في الخدمة العامة بذات رتبهم؟ وهناك من تم تعينه في المجلس التشريعي؟
ذ أنت تعلم أن قانون الخدمة العامة يفصل الذي يصل أو ينتخب الى مجلس الشعب، وكذلك من الجيش الشعبي، وينطبق ذلك على الشرطة وابتداءً هذا في مسألة مجالس الشعب أو التشريعي.. وإزاء الجيش الشعبي اذا ارادوا العمل في الخدمة العامة عليهم ترك الجيش.
هذه الكوادر لا خبرة أو تأهيل لها؟
ص سنقوم بعمل ضوابط. الذين كانوا جنودا أو ضباطا في الجيش الشعبي ندخلهم في تدريبات ابتدائية لتأهيلهم، والذين لديهم خبرة ولا يملكون تأهيلاً سنعمل على تأهيلهم في الخدمة المدنية.
هناك من يتحدث عن أن الدينكا هم أغلبية وأن المعايير عندما تصبح فيها القبيلة ستظلم قبائل اخرى.. ما رأيك؟
ن يمكن أن يقال حديث مثل هذا، لكن عندما استقل السودان عمل الإنجليز احصاءً سكانيا قبل ذلك بقليل ووجدوا أن أمام كل 5 سودانيين يوجد دينكاوي واحد 5 : .1 وحقيقة لم يتغير التعداد السكاني فيما بعد يقول ان الدينكا يمثلون نصف جنوب السودان، وهذا معروف لدى كل الحكومات الوطنية. وعندما تصبح الوظائف الحكومية متاحة وكان الدينكا نصف الموظفين لكن هذا لا يعني تشريد الآخرين، والدينكا لا يصلون إلى ربع الموظفين في وزارات حكومة الجنوب.. مثلا في وزارتي لدي ثلاث من ابناء الدينكا فقط، وقس على ذلك بقية الوزارات.
وماذا عن التفاعل الإيجابي الذي تم في اتفاق السلام وحدد 333% لأبناء الجنوب؟
يا بدأنا في تكوين مفوضية الخدمة المدنية وبدأت عملها وحددنا الهيكل والوظائف وقررنا وضع مشروع قانون وفرغنا منه وسيقدم الى الجهة المعنية في رئاسة الجمهورية.
الآن هل بدأتم في تعيين وظائف قيادية عليا في الخدمة العامة في الجنوب؟ وماذا عن الذين تقاعدوا خاصة انكم تحتاجون للخبرة؟
ل بالنسبة للمتقاعدين في الخدمة العامة بالجنوب سيتم استقدامهم للعمل بشروط المشاهرة، نحن تقريبا انطلقنا بتعيين مديرين في الوزارات، والأسبوع الماضي ارسلنا المنشور الانتقالي لتنظيم الخدمة العامة لجنوب السودان والآن بصدد اصدار القانون، وسنبدأ في العمل من أبريل القادم بداية فعلية في كل دواوين الخدمة العامة.
لا زال هناك قلق بأن يستمر أفراد الجيش الشعبي بذات الميزات وما تعلمونه من أوامر وغيرها؟
ر ليست هناك حدود بين الجيش الشعبي والشرطة، وهناك من سيتم استقدامه في الشرطة، أما الجيش فسيظل في ثكناته ولا دخل له بالخدمة العامة.. وهناك قرار لوزير الداخلية لحسم هذه المسألة بسرعة.
هل هناك اتجاه لعمل إقرار الذمة بالنسبة لقيادات الخدمة المدنية وعلى مستوى وزراء حكومة الجنوب درءً للفساد؟
د ليست لدينا ممتلكات حتى يكون هناك حديث عن اقرار الذمة وهي ليست أولوياتنا، ولن تجد أن لسلفاكير ميارديت أو الراحل دكتور قرنق ممتلكات، وهم لا يمتلكون حتى منازل خاصة بهم، لكن نعمل على ميثاق شرف للموظفين. ولقد فرغنا من المشروع الأول ووصلنا الثالث، بعدها سيوقع كل موظف على هذا المشروع، وهو يشمل احترام العمل، أن تكون خادما للشعب، وتقديم الخدمة للشعب بإخلاص وألا تفشي أسرار الدولة حتى بعد انتهاء الخدمة.

من هو وزير الخدمة العامة بحكومة جنوب السودان؟
- ديفيد دينق من مواليد الأربعينيات ويقول عن نفسه:
- دخلت المدرسة عام 1955 وأول يوم دخلت فيه المدرسة اغلقت مباشرة بسبب التمرد الأول عام .1955 ثم بدأت مرة أخرى في اعوام 1956- 1966 لأنال تعليمي وبعدها ذهبت الى الانيانيا الاولى وكان قائدي آنذاك السفير الحالي اندرو ماكور، وهو الذي دفعني للذهاب الى المدرسة ولكنني رفضت ثم واصلت تعليمي.
- بعدها تخرجت من جامعة الخرطوم مارس 1973 من كلية الاقتصاد أبناء دفعة الأستاذ علي عثمان محمد طه والقائد ادوارد لينو والقائد مايكل جورج قرنق وتخصصت في ادارة الأعمال.
- عملت في شؤون الخدمة ومن ثم في الحكومات المحلية حيث عملت في فترة وجيزة بريفي المعيلق، ومنها ذهبت للعمل في الجنوب وجاءت الإنقاذ وقامت بفصلي من الحكومات المحلية بدعوى الصالح العام.
- بعدها عملت مديرا لمنظمة بانديت بالسودان، ثم انتقلت للعمل في الأمم المتحدة، وعملت بالسودان وإثيوبيا، ثم التقيت بقادة الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1992
- لدي دراسات فوق الجامعية بإنجلترا في برمنجهام ومانشستر.