المؤتمر القومي الجامع هو مفتاح الحل لمأساة دار فور

سودانيز اون لاين
6/13 11:18pm
الميدان (العدد 1993) 27 مايو 2004

جريدة الميدان

هذا ما نادى به الحزب الشيوعي طوال الفترة 1992 – 2004 في بياناته وفي صحيفة الميدان، وهو ما طالب به حزب الأمة استباقاً، وتضمنه ميثاق الإجماع الوطني الذي أجمعت عليه كافة قوى المعارضة داخل وخارج التجمع. أكد هؤلاء جميعاً ان ما يجري في دار فور مشكلة سياسية تستوجب حلها عبر الحوار السياسي والحلول السلمية القومية التي تجمع عليها كافة القوى السياسية دون استثناء لأحد، بما في ذلك القوى المعارضة التي تحمل السلاح – في مؤتمر جامع يطرح أسباب الأزمة الباينة والمسكوت عنها وكيفية العلاج المستدام لها. غير ان سلطة الإنقاذ الأحادية أصرت على الحل العسكري الذي فاقم الأزمة، ورغم ان الحكام العسكريين الذين عينتهم على دار فور الكبرى فشلوا فشلاً مبيناً، ولم تسعفها ما سمي بآلية استعادة هيبة الدولة بقوة السلاح والمكونة بالمرسوم الجمهوري في 1/5/2000 بل تمرغت الآلية في وحل استكبارها وتكسرت وتناثرت أشلاء على صخرة الواقع. ومع كل ذلك لم ترعو، بل واصلت الحل عبر السلاح والأرض المحروقة والقتل الجماعي، بل بالاستعانة بالأجانب المجلوبين من البلدان المجاورة وغيرهم من الذين منحتهم الجنسية والمستوطنين بمن يطلق عليهم الجنجويد وتمليكهم الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها بعد اقتلاع أهلها عبر مذابح وحشية.

ان كافة منظمات الأمم المتحدة وعلى رأسها الأمين العام، كوفي عنان، ومنظمات حقوق الإنسان والإغاثة المختلفة التي بلغت أكثر من 19 منظمة، والتي زارت دار فور ومعسكرات اللاجئين في تشاد وما يرويه الفارون إلى العاصمة وما تنشره بيانات روابط أبناء دار فور عن حالة أهلهم، أجمعت كلها على:
أولاً: ما يحدث في دار فور الآن يمثل مأساة العصر التي تجاوزت ممارساتها الوحشية ما يجري في فلسطين المحتلة والعراق المستعمر رغم ضراوة وبربرية ما يحدث هناك.

ثانياً: الجنجويد والحكومة وجهان لعملة واحدة في مسرح العمليات. فالحكومة أقامت لهم مركز رئاسة في مدينة الجنينة ومعسكرات للتدريب تحت إشراف جيش الحكومة ومدارج لهبوط الطائرات التي تحمل لهم المؤن والعتاد الحربي، وقواعد تنطلق منها القاصفات الجوية لضرب القرى والمدن كغطاء لاجتياح الجنجويد لها. صار الجنجويد قوات نظامية معترف بها مثل الدفاع الشعبي والقوات المسلحة. وقد أكد ذلك البيان الصادر عن المؤتمر الجامع لكل قبائل دار فور المنعقد في 15 فبراير 2004. وصرح به د. التيجاني السيسي أحد الحكام السابقين لدار فور لإذاعة البي بي سي في صباح 11/5/2004. أكثر من ذلك، يتناقل القادمون من الفارين أسماء عدد غير قليل من قيادات المؤتمر الوطني والقوات المسلحة والدفاع الشعبي يقفون على رأس قوات الجنجويد ورسم الخطط لها وتوجيهها.

ثالثاً: قصفت الحكومة العديد من المدن والقرى بالطائرات بصورة عشوائية في كتم، والطينة، وكبكابية وجبل مرة وكونوي ومعظم القرى المحيطة بها ولم تنج ولايات دار فور الثلاث من القصف المركز الذي أودى بحياة الآلاف من مواطني دار فور.

رابعاً: الإبادة الجماعية للسكان مع سبق الإصرار والترصد، وإلا كيف يستقيم قتل الجرحى ومطاردة الهاربين ورميهم بالرصاص واقتحام المستشفيات للإجهاز على المرضى بها كما حدث على سبيل المثال في مستشفى الطينة في يوليو 2003، بل وتلاحق قوات الحكومة والجنجويد النازحين لقتلهم في المعسكرات داخل الأراضي التشادية مما أجبر الجيش التشادي للتصدي لهم دفاعاً عن أراضيه ومن استجاروا به. ودخل في 29 أبريل 2004 في صدام مباشرمعهم، بما تسبب في توتر العلاقات بين البلدين. كل ذلك وما هو أبشع منه لم يعد سراً بل كشف النوايا المسكوت عليها وأصبحت تتناقلها أجهزة الإعلام المختلفة في كل بقاع العالم وهي تحكي عن كارثة العصر في دار فور. إننا إذ نرحب بالاتفاق الذي تم بين حزبي الأمة وحزب الحكومة، نطالب بأن يؤسس ذلك الاتفاق على:

(1) الاعتراف بأن ما يحدث في دار فور مشكلة سياسية تتطلب حلاً سياسياً قومياً وليس عسكرياً . (2) هذه المشكلة لا يمكن حلها إلا عبر مؤتمر سياسي وطني جامع يسع كل قوى المعارضة داخل التجمع وخارجه يمثل فيه أيضاً أهالي دار فور بما في ذلك القوى المعارضة المسلحة. (3) ينظر المؤتمر في جذور المشكلة ومسبباتها والحلول الناجعة لها . مستصحبا مبادرة أهالي دار فور التي هي خلاصة لـ 25 مبادرة. (4) يكون المؤتمر هيئة لتقصي الحقائق في كل الجرائم التي ارتكبت في حق أهلنا في دار فور وتقديم مرتكبيها إلى المحاكم. لا نعترض ان يضع المؤتمر الجامع في الاعتبار اللجنة التي كونها رئيس الجمهورية برئاسة مولانا دفع الله الحاج يوسف لتعمل وفق قانون 1954. (5) لضمان انعقاد المؤتمر الجامع في جو تسوده الحرية والديمقراطية وبروز قراراته للشعب لابد من إلغاء قانون الصحافة الجديد، ورفع حالة الطوارئ – إلا في مناطق القتال – وإلغاء كافة القوانين الاستثنائية التي تحول دون إبداء المؤتمرين لآرائهم دون خوف أو وجل وفي جو حر ديمقراطي. (6) يضع المؤتمر الجامع خطة اسعافية تلزم الحكومة بتنفيذها عاجلاً، قوامها:

(أ) ضمان الاستقرار لعودة النازحين داخل وخارج البلاد إلى ديارهم وحمايتهم، وذلك قبل حلول فصل الخريف. (ب) توفير البنى التحتية التي خربتها الحرب بكل التفاصيل التي تقدمها من خدمات. (ج) تعويض كل من مسه ضرر في ممتلكاته. (د) نزع السلاح من الجنجويد وكافة المليشيات ولا يسمح بحمله إلا للقوات المسلحة مع الرقابة الصارمة.

هذا وحده هو الذي يحول دون تدويل الوضع في دار فور، ويجعل الحل السياسي الديمقراطي الشامل لازمة الوطن سودانياً قولاً وفعلاً، وهو الأداة التي لا بديل لها سواء في دار فور أو نيفاشا أو غيرهما، وبديلاً مجرباً للحلول الثنائية.


أرشيف الميدان



اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


اخبار السودان بالانجليزى | اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | نادى القلم السودانى | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد

contact Bakri Abubakr
Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved