تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

إنجاز جديد .. أكبر مِن السلام وأكبر مِن البترول !!. بقلم محمد خير عوض الله

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/14/2005 9:54 ص

محمد خير عوض الله
[email protected]

إذا وزِّعت ورقة بصورة يوميّة ـ طيلة الخمسين سنة الماضية ـ على الشعب السوداني ليكتب فيها كل فردٍ فيه رغبتين يطمح في تحقيقهما للسودان ، لكانت أعلى نسبة ـ بلا أدنى شك ـ للسلام والبترول.. فهما مطمحان عزيزان جداً للشعب السوداني طيلة نصف القرن المنصرم ، وكُنّا نظنُّ دائماً أنّ الرفاهية ـ كلها ـ ترقد متخفيّة خلف هذين المطمحين العزيزين وحسب ، غير أنّ شيئاً ثميناً آخر ـ في تقديري ـ سيتحوّل السلامُ بدونِه إلى حربٍ ضروس ، والبترول إلى نارٍ موقدة تطّلع على الأفئدة ، وهو (البناء المفاهيمي الجديد) في الرؤى والأفكار ، والممارسة والتطبيق .. ولنا أن نسأل : لماذا تأخر تحقيق المطمحين العزيزين (السلام والبترول) ؟ لأنّ الأفكار السياسيّة والممارسات الحزبيّة ظلّت على ماهي عليه ، يسلّمها الخلف للسلف دون أن يعتبر الخلف بسوءات في ممارسات السلف !! (حتى الانقلابات فهي كُلّها صنيعة حزبيّة !) ومعظم الممارسات يكون حظ الزعامة فيها شاخصاً ومؤثرا ، ذلك فضلاً عن بوار أو انتهاء صلاحيّة الفكرة التي قامت عليها الأحزاب !! (ماهي مسوغات قيام الأحزاب الكبيرة يوم أن قامت ؟ أجيبوا بشجاعة) .. الآن تحقق السلام وتحقق البترول ، لكن العقليّة السياسيّة هي نفسها لم تتغيّر ، بل تفتّحت لها آفاق أرحب في العمل التدميري في دارفور والشرق ، مع النيل الأزرق وجنوب كردفان وولايات الجنوب العشر .. الآن أُلخِّص العبارة فأقول ، إنّ شيئاً ثميناً آخر ، لن تكتمل سعادتنا إلا به ، ولا يقلُّ إنجازه عن إنجاز المطمحين القديمين ، ألا وهو (البناء المفاهيمي الجديد) وأنا أُفضّل استخدام شعار(السودان الجديد) بما له من قوة وجاذبيّة وقدرة تسويقيّة عالية ، بغض النّظر عن التسويقات المضادة له .. وقد يتجلّى ما أقوله الآن في مُقبِل الأيام ـ أسأل الله ألا يحدث ـ وهو اعتماد المبدأ الوحيد القديم في النزاع والشقاق السياسي ..! المطلوب الآن ـ بعد أن صابر الشعب السوداني وأنجز البترول والسلام ـ أن تتجه الطاقات كلّها نحو بناء السودان الجديد ، والسودان الجديد ليس هو إسلامي ولا هو علماني أو شيوعي أو بوذي أو خلافه ، صحيح أنّ الولايات الشماليّة تحتكم للشريعة الإسلاميّة ، لكن الولايات الجنوبيّة لا تحتكم إليها .. وبهذا يصبح (التوتل) سودان لا إسلامي ولا علماني ولا شيوعي ولا بوذي ولا خلافه .. هذا هو السودان الجديد من ناحية الدين والأيدولوجية .. ومن ناحية الأفكار والممارسة السياسيّة الحزبيّة القادمة ، فإنّ هدم الأبنية الطينيّة القديمة هذه لابد منه .. لابد أن نهدم (بيوت الطين القديمة) هذه ، ونعتمد أحدث الخطط والمواصفات التي تناسب السودان الجديد .. أولاً نقر بفشل الخطط القديمة في (انشرار) البناء الأفقي الذي نبتت فيه الأحزاب كما تنبت النباتات الطفيليّة الضارة ، وفي الخطة (الرأسيّة) الجديدة هذه ، علينا أن نقيم الاختلاف والتباين الحزبي على رؤيتين أو ثلاث في بناء الاقتصاد والرفاهيّة (بعد أن حسمت قضايا الدين والأيدولوجية والحقوق والواجبات ..الخ ، وبقيت مهمة التقدُّم الاقتصادي والرفاهي) هذا هو محك قيام الحزب الآن .. انتهت مرحلة قيام حزب الزعيم (س) رحمه الله ، ليناكف حزب الزعيم (ش) رحمه الله ، وانتهت مرحلة قيام حزب أُعجِب بأيدولوجية المُفكّر(ص) رحمه الله ، ليكون ترياقاً لحزب الأيدولوجية (ض) ...الخ ، خمسين سنة من التجريب الفاشل ، والمناكفات الجوفاء ، ودوران شعب بأكملِه حول بيوت وأفراد !! الآن أصبحنا على المحك التنموي والخدمي ، ويُحمَد للحركة الإسلاميّةـ مثلاً ـ أنّها لم ترهن نفسها لحسن البنا منذ 1964م ، ثمّ انتقلت نقلة كبرى في 1985م لتتخلّى عن 50% من الأيدولوجية ، ثمّ تخلّت عن 99% منها في نسختها الراهنة .. وعلى الحزب الشيوعي الآن أن يفعل مثل هذه التحوّلات بما يناسبه (تبني الليبراليّة مثلاً) وسنكتشف أن الإسلاميين اليوم يتبنون شيئاً يشبه الليبرالية.. وسنجد حزب الأمّة يفعل ذات الشيء ! وسنكتشف إمكانيّة كبيرة جداً للاندماجات .. إذن دعونا من أوهامنا وأوهامِكُم القديمة واجعلوا التباين الحزبي على (الخطة الاقتصاديّة والتنمويّة) ، خاصةً والدستور الحالي والوثائق الحزبيّة كلّها حسمت قضايا الأيدولوجية والهويّة وبنت الحقوق والواجبات على أساس المواطنة فقط .. دعونا مِن أوهامنا وأوهامِكُم القديمة ، اهدموا كل الأحزاب ببيوتها الطينيّة العشوائيّة القديمة (وتيقّظوا أن يصيبكم الربو أو تلدغكُم الحيّات) اجعلوا بناء الأحزاب يقوم فقط على خطتين أو ثلاث في الاقتصاد والتنمية ، إن فاز (هذا) يعطى الفرصة كاملة ليطبِّق خطّته تحت مراقبة الآخرين ، وليس بيننا من يفجِّر أنبوب النفط ، كُلنا مشغولون (باستدامة التنمية) و(رسوخ السلام) .. أبناؤنا في الجامعات يتركون (المطاوي والسيخ ) وسخافات (تربية وأفكار الماضي) ويصوِّبون أنظارهُم نحو التفوّق العمراني والاقتصادي والتكنولوجي والإعلامي وركوب الفضاء .. هذا هو السودان الجديد الذي يشيِّع بالزغاريد خمسين عاماً فاشلة، لا تبتدئوا الخمسين عاماً القادمة بمناكفاتكم وسخافاتِكُم القديمة ، تجرّدوا وسووا صفوفكم يرحمكم الله .

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved