تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حكومة الوحدة الوطنية الجديدة وفلم (مقبرة الحيوانات) بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/25/2005 6:04 م

فلم مقبرة الحيوانات (pets cemetery ) للمخرج ماري لامبرت تم انتاجه في هوليود عام 1989 ، وأحداث الفلم مستوحاة من قصة الكاتب ستيفان كنج ، وتدور أحداث الفلم عن قيام عائلة مكونة من زوجين وابنة وابن صغير بالانتقال الي منزل في الريف ، وتقع بالقرب من هذا المنزل مقبرة تدفن فيها الحيوانات التي تدهسها السيارات المسرعة في شارع وصفه مخرج الفلم بالشارع المزحوم بحركة السير (busy road) ، ولم يمر وقت طويل حتي مات قط العائلة المدلل في حادث مروري مؤلم ترك الكثير من الاسي والحزن في نفس الصغيرة التي لم تألف الابتعاد عنه ، فتألمت لموته بشدة مما دفع جارهم الطيب الي اطلاع والدها علي سر في غاية الخطورة وهو وجود مقبرة للهنود الحمر تقع بالقرب من مدفن الحيوانات ، وعند دفن أي كائن حي في هذه المقبرة يستطيع أن يعود للحياة (reanimate zombie) من جديد ، ولكن من يعود ليس هو نفس الشخص الذي قاموا بدفنه بل شخص آخر ذو ميول عدوانية ، دفن الجار والاب القط المدهوس في الارض الملعونة و باالفعل عاد القط الميت الي الحياة من جديد ولكنه بدأ شرسا وحادا في الطباع وقد علت جسمه رائحة تعفن الموتي ، وزادت احداث الفلم تعقيدا واثارة عندما مات الابن الصغير (Gage) في حادث مروري قطعه الي اشلاء ، حزن الاب المكلوم حزنا شديدا علي موت أبنه وقد اسر في نفسه أمرا كان يتحرق شوقا الي تنفيذه وهو ينظر الي جثمان ابنه المسجي في النعش (casket) الرطب فقرر دفنه في مقبرة الهنود ليعود الي الحياة من جديد ولا يهمه الشكل الذي يرجع به حتي ولو كان العائد هو الشيطان الرجيم نفسه ، شعر الجار الطيب بوساوس الاب فعاد وأطلعه علي سر آخر وهو أن الاهالي قد جربوا سابقا دفن شاب في هذه المقبرة ولكنهم عاد اليهم كشبح مقيت وقد حرقوه بالنار من أجل التخلص منه ، ولكن الوالد لم يستمع للنصح واصر علي دفن ابنه في مقبرة الهنود ، وكانت النتيجة عودة الابن الي الحياة بجسمه ولكنه كان يحمل روحا شريرة جعلته يقتل والدته وجارهم الطيب بمجرد عودته للحياة ، وقد اضطر الوالد الي قتله في النهاية دفاعا عن نفسه ولكنه أرتكب نفس الخطأ عندما قام بدفن زوجته ايضا في نفس المقبرة ، فخرجت الزوجة من اللحد وهي تتنرنح بهدوء ووصلت الي المنزل فقتلت زوجها عن طريق طعنه بسكين حادة فمات من ساعتها ولم يتهنأ بعودة أفراد أسرته الي الحياة للمرة الثانية ، وتخللت الفلم العديد من مشاهد الرعب والقتل الدموية وأنتهت خاتمته بأنه لا فائدة ترجي من العائدين للحياة من دنيا القبور .
ونحن نكتب عادة في السياسة ولا شأن لنا بعالم الافلام وقصصها الطويلة وأخبار نجومها ولكن مشاهد هذا الفلم أوحت الي بفكرة الربط بين حكومة الوحدة الوطنية الحالية وأحداث هذا الفلم ، فهناك تشابه في السيناريو عندما عاد الابن الصغير من المقبرة وقتل والدته وبين حالة عودة عبد الرحيم محمد حسين الي منصب وزارة الدفاع مع ترقيته الي رتبة فريق وكلنا نعلم فضيحة اهتزاز المباني الحكومية وانهيارها بسبب التلاعب في الاشراف الهندسي وحديد التسليح والتي صاحبت أيامه في وزارة الداخلية ، فكلاهما أخذ أكثر من فرصة ، وكلاهما اثبت أن عودته لم تكن مطلوبة من قبل واقع الحياة الذي لا يعتمد التكرار ، ولكن عودتهما كانت لاسباب عاطفية أعتملت في نفوس الذين سعوا الي ارجاعهما للمرة الثانية الي دنيا الحياة ، ففي الفلم تسبب حزن الوالد الشديد في عودة الطفل الشرير الي منزله وفي حالة الفريق عبد الرحيم محمد حسين تسبب ترابط رموز النظام عائليا وفكريا في اعادته من جديد الي دنيا الاستوزار متجاوزا كل صفوف الضباط الموجودين علي راس الخدمة ، ولم يعد اهل النظام يثقون في القوات المسلحة التي منحتهم الشهداء والدماء من أجل مشروع دولتهم الحضارية ولذلك فضلوا استيراد شاغل منصب وزير الدفاع من خارج الذين هم في سلك الخدمة .
وعندما يتم تكوين حكومات السلام يسعي السياسيون عادة الي تغيير وجوه الحرب القديمة واستبدالها بأخري شابة لتعمل بصدق علي قيادة دفة السلام ، وقد قالها السادات للمشير عبد الغني الجمسي عندما وقعت مصر اتفاقية السلام مع اسرائيل حيث خاطبه قائلا : (( ان البلاد الان في حاجة الي من يكون اهتمامهم بالسلام أكثر من اهتمامهم بالحرب )) ، ان نبل حرب اكتوبر لم يعطي المشير الجمسي حق البقاء في المنصب مدي الحياة ، وعلي النقيض تماما حروب الانقاذ في الداخل والتي وجهت الرصاص الي صدور ابناء الوطن الواحد ولكنهم في المقابل أعتبروها جهادا أورثهم حكم كافة مؤسسات السودان العسكرية والمدنية ، و الانقاذ تعاني الان شحا كبيرا في الكوادر الشابة من قيادات الصف الثاني ولذلك تعاملت مع السودان الوطن الكبير علي اساس أنه شركة خاصة يتحكم في شئونها مجلس ادارة متنفذ لمدي الحياة ، ولن تجد الانقاذ افضل من عبد الرحيم حسين وبكري حسن صالح ود.نافع ود.مجذوب الخليفة وعمر البشير وعلي عثمان ومصطفي عثمان واذا سالناهم أين أبناء حزب المؤتمر الوطني من ابناء الصف الثاني في الثورة فلن تجد عندهم الاجابة .. فهولاء السادة الحاليين من رموز المؤتمر الوطني فقد اصبحوا شيوخا في عرف الزمن ، وفي مفارقة أخري سمعنا بعودة يوسف عبد الفتاح الي الحياة العملية من جديد ، وهذه المرة بوظيفة كبيرة في مصلحة الجمارك السودانية ، ويبدو أن الانقاذ بعد نيفاشا قررت التهام كل شئ وترك الصحن فارغا من اثر للطعام ولم تسلم حتي حبات الارز الملتصقة بالصحن من نهم الجائعين الكثر .
والانقاذ تدعي أنها ثورة وتتجاهل حقيقة أنها انقلاب عسكري قامت به مجموعة معزولة عن محيط السودان الاجتماعي والسياسي ، وهي بسبب هذه العزلة تسعي الان الي تقسيم السودان الي دويلات جهوية لتتمكن من حكمها بسهولة ، ولذلك كان كانت حرب العرب ضد الافارقة في دارفور وحرب الشمال الممزوجة بالعرق والدين ضد أهل الجنوب ، ان كانت الثورة أو الانقلاب في السودان تورثان الحكم والشرعية الي الابد فلماذا لا ندرس التجربة الايرانية والتي مضي عليها الان ربع قرن من الزمان ، فالثورة في ايران لم تورث الخميني الحكم بل أبقته دولة في يد المتعاقبين ، جاءت حكومة ابو الحسن بني الصدر وعلي خامنئي والموسوي ورجائي ورفسنجاني وخاتمي وفي الاخير محمود نجاد والذي يعتبر من رجال الصف الثالث في الثورة الايرانية ، وهو لم تتجاوز سنه الخمسين من العمر وعندما نشبت الثورة الاسلامية في ايران كان طالبا في جامعة طهران ، ومن عام 1979 الي 2005 تعاقبت علي ايران ثمانية حكومات بثمانية وجوه مختلفة ، ويصل تعداد الايرانيين الي 70 مليون 47 مليون منهم مسجلين في قوائم الانتخاب صوت منهم في الانتخابات الاخيرة ما يزيد عن عشرين مليون ناخب ، وربما يقول قائل ان الظروف في ايران تختلف عن الظروف في السودان ، نعم أنها تختلف لان ايران خاضت حرب مكلفة ضد العراق لمدة ثمانية سنوات ولم تفلح الي الان في تطبيع علاقتها مع الولايات المتحدة كما فعلت حكومة الانقاذ ، وهي تواجه أيضا أزمة مع الاتحاد الاوربي بسبب الملف النووي ، وايران تتكون من عدة قوميات وهي الفارسية والكردية والتركية والاذرية والبلوشستان والعرب ، وثقافيا تتكون البلاد من مسلمين شيعة ويشكلون غالبية السكان ومسلمين سنة ومسيحيين ويهود ومجوس زرادشت ، وتتكون تركيبة الحكم الحالية من السيد/علي خامنئي وهو اعلي مرجع في البلاد وهو ينحدر من أقلية الاذر ، ورئيس الحكومة الحالي محمود أحمد نجاد ينحدر من قومية الفرس ووزير الدفاع الجنرال علي شمخاني ينتمي الي عرب الاهواز ، ومن خلال هذه القراءة تستطيع أن تعرف لماذا فشل الرهان علي تفكيك القوميات في ايران والسبب في ذلك حرص الحكومات الايرانية المتعاقبة علي حفظ التوازن القومي في أجهزة الدولة المختلفة .
وفي التركيبة الحالية من حكومة الوحدة الوطنية في السودان نجد أن :
رئيس الجمهورية من الشمال
النائب الثاني ايضا من الشمال
وزير المالية من الشمال
وزير الدفاع من الشمال
وزير الداخلية من الشمال
وزير الطاقة من الشمال
رئيس القضاء من الشمال
رئيس المخابرات من الشمال
رئيس المجلس الوطني من الشمال
هذه هي فقط مثال لبعض الاسماء التي تأكدت من انتمائها للشمال وهناك اخرون مثل مجذوب الخليفة وبكري حسن صالح وعلي نافع ومصطفي عثمان وغيرهم من رجالات الانقاذ لم اشير اليهم في قائمة الشرف المدرجة ، ولن يخفي علي أحد الخلل القومي في هذه الحكومة .. فكيف يتم تجاهل اقليم شاسع مثل دارفور مساحته تضاهي مساحة أربع دول أوربية ، ولماذا حرصت الانقاذ (2) علي اقصاء هذا الاقليم عن المشاركة بالكامل وهي ترسل الي أرضه الان المصفحات والطائرات الحربية ..والان .. لماذا يتم توصيف أهل الغرب والشرق بالعنصرية عندما يطالبون فقط بمساواتهم مع الجميع .. علي الرغم أنهم تركوا كل شئ لحزب المؤتمر الوطني .
سارة عيسي

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved