مرحبا بكم فى مركز السودان للاخبار

نظرة حزب البعث العربي الاشتراكي لاتفاقات نيروبي: سلام ناقص و تفريط في استقلال السودان ووحدته الوطنية

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/3/2005 5:42 م

نظرة حزب البعث العربي الاشتراكي لاتفاقات نيروبي:

سلام ناقص و تفريط في استقلال السودان ووحدته الوطنية

تعتبر اتفاقية نيروبي الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان ، أبرز محصلة للتدخل الأمريكي في السودان ، والذي بدأ مع ما عرف بمهمة دانفورث ، والتي وضعت البلاد وتطورها طوع متطلبات المصالح الأمريكية ، وفق الرؤى التي انتهى إليها مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن . وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية ، مباشرةً وبشكل غير مباشر ، دوراً أساسياً في توجيه مفاوضات نيفاشا / مشاكوس ، ودفعت بها في اتجاه النتائج التي تجسدت في اتفاق نيروبي الموقع في التاسع من يناير من هذا العام .

فالولايات المتحدة التي ساندت الحرب الأهلية في جنوب البلاد ، وعرقلت جهود إنهائها ، خاصةً تلك التي بذلتها منظومة الإيقاد ، عملت على وقفها عندما اقتضت مصالحها ذلك . لقد أصبح السودان بسبب الحرب ومن ثم بسبب السلام الأمريكي ، واحداً من البلدان المستهدفة للنفوذ الأمريكي والذي يتقاطع مع استراتيجيات قوى دولية وإقليمية أخرى ، تسعى بدورها للهيمنة والنفوذ في المنطقة . ويقع السودان حالياً ، ورغم التوقيع على ما عرف باتفاق السلام ، ضمن دائرة الضغوط الأمريكية العالية ، والتي تشمل سوريا وإيران ولبنان وليبيا بعد أن استنفذت كل من الأولى والثانية دورهما في احتلال العراق الذي أدياه بدءاً من القادسية مروراً بأم المعارك وما تبعها من حصار وعدوانات على العراق . تلك الاستراتيجية التي تستهدف إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة العربية ، بعد أن بدأت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه بغزو العراق واحتلاله .

إن اتفاقية نيروبي ، لا يمكن عزلها عن ظروفها الدولية والإقليمية ، المتميزة بتصاعد الهيمنة الأمريكية ، خصوصاً بعد غزو العراق واحتلاله واستسلام ليبيا أمام الضغوط الأمريكية ، مما يجعل من الاتفاقية أداة من أدوات الهيمنة . تؤمن الاتفاقية وتقنن دوراً أمريكياً متزايداً في الشئون الداخلية للسودان باسم الإشراف على / ومتابعة تنفيذ الاتفاقية عبر العديد من الآليات ، بما في ذلك قوات حفظ السلام والمنظمات غير الحكومية ، وغير ذلك من أغطية الوجود الأجنبي والأمريكي خاصةً . وتتحدث الأوساط السياسية عن استعدادات النظام لاستقبال 10 آلاف من الجنود الأمريكيين والتي يمكن اعتبارها قوات احتلال غير معلن حيث تم بخضوع كامل للمطلوبات الأمريكية بأوهام الحصول على رضاء الولايات المتحدة .

وتؤسس الاتفاقية لنظام شمولي تابع ، وفق ما عرف بالشراكة بين الإنقاذ والحركة الشعبية ، وهي شراكة تقوم على إقصاء القوى السياسية الأخرى ، وتكريس هيمنة طرفي الاتفاق ، بضوء تقسيم ديني وطائفي للبلاد ، بعيداً عن أي منظور ديمقراطي . الأمر الذي يعكس نفسه في شكل نظام الحكم ، وما يتفرع منه من مفوضيات ولجان ، والذي يفتقر إلى أي مشاركة فعلية ترتكز على تعددية سياسية حقيقية وديمقراطية فعلاً .

فقد اتخذ الاتفاق ، كوليد لمفاوضات ثنائية ، شكل الصفقة بين طرفيه ، لتقاسم السلطة والثروة . وهو ما ينتفي معه أي توجه ديمقراطي ، في وقتٍ لا يستطيع فيه طرفا الاتفاق ، إدعاء التمثيل الحصري لشعب السودان . الأمر الذي يعبر عن نفسه في تنامي معارضة صيغة الاتفاق حتى داخل النظام الحاكم وداخل الحركة الشعبية ، وفي أوساط القوى السياسية الأخرى في الشمال والجنوب ، ويحمل الاتفاق عوامل موته في دخله المتمثل أهمها في كونه يجمع بين النقيضين آيديولوجياً ، وإرث شلالات الدماء التي سالت من اقتتالهما ، بجانب مفهوم الهوية المناقض لمفهومه لدى الطرف الآخر ، ونهج إقصاء الآخر والخصومة الفاجرة التي تعتبر السمة المشتركة للطرفين ، وآليات دموية أو قمعية لحسم الخلاف مع الآخر بمن في ذلك من كان ضمن تنظيم الطرف الشمالي أو الطرف الجنوبي للاتفاقية ، الأمر الذي ينذر بصراع أشد دموية في مقبل الأيام – إن كان للسودان أن يظل متحداً - ، كما أن اقتصار الاتفاق على معالجة مشكلة الجنوب ، ووفق رؤية الحركة الشعبية وحدها ، أدى إلى إغفال قضايا المناطق الأخرى الأقل حظاً في التنمية وبالتالي إلى تصاعد المطالبات الإقليمية والجهوية والقبلية بحظ من السلطة والثروة . وفي ظل تراجع الحركة السياسية بفعل القمع والكبت ، فإن الحركات ذات الطابع الإثني والقبلي والجهوي التي تقدمت الحركة المطلبية في الأقاليم ، أصبحت تشكل مهدداً لوحدة البلاد باسم الحق في تقرير المصير ، الذي قننته اتفاقية نيروبي . فالاتفاقية التي تضع الجنوب على طريق الانفصال بعد الفترة الانتقالية تشجع النزعات الانفصالية في مناطق أخرى من السودان ، مثل الشرق ودارفور ، حيث تدور حرب ثانية ، بدفع من القوى الإمبريالية والصهيونية ، ذاتها التي تدعي الحرص على تحقيق السلام في السودان . إن حرب دارفور ، وما يعتمل بشرق السودان من مهددات أمنية ، تؤكد زيف السلام الأمريكي المفروض على السودان . وأن السلام العادل الشامل ، هو هدف ينتظر التحقيق ورهين بجهود السودانيين كافة ، بعيداً عن التدخلات الخارجية . ولأنه كان من الممكن الوصول لاتفاق أفضل لإنهاء حرب الجنوب ، خاصة في السنوات التي تلت عام 85 وحتى عام 89 ، فإن تعديل شروط اتفاقية نيروبي أمر لابد منه من أجل الوصول لسلام دائم وعادل وشامل باستبعاد أي زعم لسلام يتحقق برعاية أو ضمانة القوى الخارجية ويستعيد المشاركة الوطنية الشاملة في تحقيقه وحمايته .

إن حجم الدمار الذي ألحقته الحرب بالبلاد وبفرصها في التقدم مما انعكس بشكل سالب على حياة المواطنين ، جعل من التنمية والخدمات مضموناً متقدماً للسلام ، وتشكل تنمية الجنوب وكل القطر خلال الفترة الانتقالية ، تحدياً حقيقياً لأطراف اتفاق نيروبي .

إن تقسيم عائدات الثروة ، وفق رؤى الاتفاق ، والقائم على معايير جغرافية ، وأحياناً قبلية ، من شأنه أن يؤسس لظلامات جدية ، لأنه يتجاهل تحقيق العدالة الاجتماعية في إعادة توزيع الثروة ، في بلدٍ يعيش غالبية سكانه ( 95% ) تحت حد الفقر . إن التنمية المتوازنة جغرافياً واجتماعياً ، تتطلب دوراً فاعلاً للدولة في الاقتصاد ، كما تقتضي إدارة ديمقراطية وهذا ما يتجنبه الاتفاق ابتداءً . إن الرهان على دور المانحين في تحقيق مستهدفات الاتفاق في هذا المجال ، يعتبر أبرز ثغرات الاتفاق وأكبر مهدداته .

ولئن كان من الخطأ التعويل على قوى التصعيد والتصعيد المضاد ( الإنقاذ والحركة الشعبية ) في تحقيق السلام الشامل العادل والمستدام ، فإنه كذلك لا يمكن الرهان على الدور الأمريكي في الضغط باتجاه إحداث التحول الديمقراطي الحقيقي .. لذلك يصبح تحدي بناء جبهة شعبية معارضة تضطلع بمهمة استنهاض الحركة الجماهيرية من أجل استعادة الديمقراطية والاستقلال الوطني والمحافظة على الوحدة الوطنية وإحداث تحولات اقتصادية اجتماعية لمصلحة الغلبة الساحقة المغلوبة المسحوقة من أبناء وبنات شعبنا ، هو التحدي المعادل لتحدي الأزمة الوطنية الشاملة الجاثمة على بلادنا – وهذه الجبهة الشعبية هي الكفيلة بإرساء دعائم السلام الشامل والعادل الذي يتطلع إليه شعبنا - .

إن الوعي المتنامي بوحدة المخطط الإمبريالي الصهيوني والذي تعتبر الاتفاقية إحدى حلقاته ، يستوجب الاصطفاف في خندق المقاومة العراقية دعماً وإسناداً لها سياسياً ، وإعلامياً ، بشرياً ومادياً وبالكف عن مغازلة صنائع الاحتلال في العراق أو الاعتراف بهم الذي يعني إضفاء مشروعية للاحتلال ، كما يستوجب إسناد ودعم الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية ومباركة حقها المشروع في القتال لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر والتصدي لتداعيات الأنظمة العربية الساعية لتطبيع علاقاتها بدولة الكيان الصهيوني . كما يستوجب أيضاً التصدي الحاسم للضغوط التي تتعرض لها سوريا ولبنان ، واعتبار ذلك كله منظومة متكاملة للدفاع عن السودان وأمته العربية .



اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية| آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
SudaneseOnline.Com All rights reserved