انعقدت فى الفترة ما بين 12-13 يونيو2004 ورشة العمل التى اقامتها رابطة ابناء جبال النوبة العالمية كندا-فرعية أتاوة تحت عنوان "الوضع السياسى الراهن فى جبال النوبة على ضوء اتفاق نيفاشا" نوقشت فيها خمسة اوراق تناولت جملة قضايا متعلقة بالمنطقة شملت توزيع السلطة والثروة, الترتيبات الامنية وموقف أبناء جبال النوبة فى الحركة الشعبية لتحرير السودان, التغيرات السياسية فى خريطة جبال النوبة, التعليم, واختتمت بورقة جاهزية مؤسسات المجتمع المدنى لفترة ما بعد نيفاشا.
الدافع و الغرض الاساسى لهذه الورشة هى محاولة فى اتجاه الاسهام الفكرى فى القضايا التى تهم المنطقة على ضوء محادثات السلام الدائرة الان لرسم مستقبل السودان عامة وجبال النوبة على وجه الخصوص. و استشعارا منا بالمسئولية التى تقع علينا كأبناء جبال النوبة بمختلف توجهاتنا الفكرية والسياسية فى هذه المرحلة, رأت اللجنة المنظمة للورشة اهمية المبادرة لخلق ارضية من أجل مناقشة ايجابية لاتفاق نيفاشا. وبهذا نحن نتفاعل مع ما تم فى نيفاشا بموضوعية ولا ندعى بهذه المبادرة المتواضعة احتكارنا ناصية الحكمة و دفة الصواب وانما نرمى فى اتجاه إثراء الحوار. ومن الاهمية بمكان الوقوف اجلالا لكل شهداء الحرية والوطن من ابناء جبال النوبة وكل المناضلين فى الحركة الشعبية و الجيش الشعبى لتحرير السودان لسعيهم من اجل سودان جديد تسوده قيم العدالة الاجتماعية والمساوة.
اتفاقية السلطة والثروة
بدأت الورشة بورقة السلطة والثروة والتى قدمها الاستاذ عمر الطيب نبابة عن د. سليمان موسى رحال. الورقة تناولت مسار السلام منذ اتفاق مشاكوس الاطاري مرورا بالترتيبات الامنية إلا ان تركيز الورقة كانت حول البروتكولات الثلاثة الاخيرة واتفاق السلطة والثروة. ويورد الدكتور رحال فى تماسك نظرى بعض الملاحظات حول الاتفاق والتى منها: الاتفاقية جاءت دون مستوى طموح ابناء جبال النوبة لانها لم تعطى حق تقرير المصير لجبال النوبة وهذا تراجع لما تم الاتفاق عليه بين ابناء النوبة وقيادة الحركة الشعبية فى مؤتمر كاودا التاريخى والذى على اساسه تم تفويض الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان. ولا يكتفى رحال بتلك الملاحظات بل يورد بعض الاقتراحات لتقوية جوانب القصور وهو يؤمن على ان ابناء النوبة لم يخسروا المعركة بعد. توزيع هذه الورقة قبل فترة من بداية الورشة رفعت مستوى المناقشة و المداخلات ليؤمن الحضور على التوصيات التالية:
1- وحدة النوبة ضرورية فى هذه المرحلة ومن غير الوحدة لن يستطيع النوبة تحقيق ولو الجزء القليل من بنود الاتفاق فى ظل الوضع الجديد المقترح.
2- يجب بذل المجهود مضاعفا لمساعدة ابناء النوبة حول المدن الكبيرة باقاليم السودان المختلفة بالعودة الى المنطقة حتى لا تضيع حقوقهم فى ملكية الارض نتيجة القادمين الجدد من غير النوبة الى المنطقة.
3- العمل مع الدول المهتمة بالشأن السودانى والمنظمات غير الحكومية والاستفادة من خبراتهم فى برامج العودة الطوعية الى جبال النوبة.
4- يجب ان نثق فى انفسنا و فى اننا لم نخسر الحرب بعد. والتحدى الاكبر ينتظرنا بعد التوقيع النهائى للاتفاق وبداية المرحلة الانتقالية, فالمعركة القادمة تحتاج لتضافر كل الجهود لاحداث التغيير الايجابى فى المنطقة.
5- الدعوة الى قيام مؤتمر جامع لابناء جبال النوبة لمناقشة تطورات اتفاق نيفاشا للخروج برائ موحد حول مصير جبال النوبة.
6- اهمية التنسيق والعمل مع القواعد على ارض الواقع واعدادهم لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.

الترتيبات الامنية وموقف ابناء جبال النوبة فى الحركة والجيش الشعبى
ورقة الترتيبات الامنية وهى من الاوراق التى اثارت الجدل و المناقشة على مدي شهرين من قبل بدء الورشة لهذا لم يكن مستغربا ذلك الحماس الذى اصاب القاعة ما ان انتهى الاستاذ عبد المنعم الطاهر من تقديم ورقته. الورقة تناولت الجيش السودانى وجذور الحرب الاهلية من 1955 الى الحاضر الا ان التركيز كان على برتكول الترتيبات الامنية والطريق الى السلام والذى يستعرض من خلاله موقف ابناء النوبة فى اطار النزاع المسلح بين الجنوب والشمال. وتشير الورقة الى أن برتكول الترتيبات الامنية يعد انتصارا حقيقيا للحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان فى نطاق جغرافية جنوب السودان لان الاتفاقية اعطت الحركة الشعبية الاحتفاظ بجيشها كاملا بهيئة اركان وقيادة منفصلة, إلا ان البرتكول خارج نطاق تلك الرقعة الجغرافية (جنوب السودان) اكتنفه الغموض فى الجوانب المتعلقة بالانتشار خاصة وضعية المسرحين من جيش الحركة الشعبية او الجيش الحكومى.تفاعل الحضور مع الاستاذ عبد المنعم فى تقديم التوصيات والتى جاءت كالاتى:
1- على قيادة الحركة الشعبية السعى لاستيعاب الجنود المسرحين النوبة من الجيش الشعبى فى قوات الشرطة السجون وحرص الصيد فى منطقة جبال النوبة أسوة بالجنود الجنوبيين المسرحين سولء من القوات المسلحة السودانية او الجيش الشعبى لتحرير السودان.
2- القوات التى سيتم اعادة انتشارها فى جنوب السودان والتى تتشكل من قوات الجيش الشعبى من جبال النوبة و الانقسنا لا يجب نشرها بعيدا عن الحدود الجنوبية لتلك المناطق.
3- على قيادة الحركة الشعبية وقبل انقضاء فترة الستة اشهر السابقة لموعد تطبيق اتفاق السلام احداث ترقيات وسط ابناء النوبة والنيل الازرق بالجيش الشعبى من أجل إحداث التوازن المطلوب فى قومية هذا الجيش. لم
4- الفقرة الاولى من البند العاشر والواردة فى برتكول وضع ولايتى جبال النوبة والنيل الازرق تطلق يد القوات المسلحة السودانية فى نشر قواتها فى جبال النوبة والنيل الازرق حيث ترك القرار فى يد الرئاسة لتحديد ذلك. هذه الفقرة تعد خروجا صريحا لما تم الاتفاق عليه فى برتكول الترتيبات الامنيةوالتى تحدد نسب القوات من الجانبين فى القوة المشتركة, ضف الى ان غموض هذا البند يشكل تهديدا مباشرا لأمن واستقرار هذه المناطق وتزداد حدة الخطورة مع افتراب نهاية الفترة الانتقالية.
5- الاتفاق اغفل وضعية الجنود المعاقين, أسر الشهداء والاسرى وعلى قيادة الحركة ان تولى هذا الامر اهتماما خاصا.

التغيرات السياسية فى خريطة جبال النوبة
قدمت الاستاذة نور تاور هذه الورقة وهى متسلحة بكل الخرائط القديمة والحديثة للمنطقة ومستعينة باحدث وسائل العرض مما اضاف عنصر التشويق والمتابعة. الورقة سلطت الضوء على التغييرات الديموغرافية التى حدثت لحدود عام 1956 و تناولت بالشرح كيفيةتأثر ذلك الموقع الجغرافى لجبال النوبة بين الشمال والجنوب بتصارع القطبين على الموارد البشرية والطبيعية التى تذخر بها المنطقة. الورقة ايضا تبنت بعض الاستراتيجيات المطلوبة فى هذه المرحلة للتمتع بعلاقات صحية مع الاقاليم المجاورة و كيفية إعادة الاراضى التى أغتصبت بواسطة الانظمة المتعاقبة. ومن التوصيات:
1- منطقة ابيى كانت ولا تزال جزء من جبال النوبة ويجب ان تبقى ضمن الحدود الجغرافى لجبال النوبة ولساكنيها كامل الحرية للعيش فيها.
2- أن اسم جبال النوبة هو الاسم الحقيقى للمنطقة ولذا يجب الابقاء عليه لدلالته واهميته التاريخية
3- يجب انشاء لجان لتتولى و بصورة قانونية مساعدة المواطنين فى تسجيل الاراضى التى انتزعت منهم.
4- أى قطعة أرض تمت مصادرتها بواسطة الحكومة يجب ردها الى أصحابها او تعويضهم ماليا.
5- يجب أعطاء النوبة أولوية الحصول على مشاريع زراعية ممولة بواسطة البنوك.
6- القهر السياسى والدينى كأحد عوامل النزوح من المنطقة يجب التصدى له.

التعليم فى جبال النوبة
فى هذه الورقة إلتقت الخلفية الاكاديمية للاستاذ كوكو جقدول مع الخبرة الميدانية لهذا كان طبيعيا ان يكتم الحضور انفاسهم وهم يتابعون محاضرة الاستاذ جقدول بطريقته السلسة وإدراكه الواسع للمادة موضوع الورقة والتى إنتقلت بالحضور الى البدايات التاريخية الاولى للتعليم الرسمى فى جبال النوبة فى عهد الاستعمار الانجليزي, وكشفت الورقة أثر الحرب على التعليم فى جبال النوبة و تناولت مستقبل التعليم فى ظل السلام المرتقب. وامنت الورقة على الاهداف العامة لنظم التعليم الحديث والتى منها تزويد التلاميذ بالحد الادنى من المهارات الضرورية ليكونوا أعضاء فاعلين فى المجتمع. وجاءت التوصيات الخاصة بهذه الورقة كما يلى:
1- إنشاء مجلس دائم للقيام بوضع السياسات العامة الخاصة بالنواحى التعليمية والتربوية فى جبال النوبة و يمكن الاستعانة بكل الكوادر المؤهلة لاداء هذا الدور.
2- انشاء جامعة واحدة باسم جامعة جبال النوبة بالاضافة الى معاهد تكنلوجية متخصصة فى جهات الولاية الاربعة تستهدف تنمية الموارد التى تذخر بها كل منطقة على حدة, مثالا لذلك معهد تكنلوجيا العلوم البيطرية وهندسة البترول و المعادن فى المنطقة الغربية, الزراعة وتعليب الفاكهة فى المنطقة الشرقية.....
3- اظهار العنصر الافريقى بانه اصل الانسانية والنموذج الاصيل الذى تفرعت عنه بقية الاجناس( تجمع البحوث الحديثة فى أصل الانسان علي ان افريقيا هى الموطن الام للجنس البشرى وعلى ان الافارقة أول من وجدوا على الارض) والعمل على ابراز حفيقة الاصل الافريقى للحضارة الانسانية(الحضارة المصرية)
4- الاعتماد على المصادر والمراجع الافريقية ما أمكن ذلك.
5- الاعتماد على أساتذه مؤمنين وملتزمين باحياء الثقافة الافريقية.
6- احتواء المنهج على المنهج على الادب والتاريخ والثقافة الافريقية.
7- ربط الدارسين بالتواصل التاريخى لنمط الحياة الافريقية وتقوية المجتمع مع الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتى.
8- الاستجابة لحاجات وتطلعات العنصر الافريقى وتقويته للاعتداد بنفسه وتولى مقاليد امره.
9- العمل الدؤوب على تطوير اللغات المحلية بغرض استخدامها كلغة التعليم فى مرحلة الاساس.
10- تقويم التجربة الرائدة فى المناطق التى تقع تحت إدارة الحركة الشعبية لتحرير السودان وتعميمها فى سائر أنحاء جبال النوبة.
11- أختيار اللغة العربية او الانجليزية كلغة تعليم يجب ان يخضع لدراسة متأ نية بعيدا عن ترسبات الحرب.
12- تربية النشء على احترام التنوع الثقافى والانفتاح على الثقافات الاخرى.

جاهزية مؤسسات المجتمع المدنى لفترة ما بعد أتفاقية نيفاشا
ورقة الاستاذ علاء الدين عمر كنجم عن جاهزية المؤسسات المدنية لم تكن من قبيل المصادفة ترتيبها فى ختام الورشة, لان كل الذى قيل فى تلك الورشة عبارة عن تفريعات تفصيلة عن هذه العلاقة الجدلية بين دور مؤسسات المجتمع المدنى والمناخ السياسي والامنى الذى يسيطر على الدولة. وبالطبع لم يكن بيننا من هو أقدر من الاستاذ كنجم لتفكيك المستعصى وإستشراف مستقبل ودور هذه المؤسسات فى احداث التغيير الايجابى فى جبال النوبة. المدخل الى الورقة عبارة تعريف بماهية مؤسسات المجتمع المدنى والصور او الكيفية التى تتواجد عليها بجبال النوبة, وتنتقل الورقة الى مرحلة الحكم الذاتى الانتقالى المرتقب فى جبال النوبة لتوضيح الدور الذى يمكن أن تلعبه هذه المنظمات فى الاسهام فى عملية النهضة والاستقرار, وتحوى الورقة على بعض المقترحات الجديرة بالتبنى مثل الدور الذى يمكن ان تلعبه الرابطة العالمية لأبناء جبال النوبة بالخارج وبالداخل. ومن التوصيات التى رأها الحضور:
1- لمنظمات حقوق الانسان دور مهم واساسي فى متابعة الملف الخاص بانتهاكات حقوق الانسان فى جبال النوبة لتقديم الذين أجرموا للقضاء.
2- تشجيع قيام منظمات المجتمع المدنىNGO’S والتى تقوم بمبادرات رائدة والتى تستهدف الجوانب التنموية وترقية الجوانب البشرية والتراث.
3- أبناء جبال النوبة فى دول المهجر يقع عليهم الدور الاكبر من خلال تنظيماتهم المختلفه فى إيجاد مصادر التمويل والتمهيد لخلق روابط صداقة وعقد صفقات مفيدة لجبال النوبة مع كثير من الشركات و المؤسسات الاستثمارية والخدمية فى الداخل والخارج الامر الذى سيسهم فى عملية الاستقرار والتنمية.
4- إعادة تقييم تجربة الحركة السياسية فى جبال النوبة فى أتجاه خلق حزب سياسي قوي يعبر عن تطلعات الشعب السودانى.
5- المضى قدما فى طريق عقد المؤتمرات القاعدية.