الى أين ستمضي مسيرة الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بعد غياب قرنق؟
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/4/2005 9:30 ص
إعداد : رحاب طه ربما يكون المؤتمر الوطني هو الخاسر الأكبر من رحيل الدكتور جون قرنق النائب الأول لرئيس الجمهورية وزعيم الحركة الشعبية اذ أنه من الثابت أن قرنق وحدوي المزاج إضافة الى أن شخصيته كرجل دولة من الطراز الأول كانت ستكون السياج الذي سيحمي اتفاق السلام من المطبات وقد كان ذلك واضحاً في حديث الدكتور جون قرنق عقب تقرير مفوضية أبيي حينما قال إن أبيي هى جسر يربط الشمال بالجنوب وهى التي ستدعم خيار الوحدة، وحدوية قرنق تلتقي مع قناعات قيادات المؤتمر الوطني التي ظلت متمسكة بالوحدة في كل الأوقات بدرجة أن أصدق وأذكى ابناء الحركة الاسلامية استشهدوا في أرض الجنوب وبالطبع فان القناعات التي قادت هؤلاء الى هناك كانت مرتبطة بقناعات القيادات ولكن يبقى السؤال المطروح الآن وعلى كل لسان هل سيؤثر رحيل الدكتور جون قرنق على تنفيذ اتفاق السلام، أم أن قيادة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني سيمضيان في تنفيذ اتفاق السلام كما هو مرسوم وهذا ما أكدته قيادتا الحركة والمؤتمر الوطني عقب الاعلان عن رحيل قرنق مباشرة رغم مشاعر الحزن التي عمت ساحة القصر الجمهوري، والحزن الذي بدا واضحاً على قيادات الحركة والمؤتمر الوطني، فالدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون السياسية والتنظيمة قال في حواره مع «الأنباء» أمس إن الامور ستسير بنفس الطريقة المرسومة وأن فقدان الدكتور جون قرنق يفترض أن يقود الى التماسك في الحركة وفي الشراكة مع المؤتمر الوطني لاكمال ترتيبات الفترة الانتقالية حتى نستطيع أن نحقق الاستقرار الذي عمل من أجله الدكتور جون قرنق وإخوانه. ولكن البروفيسور حسن مكي يرى أن مقتل د. جون قرنق سيؤثر على عملية السلام وسيترك فراغاً كبيراً في الحركة الشعبية مما يتيح فرصة للعناصر المتفلتة وكذلك دعاة الانفصال للتأثير على عملية السلام وخلق العديد من المشاكل والقلاقل. الا أن الهندي عز الدين الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المعروف يذهب في إتجاه آخر حين يقول إن رحيل الدكتور جون قرنق لن يؤثر على تنفيذ اتفاق السلام، بل على العكس فان الحركة الشعبية ستكون أحرص على استمرارية وسريان اتفاقية السلام، ويرى الهندي أنه على الرغم من أن للدكتور جون قرنق شخصية كاريزمية استثنائية لا تتوفر لدى أيٍّ من القيادات الجنوبية داخل الحركة أو خارجها إلا أن فداحة الفقد ستدعم الحركة الى الحرص على تماسك صفها وقيادتها وقد كان ذلك واضحاً حينما أظهرت السيدة ربيكا زوجة قرنق وهى برتبة القائد أظهرت صلابة استثنائية وقدمت نفسها يوم الفاجعة كقيادة راسخة وعقلانية ربما يكون لها دور فاعل وأساسي في مستقبل جنوب السودان، وما يدعو للاطمئنان أن مسيرة السلام ستمضي بوجود قيادات مستنيرة وواعية في قيادة الحركة الشعبية مثل السيد نيال دينق، وان الحركة بهذه القيادات تستطيع تجاوز هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الحركة الشعبية، وقد أكدت الساعات القليلة التي أعقبت رحيل قرنق ان الحركة الشعبية تعمل في مؤسسية رغم التناقضات القبلية والعسكرية داخلها، فقد حسمت الحركة أمر قيادتها ورشحت سلفاكير بديلاً لقرنق في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية مع أن الدستور يعطي الحركة مدة أسبوعين لتسمية المرشح البديل، وهذه ايجابية تبعث على التفاؤل، أما المؤتمر الوطني فيرى الهندي أنه ليست هناك أمامه خيارات سوى التعامل مع القيادة الجديدة للحركة الشعبية ورغم ما حدث في الخرطوم خلال اليومين المنصرمين من أحداث دامية إلا أن ردود فعل قيادة الحركة الشعبية تجاه الحدث بعثت الاطمئنان بأن الجنوب سيقوده عقلاء في المرحلة القادمة، لذلك فإن المؤتمر الوطني عليه أن يتعامل مع هذه القيادات الشابة في الحركة أكثر من تعويله على قيادات جنوبية صقلتها التجربة والمعارك السياسية السابقة مثل جوزيف لاقو وبونا ملوال أو قادة الفصائل العسكرية التي كانت حليفة للحكومة في المرحلة الماضية، ويجب أن تنتفي عمليات التكتيك السياسي الخاسرة في ملف الجنوب، ليبقى التعويل على برامج وقيادات استراتيجية، خاصة وأن الأزمة الاخيرة افرزت قيادات من طراز نيال دينق وربيكا، وتوقع الهندي أن لا يثير السيد سلفاكير أى اشكالات خلال عمله في مؤسسة الرئاسة بالرغم من أنه أكثر تخصصاً في المجال العسكري منه في المجال السياسي. على كلٍّ يبدو أن رحيل قرنق لن يكون خصماً على مسيرة السلام وربما يكون ذلك الرحيل دافعاً لقيادتي الحركة والمؤتمر الوطني لتنفيذ اتفاق السلام وفاءً له وشهداء السلام من قبله.