اخبار سودانية

الميرغنـــــي وسيــــط إنقــــاذي.. أم حليــــــف إريتـــــــري؟!

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/30/2005 2:21 ص

الميرغنـــــي وسيــــط إنقــــاذي.. أم حليــــــف إريتـــــــري؟!

إعداد : مزدلفة محمد عثمان

«قلت له بصراحة انت مفوض تفويضاً كاملاً بالتحدث مع الاريتريين، وما نريده عدم التدخل في الشأن السوداني، ونحن لن نتدخل في ما يخص اسمرا، وبدون الالتزام بهذه القاعدة وبالقوانين الدولية يصعب جدا التحدث عن علاقات طبيعية بين البلدين».

هكذا تحدث وزير الخارجية المكلف د.مصطفى عثمان اسماعيل ليعلن منح محمد عثمان الميرغني زعيم التجمع المعارض صلاحية التفاوض مع الحكومة الاريترية واعادة العلاقات المتأزمة لسنوات، الى مجراها الطبيعي. ومعلومة جبال الاتهامات التي تبودلت خلال الاعوام العشرة الماضية ووصلت في العام الماضي ـ وتحديدا بأواخر اكتوبر ـ لحد تصويب اسمرا تهما صريحة للخرطوم بالتورط في التدبير لاغتيال الرئيس اسياس افورقي. ولكن وزير الخارجية مصطفى اسماعيل خرج على وسائل الاعلام الدولية حينها نافياً بقوة ما اثير بل اعتبره مقدمة لشن هجوم ارتري على السودان، ولم يتوانَ مدير جهاز المخابرات والامن صلاح قوش وفي نفس التوقيت عن اعلان مساندة اريتريا لمتمردي دارفور والسعي الحثيث للاطاحة بحكومة الخرطوم لصالح التجمع المعارض الذي كان يتخذ ولازال من اسمرا العاصمة السياسية لانشطته المناوئة للخرطوم.

ومع كل ذاك الغلو في القطيعة عاد وزير الخارجية منتصف الاسبوع الماضي ليلقي حجرا في بركة العلاقات السودانية الاريترية مع العلم ان السؤال الذي طرح على الوزير كان متعلقا ببداية المعارضة الاريترية جلسات مؤتمرها في الخرطوم وتأثير الخطوة على الصلات المتأزمة اصلا بين الجارين، وما كان من وزير الخارجية الا ان رد بقوله ان المعارضة الاريترية في السودان تقود نشاطا سلميا، والسودان بالمقابل لا يرفض احتضان اسمرا نشاطا مناوئا متميزا بالعمل السلمي، ويجدد تصويب الاتهامات لنظام افورقي بدعم متمردي دارفور والشرق واتاحة اراضيه لمعسكرات الخارجين.

الا ان نائب وزير الخارجية الاريتري السفير محمد عمر محمود، لا يظهر حماسا للحديث عن اسباب تصاعد التوتر بين الخرطوم واسمرا ويقول في حديثه لـ «الصحافة» من مقر وزارة الخارجية الاريترية في اسمرا، ان الاوفق هو النظر للمستقبل وعدم الطرق على الماضي الذي ولى ولا حاجة لاعادته، ويؤكد ان العلاقات مع الشعب السوداني وحتى الحكومة لم تنقطع بدليل التمثيل الدبلوماسي القائم على مستوى السفارات في البلدين برغم انها لا ترقى لدرجة السفير، ويعزي تعطل تلك الخطوة لاوضاع معلومة لكنه يظهر عدم ممانعة بلاده في رفع التمثيل الدبلوماسي خاصة وان السودان مقبل ـ والحديث للمسؤول الاريتري ـ على مرحلة جديدة تقتضي ـ وطبقا لاتفاق السلام ـ ايجاد الحل للاشكاليات في دارفور والشرق ليتحقق السلام الشامل في السودان ويمضي ليقول بإن الخطوة تخلق حال تنفيذها وضعا جديدا في السودان والمنطقة بأسرها خاصة عندما تتشكل الحكومة الانتقالية.

ويثير ما اعلنه مصطفى اسماعيل عن تفويض الميرغني لرأب الصدع مع اسمرا حنق قيادات التجمع الديمقراطي، ويقول رئيسه في بريطانيا وغرب اوروبا عادل سيد احمد عبد الهادي إن الميرغني لم يكن في انتظار ذ اك «التفويض» من نظام الخرطوم لأن الرجل ابتدر وساطته منذ وقت طويل حرصا منه على مصلحة الشعبين واعتبر في حديث مع «الصحافة» ما ردده الوزير مسعى للبحث عن رصيد للانقاذ، لافتا لان رئيس التجمع وزعيم طائفة الختمية تربطه علاقات ازلية بالشعب الاريتري وبالتالي هو الاكثر تأهيلاً بخبرته ووطنيته لتولي دور الوساطة. ويضيف بأن الميرغني ليس موظفاً بالخارجية ليأتمر بأمر مصطفى عثمان مؤكداً انه حاول منذ سنوات اصلاح العلاقات ولكن الخطوة تعثرت بسبب تعنت نظام الخرطوم.

ويبدو المتحدث باسم التجمع حاتم السر قريبا من وجهة النظر السابقة ولكن بلهجة اكثر حدة حيث يشكك في حديث ل «الصحافة» باستيعاب الوزير الحكومي مغزى ومعنى المساعي التي يبذلها الميرغني والهادفة لتجسير الهوة بين البلدين على خلفية ما تعرضت له اريتريا من تحرشات واعتداءات قادها نظام الخرطوم خلال المراحل السابقة. ويمضي حاتم المعروف بانه أحد المقربين للميرغني الى القول إن التطبيع مع اسمرا آتٍ لا محالة شاء اسماعيل او أبى. واعتبر ما اثاره الوزير ليس الا محاولة لاضافة انجاز لسجل الدبلوماسية، ومسعى مفضوح لاعطاء اشارات بنجاحها في التطبيع مع اسمرا في آخر ايامها بعد تطاول امد القطيعة.

ويقول نائب وزير الخارجية الاريتري محمد عمر محمود إن بلاده لا علم لها بمنح الحكومة تفويضا للميرغني لاعادة العلاقات مع السودان الى طبيعتها وفق شروط محددة)، ولكنه ينبة لأن رئيس التجمع يتمتع بمكانة خاصة ويحظى بتقدير واحترام واسعين لدى الاريتريين عامة وهو مؤهل لقيادة ذاك الدور المرحب به مادام يدفع العلاقات بين البلدين خطوات متقدمة الى الأمام.

وثمة من يرى ان الملف الاريتري تتنازعه جهتان نافذتان داخل الحكومة، الاولى ترى الاكتفاء بتطبيع وتطوير العلاقات مع اثيوبيا واهمال اريتريا بل تصعيد اللهجة العدائية ضدها متى ما سنحت الفرصة ، فيما تري الثانية باهمية احتواء الخلافات مع اسمرا والعمل بنصيحة معمر القذافي الرئيس الليبي التي اسر بها في اذن الرئيس عمر البشير ابان قمة سرت الاخيرة حيث قال له بصراحة ان انهاء الازمة في دارفور مرتبط باصلاح العلاقات مع اريتريا. ومعلوم ان القذافي تمكن من جمع الرئيسين عمر البشير واسياسي افورقي في النصف الثاني من مايو المنصرم على هامش القمة السباعية التي ناقشت ازمة دارفور، الا ان اللقاء لم يثمر عن نتائج ايجابية وكان مسرحاً لتوجيه كل طرف الاتهامات للآخر بايواء المعارضة المسلحة، وعاد بعدها افورقي الى اسمرا معلنا لاجهزة الاعلام ان اللقاء مع البشير كان عادياً وعلى هامش القمة. وما لبث الوضع ان تفاقم بعد اختطاف مجموعة البجا المسلحة لاعضاء المجلس التشريعي بولاية البحر الاحمر. وازداد الموقف تأزما مع اسمرا المتهمة بتسهيل مرور تلك الجماعات ووصل الامر بتقديم وزير الخارجية شكوى رسمية ضد اريتريا في مجلس الامن واعقبها بتصريحات غاية في الحدة بان الحكومة قادرة على تجنيد آلاف اللاجئين الاريتريين لاجتياح اسمرا، ولن تتوانى في ملاحقة تلك الجماعات المنفلتة الى داخل اوكارها.

وكانت المفاجأة ان يعود الوزير ليضع على عاتق الميرغني الذي يقود معارضة ضد الخرطوم تنضوي في داخلها حركتا البجا وتحرير السودان، مهمة التوسط لطي صفحة الخلافات مع اسمرا.

ولكن المحلل السياسي صفوت صبحي يتحفظ على وصم الميرغني بالمعارض بحسبان ان اتفاق القاهرة نقل التجمع من مرحلة المعارضة الى (خانة) أخرى ،سيما وان تفاوضا يدور بين موفديه في الخرطوم مع المؤتمر الوطني لتكملة نواقص الاتفاق ويشير صبحي الى أن عدم التفاهم على المسائل الامنية والمشاركة في السلطة لا يلغي بروتوكول القاهرة. ويستدرك بالقول إن الميرغني قد لا يكون شريكاً او حليفا لكنه في نفس الوقت لا يصنف كمعارض وفي نفس الوقت يتمتع بقنوات اتصال جيدة مع اجهزة الحكومة تقابلها علاقات متميزة بالرئيس اسياسي افورقي وهو قادر كما يقول صبحي على لقائه في غضون ساعات من وصول اسمرا وبدون اية تعقيدات بروتوكولية وبذا تبقى وساطة الميرغني افضل من الاستعانة بطرف خارجي.. ويضيف بالقول إن الطلب بالتدخل ربما يمثل خطوة في طريق تقريب الزعيم الاتحادي من الحكومة.

وتبدو معضلة استضافة البلدين المعارضة هي العقبة الكأداء امام انطلاق الصلات بين البلدين، وكانت هي الذريعة الاساسية لرفض اي تقارب دبلوماسي، ويشترط مصطفى اسماعيل في تفويضه للميرغني ايقاف اسمرا دعمها المسلح للجماعات في دارفور والشرق كبداية للتطبيع الفعلي.

لكن نائب وزير الخارجية الاريتري محمد عمر يري ألا مجال لفرض اية شروط عبر وسائل الاعلام، ويضيف (لا ندري من يشترط علي من) ويؤكد ان اريتريا دولة ذات سيادة وتتعامل وفق القانون الدولي وبما يتوافق مع مصالحها، ويشدد على ان السودان تنتظره مرحلة جديدة بقدوم الحكومة الانتقالية والحالية هي لتصريف الامور وبالتالي فان الوزير مصطفى اسماعيل يعيش لحظات الوداع الاخيرة لمنصبه الرسمي.

ولا يتفق المحلل السياسي صفوت صبحي مع وجهة النظر الاريترية الرسمية ويذكر بان الحكومة القادمة يمتلك فيها المؤتمر الوطني 52% أي الغالبية ويعتقد ان جلوس احد قيادات الحركة الشعبية على مقعد الدبلوماسية السودانية لا يعني تبديل سياسات. وأردف بان الجدية تقتضي الاريتريين اصلاح العلاقات مع المؤتمر الوطني لانه الشريك الاكبر القادم. ولا يبدي صفوت تفاؤلاً بمقدرة زعيم التجمع على اذابة الخلافات بين اريتريا والسودان. واعتبر ما قاله وزير الخارجية عن تفويض الميرغني محض استهلاك محلي ومسعى لابراء ذمة الحكومة بأنها اظهرت رغبة واستعداداً في انهاء التوتر مع اسمرا. وينبه المحلل والخبير في الشأن السياسي الى ان العلاقات السودانية الاريترية تتدخل فيها اثيوبيا بشكل كبير ويبقى الثمن الحقيقي كما يقول صفوت لنزع فتيل الازمة بين البلدين هو وقوف أديس أبابا على خط الحياد.

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
SudaneseOnline.Com All rights reserved