اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

فســــاد نظــــام .. أم أطــــماع مـوظــــفين صــغار؟ الاعتداء على أموالنا العامة (2)

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
25/2/2006 3:40 ص

توقفنا في الحلقة الاولى من تحقيقنا حول ما اذا كان الاعتداء على المال العام مجرد خروقات موظفين ام فساد في النظم الادارية والمحاسبية السودانية، عند جملة مؤشرات من بينها غياب الرؤوس الكبيرة من ساحات الحساب وتضارب القوانين في المثال الذي اشار له المحامي ساطع محمد الحاج بشأن قضية مزارعي القضارف.ودعوني ابدأ الحلقة الثانية بتساؤلات .. هل ترتكب الدولة نفسها اجراءات رمادية وغير مفهومة تؤدي في المحصلة الى ضياع المال العام واهداره ؟! هل هناك مكاتب للمراجعة الداخلية بوزاراتنا ومؤسساتنا ، كيف تدار هذه المؤسسات؟ ووفق اي نظم ؟ وهل هناك نظام اداري ومالي محدد للعمل بحيث يضمن ضبط المخالفة والشخص المخالف وتقديمه للمحاسبة اولاً بأول .
أجراه: أمير عبد الماجد
يجب ان اشير هنا الى حساسية كلمة الاعتداء على المال العام
فالمؤسسات التي اتصلت بمسؤوليها لاخذ رأيهم في النظم المتبعة عندهم تعاملوا مع الموضوع بحساسية مفرطة حتى اعتقدت للحظة انهم اتفقوا على جملة واحدة (آسف فالرأي العام سيعتقد ان فسادا يحدث عندنا وانك هنا للتحقيق في الامر) ولدى هؤلاء عدة تفاسير من بينها ان الآراء التي قد ترد على لسانهم قد تسبب لهم اشكالات مع رؤسائهم ومرؤوسيهم على حد سواء لكنني وفقت في اخذ رأي احدهم عبر الهاتف بعد ان تعهدت لهم انني لن اذكر الاسماء ولن اتعرض للمؤسسة وهأنذا افعل.
قال محدثنا وهو مسؤول كبير باحدى مؤسساتنا (هناك اشكالات في النظم الموجودة لدى عدد من المؤسسات التي عملت بها وانا اتحدث هنا عن النظم المكتوبة والمطبقة فعليافهي قديمه ) واضاف (هناك خروقات حتي لهذه النظم القديمه تحدث لغياب آليات هامة جدا كالتدريب والتأهيل والانضباط في العمل فأنت تكلف شخصا ما بمراجعة الحسابات اولا بأول وتكتشف اختفاء مبلغ مالي كبير مثلا وعندما تأتي التحقيقات تظهر ان المسئول عن المراجعة الداخلية لم يكن على علاقة مباشرة بالسرقة .. بمعنى أنه لم يأخذ شيئا من المبلغ المسروق لكنه ببساطة لم يراجع المستندات لفترة .. او راجعها ولم يستوثق منها لضعف التأهيل او ربما لوجود ثغرات في النظام او لعلاقته الشخصية بالاشخاص وثقته فيهم.
النقاط الاخيرة التي اشار لها الرجل ظهرت واضحة في تقارير
المراجع العام حسب رئيس اللجنة الاقتصادية بابكر محمد توم ..ويقول : «هناك تراخ واضح في نظمنا الادارية».
لكن كيف يحدث ان يتراخى احدهم في عمله المالي الحساس وهو يعلم ان الخطأ قد يؤدي به مباشرة الى السجن .. يقول مسئول المؤسسة الحكومية إن غياب النظم المحاسبية الدقيقة هو السبب الذي قد يتسلل منه الاهمال والسرقة لكن هذا الرأي قد لا يبدو منطقيا لدى بابكر محمد التوم الذي يطالب بعدم بقاء الموظف المالي على طولته لاكثر من عامين ويقول «يجب ان تقوم المؤسسة بتنقلات تضمن عدم بقاء هذا الموظف وراء مكتبه لفترة طويلة». والتفسير الذي فهمته ان بقاءه وراء الخزانة والمستندات المالية لفترة طويلة سيمكنه من معرفة طرائق التصرف وربما السرقة وهو ما اشار له تقرير المراجع العام السابق محسي وقالت المستشارة فاطمة برهان الدين الوكيل الاعلى لنيابة المال العام (البعض يسرق في ظل وجود رقابة ادارية تصور معي ان هذه الرقابة غير موجودة).لكن دعونا نسال المدير العام لماذا يبقي الموظف المالي في موقعه لاكثر من عامين ..لماذا لا ينقل قال ( لا استطيع لانه تمرس واصبح اكثر خبره) وهي مبررات رفضها بابكر محمد توم عندما قال ( لو ان الموظف غير مؤهل وغير متمرس لماذا عينته في وظيفه اصلا )
واضح ان ضعف الرقابة ثغرة واضحة يستغلها من يستغلها للاعتداء على المال العام لكن هل هي جريمة شخص .. ام مؤسسة ..؟ ساطع الحاج المحامي وهو ممن تولوا الدفاع عن متهمين في قضايا اعتداء على المال العام قال (معظم الذين ترافعت عنهم في المحاكم ليسوا مجرمين .. هناك اخطاء واضحة في النظم الادارية جعلتهم يمثلون امام المحكمة كمتهمين) لكن المستشارة فاطمة برهان الدين قالت هنا (هناك اشخاص يعملون في مؤسسات نظمها الادارية والرقابية ضعيفة ولا يسرقون وهناك من يعمل بمؤسسة لديها نظام اداري صارم ويسرق) واضافت (هذا الامر يحدث في الواقع).
لماذا لا يقدم المسئول الى وحدة ادارية ما الى المحكمة لانه تسبب في ضياع المال العام باهماله في المراجعة .. لماذا لا يقدم المدير الى المحكمة لان احد منسوبيه اعتدى علي المال العام .. ساطع الحاج قال (تسألني عن المدير .. بعضهم يا اخي له صلاحيات واسعة جدا .. كأنها ليست مؤسسة دولة كانها مؤسسته الخاصه )وتساءل من الذي قدم للنيابة في قضية انهيار عمارة الرباط مثلا) قال «قدم المقاول .. كأنه المسؤول الوحيد ..» الاقتصادي المعروف حسن هلال قال عندما سالته «العقاب لا يطالهم والسبب نظام الحماية المتوفر لديهم» ونظام الحماية المقصود هنا كما فهمت منه ليس نظام الحصانة العادية لكنه ( النفوذ )، اضافة الى ان معظم هؤلاء اما يجلسون على مقاعد مفصلية اوانهم نافذون أو لديهم جهات تسندهم .. قال «النظام الاداري عندنا متسامح جدا رغم ان نصوصه جيدة» واضاف «انهم يتجاوزون النظم والقوانين ولا يأبهون لها).
هل النظم والقوانين الموجودة عندنا مقيده لناحيه اداء العمل؟
يقول مدير المؤسسة الحكومية الذي وعدته بحجب اسمه «نعم انها مقيدة وعقيمة احياناوغيرمتطوره .. تحتاج الى اعادة نظر».
لدينا إختلاف في وجهات نظر هنا .. رأى يؤكد ان النظم جيدة ورأي آخر يقول انها عتيقة وغير متطورة ولدينا ايضا رأي ثالث يقول بابكر محمد توم (الخدمة المدنية اصبحت ضعيفة جداً) واضاف (انظر الي وكلاء الوزارات هؤلاء يجب ان يتمتعوا بخبرات كبيرة .. كيف يتم تعيينهم الآن) قال : ( انهم غالبا اشخاص بلا خبرات وليسوا مدركين لطبيعة العمل ومساراته). دعوني اعود هنا الى حوادث بعينها بدأ النظام الاداري فيها غريبا .. وحتى لا اآخذ امثلة يمكنها ان تجلب ما تجلب دعونا نأخذ امثلة وردت في تقرير المراجع العام .. شركة بيت الاوقاف .. هذه الشركة اسست برأسمال بلغ (5) مليون دينار (حسب التقرير) كذراع استثماري لوزارة الارشاد وحسب مديرها نبيل عبد الله كان ترخيصها يسمح بالعمل في قطاعات كبيرة لكنها عملت بالخصوص في مجال الانشاءات كمنفذ لانشاءات الاوقاف .. واوقاف ولاية الخرطوم على وجه الدقة.
الشركة وجدت نفسها بعد فترة طرفا في صراع
بين الولاية والحكومة الاتحادية لان قانون الحكم الاتحادي جعل الاوقاف ولائية .. تمردت الخرطوم بموجب القانون وانهارت الشركة.
هناك شركة اخرى اسمها زكو وردت ايضا في التقرير اسسها ديوان الزكاة لتحويل الجباية العينية كالسمسم والانعام مثلا الى اموال توزع على الفقراء والمساكين .. هذه الشركة فشلت ووقف الوزير امام البرلمان وقال(شيلوا الفاتحه علي روحها).. من المذنب في بيت الاوقاف وفي زكو وفي شركات اخرى عديدة .. وهناك سؤال المذنبون هنا.. اشخاص .. ام مؤسسات ؟؟ هل تحولت لبلاغات .. ام قيدت ضد مجهول .. وايهما اقرب للحقيقة هنا حديث وكيل النيابة التي ذكرت ان (90%) من البلاغات التي وردت في تقرير المراجع العام حوكمت .. ام حديث رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني بابكر محمد توم الذي قال (لاحظت ان الجهات الشاكية لا تتابع سير الاجراءات غالبا).
المكان الوحيد الذي يمكنني واياكم من االوصول الي الحقيقه وابراز اها هو محكمة المال العام ، لكنني للأسف لم اتمكن من لقاء قاضي المحكمة لاتأكد من القضايا التي حوكمت وانقل لكم مايحدث رغم التزامي بطلب اذن من رئيس الجهاز القضائى كتبته بالصيغة التالية : ( في البدء نشكركم علي حسن تعاونكم معنا ونرجو السماح لنا بمقابلة قاضي محكمة المال العام والحصول على معلومات عن عدد القضايا التي حوكمت خلال العام الماضي وبداية هذا العام وطبيعتها).
الاجابة كانت : (نأسف ويمكنهم
حضور الجلسات .. ان رغبوا) وانا بدوري أأسف للقراء السودانيين الكرام .. ليست لدي معلومة موثقة حول قضايا المال العام التي حوكمت هذا العام والعام الماضي لان الجهات المسئولة تأسفت مثلي وحولتني الى الجلسات ولم يشفع لي ولكم حوار ساخن دار بمكتب الرجل المهذب علي عثمان بخيت بالقضائية.حول حقكم وحقي في الحصول علي المعلومه
لماذا لا تقدم الرؤوس الكبيرة للقضاء .. سؤال يدور بخلد كثيرين عبر عنه المحامي ساطع الحاج (كل هذه القضايا .. ولا مسئول واحد شارك فيها) .. كلهم موظفون صغار .. لماذا .. الوكيل الاعلى لنيابة المال العام قالت (جاءنا للتحقيق وزير ولائى من الولايات الجنوبية اما الآن فلم يصلنا بلاغ ضد وزير).
من اين تصل القضايا الى النيابة .. بمعني من الذي يقدم
البلاغات تقول المستشارة فاطمة : (لدينا تقرير المراجع العام ونأخذه كبنية خبير ويتم فتح دعوى جنائية مباشرة) واضافت (هناك المعلومات التي تصلنا عن وجود فساد في المال العام) وقالت (اننا نحرك اجراءات اولية حتى لمجرد وجود اعلان ما في صحيفة عن وجود فساد).
ثمة نقطة اشار لها مدير المؤسسة (طلب حجب اسمه) .. قال (انظر الى تقرير المراجع العام ستجد ان القانون يطال ولاية الخرطوم وغالبا هناك اخفاق في الولايات) ولان الملاحظة جديرة بالاهتمام فقد سألت المستشارة فاطمة بهاء الدين قالت : (في الماضي كانت تصلنا تقارير ولاية الخرطوم والمؤسسات التي اكتشفت وجود اشكالات بها لفتح البلاغات ومخاطبة هذه الجهات وتفويض شخص يمثل الاتهام وفي العام 2002م انشئ مجلس متابعة بين المراجع العام ووزارة العدل ممثلة في نيابة المال العام لمخاطبة وكلاء النيابة بالولايات) واضافت ( اتوقع انخفاضا كبيرا للمخالفات في تقرير المراجع العام حسب التقارير التي تصلنا) وقالت (في المرة السابقة كانت المخالفات بـ 12 ولاية .. حاليا حوالي 6 ــ 7 ولايات فقط.
اين هو تقرير المراجع العام ولماذا ارجئ موعد مناقشته في البرلمان دعونا نسأل بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني قال (دورة المجلس الوطني انتهت وسيكون التقرير من اولويات المجلس عندما يعود للانعقاد بعد شهر).
هل وصل التقرير نفسه الى المجلس الوطني لاحظ ان التقرير
جاهز او هذا ما يبدو للمراقب لان النقاش كان سيبدأ فورا لولا انتهاء دورة المجلس .. الاجابة حسب رئيس اللجنة الاقتصادية (لا التقرير لم يصلنا حتى الآن).


اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved