تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ندوة الجماهير ( منطقة جبال النوبة ) بقلم محمود جودات علي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/23/2005 5:12 م

كان الهدف والدافع في تنشئة العمل أوالتنظيمات السياسية لدي أبناء منطقة جبال النوبة ( جنوب كردفان ) ينطوي اساساً على رفع الظلم والضيم عن أهالي جبال النوبة وتثبيت الحقوق التاريخية والأرث الحضاري للإنسان النوباوي وتحقيق بعض المكاسب السياسية التي ممن شأنها أظهار النوبة في الساحة السياسية السودانية كعناصر فعالة مناضلة من أجل الحق والعدالة والمساواة وفي ذات الوقت سد الفراغ السياسي لدي جماهير شعب النوبة تجاوبا مع الكيانات السياسية الأخرى وأشارة بأن هناك منافسين شرفاء من أهل الأقليم يمكن التحاور معهم بالعقل والمنطق ومن ثم طرح مطالب أبناء ذلك الإقليم والسعي لحل المشكلات التي يعاني منها الناس في المنطقة بالطرق السلمية .

والعوامل التي دفعت الناس إلى تكوين تلك التنظيمات المتفردة هي ذات التي عرفت في ما بعد بالتهميش وعلى مدار الخمسين سنة ونيف اغفلت الحكومات الوطنية التي تعاقب على حكم السودان منطقة جبال النوبة تحديداً على الرغم من علمها بأن النوبة أهم أكثر الناس تضرر من االاستعمار حيث ضرب الاستعمار على النوبة حصار إقتصاديا وثقافيا لم يشهده أي شعب على أرض السودان سودان وظلت المنطقة ترزح تحت نير الجهل والفقر والمرض زمن طويل .

وتجاوبا مع المعطيات وظرف الحال وحاجة الأنسان في منطقة جبال النوبة لمن ينوب عنه في مناقشة قضاياه وصولا لحل مشكلاته ومعضلاته كان لابد من وجود يشكل وعاءً تنصب فيه كل أماني وأحلام شعب جبال النوبة عليه عمل الرعيل الأول من أبناء منطقة النوبة لأنشأ اتحاد عام جبال النوبة هذا الأتحاد نشاء في ظروف قاسية جدا وهي أن منطقة جبال النوبة تقع في الجزء الأوسط الجنوبي الغربي من السودان وتوجد وفيه الكثير من الخيرات ومكنونات الأرض التي ظهرت مؤخرا ( البترول وغيرها ) علاوة على الزراعة والرعي والتراث الإنساني الغني لشعب جبال النوبة التاريخي ولقد كان لأولئك النفر القليل من أبناء شعب النوبة الشرفاء حملوا طموحات عظيمة كعظمة الجبال الشماء واكبر من حجمهم الفعلي من حيث عدم توفر الكوادر المؤهلة لقيادة العمل السياسي والتنظيمات التي تزكي وينتج منها الكوادر القيادية التي تمسك بدفة السفينة وتحكم اتجاهاتها إذ أن المساحة التي كان يعمل فيها نفر قليل من الناس مساحة واسعة جدا وهي منطقة كردفان الكبرى كلها وهي بالطبع اكبر من مساحة بعض الدول ويستوطن فيها العديد من الأعراق ألأخرى مع النوبة مثل عرب البقارة والفلاتة والدينكا وبعض المجتمعات الأخرى ولكونها تقع في الوسط الجنوبي الغربي فهي ايضا منطقة تعايش جاذبة يفد إليها أبناء السودان من كل صوب من دارفور وقبائل الجنوب وأبناء الشمال والشرق لذلك تحتاج المنطقة لكثير من العمل المضني الجاد الذي يبنى على اسس قاعدية وعلمية تبنى على الأبحاث وقواعد معلومات جادة في كافة المجالات الحيوية .

كذلك تعاني المنطقة من الفاقد التعليمي وخصوصا لدي شعب النوبة يوجد قلة من المؤهلين قياديا وعلى الرغم من ذلك لم ينثني عزم ابناء منطقة جبال النوبة في ترويض المحن والكوارث وخوض غمار المعارك الضارية في النضال والزود عن الوطن كله وبحث عن وحقوقهم فيه ويجب ألا يغفل أبناء المنطقة واجبهم مادام الليل يلد النهار.

كانت الاحزاب التقليدية الكبيرة تعتبر ذلك التكوين ( اتحاد عام جبال النوبة ) في أول نشأته كجمعية خيرية ولم ينظر إليه على كونه حزبا سياسيا أو جسم تنظيمي هرمي له قاعدة عريضة يستطيع أن ينافس للقوى السياسية الشمالية آنذاك ( الأمة والاتحادي الديمقراطي وغيرهم من الأحزاب ) ولم يكن يشكل مصدر خوف أو قلق بالنسبة لتلك الأحزاب ومن هنا تأتي رجاحة العقل لدي أبناء المنطقة في أمور التنظيم وكيف أنهم يأخذون الأشيأ بالتدرج وهي علامة للبناء الهرمي وكيف أن الهرم يرتكز على قواعده ويزداد في قمته شموخا.

استمر هذا الاتحاد يناهض كافة انواع الظلم والاضطهاد بصورها البشعة والتي كان يعاني منها أهالي المنطقة وظل يقدم شكواه للحكومات المتعاقبة في الخرطوم وأوراقه لنيل مطالب شعبه واحتياجات منطقته الاساسية من مثل التعليم والصحة والتنمية بأشكالها المختلفة ولكن هيهات لم تستجاب طلباته ولم يجد أي عناية أو اهتمام من قبل السلطات في الخرطوم لذلك عمد الاتحاد إلى تغيير لونه الخافض بلون جديد براق أكثر جدية وحدةً في ميدان العمل السياسي.

وكان له أن أسس اركان حزب جديد في 13 مايو عام 1985م هو الحزب القومي السوداني بزعامة الأسقف فيليب عباس غبوش وهذا أول منطوق يعرف بالقومية السودانية في تسميات الاحزاب السياسية في السودان هو الحزب القومي السوداني وهو من المكاسب التي عانى شعب منطقة جبال النوبة كثيراً لتحقيقها وبعد جهود مضنية عبر نضال طويل.

ولكي يصبج هذا التكوين حزباً سياسياً يأخذ مكانته في مسيرة العمل السياسي في السودان لابد أن يتقلد المناصب القيادية فيه أناس أكفاء مخلصين في عملهم تجاه الوطن السوداني كل بصفة عامة وأهلهم في مناطق جبال النوبة بصفة خاصة، كما يجب صيانة هذا الحزب والمحافظة عليه والعمل عى تطويره بأستمرار بعيداً عن المزايدين وتجار قضايا شعوبهم، و هذا الحزب كان يرجى منه أن يكون إضافة فاعلة في تقويم مسار العمل السياسي في الدولة السودانية وخلق زعامات نزيهة وفاعلة في الاتجاه الصحيح.

لقد استطاع شعب جبال النوبة أن يتخلق سياسياً لمعاصرة الأحداث والمستجدات واستطاع أن يوجد له قيادات وزعامات سياسية وطنية كان في مقدمتهم الآب فيليب عباس غبوش والمرحوم محمود حسيب وثلة طيبة من الأكاديميين والمثقفين تلك الزعامات والقيادات السياسية ولدت من لدن جماهير المنطقة مع دوران عجلة الحياة النضالية والسياسية ومرادفاتها بدءاً من الثورات التحررية التي اندلعت في المنطقة لمناهضة الاستعمار الهجمات التأديبية ضد أبناء النوبة مروراً باتحاد عام جبال النوبة في بداية الستينات وصولاً إلى مستوى تنشئة الأحزاب اللبرالية ( الحزب القومي السوداني ) وما أنفكت تلك الزعامات تحمل الأفكار والأماني ذاتها وتستخدمها في منابر السياسة في خطابها السياسي مع الجماهبر.

وأستطاعت أن تخطو إلى الأمام ولقد تبؤات قمة الهرم السياسي على مستوى شعب النوبة وديمقراطياً وكانت الجماهير هي التي نصبتها كقيادات على أن تعمل من أجل تحقيق مطالب الجماهير في إطار ما اتفق عليه كتنظيم سياسي بمسماه الحزب القومي السوداني .

كان يؤمل منها ( الزعامات ) أن تقدم الكثير من البرامج والخطط من أجل حل المشاكل المتراكمة في المنطقة وتعمل على موازنة الأحداث المتدافعة منذ زمن بعيد والتي تزداد يوم بعد يوم إلى أن جاءتها الحرب الأهلية الطاحنة وحصدت الملايين من أبناء السودان وميئات الالآف من أبناء النوبة ولقد أخذت الحرب أشكالاً متباينة تمثلت في اضطهاد عرقي وسياسي مفتعل هدف إلى تدمير شعب النوبة بأكمله وإباحة استغلال المنطقة سياسياً واقتصادية واجتماعياً تلك الحرب عصفت بالكثير من أحلام وأماني أبناء المنطقة، كما نتج عنها هجرة جماعية من أهالي المنطقة نحو مناطق ومدن الشمال فيما اتجه بعضهم نحو الجنوب الأرض التي ما فتئت تشرب من دماء أبناء الوطن منذ فجر الاستقلال.

عندما انهارت الديمقراطية الثالثة بدأ الحزب القومي السوداني العمل في الساحة السياسية مع بقية الأحزاب المجتمعة تحت مسمى التجمع الديمقراطي بقوة وقدم نفسه لجماهير الشعب السوداني كأنموذج سياسي حر يتحلى بالرؤى السديدة في معالجة قضايا السودان وظل يساهم بفعالية في توجيه عرى السياسة السودانية نحو الأفضل ويناضل بجسارة ضد الظلم والضيم ويفج حطام الفرقة والشتات ليؤسس للسودان دولة الوحدة والاستقرار وبدون الدخول في تفاصيل عن إنجازات الحزب القومي السوداني.

نشير فقط بأن للحزب القومي السوداني قدم مبادرات ناجحة أسهمت في تقويم العمل السياسي بالخارج وترك فيها بصمات واضحة في كل عمل سياسي قام به التجمع السياسي المعارض وتابع عن كثب كل التطورات التي افضت إلى تحقيق السلام كما للحزب خطابه الواضح التوجه نحو بناء السودان الجديد الذي يرتجى منه احتواء كل مشاكل السودان الحكمية والاقتصادية والثقافية والخروج به من نفق الاقتتال والدماء إلى بر الأمان والسلام ولقد ساهم بقوة في رسم خارطة الحقوق لأبناء جبال النوبة والمنطقة في موائد اتفاقات السلام التي تمت بين الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان وحكومة الانقاذ وذلك تحت مسماه الحزب القومي السوداني المتحد بعد أن اتحدت مشتقاته من التظيمات الثلاث في مؤتمر كاودا وكان ملازما لتحرك الجماهير نحو مطالبهم ورغبتهم في السلام المشرف الذي يأتي بنتائج مرضية تلبي رغبات الجماهير ولقد اثمر جهد الحزب وقادته في نزع بعض المطالب المستحقة من انياب حكومة الانقاذ إلا ان اهمها لم يتحقق ولكن كما يقال فأن أول الغيث قطرة وعلى كل حال يكون الحزب القومي السوداني حزبا سياسيا مؤسسيا يشاطر الاحزاب السياسية السودانية بذات المنابر مع تخصصه بما يعنيه من توجهات جماهيره وشعب السودان حيث يطل عبر نافذة سياسية مضيئة و عالمية ليراقب الأحداث في السودان كيفما حكمت الأقدار ولقد وجدت له فروع منتشرة في كافة بقاع العالم.

ويعرف عن النظم السياسية السودانية تذبذبها ولأن مكان إعراب الحزب القومي السوداني هو وطن أفريقي ومن دول العالم الثالث كما يصنف فلابد أن تعتريه ذات العلل والأمراض التي تصيب كافة التنظيمات السياسية في السودان ألا هي انفلاق الرأس ( القيادات ) وتشقق الأقدام ( القواعد ) .

تكلمنا عن بداية الحزب القومي السوداني كتنظيم سياسي قوي نشأ بإرادة شعبة وكان من المفترض أن يكون هو الحزب الأوحد في تلك المنطقة ( منطقة جبال النوبة ) ولكن لا ضير بأن يكون هناك أكثر من حزب بأسماء مختلفة وبذات التوجهات والأفكار أو غيرها لا يهم لأن الحكم في ذلك يعود إلى جماهير والبرامج والرؤى هي التي تظهر مهارة الساسة وتقنع الجماهير.

بأعتبارات أخرى أن منطقة جبال النوبة خصبة للعمل السياسي ويستطيع كل منافس أن يقدم طرحه السياسي بالشكل الذي يرضي طموحه ويعتقد أنه مقنع لجماهيره لاشك أن الحزب القومي كان يشكل معضلة سياسية أمام الاحزاب الشمالية الأخرى التي كانت تعتبر تلك المنطقة ملك لها وتعمل على توظيفها سياسيا في ظل الأنظمة الديمقراطية حيث تتنافس فيما بينها لإحتكار الدوائر الانتخابية وزيادة عدد مقاعدها في البرلمان السوداني ومن خلال ذلك يمكن الوصول إلى سدة الحكم في السودان بذلك عملت تلك الأحزب بشدة على كسر شوكة الحزب القومي السوداني الوليد الشرعي لشعب السودان لأنه وبحسب موقعه الجغرافي وتوجهاته السياسية الوحدوية يمكن أن يستوعب كافة ألوان الطيف السوداني ويمكن أن يكون على رأس الهرم السياسي في السودان لذلك عملت بعض الأحزاب السياسية بكل الوسائل المتاحة لديها وفي بعض الأحيان استخدمت المال والنفوذ لتفكيك الحزب القومي السوداني بأعتماد أسلوب شراء الزمم ولقد فلحت في قطع الطريق على مسيرة الحزب السياسية حيث أغرت عدد من نوابه البرلمانيين ودفعهم إلى الانسلاخ من الحزب وكان ذلك ضربا تحت الحزام مما جعل الحزب القومي يتداعى ومنذ أن قصدت بعض القوى السياسية إقصاء الحزب القومي السوداني من ساحة العراك السياسي لم ينعم هذا الحزب العملاق بمسيرة سياسية مستقرة أذ أنه أخذ يتلقى الضربة تلي الأخرى حتى انفلق إلى أجزأءه ثم كان على رأس كل جزء منه جماعة من زعمائه أما أن يكونوا على الخط السوي وأما أن يكونوا على غير ذلك تباينت الرؤى وأختلفت السبل في تناول ادبيات السياسة ومنهجياتها الرشيدة نحو التفريق بينما هو عام للمصلحة العليا وبينما هو خاص ذي طابع منفعي ضيق.

ويظل الربان في ذات السفينة التي تحمل نفس الأسم ( الحزب القومي المتحد ) وقلة منهم يقودونها عكس التيار بقصد أغراقها ربما لمصلحة فئة قليلة على حساب الأغلبية فيما الجماهير تنتظر من ربان السفينة أن يتحدوا في التوجه الصحيح وألا يرضخوا للضغوط وإغراءات المغرضين ( من بعض الأحزاب السياسية ) على الرغم من كل هذه المشقة التي يعاني منها الحزب القومي السوداني أن أغلب جماهيره متماسكة لأنها تدرك أهدافها وتعرف مبتغاها وتستطيع الجماهير أن تخلق زعاماتها وقياداتها بأكثر لأن الأحداث التي زاورت المنطقة من ويلات الحروب والتشريد وغيرها ابصرت الناس على حقائق الأمور وزادتهم علما واكسبتهم الثقة بالنفس والقوة على احتمال الصدمات وعلى القيادات أن تفطن أن خطواتها محسوبة بحسب أفعالها ما لها أو عليها .

ونعود إلى القول في الوقت الذي يتكالب فيه بعض أعداء منطقة جبال النوبة في حبك المؤامرات بمهارة ونسج عمليات تفكيك الحزب وقطع الروابط الحميمة بين أبناء الشعب الواحد وأفشال مخططاتهم وسيناريوهاتهم نلجظ أن بعض قيادات النوبة أنفسهم قد اسهموا في ضعف التنظيمات السياسية وتجاهلوا خطر التنصل من المسئولية التاريخية وبعضهم لم يرتفعوا إلى مستوى الحدث وأنغمزوا في شهوات آنية على الرغم من وجود تحديات جسام تنتظر النوبة في بحر الأيام القادمة في مواجهة تحديات السلام والحفاظ على المكاسب ألتي جأ بها المناضلون من أجل الحرية والعدالة والمساواة.

يلغط الناس فيما بينهم بأن الحكومة ( الإنقاذ ) ضليعة في تفتيت قوى الأحزاب السياسية وعلى وجه الخصوص تلك التي تكون في المرتبة الثالثة بعد الأحزاب التقليدية الكبرى الأمة والاتحادي آخذين في الاعتبار إنجازات كل حزب وأمكاناته الفكرية والمادية فأن الأحزب الأخرى تصبح فريسة سهلة بالنسبة لنظام الإنقاذ.

لا ندري من أجل ماذا يتصارع أولئك النفر القليل من الناس ولمصلحة من تفتح حلبة مصارعة غير شريفة ويكثر فيها الخصومات وتتباعد فيها الرؤى حول قضايا مسلم بها وتاركين وراءهم هموم أهليهم المتفاقمة في جبال النوبة، متناسين مآسي الناس في فقدهم أرضهم وذويهم وانعدام ابسط سبل الحياة المدنية في مناطقهم، واحتياجاتهم من خدمات عامة في شتى مجالات الحياة والتعليم والصحة.

تلك الزعامات والقيادات السياسية نأمل أن تفوق لوعيها وترتقي إلى مستوى تتفاعل به مع الأحداث وتتناول القضايا القومية بالبحث والتحري والتمحيص عملاً لحلها أو المشاركة بالرأي السديد وذلك قمة مراد شعب منطقة جبال النوبة وعلى تلك الزعامات أن تنائي بنفسها عن مواطن الريبة والشك وحتى لا تفقد ثقة الشعب فيها كليا، يجب أن يدرك أولئك القادة أن السعي وراء المصالح الشخصية في العمل السياسي خسارة عظمى، أن لم تكن خبانة عظمى و يجب على القائد أن ينال رضى أصحاب المصلحة العامة و يمر عبر مبادي مقنعة تعمل على ترقى الإنسان إلى مستوى الفهم والإدراك للتعامل مع الأحداث مروراً لتناول قضاياه بفكر واع يستطيع به بلوغ أهدافه المنشودة وتحقيق غاياته.

كما لابد للزعامات أن تعبر عن بواطن تفكير شعبها واهتماماته ما استطاعت لذلك سبيلا، مما يجعل هذا الإنسان البسيط متعاطف ومتحد مع قياداته بغية بلوغ المراد وتحقيق الأحلام والأماني، وأن الشعوب الفقيرة كشعب منطقة جبال النوبة أو جميع المتجمعات التي تقطن المناطق المهمشة تطمح في أن يكون لها وجود متوازن في جميع أوجه التنمية مع جميع المجتمعات الأخرى، في السودان ومكسب القيادات هو أن هذا الشعب قاعدة عريضة يجب كسبها والعمل على ذلك، وعدم الاستهانة بقداراته الفكرية والمادية بناءً على موروثاته الاجتماعية والمعطيات الحضارية.

فأن الصراعات السياسية التي تصدر من قيادات في قمة التنظيم أختلال في العمل السياسي وغير ناضجة لأنها غير مبنية على أسس حضارية بناءة علاوة على أنها تعمل على تبديد أمال هذا الشعب لمغلوب على أمره ويزيده عدم الاتزان وفقدان الأمل وينتج عن ذلك التراخي وقلة الهمة والاستسلام للبوس والشقاء فيبقى قابعاً في براثن التخلف وظلام الجهل ويكون فريسة سهلة غنيمة يستفاد منها لغيره ولا يستفيد بشيء .

ومن الفساد السياسي أن القيادات إذا انصرفت عن هموم شعبها واتبعت هواها وانغمست في صراعات حول مكاسب السلطة والجاه أو اشغلها جمع المال والمكاسب الضيقة فصار العمل عندها تجارة، وقتها ينصرف عنها شعبها ويتركها معلقة في الهواء تعتبر نفسها قمة ولكن بلا قاعدة ذلك هو حال بعض قيادات الأحزاب السياسية في السودان وللأسف تركت أمال شعوبها وتخلت عن قضاياه المصيرية وأنصرفت لتتخذ من الشقاق شهرة ومداولة إعلامية صحوفية وصرفت كل جهدها في الصراعات الجانبية مغيبة نفسها عما يجري من أحداث الساعة تحديات السلام والمراحل الحرجة التي تطلب العمل الجاد والمخلص من أجل بلوغ الأهداف التي طالما تمناها الجماهير.

الصحيح أن يعتمد قادة العمل السياسي منهج الالتزام والشفافية والمصداقية في قيادة التنظيم السياسي لا سيما أنهم ينوبون عن قاعدة جماهيرهم وكذا عليهم قوية الشكل الهرمي المتوازن فيبدأ من الأساس باعتماد القمة على القاعدة حيث يكون القرار صائب قوياً ومؤثر بحكم التمحيص والإجماع عليه .

أن تواجد الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في مناطق جبال النوبة هو نتاج طبيعي لما كان من تفاعل ابناء منطقة جبال النوبة والحركة بقيادة الراحل المقيم القائد يوسف كوا مكي الرجل الذي أفنى حياته في النضال من أجل العادلة والحرية والمساواة وهو أول من وضع لبنات السلام وخطى نحوه وبذلك أصبح وجود الحركة في مناطق جبال النوبة كتيار مشارك في الحكومة المركزية وجودا فعالا وداعم لقضايا جماهير المنطقة فأن الحركة هي التي جأت للمنطقة بمكاسب سياسية كانت أو اقتصادية منذ اتفاق السلام الأول الموقع في الخرطوم والتي اجهضت بنوده قبل كمال حبلها كان ذلك بقيادة محمد هارون كافي ورفاقه الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة إلى أن تمت اتفاقية السلام بنيفاشا. والجماهير في منطقة جبال النوبة راضية عن وجود الحركة الشعبية في المنطقة وتضع الجماهير أجرامها وأثقالها في كفتي الميزان عندما فوض أبناء المنطقة الممثلين في تجمع الحزب القومي المتحد الحركة الشعبية لتحرير السودان للتفاوض نيابة عنه في مناقشات عملية السلام ولقد سمي ذلك بمقررات كاودا .

لقد تحدث العديد من القادة والمفكرين من أبناء منطقة جبال النوبة ( جنوب كردفان ) يذكرون بأن شعب النوبة ليس كما كان في الماضي من تخلف والجهل ولقد تلعم وأصبح فيه الطبيب والمهندس والمدرس والمحامي والقاضي وما إلى ذلك مما يشير بأن هناك عدد كبير من أبناء النوبة المتعلمين وهذا واقع وحقيقي لقد دفعت ظروف السودان أبناء النوبة للإنتشار في كل بلاد الدنيا وأصبح منهم عدد كبير من المتعلمين ولكن أن بلدهم يحتاج المزيد من جهدهم حتى تعمر ديارهم وكي لا يقول قائل ليتهم بقوا كما كانوا في جهل ونشاط لكان العذر عن الحضور السياسي مقبول على أن يجدوا نفسهم وبعد تكوين أول حكومة وحدة وطنية بعد السلام في هامش الهامش.

وعلى سبيل الحكمة ونحن كعامة الناس لا يحق لنا أن نفتي في أمور التنظيمات السياسية ولكن علينا أن ندلو بما تجيش به خواطرنا.

نعلم أنه عندما تعجز القيادة السياسية في تحقيق أمال جماهيرها الطموح عليها أن تتنحى ديمقراطيا أو تسعى لحل نفسها والرضوخ للمحاسبة وفسح المجال للجماهير لإختيار قيادات قادرة على الإنجاز وتحقيق المكاسب لشعبها وألا تحتكر دفة القيادة وتستأثر بها دون أن تعطي الفرص لغيرها بل وفي غالب الحال تسعى لتخريب البناء التنظيمي مما يجعلوه وهن غير فعال وبالتالي إضاعة الوقت الفرص من بين يديه.

أن تراكم الأخفاقات في العمل التنظيمي السياسي يعني الفشل في القيادة وعدم ومقدرتها على تسيير العمل بالصورة المثلى فالجماهير دائما تتطلع لوجود قيادة شجاعة راشدة مؤمنة بتطلعاته وفي الوضعية السليمة عندما يكون القاعدة على درجة من الوعي السياسي تسطيع أن تنتفض وتوجد نفسها مخرجا من الركود في مستنقعات الإخفاقات والفساد السياسي .

محمود جودات علي [email protected]



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved