لا نريد تحميل الخرطوم أكثر مما تطيق لكن عليها العمل على إخماد النزاع

سودانيز اون لاين
8/24 11:43pm

قال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان الحكومة السودانية ليست مطالبة بأكثر مما تستطيع لجهة تهدئة الوضع في دارفور بغرب البلاد. واقر في مقابلة مع «الشرق الأوسط» التي رافقته على متن طائرته الخاصة خلال جولته السودانية في اليومين الماضيين، بأن «المتمردين ورجال عصابات» يتحملون قسطا من المسؤولية في اشعال النزاع. غير انه اكد ان على الحكومة ان تقوم بالمزيد بهدف اخماد النزاع. وشدد على عدم ضرورة التفكير بتدخل عسكري اجنبي، مبينا ان لندن مقتنعة بأن العمل على انهاء الصراع لا يمكن ان يتم الا بالتعاون مع الخرطوم. واثنى على دور مصر والجامعة العربية في جهود السلام. كما لفت الى امكان تطبيق بعض حلول أزمة الجنوب ـ الشمال على نزاع دارفور.
ونفى رئيس الدبلوماسية البريطانية وجوب نزع سلاح الجنجويد وحدهم. وقال «هناك مجموعات مختلفة ينبغي تجريدها من السلاح»، مضيفا ان عبارة الجنجويد فضفاضة لا تعني فئة بعينها. وقال «هناك ايضا مجموعات من المتمردين ينشطون في دارفور ممن ينبغي نزع اسلحتهم». وتابع «انت تعرف اكثر مني ان الجنجويد تشير الى قطاع طرق». واعتبر انها باتت حاليا خليطا من «قوات حرس شعبي وميليشيات عربية فضلا عن قطاع الطرق». وأردف ان «الحرس الشعبي خاضع لسيطرة الحكومة، والميليشيات العربية تبدو خاضعة للحكومة ايضا. اما الفئة الثالثة فالحكومة لا تسيطر عليها». واوضح ان «على الحكومة السودانية ان تضبط القوى الخاضعة لسيطرتها».
وقال سترو ان الخرطوم «تتحمل جزءا من المسؤولية عن مشكلة كانت عبارة عن تمرد مسلح». وأضاف «بالطبع نحن نتفهم ذلك، وما نتطلع اليه الآن بالنسبة للحكومة السودانية هو ان تعمد الى اتخاذ الخطوات اللازمة في اطار مسؤوليتها».
وأقر بأن الخرطوم لا تقدر على تجريد مقاتلي «حركة تحرير السودان» من السلاح، علما بان هؤلاء مسؤولون ايضا الى حد ما عن الازمة.
ورأى وزير الخارجية البريطاني ان محادثات ابوجا انطلقت الاثنين الماضي لأسباب في مقدمتها «موافقة الحكومة على امكان التوصل الى تسوية سلمية». وقال ان السلام في دارفور غير ممكن ما لم تكن هناك «عملية سياسية تؤدي الى تسوية لها ذات البنية التي تمتعت بها تسوية الجنوب ـ الشمال وحظيت بالموافقة». واضاف انه عازم على «حث نائب الرئيس علي عثمان محمد طه، خصوصا، وبصورة عاجلة، كي يلقي بثقله في عملية من هذا النوع».
وعن مساهمات العرب في جهود السلام، قال سترو انه «ممتن لاشتراك الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، شخصيا في محادثات ابوجا». واضاف ان «دولا عربية اخرى أبدت قلقا حول مسار تطور هذه القضية عالميا». وزاد «لكنني اعتقد انهم اطمأنوا خصوصا بسبب الاجماع (على القرار 1556) في مجلس الامن، وكما تعرف الولايات المتحدة ونحن عملنا بصورة جادة لتحقيق هذا الاجماع». وتابع «ان لمصر صلة مباشرة (جغرافية) بالسودان وتجمعهما روابط تاريخية، وقد لعبت مصر دورا جيدا، كما انني اتصلت هاتفيا بوزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط في نهاية الاسبوع الماضي بهدف مناقشة تطورات الأزمة وجهود السلام».
واعتذر رئيس الدبلوماسية البريطانية عن عدم الكشف عن دول عربية تتجه الى ارسال قوات مراقبة الى دارفور. وكانت مصادر دبلوماسية بريطانية رفيعة قد قالت ان ثمة احتمالاً لمساهمة مصر في قوات المراقبة. غير ان سترو قال لـ«الشرق الأوسط» انه لا يستطيع الخوض في التفاصيل. واضاف «أعتقد ان الزعماء لن يسرهم ان اذكر اسماء الدول التي قد تساهم في القوة، والسؤال يجب ان يوجه اليهم. فليس من حقي ان اعلن عن قراراتهم».
ولدى تذكيره بأن زعيم «حركة تحرير السودان» اكد اخيرا ضرورة تدخل قوات اجنبية لتوفير الأمن لأبناء دارفور، قال وزير الخارجية البريطاني «افهم لماذا ذكر ذلك». واضاف «لكن ما نسعى الى تحقيقه هو توفر امن حقيقي في الاقليم عن طريق قيام القوات السودانية (الحكومية) في دارفور بمهماتها بصورة اكثر فاعلية»، وتابع انه الى جانب تفعيل الدور الحكومي العسكري والامني هناك حاجة الى «وجود مراقبين الى جانبهم (القوات الحكومية) يمكن توفير الحماية لهم عن طريق جنود تابعين للاتحاد الأفريقي». وزاد «هذه، في رأيي، هي الطريقة السليمة التي تدفع الامور الى الأمام». واردف «وانت تدرك ان هناك مشاكل لوجستية كبيرة لمن يريد ان يعمل في تلك المنطقة (دارفور) الواسعة من دون الموافقة العملية للحكومة السودانية». ولفت الى ان البريطانيين يعملون على دعم جهود الاتحاد الافريقي، في هذا السياق. وقال «قدمنا دعما عسكريا وخبراء لقوات المراقبة التابعة للاتحاد الافريقي وسنوفر لهم وسائل النقل ونحن مستعدون للتفكير بتقديم مساعدات اخرى ضرورية».
وبشأن الإجراءات التي اتخذتها الخرطوم في اطار تعقب الجنجويد، لا سيما تسليم وزير العدل لمراقب حقوق الانسان لائحة بأسماء 30 متهما بارتكاب جرائم اغتصاب وغيرها، اكد وزير الخارجية البريطاني ترحيبه بذلك «كخطوة في الاتجاه الصحيح». وتابع «حكومة السودان مطالبة بموجب القرار 1556 والبيان الذي وقعته مع الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان، في يوليو (تموز) على اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة انتهاكات حقوق الانسان». واضاف «هناك تقدم (على هذا الصعيد) بيد ان عليهم ان يفعلوا المزيد». وقال «الذي اريده، وأعتقد ان المجموعة الدولية تريده ايضا هو الحصول على ادلة واضحة على احراز الحكومة السودانية تقدما على هذا المستوى. وأعتبر ان من الافضل بطبيعة الامر ان يتسلم مجلس الامن في غضون ايام تقريرا جيدا بدلا من تقرير سيئ عن مدى التزام الخرطوم بالقرار 1556». ورأى ان «مسؤولية ذلك تقع على عاتق الحكومة السودانية».
وأجرى سترو امس محادثات مع الرئيس السوداني عمر البشير، ومع نظيره مصطفى عثمان اسماعيل. وأعلن في مؤتمر صحافي مشترك مع اسماعيل في ختام محادثاته، ان بلاده لا تنوي نشر قوات في دارفور، غرب السودان، لكنها على استعداد لدعم قوة عسكرية تابعة للاتحاد الأفريقي في هذه المنطقة. وقال «ليس لدينا على الاطلاق أي مشروع لارسال جنود بريطانيين» وأضاف «ما قمنا به كان من اجل استفادة الاتحاد الأوروبي من خبرتنا العسكرية». وأوضح سترو ان بريطانيا ستمول عملية نشر القوات النيجيرية وستقدم لها المواد الغذائية. وأشار الى زيارته لمعسكر للنازحين في دارفور قائلا «لمست لدى النازحين شعورا بالخوف ورغبة في عدم العودة الى ديارهم». وانهى سترو زيارته امس الى السودان حيث التقى الرئيس السوداني عمر البشير. وأقر الوزير البريطاني بتحسن الوضع الانساني في دارفور، وقال ان «الحكومة التزمت بالخطة المتفق عليها مع الامم المتحدة وبتسهيل وصول المساعدات الانسانية». وذكر في المؤتمر الصحافي في مبنى السفارة البريطانية بالخرطوم ان وصول الاغاثة يتم بصورة افضل. وأضاف أن مجلس الأمن سيقرر خلال اجتماعه الاسبوع القادم ما اذا كان هناك تقدم في هذا الاطار. وحث الحكومة على المضي في تنفيذ تعهداتها. وقال انه اوضح خلال لقائه بالمسؤولين ان على الحكومة ان تساعد المجتمع الدولي الذي يهتم بمشكلة دارفور، من خلال تنفيذها للقرار «1556» حتى يتمكن المجتمع الدولي من مساعدتها. وقال سترو انه شاهد معسكراً واحداً للنازحين، وهو اكبرها خلال زيارته لدارفور، وأضاف ان هناك تخوفاً لدى النازحين حيال العودة لقراهم. وأشار الى بعض الاضطرابات، وفق ما علم من مراقبي الاتحاد الافريقي. واكد ان ما يجري في دارفور مأساة مروعة تحتاج من الجميع للتعامل الجدي معها عبر اجراءات وعبر تخصيص موارد. وأكد على مسؤولية الحكومة في استتباب الأمن. وفى رده على سؤال يتعلق بما اذا كان قد لمس ادلة على وجود تطهير عرقي، قال الوزير البريطاني انه لم يجمع معلوماته بشكل مباشر وانما عن طريق الخبراء وأضاف انه على الرغم من وقف اطلاق النار إلا ان الانتهاكات ما زالت مستمرة، وتثير الخوف لدى المواطنين.
وجدد سترو التأكيد خلال زيارته لمعسكر «أبو شوك» في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، على قناعته بأن الخرطوم قد حققت قدرا من النجاح على صعيد معالجة الازمة الانسانية الناجمة عن النزاع، غير انه اوضح عدم استعداده للافصاح عن رأيه بمدى هذا النجاح وكفايته قبل ان يناقش الامر مع الأمم المتحدة.
ومن جانبه، اخذ والي دارفور عثمان محمد كبر الذي كان في مقدمة مستقبلي الضيف البريطاني في مطار الفاشر على البريطانيين والأميركيين وجهات دولية تجاهلها صراع دارفور لدى اندلاعه.
وفي هذه الاثناء، اكدت مصادر دبلوماسية بريطانية ان ما حققته الحكومة على الصعيد الأمني غير كاف لا سيما انها توفر الأمن في نقاط معزولة صغيرة فيما تبقى غالبية اراضي الاقليم محرومة من ذلك. واستبعدت امكان اعادة اللاجئين الى بيوتهم قبل مرور عام ونصف العام. ولفتت الى ان الحكومات باتت تدرك ان مصلحتها التوصل الى حل سلمي لنزاع دارفور الذي يدفع الى «تفاؤل حذر» بنجاح محادثات أبوجا.
وقد وصل وزير الخارجية البريطانية صباح امس الى الفاشر برفقة عدد من مساعديه تقدمهم وليام بتي سفير لندن لدى الخرطوم. وبعد لقاء مع الوالي تبادلا خلاله عبارات الترحيب، قام سترو بجولة في معسكر أبو الشوك الذي يضم عشرات الآلاف من نازحي دارفور. ثم توجه الى مقر قيادة قوات المراقبة التابعة للاتحاد الأفريقي، حيث اعرب للمسؤولين هناك عن دعم بلاده الكامل لجهودهم في دارفور. وقبل ان يغادر المخيم في طريقه الى الخرطوم بغرض اجراء محادثات مقررة مع الرئيس عمر البشير يعقبها لقاء مع وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، قال ان زيارته للمعسكر كانت مفيدة. وأضاف «مع ان ممثل الصليب الأحمر قال ان المخيم هو افضل مخيمات اللاجئين في دارفور، مما يعني انني لم اتجول في معسكر مماثل لمعسكرات اخرى، فقد كانت الزيارة فرصة طيبة للتعرف على النازحين وأوضاعهم». الا انه لفت الى ان اللاجئين لا يزالون رازحين تحت كابوس الخوف مما سيعرقل اعادتهم الى ديارهم. وأضاف ان «قضية عودتهم هذه تستند بصورة رئيسية على (امكان) بسط الأمن في الاقليم من قبل الحكومة». ورأى سترو الذي كان يتحدث الى الصحافيين وسط المخيم في موقع احتشد من حوله النازحون، ان «الصراع ليس أحاديا». وأوضح ان الحكومة تتحمل مسؤولية رئيسية بشأن توفير الأمن والتسريع بمعالجة الازمة الانسانية. الا انه اضاف «ثمة مسؤولية حقيقية تقع على عاتق المتمردين» في هذا السياق، ايضا. وأشار مرة جديدة الى ان الحكومة احرزت بعض التقدم على صعيد «بسط الأمن داخل المعسكرات» فضلا عن «السماح بمجيء منظمتي هيومان رايتس ووتش (مرصد حقوق الانسان) وأمنيستي انترناشونال (العدل الدولية) الى الاقليم».
الا ان موظفا رفيعا بريطانيا طلب عدم ذكر اسمه، اعتبر ان هذه النجاحات احرزت، وفق اتفاق الحكومة مع الأمم المتحدة «ضمن اجزاء صغيرة موزعة ضمن الاقليم». ولفت الى ان لندن تحث الخرطوم على العمل لبسط الأمن في الاقليم كله، لأن هذا هو النجاح الحقيقي المطلوب. وأعرب دبلوماسي آخر بارز عن شكه «في احتمال اقناع النازحين بالعودة قبل مرور سنة ونصف السنة».


اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com

الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


اخبار السودان بالانجليزى | اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | نادى القلم السودانى | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد

contact Bakri Abubakr
Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved