اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

الدكتور على الحاج يكشف مزيد من اسرار الانقاذ فى حلقات (2)

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/2/2006 6:02 م

يمكن ان تفوز الشركات الصينية والكورية بعطاء المشروع الاسلامي في السوق العالمية

هناك مصطلحات في أدبنا السياسي غشيتها موجة التحريف بما فيها الشريعة

الترابي ما زال رمزا للحركة الاسلامية رضي هؤلاء أم أبوا

حاورته: لبنى خيري



د. علي الحاج محمد رمز من رموز الحركة الاسلامية السودانية، عرف بالحيوية والذكاء والقدرة على الفعل في كل المواقف.. فقد عركته التجربة وخبرته الدروب الصعبة التي مشاها تيار الحركة الاسلامية ما بين فضاء تلاحقه عيون الأمن وحجرات في السجون باردة في الشتاء وساخنة في الصيف مظلمة إلا من شعاع تسرقه نافذة الزنزانة من ضوء الشمس.. الى أزمنة في تاريخ وطني سكنتها الغربة حتى بين نيلها الازرق ورصيفه الابيض.

والآن هو هناك يختار موقعه طواعية في مدن الثلج بعد »الشرخ الاليم« في كيان الحركة الاسلامية ينتظر مثل غيره ان يستفيق» المارد« من هجوعه وسباته وان يكف جرحه النازف الذي تحوم حوله ذئاب الاستعمار.. إنه مثل آخرين كثر اختاروا الصمت لغة والحسرة رفيقاً.. لكنه الآن يتحدث لنا:



في رايك .. هل ما زال الدكتور الترابي يمثل رمزا للحركة الاسلامية؟؟ وهل انطبقت حقا علي ما حدث مقولة (الحواري فات شيخه)؟

ـ الاجابة بالنسبة لي وربما للكثيرين غيري بالايجاب ! ولا اود ان استرسل في هذا الجانب كثيرا فتمثيله للحركة الاسلامية من حيث المساهمات الفكرية والاراء الفقهية ...الخ كاد ان يشبه الاجماع ولكن مساهماته السياسية العملية وفي الساحة السودانية بالذات قد تكون مثارجدل!؟ اخذين في الاعتبار ان السودان كله مثار جدل وليس قضاياه وحسب ! ولذا فان مساهماته هذه رغم اثارتها للجدل الا انها تؤكد قيادته ولا تنقص منها الا قليلا !!

ولكن طبيعة السؤال تطلب اجابة ذات طابع شخصي اكثر منه عام خاصة وانني اود ان اذكر بعض المحطات او المواقف الشخصية التي تجعلني اقف مع هذا الراي الايجابي !! رغم انني لست حوارا بالمفهوم التقليدي !

و قبل ان اسرد بعض الوقائع لدي بعض الاستطراد عن معرفتي بالدكتور الترابي والتي جاءت متاخرة نسبيا مقارنة بمعرفتي ببعض رموز الحركة الاسلامية . فلقد عرفت الاخوة الشيخ جعفرشيخ ادريس والدكتور عبدالله سليمان العوض منذ العام 1955 ابان زيارتهما الي نيالا في جولة شملت دارفور في ذلك الوقت للدعوة والتبشير بالدستور الاسلامي! وكنت حينها عضوا بحركة الاخوان المسلمين منذ عامين تقريبا. ولقد تعرفت علي الاخ الاستاذ محمد يوسف محمد في نفس العام عندما التحقت بمدرسة خورطقت الثانوية وقد كان محاميا بالابيض وفي العام 1956 تعرفت علي الاخوة الاستاذ صادق عبد الله عبد الماجد والاخ الشيخ حامد عمر الامام. وفي العام 1957 وبعد ان فصلنا من مدرسة خورطقت الثانوية التقيت وتعرفت علي الاخ الاستاذ الشهيد محمد صالح عمر والاخ احمد عبد الرحمن والاخ الاستاذ عثمان خالد مضوي ( امد الله في عمريهما) ...الخ وطوال هذه الفترة لا اذكر انني التقيت بالدكتور الترابي الا لقائين عابرين احدهما في رحلة تنظيمية للمدارس الثانوية بامدرمان في عام 1958 وكنت حينها قد التحقت وزملائي المفصولين من طقت بمدرسة المؤتمر الثانوية واللقاء الآخر في محاضرة كان قد قدمها بدار الثقافة الاسلامية بالابيض في عام 1959 (؟) وكانت عن (المراة) وقد طرح فيها آراءه عن المرأة والتي اثارت ضجات وضجات بيننا جميعا ليست باقل من الضجة التي اثارها حديثه اليوم عن امامة المراة واذا لم تخني الذاكرة انه قد اثارها في ذلك الحين ايضا! وهذا لقاء عبر محاضرة وليس فيه تعارف الا المشاهدة من علي البعد.

❊ ولكن اكثر فترة تعرفت فيها علي الترابي كانت الفترة التي عاد فيها من فرنسا وقبل قيام ثورة اكتوبر ثم عند قيام ثورة اكتوبر وما تبع ذلك من تطورات سياسية هامة . اذكر انه وقبل ثورة اكتوبر كانت هنالك اجتمعات مكثفة لمجلس شوري الاخوان وكانت كلها سرية وكانت بمنزل الاخ الشيخ محمد مدني(سبال) بود البنا في امدرمان ...الخ وقد كنا شبه متفرغين في سكرتارية الشوري بحكم اننا كنا مفصولين من الجامعة و كان قد تعاقب علي رئاسة الشوري الاخ المرحوم محي الدين خليل ثم الاخ عبد الرحمن رحمة امد الله في عمره. وفي هذه الفترة كانت هنالك مشاركات للاخ الترابي في مجلس الشوري ورغم قصر تلك الفترة الا ان المناقشات والاطروحات التي كان يطرحها الترابي في تلك الاجتمعات كانت جريئة وحادة !! وهذه كلها قبل ثورة اكتوبر!! واننا كنا نناقش كيفية اسقاط حكومة عبود في تلك اللقاءات الا ان احدا منا لم يكن يتصورقيام الثورة في تلك الايام وذهاب النظام !

* اكثر فترة تعرفت فيها علي الدكتورالترابي كانت هي الفترة التي سبقت قيام ثورة اكتوبر(1964 ) وقد عادت لجنة الاتحاد ( المفصولة ? لجنة العشرة ) برئاسة الاخ المرحوم الدكتور مجدوب سالم البر الي الجامعة واجريت انتخابات المجلس الاربعيني علي طريقة التمثيل النسبي....الخ وقد كنت ضمن اعضاء الاتجاه الاسلامي بمجلس الاتحاد ولقد كانت هنالك اجتماعات مكثفة بيننا والاخوة من خارج الجامعة ولكن لقاءاتنا بالاخوة الشهيد محمد صالح عمر والاخ الترابي كانت اكثر واهم لا بحكم انهما اساتذة بالجامعة وحسب وانما بحكم متابعتهم اللصيقة بنا وبسائر الاساتذة والطلاب تلك هي الفترة التي تعرفت فيها بالترابي و في اطار التحرك السياسي الطلابي ....الخ والتي توجت بنجاح ثورة اكتوبر

*بعد نجاح ثورة اكتوبر وما تبع ذلك من تطورات سياسية هامة ورغم انني كنت في السنة قبل النهائية بكلية الطب الا انني كنت مشاركا في العمل السياسي وكنت مسؤلا عن الطلاب وخلال هذه الفترة والفترات التي تلتها من تكوين لجبهة الميثاق الاسلامي وقيام انتخابات الجمعية التاسيسية 1965 ومشاركة المراة فيها ولاول مرة في تاريخ السودان وربما في العالم العربي الاسلامي(؟؟) ومن خلال هذه المشاركات بما في ذلك عضوية المكاتب التنفيذية ازددت معرفة بعدد من الاخوة المسؤلين انذاك ولا اقول الترابي وحده . وعرفت مساهماتهم ومبادراتهم في المجالات كافة وكيف ان تلك المساهمات كان لها الاثر الكبير في تاثير الحركة الاسلامية علي مجريات الاحداث بالسودان ومن خلال هذه التجارب المبكرة بالنسبة لي في ذلك الوقت والتجارب الاخري الاحقة والي اليوم اقول ان الدكتور الترابي ما زال يمثل رمزا من رموز الحركة الاسلامية لا علي المستوي المحلي وحسب وانما علي المستوي العالمي! وقد تكون مساهماته العالمية اكبر من المحلية وان شئت قل ان الحاجة الي مساهماته العالمية اليوم اكبر من الحاجة الي مساهماته المحلية واذكر في فبراير من العام 2003 وفي لندن وبمناسبة تقديم كتابه (السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الأصول و سنن الواقع) وفي منتدي جامع من اهل الفكر والراي في تلك المناسبة اخذ احد القياديين الاسلاميين علي الدكتور الترابي اهتمامه وانشغاله بقضايا السودان و انصرافه عن القضايا الفكرية العالمية والتي ما زالت تراوح محلها منذ ابن خلدون علي حد قوله !! واذكر في مناسبة اخري ان احد القيادات الاسلامية كان يقول لاحد السودانين ( اذا كنتم انتم كسودانيين مختلفين علي قيادته الفكرية فنحن مجمعين علي قيادته) وما ذكرته من امثلة سابقة وفي اطار ( الخلاف) تقف شاهدا علي دوره لا كرمز وحسب وانما كقائد فاعل في الحركة الاسلامية . اقول هذا وانا لا اضيف اليه شيئا جديدا ويكفي ما اثارته آراؤه ( القديمة/الجديدة) حول عودة المسيح او امامة المراة من ضجة في الايام القليلة الماضية وبالنسبة لموضوع المراة تحديدا وفي اطار الفقه الاسلامي المعاصر قد كانت لاجتهاداته الفقهية اثر كبير ملموس.

❊ اذن لماذا اختلف حول قيادته السياسية ونادي كثير من الاسلاميين بان يبقي د. الترابي رمزا فكريا ومرجعا؟

- وفي اطار الانقاذ اود ان استشهد بموقفين احدهما للرئيس وفي اطار دستور 1998 وبهذه المناسبة لقد كان الرئيس ونائبه الشهيد الزبير من اكثر الناس حرصا والحاحا علي دخول الشيخ حسن للمجلس الوطني! وقد كانت المحاولة الاولي ان يتعين الشيخ في المجلس الانتقالي ولكنه رفض ذلك بحجة انه لا يمكن ان شارك في مجلس معين

* وعند انتخابات المجلس الوطني تكرر نفس الطلب بدخول شيخ حسن الانتخابت ومن بعد ذلك رئاسة المجلس وقد كان التبرير واضحا ومفهوما خاصة وموضوع الدستور كان هو الاهم بالنسبة للجميع! ولكن كانت المعارضة دائما من قبل الشيخ والاصرار الاكثر كان من الرئيس والشهيد الزبير وعدد من اخواننا في الجيش..الخ وقد قبل الشيخ كارها وحتي اليوم لا ادري لماذا كان رافضا ولكن في نهاية الامر قبل وقد قال لي في حينها انه قبل لان رفضه قد يفسر بانه لا تسري عليه قرارات الآخرين اذا كانت ضد رغبته ...الخ واخيرا تمت الموافقة ووضع الدستور 1998 ولقد قال لي الرئيس انه قرأ الدستور واعجب به ايما اعجاب وان شيخ حسن لم يترك اية ثغرة فيه . وانه من شدة اعجابه بالدستور بات يخشي ان يكون ان هذا هو آخر عمل يقوم به الشيخ ويخشي ان يموت !! ولا اشك في ان الرئيس كان صادقا في شهادته هذه والتي قالها عام 1998 . وبرغم كل الذي حدث رايت ان اثبت هذه الشهادة .

الشهادة الاخري كانت من الشهيد الزبير وهي في قضية ليست هامة مثل الدستور ولكنها قضية كانت تشغل الاخوة بمحافظة البحر الاحمر(بورتسودان) فقد جاء وفد ليشتكي من ان زوجة المحافظ كانت تسوق عربة المحافظ ! وهذه مشكلة ! ولاهمية الموضوع يبدوانها رفعت مباشرة الي الامين العام ! وبالطبع الوفد لم يمر علينا لان المسالة هامة جدا ! وقد حكي لي الشهيد الزبير كيف ان الوفد كان متوترا وهو ايضا كان متوترا ازاء هذا السلوك!! ولكن قال لي الشيخ سالنا وسال جماعة بورتسودان هل الافضل شرعا ودينا ان تسوق زوجة المحافظ العربة بنفسها لقضاء اغراضها ؟ ام الافضل ان يسوق لها سائق غريب؟؟! فاذا بالجميع يوافقون وبلا تردد! لقد كان الشهيد منشرحا لهذا الراي وخرج الجميع منشرحي الصدور!

❊ ذكرت هذه النمازج من التجارب الشخصية قد تكون اجدي وانفع من الحديث العام والمعمم والله اعلم.

*اما اذا كان المقصود من السؤال هو ترك الدكتور الترابي العمل السياسي ليتفرغ للعمل الفكري؟ او هكذا؟ فانني ارفض مثل هذا الراي! لانه ليس هناك عمل فكري مجرد وآخر سياسي مجرد وانما كلها تتكامل او تتضافر حسب القضية او القضايا! وهذا لا يتطلب ترك احداهما ليتفرغ للآخر وقد تكون المسالة تنظيم وقت وشا ء الله ان ينظم له الوقت قهرا بطرق غير معهودة وغير مالوفة وغير مرغوبة !! وقد استفاد منها كثيرا وافاد ! وانا لاادعو الي تكرار ذلك بالطبع واما ادعو الي التنظيم الطوعي

* وعند لقائنا الاخير في اسمرا بعد مضي ما يقارب السنين الخمس ومن ضمن القضايا التي تطرقنا اليها كانت هذه القضية ولقد كان رايي مثل ماذكرت انفاً.

واضفت اليه ان ماحدث من اضطراب في المفاهيم التي التقيناعليها! وما حدث من انحرافات فكرية كادت ان تعصف لا بالحركة ولا بالافراد وحسب ( وهذه يمكن تجاوزها) وانما بالفكرة نفسها ومفاهيمها الكلية والفرعية تجعل من ترككم لهذه الساحة وفي هذا الوقت بالذات اقرب الي التولي يوم الزحف!! وما اصاب البلاد والعباد من اذى بليغ! والزلزلة والذبذبة والبلبلة ..الخ التي حدثت للحركة الاسلامية لا يمكن تجاوزها الا بمشاركة الجميع وعلي رأسهم الشيخ حسن نفسه . ....الخ

* ولقد قال لي انه يود ترتيب الامور قبل ان تفاجئه الوفاة فتكون الامور غير مرتبة .. وقد كان ومازال ردي ان مصيبة الموت هي مصيبة كبيرة بلاشك !! ولكن رغم ذلك فان الامور تترتب .

والذي لم اقله للشيخ حسن في ذلك الاجتماع هو ان محاولاتنا واجتهاداتنا السابقة في اطار تطوير الافراد وتهيئتهم لتولي المهام وسد الثغرات ...الخ لم تنجح كثيرا بل كان له مردود سلبي !! ولا داع لذكر امثلة ( انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء) ولست بهذا ادعو الي عدم التخطيط والترتيب في الاطار البشري ولكني ؟؟!!

* الحديث عن الحوارين له مغاز ومعاني طيبة لا ريب فيها ولكن في اطار تجربتنا الماثلة ( من الظلم ان نقحم هذه المعاني والصفات العالية) اذ ان كلمة الحوار عندي الآن اصبحت. تعني الاجندة الخفية ! والثقة الوهمية ! وعدم الوفاء! والنفاق والشقاق...الخ والتي تتناقض تماما مع الكلمة ! ام ان الكلمة استعملت في غير موضعها ودون تدبر وتفكر!!

❊ اتفاق السلام الذي تم .. كثيرون يرون ان الاسلاميين قد وافقوا دون قصد علي تذويب المشروع الاسلامي بل ربما الغائه بعد توقيع الاتفاق .. هل انت مع هذا الراي؟

ـ اولا هنالك مصطلحات كانت تستعمل في ادبنا السياسي المعاصر ولكن قد غشيتها موجة من التحريفات والتفسيرات والحيل افرغتها في بعض الاحيان عن مضامينها ومقاصدها فهي تحتاج الي وقفة قبل الدخول فيها او الحديث عنها من ضمن هذه المصطلحات المشروع الاسلامي الكيان الاسلامي المشروع الحضاري المشروع القومي الثوابت الخطوط الحمراء العنصرية الجهوية التاصيل وحدة السودان سيادة السودان ؟دولة الاسلام؟ والمحافظة عليها ؟؟ .....الخ والقائمة تطول.. وحتي الشريعة نفسها حرفت اوشوهت او جيرت لتعني شيئا معينا دون المعني الشامل! فالان الحديث عن الشريعة لا تعني الا ما يتعلق بالرعية فقط اما ما يتعلق بالراعي او بالسلطان فهذه الجزئية المهمة من الشريعة لا يطا لها الحديث لاسباب انتم ادري بها ولكن في المحصلة النهائية هي تحريف وتشويه وستؤدي الي نتائج ؟؟! هي دون مقاصد الشرع !! !...الخ علي اية حال هذه مسائل اخري ولكن رايت ان اثبتها وقد نعود اليها في سياق آخر.

بعد هذه الخلفية اعود الي الاجابة واقول ان المشروع الاسلامي هو قيم في المقام الاول والا كان يمكن ان يطرح في عطاءات عالمية حسب المواصفات وبهذا المعني يمكن ان تفوز بالعطاء شركة كورية او صينية او....الخ ولكن لانه مشروع قيم كان لابد ان يقوم به اناس من البشر يؤمنون بهذه القيم ويعملون بها وعلي نهجها!! وانا لا اود ان اربط فشل المشروع اوتذويب المشروع بعملية السلام الاخيرة !! وان ما تم قبلها من اتفا قات للسلام وبالداخل ..! وضمنت في وثيقة اسمها الدستور! و كلها نكث بها وفعل بها ما فعل؟؟! وانتم تشهدون! ولذلك و بالنسبة لي فان المشروع كقيم قد سقط قبل الاتفاقية الاخيرة ومن الظلم اقحام اتفاقية السلام الا خيرة في هذا الموضوع! واذا كان لا بد من الربط فالربط الاقرب هو ان ما حدث من نكث ونقض للعهود الموقعة دفع بهؤلاء جميعهم للعودة للحركة ( الفصيل الرئيسي) وبذلك قوي موقف الحركة الشعبية التفاوضي ولكن الاهم من هذا ان تجربة هؤلاء ( وقد قضوا معنا زهاء الخمس سنين) كلها كانت بين يدي الحركة الشعبية و اصبحت الحركة كلها لا تؤمن بالحل (الداخلي/ السوداني/ السوداني...الخ ) وانا لا الومهم .و تداعيات التدخلات الاجنبية كلها يجب ان تقرأ علي ضؤء هذه التجربة.

اما عن اتفاقية السلام الاخيرة ( وانا لست ضدها ولو من باب الكذاب وصلو الباب) الا ان علامات الاستفهام الكبيرة عندي ان كبارالمسؤلين وبعض كبار المفاوضين هم ضد المباديء الاساسية التي جاءت في اتفاقية الخرطوم للسلام والتي تاكدت لا حقا في الاتفاقية الاخيرة ؟! او بالاحري هم لا يؤمنون بها! واعني تحديدا حق تقرير المصير !! والقسمة العادلة لا بين الشمال والجنوب وانما بين الشمال والشمال! ولقد كان من الماخذ دائما وابدا علي اتفاقية الخرطوم للسلام انها اعطت الجنوب اكثر مما يستحق ؟؟! وان الحديث عن القسمة العادلة في السلطة او الثروة يعتبر من المهددات الامنية؟؟!...الخ وهذه ادبيات معلنة ومنشورة ومنثورة ؟! فهل يا تري قد كفر هؤلاء بما كانوا يؤمنون به؟؟ ام ما زالوا متمسكين بايمنهم القديم ؟؟ وان كل ما تم هو نوع من ( العمل التكتيكي ؟! او الخداع ؟!) وهل ياتري من الاحري هذه المرة الوفاء بالعهود والمواثيق لان الشهود والحضور اشد رهبة في صدور هؤلاء؟؟ ام علي قاعدة واذ نتقنا الجبل فوقهم...الخ انني اطرح هذه الاسئلة ليطمئن قلبي ولكيلا نحرث في البحر؟؟! والله اعلم بالسرائر.

