* اعتقال 500 * انتشار الدبابات في الطرقات والمروحيات الحربية في الأجواء * ضواحي العاصمة تشهد أعنف الصدامات * الشماليون أحرقوا سرادق عزاء لقرنق في أحد الأحياء * مطالبات والي الخرطوم بالاستقالة الخرطوم: اسماعيل ادم استمرت اعمال العنف والصدامات في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن السودان بين «الجنوبيين والشماليين» على خلفية مقتل النائب الاول للرئيس السوداني الدكتور جون قرنق في حادث تحطم طائرة السبت الماضي، وارتفع عدد القتلى في الخرطوم الى 80، والجرحى الى 800، وجرى اعتقال 500 ممن تتهمهم الشرطة باثارة الفتنة والقيام باعمال السلب والنهب. واشارت تقارير عن وقوع اعمال اغتصاب في بعض الاحياء، ومازالت اصوات الطلقات النارية تتردد هنا وهناك وتتصاعد اعمدة الدخان في بعض الاحياء الطرفية.

وتفشت مظاهر الحرب في العاصمة السودانية او ما يشبه باجواء الانقلابات في هذا البلد الموبوء بها على مدى التاريخ الحديث، فقد انتشرت القوات الخاصة منذ الصباح الباكر في الشوارع الرئيسية في مدن العاصمة، قوامها سيارات مصفحة تحمل الجنوب ودبابات من كل صنف ولون، وصافرات الاسعاف وسيارات النجدة التابعة للشرطة، وظلت الطائرات تطرف سماء الخرطوم حتى المساء في طلعات استطلاعية للاوضاع على امتداد ولاية الخرطوم التي تبلغ مساحتها 500 كيلومتر مربع ويسكنها نحو 6 ملايين نسمة.

وشهدت ضواحي مدن الخرطوم والخرطوم البحري وامدرمان اعنف الصدامات، وجاءت هذه المرة في شكل رد فعل من الشماليين على ابناء جنوب السودان بعد ان اعتبروا ما جرى من اعمال القتل والذبح والسلب والنهب والتخريب الواسع من تدبير الجنوبيين كرد فعل على مقتل قرنق.

واحرق الغاضبون فى ضاحية الحاج يوسف شرق العاصمة الخرطوم اكبر سرداق عزاء اقيم في دار للحركة الشعبية بمن فيه، وقتل بداخله وحوله نحو اكثر من 6 اشخاص، وتجمع نحو اكثر من 3 الاف شخص من الشماليين والمتضررين من احداث اول من امس في الشارع الرئيسى لضاحية الحاج يوسف مدججين بكل انواع الاسلحة بما فيها البنادق وتوجهوا الى الاحياء التي يقطنها الجنوبيون غير ان الشرطة وقوات الجيش منعتهم، ولكن رغم ذلك تعرض البعض منهم الى الضرب والملاحقة في شوارع الضاحية التي يقطنها الالاف من ابناء جنوب السودان. واحرقت سرادق عزاء في مدن اخرى في العاصمة خاصة في امبدة.

وفي ضاحية الكلاكلة كان رد الفعل الشمالي ضد الجنوبيين عنيفا للغاية، حيث ظلت قوات الشرطة تهدئ من غضب الشماليين وملاحقتهم للجنوبيين وسط الاحياء، فيما ظل يلاحق الشماليون الجنوبيين حتى في المركبات العامة، وتتم هذه العمليات من قبل حشود غاضبة تتهم ابناء الجنوب بممارسة العنف ضدهم اول من امس ما تسبب في اعمال نهب وسلب اغتنهما اللصوص.

كما استمرت اعمال السلب والنهب في احياء في امدرمان، طالت احد المستشفيات الطرفية، واحياء مثل الثورة الحارة (13) والحرة (14) وحي كررى شمال امدرمان ، وامتدت اعمال العنف الى احياء «مايو» و «السلمة»، والسوق المحلى في الخرطوم .

وقال دكتور عاطف بشير فزاري مدير الطوارئ والإصابات بمستشفى الخرطوم إن حالات الإصابات كانت متفاوتة حيث استقبل المستشفى كل الحالات التي وصلته وتم إسعاف الجرحى ، مبينا أن المستشفى ما زال يستقبل الحالات حتى مساء اليوم حيث تم توفير كافة الأدوية والعلاجات وتجهيز العمليات وعربات الاسعاف على مدار الـ 24 ساعة. ومع ذلك ساد الهدوء اوساط المدن بسبب الوجود الامني الكثيف، ورغم ذلك لم تفتح معظم المحال التجارية ابوابها ، وتمركز اصحاب المحال امامها وهم يحملون الاسلحة البيضاء تحسبا لاي تجدد هجوم على محالهم، وقال احد المتضررين في احداث اول من امس انه مستعد لقتل اي شخص يحاول الاعتداء عليه، لانه فقد امس الكثير من ممتلكاته .

وصبت الصحافة السودانية جام غضبها على والي الخرطوم الدكتور عبد الحليم إسماعيل المتعافي وحملته مسؤولية احداث الاثنين الدامية ، وقالت «كان من الممكن تفادي ما حدث لو ان جهازه الامني تحسب لما يمكن ان يحدث بسبب اعلان وفاة قرنق»، وطالب الصحافة المتعافي يتقديم استقالته لانه «فشل في توفير الحماية للمواطنين في الخرطوم» ، وسخرت من الاجراءات التي اتخذها في اعقاب اندلاع الاحداث وقالت «جاءت بعد ان وقع الفاس في الراس» . وأصدر الدكتور المتعافي والي ولاية الخرطوم امس قراراً بحظر التجول في كافة محليات ولاية الخرطوم اعتبارا من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحاً لحين صدور أمر آخر، وجاء فيه «يحظر التجوال في كافة محليات ولاية الخرطوم اعتباراً من الساعة السادسة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحاً لحين صدور أمر آخر».

واعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم امس عن تعطيل الدراسة بجميع المدارس الحكومية والخاصة بالولاية أيام «الاثنين والثلاثاء والأربعاء» وذلك تمشياً مع أيام الحداد الثلاثة التي اعلنتها الدولة حداداً على قرنق.

من جانبه، قال عبد العزيز الحلو القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان في الخرطوم ان افعال الشغب ليست من جماهير الحركة الشعبية ولا من شيم اهل السودان ، ودعا الى ضرورة التمسك بالوحدة والتضامن من اجل الوصول لاتفاق السلام الى غاياته المنشودة.

وحسب مصدر في الشرطة امس تمكن جهاز الامن الوطني من استرداد عدد من العربات والاجهزة وكميات كبيرة من المبالغ المالية التي تم نهبها اول من امس خلال اعمال الشغب التي شهدتها ولاية الخرطوم .

وذكر ان قوة من جهاز الامن الوطني تمكنت من استرداد عدد من العربات التي تخص «شركة دال للسيارات» والعديد من الاجهزة الكهربائية التي نهبت من المحلات التجارية والشركات اثناء عمليات الشغب التي شهدتها الولاية. وشكلت السلطات في ولاية الخرطوم امس لجنة لحصر الخسائر التي خلفتها احداث العنف والصدامات ، ومن الخسائر المرصودة حرق محطة للوقود في حي اركويت بالخرطوم بلغت خسائرها 260 ملون جنيه سوداني (الدولار يساوي 2500 جنيه سوداني) ، وقال الوكيل إنه قام برفع دعوى ضد حكومة الخرطوم حول تقصيرها من الناحية الأمنية حيث تعرضت إبنته الى اصابات بالغة. كما تعرض مغلق المواطن نور الدائم الى حريق ونهب بشارع 61 حي الفردوس بالخرطوم حيث بلغت خسائره 790 مليون جنيه. ورصدت أضرار بالغة على الفردوس من عربات ومنازل ومحال تجارية حيث أفاد مواطن بأن المتظاهرين قاموا بحرق عربة كبيرة تحمل 61 طنا من الأسمنت بجانب أضرار بالغة لعدد من المنشآت بالحي، وذكر المواطن محمد عبد الحي صاحب مغلق السلام بمدينة الفردوس بالخرطوم أن المغلق تعرض الى حريق من قبل المشاغبين حيث بلغت الخسائر 150 مليون جنيه. وتعرضت محلات المريودة والمطعم الحديث بالحي لصاحبه كمال إبراهيم بابكر لخسائر بلغت 150 مليون جنيه ، واحرق اكبر معرض للسيارات يتبع لـ« شركة دال للسيارات» بشارع ضاحية سوبا جنوب الخرطوم لخسائر بلغت 25 الف دولار وفقدان 6 عربات وسرقة 60 الف دولار من الخزينة. وقال مدير الخدمات بالشركة ان مجموعه من الرجال والنساء داهمت الشركة وقامت بالنهب والسرقة. وتعرضت مزرعة صلاح العجب الى سرقة بلغت 80 مليون جنيه، ومزرعة العقيد الجيلي عبد الرحمن الإمام الى سرقة وحريق بلغت خسائرها 40 مليون جنيه. وتعرض مركز أبو الريش الطبي بالسلمة لخسائر بلغت 600 مليون جنيه وبقالة المواطن كرار الطيب لخسائر بلغت 25 مليون جنيه. وفى حى «الفتيحاب» بأمدرمان تعرض منزل الأستاذة بدرية سليمان المستشارة القانونية للرئيس السوداني الى حريق، وقالت بدرية ان الخسائر بلغت 100 مليون جنيه بجانب أعمال الإرهاب التي تعرض إليها أبناؤها في المنزل، وحمّلت بدرية سليمان المسؤولية للأجهزة الأمنية بالولاية، واحرقت في الحي «صيدلية محمد سعيد» من أكبر الصيدليات بأمدرمان وبلغت خسائرها 3 مليارات جنيه.

وتواصلت اعمال العنف في ولايات السودان ، حيث شهدت مدينة ود مدني اعمال عنف متفرقة امس بين عدد من افراد قوات الشرطة وبعض المواطنين من الجنوبيين وذلك عقب اعلان وفاة قرنق ، واصيب اكثر من عشرة أفراد من قوات الشرطة وبعض المواطنين .

وافادت التقارير بان صداما وقع بين الجانبين استخدمت فيه الاسلحة البيضاء وذلك عقب مهاجمة مواطنين جنوبيين لمركز شرطة حي عورضة حيث المقر الرئيس للحركة مما نجم عن اصابة عدد من افراد الشرطة بالمركز. وقال مصدر طبي مسؤول بمستشفى الحوادث بودمدني ان المستشفى استقبل عددا من المصابين من افراد الشرطة حيث تراوحت اصاباتهم ولم تكن هنالك اصابات خطيرة عدا حالة واحدة لمواطن اصيب بطلق ناري.

ولكنه مع ذلك اكد المصدر استقرار الحالة الصحية للمصابين والذين غادر بعضهم المستشفى بعد تلقيهم العلاج .

وفى مدينة «الرنك» وعمال العنف امس تعرضت اثرها المحال التجارية في الاسواق والاحياء ، وقالت مصادر في الشرطة ان احد المساجد قد حرق ، ووقعت احداث مماثلة في مدن بوتسودان والقضارف وسنار، ولم تسفر عن خسائر في الارواح ، ولكن التقارير تتحدث عن حرق لعدد من المحال التجارية في هذه المدن .