تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

جامعة أمدرمان الأهلية... كيف تدار أموالها؟ بقلم يس حسن بشير

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/5/2005 6:41 ص

إذا أردنا أن نصف هذه المرحلة التي نعيشها الآن فلن نجد وصفاً يميز ملامحها أفضل من أنها مرحلة "الشفافية" فإذا لم نشيع ونرسخ الشفافية كقيمة فلن نستطيع مهما فعلنا أن نحقق الديمقراطية والسلام والتنمية لأن غياب الشفافية يخلق مناخاًَ عاماً يغتال الديمقراطية والسلام والتنمية في مهدها قبل أن تنمو وتترعرع.

إن الحديث عن الشفافية يجب أن لا ينصرف فقط إلى أعمال مرافق الدولة وهيئاتها وشركاتها وإنما يجب أن يعم ويشمل أعمال جميع مؤسسات المجتمع من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشركات خاصة سودانية أو أجنبية أو مختلطة وجامعات أهلية وخاصة وأندية رياضية وبنوك...الخ... والخطوة الأولى نحو ذلك هي الاجتهاد في البحث عن المعلومة التي تكشف واقع الحال في جميع تلك المؤسسات أياً كانت طبيعتها وكسر حاجز السرية والقدسية المعلوماتية التي اعتدنا أن نحيط به مؤسساتنا... فالسرية هي العدو اللدود للشفافية.

إن جامعة أمدرمان الأهلية بوصفها جامعة تقدم خدمات التعليم العالي للطلاب مقابل رسوم سنوية محددة وتتلقى دعماً خيرياً فإن الميزانيات السنوية لها تحقق دائماً فائضاً مالياً كبيراً... وبالطبع من واجبات إدارة الجامعة أن تستثمر تلك الأموال الفائضة بالأساليب والطرق الصحيحة والسليمة اقتصادياً وقانونياً بهدف تطوير الأداء العام للجامعة من جميع النواحي التعليمية والبحثية بتقوية عناصر العملية التعليمية والبحثية من مرافق وأجهزة ومعدات ومراجع علمية ومعلم جامعي مؤهل وكليات ومعاهد متكاملة علمياً وغير ذلك... ولكن بالرغم من أن تراكم هذا الفائض المالي لسنوات مضت إلا أن أحوال الجامعة ليست في تطور... فبالملاحظة العامة الجامعة الآن بائسة جداً من حيث المرافق والتجهيزات ولم تتوسع في التعليم الجامعي الخاص بالعلوم التطبيقية ورواتب أساتذتها متواضعة... ويبرز هنا السؤال المحوري: لماذا هذه الأوضاع البائسة في جامعة لديها فائض مالي يتراكم سنوياً؟

في تقديري أن السبب الرئيسي لذلك هو سوء إدارة الفائض من أموال الجامعة... كيف ولماذا؟ هذا ما أوضحه في النقاط التالية:-

أولاً: إن المجال الرئيسي لاستثمار أموال الجامعة هو مجال إقراض الأموال لبعض الأفراد والشركات... ففي عام 2004م بلغ إجمالي قيمة القروض الممنوحة لمجموعة تتكون من 24 شخص وشركة حوالي 4 (أربعة) مليار جنيه سوداني وبلغ المبلغ المسـدد منها حوالي خمسمائة وثلاثون مليـون جنيهاً (530مليون) بنسبة 13%... والمبالغ التي ما زالـت غير مسددة تبلغ قيمتها 3 مليـار وأربعمائة وسبعون مليون جنيه سوداني (3.470.000 ألف جنيه سوداني) بنسبة 87%... هذا بالإضافة إلى أن الذين سددوا الـ 13% هم فقط 50% من مجموع المستفيدين من القروض.

إن هذه الجزئية مليئة بالتجاوزات القانونية والإدارية والمالية... ففي البداية مَنْ منح إدارة الجامعة الحق في تحويل الجامعة الأهلية من مؤسسة تعليمية بحثية إلى مصرف يقرض الأموال؟ هل لدى إدارة الجامعة ترخيص من بنك السودان بأن تقوم بمثل هذا النشاط المصرفي؟ ولاحظت من الاطلاع على قائمة أسماء الأشخاص المستفيدين من القروض أن بعضهم أعضاء مجلس أمناء أو لهم صلة ما بأعضاء مجلس الأمناء والشركات بعضها مملوك لبعض أعضاء مجلس الأمناء أو لجهات وأشخاص لهم صلة ما بأعضاء مجلس الأمناء... فمَنْ وافق على منح هؤلاء الأشخاص والشركات تحديداً قروضاً وما هي الأسس التي استخدمت لذلك؟... ومَنْ يملك الضمان بأن هؤلاء الأشخاص والشركات سيدفعون للجامعة أموالها في الوقت المحدد في زمن سادت فيه عقلية الشطارة والفهلوة... والسجون مليئة بأعداد كبيرة من الفهلوجية والشطار الذين نهبوا المليارات من البنوك؟

ثانياً: تستثمر إدارة الجامعة جزءاً من الفائض المالي في ودائع استثمارية في البنوك... وهذا مجال لا غبار عليه من ناحية قانونية ولكن يجب أن تبحث إدارة الجامعة عن أفضل عائد استثماري في الجهاز المصرفي... فما لاحظته أن هناك وديعة شبه دائمة لدى البنك الأهلي السوداني تحديداً بلغت في عام 2004م مليار دينار سوداني بالرغم من انخفاض العائد الاستثماري للبنك الأهلي مقارنة ببعض البنوك السودانية... كبنك الاستثمار المالي الذي لديه أوعية استثمارية مختلفة ذات عائد عالٍ... فبالرغم من أن هناك في عام 2004 شهادات شهامة إلا أن قيمتها متواضعة جداً مقارنة بالوديعة المستثمرة بالبنك الأهلي السوداني حيث بلغت فقط مليونين ونصف دينار... فالسؤال لماذا التركيز على استثمار مبالغ كبيرة في البنك الأهلي السوداني تحديداً؟

ثالثاً: تستثمر إدارة الجامعة مبلغاً من المال في رأس مال شركة التعليم العالي للاستثمار... ومن المدهش أن تساهم جامعة أمدرمان الأهلية في شركة حكومية أسستها كوادر الإنقاذ كإحدى أدوات احتكار أي نشاط استثماري في إطار مؤسسات التعليم العالي وضمان وصوله إلى جيوب أهل الإنقاذ... فلماذا تساهم إدارة الجامعة الأهلية بأموال المواطن البائس الذي يقتطع من قوته على قلته لتعليم ابنه بالجامعة الأهلية في مثل هذه الشركات التي أسست أصلاً لاستغلال هذا المواطن نفسه بشكل أو بآخر؟ وما هو العائد الذي يمكن أن تحققه الجامعة من مثل هذا الاستثمار؟ وما هو الهدف منه أصلاً؟ هل هو نوع من أنواع المجاملة للحكومة وضمان سكوتها على ما تفعله إدارة الجامعة بأموالها؟

هذا القليل القليل من ما يمكن أن أسجله في مجال إدارة فائض أموال جامعة أمدرمان الأهلية... وأقول للذين يعتقدون أن مشكلة جامعة أمدرمان خارجها... أقول لهم مشكلة جامعة أمدرمان داخلها... فجامعة تدار أموالها بهذه الطريقة تصبح في خطر كبير ويجب على الأخوة بهيئة الأساتذة والعاملين بالجامعة استشعار مسؤوليتهم ومواجهة الواقع الداخلي للجامعة بجدية وبوضوح وبشجاعة... ولا أدري أي طريق آخر للمعالجة غير ما يلي:-

أولاً: أن تبادر هيئة الأساتذة والعاملين بدعوة المؤسسين وأكبر عدد من أولياء الأمور الحاليين المؤثرين إلى اجتماع عام لمحاسبة إدارة الجامعة ومجلس الأمناء الحالي واختيار مجلس إدارة مؤقت يدير الجامعة ويتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لاستعادة أموال الجامعة من المستفيدين ووضع ضوابط صارمة لعدم إدارة أي نشاط مصرفي مستقبلاً وتكوين لجنة من المؤسسين ومسؤولة أمامهم للنظر في شؤون استثمار أموال الجامعة مستقبلاً.

ثانياً: مناشدة أولياء الأمور بعدم دفع أي رسوم دراسية لإدارة الجامعة الحالية من الآن وحتى يتم تغيير مجلس الأمناء الحالي وجميع الهياكل الإدارية الحالية بالجامعة ومساءلة ومحاسبة كل من له صلة إدارية ومالية بالتجاوزات المالية سواء كانت في مجال الاستثمار أو الصرف على التسيير منذ عام 1995م وحتى الآن... فالأموال التي يدفعها أولياء الأمور لتعليم أبنائهم تبدد الآن بسوء إدراتها.

ثالثاً: مراجعة جميع الأنظمة الإدارية والمالية المعمول بها حالياً فيما يتعلق بالرقابة المالية والمراجعة الداخلية مع الالتزام بنشر بيانات الحسابات الختامية السنوية للجامعة بالصحف اليومية وتوزيعها على الطلاب وعلى أعضاء هيئة التدريس والعاملين لضمان القدر الكافي من الشفافية... فالحسابات الختامية للجامعة هي كشف الحساب السنوي للجامعة الذي من خلاله يمكن معرفة اتجاه مسيرتها والمشاركة في إدارتها.

أعيدوا بناء هيكل جامعة أمدرمان الأهلية من جميع النواحي وعدلوا قانونها واغرسوا في جنباتها الشفافية وبعدها سينصلح حالها ويقوى عودها أكاديمياً وإدارياً ومالياً وسيهرب منها صعاليك وفتوات السياسة وفهلوجية السوق "والبزنسة" الذين نجحوا – للأسف- في تحويل كل طموحات وآمال الشعب السوداني في التقدم والتطور إلى "بزنس".


ياسين حسن بشير



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved