مستشار الرئيس السوداني: مؤامرة الترابي وأعوانه لتحقيق مصالح شخصية .. ووافقنا منذ بداية الأزمة على حكم ذاتي في دارفور

سودانيز اون لاين
10/5 3:49am

بروكسل: عبد الله مصطفى
أعلن الدكتور قطبي المهدي مستشار الرئيس السوداني، أن محادثاته في بروكسل مع عدد من المسؤوليين في الاتحاد الأوروبي، تركزت في المقام الأول حول ملف دارفور لنقل الصورة الصحيحة لما يجري في الاقليم والتفاهم حول ما يمكن عمله من إيجاد حل ايجابي للمشكلة، ومن ثم التعاون من أجل ايجاد الحلول بدلا من أن تصبح المشكلة سببا في مواجهات لا تخدم القضية بل تسهم في تعقيدها.
وحول احتمالية فرض عقوبات على السودان في مجال النفط، قال المسؤول السوداني في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن المقصود من القرار هو إعاقة قدرات الحكومة حتى لا تستطيع ان تسيطر على الأوضاع ولا تستطيع حل مشاكلها بإرادتها الوطنية أو بالتعاون مع المنظمات الاقليمية، وفي اعتقادي أن النفط أحد هذه القدرات».
وعن والمؤامرة الأخيرة لقلب نظام الحكم وأهداف الترابي وأعوانه من وراء المحاولة الانقلابية، أوضح المهدي ان دوافعهم في هذه المسألة ذاتية بحتة ولم تأخذ في الاعتبار مصلحة البلد أو معاناة الأمة. وأسف المهدي لتدهور العلاقات الأميركية ـ السودانية، وقال «إن قرارات واشنطن تتأثر بمواقف مسبقة من بعض جماعات الضغط وهذا شيء يحزننا كثيرا»، حسب تعبيره.
* ماذا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يفعل من أجل قضية دارفور؟
ـ المشكلة الأساسية لقضية دارفور تتمثل في عدم توفر معلومات صحيحة وعدم وجود شرح لطبيعتها، لقد جئنا الى بروكسل لعرض القضية في الإطار الصحيح وتقديم المعلومات المهمة المتعلقة بالقضية وحلها، ومن ثم التعاون من اجل ايجاد الحلول بدلا من أن تصبح المشكلة سببا في مواجهات لا تخدم القضية بل تسهم في تعقيدها، والاتحاد الأوروبي له دور كبير، ونسعى من خلال الزيارة والتباحث مع المسؤولين في المؤسسات الأوروبية المختلفة الى الوصول لتفاهم حول ما يمكن عمله بالتعاون مع المؤسسات الدولية والمنظمات الاقليمية لتقديم حل ايجابي لمشكلة دارفور.
* ماذا فعلت حكومة الخرطوم حتى الآن من أجل الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها أمام المجتمع الدولي لايجاد حل للمشكلة في الاقليم؟
ـ نحن بمجرد صدور قرارات مجلس الأمن السابقة عملنا شراكة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حتى نصل إلى خطة عمل مشتركة ترتب الالتزامات على كل من المجتمع الدولي والحكومة السودانية، ونعمل معا من أجل تنفيذ هذه الخطة، وبالفعل ومع ممثل الأمين العام للامم المتحدة جان برونج وصلنا الى خطة محددة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وبدأنا في تنفيذها في فترة زمنية قصيرة جدا، وحققنا تقدما واضحا، حسب ما ورد في تقرير المبعوث الأممي، وكان من المفروض ان نستمر في تنفيذ هذه الخطة في المرحلة التالية حتى نستطيع ان نحل المشكلة، ولكن جهودنا مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ومن قبلها قرارات الاتحاد الافريقي استبقتها جهود من جانب بعض الدول لاستصدار قرارات من مجلس الأمن أثرت بشكل كبير تنفيذ هذه الخطط وعلى جهود الاتحاد الافريقي، وايضا اسهمت في تعقيد المشكلة وبدلا من ان تقوم تلك الدول بمساندة حكومة الخرطوم في جهودها لحل المشكلة عملت تلك الدول على إضعاف الحكومة السودانية حتى لا تفي بالتزماتها.
* قرارات مجلس الأمن الأخيرة تضمنت الإشارة الى احتمال فرض عقوبات على السودان في مجال النفط، هل يعني ذلك ان النفط هو المستهدف من وراء إثارة قضية دارفور؟ ـ أعتقد والى حد كبير ان المقصود هو إعاقة قدرات الحكومة السودانية حتى لا تستطيع أن تسيطر على الأوضاع ولا تستطيع حل مشاكلها بإرادتها الوطنية أو بالتعاون مع المنظمات الاقليمية، وفي اعتقادي ان النفط أحد هذه القدرات التي تمتلكها الحكومة السودانية. والواضح ان الناس تركوا المشكلة الأساسية في دارفور وهي مشكلة بسيطة وواضحة جدا وذهبوا الى افتعال مشاكل سياسية مع الحكومة السودانية ليصلوا الى قرارات من هذا النوع، وكان من المفترض ان تسهم العقوبات في حل المشكلة وهي مشكلة تنمية وخدمات وحلول سياسية ولكنها توجهت الى الحكومة المركزية لمعاقبتها وعرقلة وتعطيل قدراتها الاقتصادية واللوجستية، الأمر الذي من شأنه لا يؤدي الى إيجاد حل للمشكلة.
* تشير تقارير إعلامية الى موافقة حكومة الخرطوم على منح المتمردين في دارفور حكما ذاتيا محدودا، ما مدى صحة ذلك؟
ـ نعم، نحن في الحقيقة منذ البداية والحكومة تطبق النظام الفيدرالي في دارفور والاقاليم السودانية الأخرى، والآن دارفور تحكمها 3 حكومات وبرلماناتها، وأعضاء تلك الحكومات هم من أبناء دارفور. هذا النظام ظل يتطور عاما بعد الآخر، وهذه تجربة جديدة، ولهذا فانه من حيث المبدأ ليست مشكلة، ونحن أيضا طرحنا في جهود الحل السياسي للمشكلة أن تطبق اتفاقية نيفاشا على كل أقاليم السودان، وهي تعني مزيدا من المشاركة في السلطة وفي الثروة، ومزيدا من الحكم الذاتي، إذن كلها أشياء موجودة من قبل وهي سياسات موجودة قبل مشكلة دارفور، وكان ينبغي تدعيمها ولكن يجب ان تتم هذه الاشياء بإرادة وطنية. وهنا أقول هل من صلاحيات أي مسؤول في الأمم المتحدة أن يأتي ويقترح على السودانيين كيف يحكموا بلدهم سواء كان ذلك حسب نظام فيدرالي أو كونفيدرالي أو حكم ذاتي أو غيره؟ لا هذه ليست من صلاحياته بل هذه سياسات تتحقق بإرادة وطنية وحسب الدستور، وهي سياسات موجودة أصلا، فلماذا كل هذه الضجة حول دارفور؟
* تتحدثون عن إرادة وطنية واحدة وبالأمس سمعنا عن إحباط محاولة انقلابية قلتم إن الترابي وأعوانه خططوا لها، ما مدى تأثير ذلك في توجهات حكومة الخرطوم لتخطي الصعوبات والظروف الصعبة التي يمر بها السودان؟
ـ لمواجهة تلك الصعوبات، لا بد ان يتخذ المجتمع الدولي موقفا متعاونا مع الحكومة لمساعدتها على تجاوز تلك الصعوبات وليس بخلق مشاكل جديدة لها، هذا أولا، أما ثانيا مثل هذه الحركات سواء ما يجري في دارفور أو ما كان يجري في الجنوب اأو ما يراد له ان يحدث في الشرق أو المحاولة الأخيرة في داخل العاصمة، كلها جهود لإضعاف الإرادة الوطنية وخلق المشاكل، والجميع يعلم ان السودان يحتاج الى فترة من الاستقرار حتى ينجز مشروعات التنمية التي تأخرت كثيرا، والسودان بلد يمتلك قدرات وموارد كافية جدا، ولكن افتعال الأزمات في الداخل والخارج يجعله يواجه موقفا صعبا للغاية وحرمانه من التنمية والاستقرار.
* هل كان ذلك ما يريده الترابي وأنصاره من المحاولة الانقلابية الأخيرة؟
ـ بالنسبة للترابي وأتباعه أعتقد أن دوافعهم في هذه المسألة ذاتية بحتة ولم تأخذ في الاعتبار مصلحة البلد أو معاناة الأمة. نحن نواجه مشكلات في الجنوب والشرق والغرب، وأعتقد أن آخر ما نحتاجه هو حدوث مشكلة في داخل العاصمة وفي مركز الدولة، وبالتالي فإن هؤلاء وضعوا مصالحهم الشخصية وطموحاتهم الشخصية قبل مصلحة الوطن، وبذلك ارتكبوا خيانة في حق الوطن والأمة، وبالتالي وكما نشاهد الآن، من الصعب على الحكومة أن تتسامح مع هذه التصرفات، وأعتقد أن ما فعلوه جريمة خطيرة جدا، وأن أي محاولة لطعن السلطة الوطنية في ظهرها وهي تواجه كل هذه المسؤوليات تكون جريمة كبيرة جدا.
* البعض يتهم حكومة السودان بدعم وتمويل الجنجويد، فمن يمول ويدعم الميليشيات الأخرى في دارفور... فهل لديكم إجابة على هذا السؤال؟
ـ نعم، نحن في متابعتنا لنشأة هذه الحركات أو الجماعات ومتابعة نطاق نشاطها في الداخل والخارج ومعرفتنا بأفرادها وقدراتهم، لا يخالجني الشك إطلاقا في أن هناك جهات تمول هذا العمل، ونحن نعرف نشاط تلك المجموعات، وجزء منها هي نفس الجهات التي كانت تمول وتدعم التمرد في جنوب، وهي الآن تمول وتدعم الحركات، وكذلك تدخل رئيس الحركة الشعبية في هذا النشاط في دارفور مفضوح بالنسبة لنا وموثق. وهذه الحرب تدار الآن من عواصم معينة، والقيادات كلها في الخارج ولها فروع في كل الدول الغربية وتتلقى دعما دبلوماسيا وإعلاميا وتستضاف كوادرها الموجودة في العواصم الغربية، وتمنح حق اللجوء وتتحرك بحرية كاملة وجهودها الآن مع جهود القوى التي تريد فرض عقوبات على السودان هي جهود منسقة ولكل دوره في هذا، ونحن نأسف جدا لهذا الوضع لأننا كنا نعتقد ان السودان كدولة له من الموارد ما يستطيع أن يقيم بها علاقات ايجابية مع هذه الدول وتكوين علاقات تعاون واحترام متبادل، ونحن لا نرى في دعم هذه الدول لتلك المجموعات أي هدف ايجابي يمكن أن يخدم مصلحة عامة سواء داخل السودان أو خارجه.
* السودان عضو في العديد من المنظمات الاقليمية والدولية مثل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وعدم الانحياز، فماذا فعلت تلك المنظمات والدول الأعضاء فيها لمساعدة السودان في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها؟ ـ نعتقد أن دور الدول العربية والجامعة حيال المشكلة كان ايجابيا وعظيما، وإذا كان قد أسهم حتى الآن في التأثير في الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية في ان تنحو منحى أكثر ايجابية في معالجتها للمشكلة، فانه في الوقت نفسه بعث برسالة مهمة جدا للعالم، وهي ان الجامعة العربية والدول الأعضاء فيها لا تزال موجودة ومهتمة بقضاياها كمجموعة عربية، وهذا يبشر بدور كبير للجامعة تحت قيادة أمينها العام، ويؤكد أيضا ان الدول العربية وقياداتها بخير ولا تزال أمينة على مصالح شعوبها، وكذلك بالنسبة لمنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الافريقي ودول عدم الانحياز، وأعتقد اننا وجدنا تجاوبا كبيرا جدا وهذا مهم بالنسبة لنا لأنه أوضح للجميع انه اذا كانت هناك مجموعة دولية معينة تسعى الى إيذاء السودان فهناك رأي عام عالمي آخر يقف مع الحق والسلام.
* كيف تقيمون العلاقات الأميركية ـ السودانية في الوقت الحالي؟
ـ نحن نأسف للمواقف الأميركية الآخيرة، لقد جاء وزير الخارجية كولن باول الى السودان أثناء أزمة دارفور وزار المنطقة والتقى مع المسؤولين كما زارها أعضاء في الكونغرس الاميركي وغيرهم، وكانت محادثاتهم جيدة وتصريحاتهم كانت ايجابية، لكن فوجئنا بعد عودة باول الى بلاده، ذهب ليخاطب الكونغرس وهو يعلم أن الكونغرس له رأي مسبق وهو رأي عدائي في مسألة دارفور، واضطر وزير الخارجية باول الى أن يجاري الموقف، وتغيرت تصريحاته وناقض نفسه، وهذا يدل على أن الأمور في أميركا لا تتحرك بالموضوعية المطلوبة وإنما تتأثر بمواقف مسبقة من بعض جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وهذا شيء يحزننا كثيرا لاننا في السودان ليس بيننا وبين أميركا عداء تاريخي أو تقليدي، وكان يمكن للعلاقة بيننا وبينهم ان تكون جيدة ويكون بيننا تعاون لمصلحة الشعبين، وما زلنا نأمل في ذلك وما زلنا نؤمن بأن هناك قوى ايجابية كثيرة تستطيع أن تتفهم قضايا الشعوب وتتفهم المصلحة المشتركة.
* هل يمكن أن تطلعونا على آخر المستجدات في دارفور وما تم تحقيقة من تقدم في المجالات المختلفة سواء بالنسبة للوضع الامني أو الاغاثة الانسانية أو الحوار السياسي؟
ـ الوضع في دارفور في تحسن مستمر وبصورة جيدة، لاننا في تنفيذنا للخطة المشتركة مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة استطعنا أولا أن نحرز تقدما كبيرا جدا في الوضع الانساني، واستطعنا ان نحمي المواطنين من هجمات العصابات الخارجة عن القانون، والآن المواطنون الذين في معسكرات الإيواء قرروا العودة الى قراهم وإعادة اطفالهم الى المدارس وممارسة حياتهم بصورة عادية، إلا ان هذا الجهد يواجه بمحاولات للتقليل منه من جانب كثير من المنظمات التي وجدت في أزمة دارفور فرصة للنشاط وتحاول أن تقنع المواطنين بالبقاء في المعسكرات. أما الناحية الأمنية فهناك أيضا تحسن كبير طرأ لان الحكومة أرسلت ما يزيد عن 10 الآف شرطي من ولايات مختلفة من السودان، وأيضا نشرت 60 الف جندي من القوات المسلحة خارج المعسكرات. إذن الوضع تحت السيطرة ويوجد معنا مراقبين أجانب لمراقبة وقف إطلاق النار، وأيضا قوات محدودة من الاتحاد الافريقي لحماية المراقبين، وفي المسار السياسي قطعنا شوطا كبيرا جدا في محادثات أبوجا، ولكن مع الأسف العملية التفاوضية تعطلت بسبب قرار مجلس الأمن والمشروع الأميركي الذي تم تقديمه، ولكن ما زلنا نأمل في أن تتواصل اللقاءات تحت رعاية الاتحاد الافريقي ونصل الى تسوية سياسية شاملة تجعلنا نحل المشكلة حلا نهائيا.


اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com

الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


اخبار السودان بالانجليزى | اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | نادى القلم السودانى | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد

contact Bakri Abubakr
Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved