الاتعاظ بعبر الماضي ودروس التاريخ ظل عاملا هاما في تطور التجارب الانسانية ذلك لأن التمعن في دروس الماضي يعين علي تلافي سلبيات الماضي. من المفاهيم التي أصبحت من قبيل الثوابت في الأزمة السياسية السودانية هي: ضرورة الخروج من نفق ادمان الفشل في ادارة أغني وأكبر دول القارة الافريقية والمنطقة حتي يتسني للشعب السوداني أن ينعم ببلاده التي تذخر بكل موارد وكنوز الدنيا في حياة يسودها الاستقرار والنماء. التجربة السياسية السودانية أثبتت أيضا أن سياسة التهميش والاقصاء وعزل الآخرين لم تدفع الا الي المزيد من الصراع والاحتراب والاحتراق ولم تكرس الا الفقر والبؤس والشقاء. لكل ذلك ينبغي الاصرار علي الخروج من هذه الدائرة الشريرة.

بما كسبت أيدي هذا النظام وبصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 الخاص باحالة مرتكبي الابادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور الي المحكمة الجنائية الدولية يوشك أن يدخل السودان الي مرحلة الانهيار إما بدخول النظام في قفص الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية - وهو أمر حتمي لا مفر منه- أو في حالة تهور النظام بمحاولة جر الشعب السوداني الي معركة خاسرة قبل بدايتها مع مجلس الأمن والمجتمع الدولي. في كلا الحالتين - مع العوامل الاخري- سيصل النظام الي نهايته المحتومة.

هذا الواقع يفرض علي كل القوي السياسية السودانية واجبا لتحمل مسئوليتها التاريخية والتفكير مليا في البديل الوطني والقومي لهذا النظام والبدء في الترتيبات والسبل المؤدية الي تحقيقه، وفي هذا السياق تقدم الحركة هذه المبادرة بوصفها أفكار ومبادئ يمكن تطويرها من الجميع:

أولا:- ضرورة تحقيق اجماع وطني
في ظل التطورات المتلاحقة والمتسارعة أضحت قضية التقاء القوي الثورية المسلحة والقوي السياسية السودانية في ملتقي جامع ضرورة ومسئولية وطنية وتاريخية وذلك بغرض تحقيق الآتي:

1- الخروج برؤية موحدة حول برنامج لتكوين حكومة انتقالية قومية تقوم علي أساس الوحدة الوطنية
2- توحيد الجهد والخطاب السياسي والدبلوماسي
3- تنسيق الجهود الرامية الي اتمام انهاء النظام
4- دعم المسار القانوني لاكمال محاكمة المتهمين من قادة النظام أمام المحكمة الجنائية الدولية.
5- التأكيد علي مكتسبات شعب جنوب السودان والحركة الشعبية وهي مدعوة الي لعب دور كبير مع القوي الأخري لرسم معالم المرحلة القادمة

ثانيا:- وظائف ومهام حكومة المرحلة الانتقالية
تأسيسا علي المتطلبات الوطنية يجب أن تطلع حكومة المرحلة الانتقالية ذات الصبغة الوطنية والقومية بالوظائف الأساسية التالية:
1- الحفاظ علي الأمن القومي السوداني المتمثل في مصالح البلاد العليا وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية والمحافظة عليها من التفكك أو التشرذم أو الفلتان الأمني (صوملة)
2- ادارة دفة الحكم وشئون البلاد خلال الفترة الانتقالية
3- الاعداد لمؤتمر أقاليم السودان لبحث كافة قضايا البلاد ليفضي الي دستور يستوعب تنوع شعوب أقاليم السودان ويؤسس لدولة سيادة حكم القانون والديمقراطية ويقوم علي مبدأ العدل والمساواة المطلقة في الحقوق والواجبات وكفالة حقوق الانسان
4- معالجة قضايا الحرب في جميع أقاليم السودان بشكل يراعي خصوصية هذه الأقاليم
5- معالجة الأوضاع المأساوية والانسانية الناتجة عن حروب النظام وسياسة الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية في حق شعوب دارفور، شرق السودان، جنوب السودان، جبال النوبة، والنيل الأزرق
6- اعادة رتق النسيج الاجتماعي الذي فتقته سياسة نظام الانقاذ في حربه للمجتمع في كافة أنحاء البلاد
7- اعداد واجراء انتخابات حرة ومستقلة ونزيهة في البلاد خلال فترة يتفق عليها

خاتمة
سيصبح الملتقي الجامع فرصة نادرة لانقاذ حقيقي للبلاد ورسم معالم مستقبل يطوي صفحة الماضي، في هذه الفرصة ربما يكون السودان مع قدر تاريخي ينهي مآسيه وآلامه ومراراته.