❊ ما هو مبرر بقاؤكم بالخارج حتي الان؟ بعد الوصول لاتفاق مع الجنوب واتفاق شارف مع دارفور ، ام انكم وكما يري كثير من المعارضين من ابناء دارفور بأن الاتفاق جزئي؟

ـ وجودي بالخارج وكما سردته في البداية ليس مرتبطا باتفاق الجنوب ولا بمشارف ( الاتفاق المزعوم مع دارفور) بالطبع يهمني ما جري في الجنوب ؟؟! والاسئلة التي طرحتها انفا؟ تقلقني! وانا اتحدث من واقع تجربة ماثلة ومع نفس الناس !! ويهمني بالطبع امر دارفور والذي اصبح اليوم امرا كونياً!! ويهمني امر الشرق وما جري فيه من قتل عمد لاكثر من عشرين مواطنا برصاص الاجهزة الامنية التي حصدتهم فردا فردا؟؟! ويهمني ويهمني ويهمني...الخ ولكن ما يهمني اكثر هو امر السودان العام!!والشأن السوداني العام !! ورغم ان الاتفاقية الاخيرة تسمي بالاتفاقية الشاملة الا ان الشمول فيها تظل املا ورجاء اكثر منها واقعا. فواقع الامر انها جزئية وكذا الحال بالنسبة للقضايا الاخري ستسري عليها الحلول الجزئية المؤقتة و الانتقالية والتي لاتؤدي الا الي المزيد من التجزئة في نظري ؟! و المزيد من الاغراء بحمل السلاح ! والمزيد من الشرعية الزائفة للنظام ؟؟! والذي هو اكبر اداة للتجزئة ؟! و انا مقدر لكل الاتفاقيات التي تمت بدءا بمشاكوس ونيفاشا ومرورا بالقاهرة والظروف التي احاطت بها وما تبع كل ذلك من تطورات ... الخ وما يجري الان من تطبيق لتلك الاتفاقيات علي ارض الواقع!! كل هذه المؤشرات وبعض الممارسات التي ما زالت سارية في اطار الحريات ( وعلي هامش مؤتمر القمة الافريقي ..) كل هذه وغيرها لاتشجع علي الحضور وان شئت قل هي تشجع علي البقاء في الخارج ولحين اشعار آخر!

وعلي كل فالموجودون بداخل السودان اليوم وعلي كل المستويات السياسية والحزبية ..الخ. هم الاقدر والاحرص اذا كان هنالك شيئ يمكن ان يعمل ووجودي قد لايضيف شيئا الا المزيد من والشرعية الزائفة للنظام وانا زاهد في ذلك!!

انني مقدر لادبيات الاتفاقات التي تمت والصياغات التي احكمت وضبطت .. وهي قد تصلح لنظام وافراد جدد اما ان تكون هذه القوالب والقوانين والاطر الجديدة .. هي الضابطة لنفس الافراد والاجهزة هذا ما اظن ان فيه كثيرا من التبسيط للامور والقضايا !! ولكن امل ان اكون مخطئا!! في هذا التقدير . وعلي كل موعدنا الصبح! اليس الصبح بقريب ؟؟!!

❊ د. علي .. لنعرج الي محطة وجودك في المانيا وممارسة الغربة الطوعية ثم تداعيات الوجود القسري الذي تسببت فيه مذكرة التفاهم الشهيرة ؟

- ج : قبل الولوج الي الاجابة هنالك استطراد قد يكون من المفيد ان ابدا به وهو انني قد زرت المانيا للمرة الاولي في عام 1963 اي بعد عامين من بناء سور برلين العازل بين برلين الشرقية والغربية و بدعوة من اتحاد الطلاب انذاك وكنت ممثلا لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم كمسؤل عن الشئون الخارجية ولحضور مؤتمر جامع للاتحادات الطلابية وكان موضوع المؤتمر الاساسي هو نظام الفصل العنصري بجنوب افريقيا فضلا عن قضايا التحرير في مناطق اخري من العالم ....الخ ورغم فارق الزمن والظرف الا ان زيارتي هذه المرة الي المانيا كانت لحضور منتدي السلام الذي تقيمه منظمة (Sudan-Focal-Point-Europe..........) وهي منظمة ألمانية/أوروبية متخصصة في قضايا السودان سيما قضية الجنوب ومديرتها السيدة مارينا بيتر المعروفة بصلاتها الواسعة في السودان وفي اطار قضية الجنوب تحديدا. وليست هذه هي المرة الاولي التي تقدم لي الدعوة لحضور مثل هذا المنتدي فلقد سبق ان شاركت في منتديات وحو1رات عدة اقامتها هذه المنظمة. اما معرفتي بالمنظمة ومديرتها فهي تتجاوز العقدين من الزمن فلقد سبق ان زارت السودان بعد الانتفاضة و التقت بالقوي السياسية و التقت بنا بدار الجبهة الاسلامية بالخرطوم عندما كنت اتولي ملف الجنوب في ذلك الوقت. وقد قدمت ورقة عن السلام بالجنوب من منظور المؤتمر الشعبي وكذلك عن مذكرة التفاهم التي وقعت مع الحركة الشعبية وقد كان من ضمن الحضور الاستاذ المحبوب عبد السلام الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي بالخارج واحد الموقعين علي مذكرة التفاهم الشهيرة وقد حضر وفد من الحكومة برئاسة الدكتور مطرف صديق وآخرين. وما كنت احسب انني ساقيم بألمانيا ولكن تداعيات المذكرة وما قامت به الحكومة تجاه الحزب وقياداته واعضائه جعلت قيادة الحزب توجه بعدم العودة وهكذا اقمت في ألمانيا إلي اليوم.

أما عن ألمانيا اليوم فالمعلم البارز هو غياب سور برلين والذي لم يبق منه الا الأثر للذكري والعبرة وشتان بين المانيا المقسمة والموحدة ! فلقد رايت الانقسام والان اري اثار وثمار الوحدة ولكن ايضا رايت الثمن الذي دفعه وما زال يدفعه الشعب الألماني، وكل شيء بثمنه! وما في شيئ مجان ولا في شيء رخيص في المانيا وهكذا (فالغالي بغلاته والرخيص و الرخيص برخصته) كما يقول المثل البلدي في السودان!

❊ لكن د.علي .. لابد من وجود آثار سالبة لهذه الغربة القسرية ، اقلها الابتعاد عن الخاص والعام؟

- أما عن الحياة الخاصة في المانيا فالان العالم اصبح قرية حقيقية و جغرافية العالم ذات الابعاد الافقية و التي درسناها تكاد تندثر و اصبحت الاقطار اقرب الي حارات تلك القرية والقارات اشبه بمحلياتها و لقد غطت الاتصالات الرأسية الفجوة الأفقية وكاد البعد الجغرافي ان ينطوي تماما وبفضل الله وفضل هذه الاقمار ورغم الوجود الجسدي خارج السودان الا انني لا اقول في داخل السودان وحسب وانما في بعض الحالات في داخل الحكومة ايضا وبالطبع لا نحيط بكل شيء لكن ما تيسر لنا نحمد الله عليه ونقول سبحان الذي سخر لنا هذا وماكناله مقرنين .

أما الحياة الأسرية الخاصة فالحمد لله ففي السنين الاولي كانت هنالك معوقات ( أمنية سودانية ) وقفت في طريقلم الشمل بالنسبة للاسرة ولكن كان بعد العسر يسرا. ونسال الله المزيد من اليسر.

الناحية المفقودة والتي لاتستطيع تغطيتها الا بالوجود الفعلي في السودان هو الناحية الاجتماعية والتي نشانا عليها او سميها النوستالجيا الاجتماعية .. وهذه مهما كانت رمزيتها لا تقدر بثمن وليس فيها عائد مادي ملموس او معنوي محسوس وان شئت سمها الحنين المفقود.

ونواصل ان شاء الله

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار
للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved