تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أزمة دارفور وعودة الكوابيس لنخبة الانقاذ بقلم:سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/27/2005 8:25 م

لقد تابعت يوم أمس التغطيات التي قدمتها قناة الجزيرة حول الشأن السوداني في برنامجها المعروف ( بمنبر الجزيرة ) ، ولقد لفت انتباهي أستضافة اثنين من السودانيين في هذا البرنامج أحدهما يقيم في جنوب افريقيا واسمه صلاح الزين والثاني اسمه علي تاج الدين يقيم في هولندا، ومنذ نشأة قناة الجزيرة بعد حرب الخليج الثانية فأنا أتشكك في كل تغطياتها الاخبارية لأنها تاتي منحازة بصورة مخجلة تطعن في مصداقيتها عندما تزعم بأن هدفها هو خدمة الحقيقة وعكس الكلمة الصادقة ، وحتي اللقاءات والمداخلات الحية لا تخلو من تدخل الرقيب الخفي من وراء الاستوديو ليعكس صورة محددة للمشاهد العربي ، وقد اتضح لي ذلك جليا في يوم أمس عندما اكد المتداخل الثاني من هولندا بأن هذه الحكومة المسماة بحكومة وطنية هي من افضل الحكومات التي مرت علي السودان وبدأ في اطلاق سهام النقد علي الاحزاب السياسية الكبيرة والتي عارضت الشكل الحالي لهذه الحكومة ، وحتي د.قطبي المهدي أحد الذين شاركوا في صناعة هذا الوثن قال أن النسب في المناصب الحكومية قد شابتها المحاصصة والتي يمكن أن تؤدي الي خلق صوملة فوضاوية في السودان ، وكنت اتمني أن تجعل قناة الجزيرة من موضوع لقاء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم مع وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم في نيويورك حدث الساعة وان تستنفر الشعوبيين العرب من أمثال عبد الباري عطوان ومصطفي البكري وتسألهم رأيهم حول هذه الخطوة القطرية المنفردة ، وقد أكد سلفان شالوم بأن هذه العلاقات خرجت من تحت سرير السرية الي ملاءة العلن ، وبرر الشيخ حمد قبوله للجلوس بالقرب من سلفان شالوم بسبب انتهاء الصراع العربي الاسرائيلي بعد انسحاب الاسرائيليين من غزة وقال ايضا : ( ان اسرائيل أمر واقع لأنها تعتبر جزءا من العالم الذي نعيش فيه ) ، وهذا الحدث التاريخي المهم قد غيب عن قصد من منتديات قناة الجزيرة ليتم التركيز فقط علي التطورات السياسية في السودان وموريتانيا وكأن دولة قطر بالفعل والحقيقة جزيرة معزولة عن مجريات الاحداث العالمية .
ومنذ تشكيل الحكومة الجديدة لم الاحظ اي تطور في تناغم الاعلام السوداني ليواكب هذه النقلة النوعية الكبيرة من العملية السياسية ، فالتلفزيون السوداني أصبح يمط الاخبار لتسع الجميع و ليضع كل الوزراء في صدارة الاحداث بنفس المستوي النسبي الذي دخلوا عن طريقه الي هذه التشكيلة ، تبدأ النشرة الاخبارية بتحركات المشير البشير ونائبيه الاول والثاني ثم وزير الخارجية ثم وزير النقل وتستمر المتوالية بنفس المنوال العددي لنصل الي الوزير رقم 30 وهو وزير الغابات ونفاجأ به يحدثنا عن خطته لتحسين زراعة الشمام ؟؟ ووسط هذا المسرح الكبير المملوء بالدراما تفوتنا مشاهد فلم في غاية الاثارة والتشويق وهو عودة قضية دارفور الي صدارة الاعلام الغربي والذي صحا فجاءة من بعد غفوة طويلة ، فمبعوث الامين العام للامم المتحدة السيد /(جان/يان ) برونك أستغل ليلة الاحتفال بالتشكيلة الجديدة ليعلن في مؤتمر خاص في الامم المتحدة بأن الامور في دارفور لا تجري علي ما يرام ، وأن احداث السلب والنهب والاغتصاب مستمرة ، والانقاذ كانت تتوقع سيلا من هدايا اعياد الميلاد ان هي أقدمت علي توقيع اتفاق السلام مع الحركة الشعبية ، ومن هذه الهدايا كانت تتوقع عفوا شاملا يصدره كل أطياف المجتمع الدولي ليؤكدوا فيه براءة الانقاذ من جرائم الاغتصاب والقتل في دارفور ، ولكن التاريخ الانساني يقول غير ذلك ، فاذا رجعنا الي حالة يوغسلافيا السابقة حيث لم يمنع التحول الديمقراطي واتفاق السلام الموقع بين الاطراف المتحاربة من الدعوة الي محاكمة كل الذين ارتكبوا المجازر واقترفوا الفظائع في حرب البلقان ، وصل عدد الضحايا في البوسنة الي ثمانية الاف قتيل وقد تفوقت دارفور عليهم بالقدح المعلي عندما وصل عدد الضحايا فيها الي مائة وثمانون الفا جلهم من الشيوخ والنساء والاطفال ، ولم تنتهي المفاجات بالنسبة لحكومة الانقاذ فالتهنئة الامريكية ذيلت بملحوظة صغيرة وهي انهاء العنف والحرب في دارفور .
ويبدو أن موسم الافراح في عهد الانقاذ قد انتهي وقد أطل عليهم من جديد بعبع المحاكمات الدولية ، هذا الشبح الذي طالما ارق مضاجعهم وحول ليالي افراحهم الي قصور من الاحزان ، ولقد قرأت قبل لحظات تحليلا اخباريا اعده مراسل (BBC ) في الخرطوم السيد/جوان فيشر تحت عنوان ( ثقافة الحصانة في دارفور ) ، وقد تتبع الكاتب زيارة المستشار الاممي السيد/مانديز لاقليم دارفور حيث نقل لنا تصريحاته حول حقيقة الاوضاع علي الارض ، والسيد جوانا مانديز الارجنتيني الاصل هو سجين سياسي سابق ومحامي ضليع بقضايا حقوق الانسان وقد أوكل اليه الامين العام للامم المتحدة مهمة تقصي الحقائق حول المجازر العرقية في دارفور ، وهذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها لهذا الاقليم ولكن هذه المرة كانت تصريحاته مقلقة بالنسبة للحكومة لأنه كشف المزيد من الحقائق حول تجاهلها للأزمات المحيطة بهذا الاقليم ، وبلغة صارمة وواضحة اشار السيد /مانديز أن حكومة الخرطوم لم تفعل شيئا من اجل نزع سلاح المليشيا المواليه لها كما انها لم تضع حدا لثقافة الحصانة المستشرية في الاقليم ، وذكر السيد /مانديز أن سلطات الخرطوم أطبقت اذنيها عن كل ما يقال لها من انتقادات وأصرت علي انكار أبعاد الازمة حيث قال : (( لقد عرفت ان هناك انقطاعا كبيرا في حساب ما تقوله الحكومة وبين حساب ما يقوله الدارفوريون الذين التقيتهم .. نعم هناك تحسن ولكنه محصور في المناطق التي تتواجد فيها قوات الاتحاد الافريقي ) ، وبالنسبة لجرائم الاغتصاب في معسكرات النازحين فقد أكد تنامي هذه الظاهرة ضد النساء في جو تسوده عدم الثقة في قوات الشرطة ، وبالنسبة لمناشدات المجتمع الدولي من أجل وضع حد لثقافة الحصانة في دارفور اشار المسؤول الامم أن هذه الصيحات تقع في أذن صماء (The Plea is still falling on deaf fears)) ، وبالنسبة للمحاكم الخاصة التي شكلتها الدولة فقد أنتقدها بشدة وقال بأنها لم تغير السلوكيات علي الارض ، وسوف يلتقي السيد/مانديزا بالامين العام للامم المتحدة لينقل اليه ملاحظاته من أجل تحسين الوضع المتردي في اقليم دارفور .
والمجتمع الدولي أختار توقيتا سيئا من أجل نقل ملاحظاته لنظام الانقاذ ، وقد بقيت الدول المهتمة بالشأن السوداني صامتة طوال الشهور الماضية علي ظن أن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة قادرة علي تولي هذا الملف الحساس ، ولكن انهماك الانقاذ في التكالب علي المناصب الوزارية قد اضاع عليها فرصة ثمينة من أجل حل هذه الازمة من غير أن تتوه في أضابير المحاكم الدولية ، والدول الكبري المعنية بالسودان مثل بريطانيا وأمريكا وفرنسا اصبحت لها خلفية غنية عن طبيعة النظام الحاكم ورموزه ، وهذه الخلفية لن تغيب عن مساحتها عملية التنقلات المكتبية التي قامت بها حكومة الانقاذ في ما اسمته بحكومة الوحدة الوطنية ، وهذه الدول تعي بدرجة كبيرة حجم المعركة المكلفة التي خاضها حزب المؤتمر الوطني من اجل الاحتفاظ بوزارتي الطاقة والمالية ، وعودة رجال الحرس القديم وبقائهم خلف الكواليس وراء ستارة وزراء الدولة والمستشاريين أوحي للمجتمع الدولي بأن التشكيل الجديد لا يحمل رؤية مختلفة للأمس القريب بل تاكيد عليه ، ولن تقتصر مجهودات المجتمع الدولي علي تحريك هذا الملف بل سوف تتبعه خطوات أخري لا تطيقها الانقاذ ، وما حدث للعسكر في لبنان وسوريا لا يمكن استبعاد حدوثه في السودان ، والسؤال هل ستنصت الانقاذ لصوت المجتمع الدولي هذه المرة وتجنب البلاد خطر العزلة والحصار ؟؟ أم سوف تستمر في العناد والمكابرة لتدخلنا نفقا لا يلوح منه بصيص من الامل ، وفي هذه الحالة نود أن نعرف موقف الحركة الشعبية اذا اصر شريكها حزب المؤتمر الموطني علي مواجهة المجتمع الدولي مستخدما كل الشعب السوداني كرهائن من أجل الخروج من عنق الضائقة .
ولنا عودة
سارة عيسي

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved