تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الجديد المفيد في عودة محمد طه محمد أحمد بعد محنة المقريزي بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/13/2005 5:19 م

قبل أيام طالعت في موقع سوادنيز أون لاينز مقالا للاستاذ/محمد طه محمد أحمد يثني فيه علي اللواء عبد الله قوش ويشيد بدوره في تقريب العلاقات مع الولايات المتحدة ، ومن الواضح أن قضية التكفير الاخيرة ألقت بظلالها السيئة علي نفسية محمد طه وقلمه وأصبح لا يفرق بين الخيانة والعمل الوطني ، وتشابه عليه تمجيد الطاغية بدل الوقوف مع الضحية وهي الحرية المسلوبة ، وأحترت لماذا خص الاستاذ/محمد طه الجنرال قوش بهذا المدح والاطراء دون غيره من فريق المحامين أمثال غازي سليمان والذين تخلوا عن ثوبهم القديم ووقفوا معه ضد ما أسموه بمحاكم التفتيش الجديدة ، وهناك لغط يدور في الشارع العام بأن الجنرال قوش قام بتوفير الحماية الامنية لمحمد طه وقام باستخدام نفوذه القوي من أجل تغيير سير التحقيقات في المحكمة ، فاذا صدقت هذه الرواية فيكون محمد طه يجازي الحسنة بالحسنة وهو في هذه الحالة معذور في رؤيته للجنرال قوش حيث خلصه الرجل من شر محنة أكيدة ، وهو في هذه الظروف لا يملك غير قلمه بعد أن تمرغت سمعته في التراب بسبب الحملة التكفيرية التي مارسها ضده الدكتور عبد الحي يوسف ، ومهما كانت الاسباب فان كلمات الغزل التي سكبها الزميل محمد طه في حق الجنرال قوش تعتبر غير مناسبة وهي اشبه بمديح المتنبئ لكافور الاخشيدي ، فالجنرال قوش هو أول من اسس جهاز الامن فرع الطلاب في الجامعات السودانية ، وكلنا نعرف الدور القذر الذي لعبه هذا الجهاز في تعذيب الطلاب واغتيالهم في بداية عهد هذا النظام ، وفي منتصف التسعينات تم تعيين الجنرال قوش برتبة ضابط أتصال مع تنظيم القاعده ، وهذا الدور الجديد أكسبه أهمية خاصة لدي الادارة الامريكية ، فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 استطاع الجنرال قوش أن يزاود الامريكان بمعلوماته عن تنظيم القاعدة فقام في خطوة فيها الكثير من الخسة والخيانة بافشاء كل اسرار هذا التنظيم الي الأمريكيين ، ولذلك خصه الامريكيون بمعاملة خاصة ووفروا له طائرة نفاثة تنقله في الخفاء من مدينة الخرطوم الي ولاية فرجينيا حيث مقر المخابرات الامريكية لتصدر له الاوامر من جديد بالتجسس علي دول الجوار الافريقي في سبيل محاربة الارهاب ، هذا هو الجنرال قوش الذي يتغزل فيه محمد طه محمد أحمد رجل غامض يخدم أجندة أجنبية لا يوجد فيها بند واحد يسمي مصلحة السودان ، ومحمد طه يعاني الان من الارهاق العقلي والتشتت الفكري وأحس من مقاله الاخير بأنه تائه وسط الضباب ولا يعرف بالتحديد عن ماذا يكتب ولماذ ؟؟ وقد أختار شخصية ممقوته من الجميع وبدأ في وصفها بالبطولة والوطنية ، والجنرال قوش يعرفه الذين تعذبوا في سجونه ومزقت اجسادهم سياطه وليس الذين استظلوا في ظله من كتاب صحافة ( تأليه ) الاشخاص وباعة الكلمات الرخيصة ، ولقد ذكرني محمد طه في مقاله الاخير عن الجنرال قوش بكتاباته في بداية عهد الانقاذ والتي كان أغلبها يصب في مجري المديح والاطراء للدكتور الترابي ورموز الحكم المتنفذة أنذاك ، فهو لا يكتب عن المبادئ مثل الحرية والديمقراطية والحوار لأنه يقف ضدها ولا يحترمها الا اذا أمنت واستسلمت بما يحمله من أفكار وفي مقاله الاخير عن الجنرال قوش يريد محمد طه أن يثبت لنا أنه لم يتغير البتة وأنه لا زال مولعا بمديح رجال الانقاذ حتي وان أهلكوا كل الشعب السوداني ، وأذكر لمحمد طه قولته المشهورة بين يدي المرحوم الزبير محمد صالح عندما كان وزيرا للداخليه حيث خاطبه قائلا : (( اضربهم حتي يقولوا أنج سعد فقد هلك سعيد )) وكان يقصد بذلك القول ضرب القوي السياسية التي كانت تعارض الانقاذ ، ومحمد طه موديل 2005 هو نفس محمد طه موديل 1990 ولم يتغير في راسه سوي خطوط الشيب المتعرجة فالرجل لا زال يحمل في جوانحه نفس الصلف والكبرياء القديمين علي الرغم من تغير خارطة الحالية السودان عن سودان الامس الذي مزقته عصابة الانقاذ و لم يعد السودان تلك الرقعة الجغرافية القديمة التي تفعل بها الانقاذ ما تشاء ، فهناك اتفاق سلام موقع مع عدو الامس القريب وهناك مبعوث أممي دائم يصوب عدساته تجاه كل بقعة تمسها الانقاذ بالسوء ، وهناك جيش أجنبي مرابط في دارفور والجنوب وجبال النوبة بموافقة الحكومة السودانية ، ولكن هناك من يحلم بالعودة الي ذلك الزمن البغيض وتمثل ذلك في ابتعاث الثلاثي المرعب الطيب سيخة والغازي صلاح الدين وعبد الرحيم محمد حسين الي سدة المناصب الوزارية في التشكيل المرتقب ، وعودة هولاء الفرسان الثلاثة هي عودة ( احتياج ) مؤقتة وليس عودة زمن بغيض ولي وأنقضي ولم يعد بوسعهم جر بلادنا الي منعطف الحروب من جديد .
وأنا أكن للزميل محمد طه الود والاحترام مع اختلافي معه في قضايا الفكر والحرية وحقوق الانسان ، فهو يري أن الانظمة الشمولية يمكن أن توفر الحرية المشروطة بالنظام والانضباط ، وكلنا تابعنا تداعيات الازمة التي نالت من محمد طه محمد أحمد قبل عدة شهور من الان حيث تعرضت عقيدته الدينية للتمحيص والتشخيص من قبل السلفيين والذين أثارتهم قضية كتاب المقريزي والذي نشر علي صفحات جريدة الوفاق ، وخلصت النتائج الممهورة بتوقيع سلفي حزب المؤتمر الوطني بأن الاستاذ/محمد طه كافر ومرتد ومستوجب لحكم القصاص الشرعي بقطع عنقه من الكتف ، ووصلت الامور الي مستوي اغلاق مكتب صحيفه الوفاق وتغريم صاحبها محمد طه محمد أحمد مبلغ عشرة مليون جنيه ، ولم يتحمل محمد طه الجرم الشنيع لأنه رمي بالتهمة علي موظف التصفح البرئ والذي كان دوره فقط هو نقل المعلومة من كتاب المقريزي أما السماح بالنشر والرقابة فتعتبر من اختصاصات رئيس التحرير ، وعالم الصحافة يشابه عالم الجندية في تحمل المسؤوليات والجنرالات في ميدان المعركة يتحملون أخطاء الجنود ، ولكن محمد طه نقض هذا العرف السائد واستطاع أن يفلت من العقوبة عن طريق رمي التهمة في رقبة الموظف الصغير ، وكنت أتمني أن لا يلجأ استاذنا /محمد طه الي هذه الوسيلة الرخيصة من أجل نيل البراءة لانها تدل علي دناءة الخلق والجبن ، فالدكتور سعد الدين ابراهيم صاحب مركز ابن خلدون تحمل مسؤولية التهمة التي وجهت له من قبل النيابة المصرية وبقي في السجن عدة سنوات من غير أن يزج بموظفيه في سير التحقيقات ، خرج محمد طه من محنة المقريزي وهو محمولا علي الاكتاف وكنت أرجو أن يكون قد خرج من سجن كوبر بسبب جهاده من أجل ارساء قيم الحرية والديمقراطية وليس بسبب التشكيك في نسب الرسول .
ويقول الدكتور حسن عبد الله الترابي أن السجن يعتبر بمثابة المدرسة المجانية بالنسبة للمناضلين وأرباب الفكر وهو لا يعتبر عيبا في حد ذاته ولكن العيب هو طبيعة التهمة الموجهة للشخص السجين ولذلك مكث نيلسون مانديلا 25 عاما في سجن روبن الرهيب من غير أن يحس بالوحشة ، وبقي عرفات في الحصار (confinement) لمدة ثلاث سنوات من غير أن يمل من رؤية الحيطان والابواب المغلقة ، ولكن هذه الدروس لا تناسب شخصية محمد طه المتقلبة والمضطربة والتي يدفعها التعصب الاعمي الي القفز فوق دائرة النار الملتهبة ، شخصية عاشت علي اللامعقول في زمن المعقول وحساب الكميات ، واذا سألنا لماذا يميل الاستاذ/محمد طه الي صحافة التطبيل للشخوص من غير تسويق فكر المدرسة السياسية التي ينتمي اليها ؟؟ فانه بذلك يجاري ابن زيدون في حبه لولادة وأبو الطيب المتنبئ في مدحه للاخشيدي والاخطل في مدحه للامويين وكل هولاء كان دافعهم في المدح ذاتيا ولم يكونوا أصحاب مدرسة فكرية مثل محمد طه محمد أحمد .
وهناك قضايا كثيرة وشائكة علي الساحة السودانية ، ففي عهد النفط أنعدم الغاز من الاسواق وبلغ سعره 30 ألفا للأنبوبة الواحدة وشحت وسائل النقل بسبب انعدام الوقود ، وعاد للناس من جديد شبح قطوعات الكهرباء ، ولكن تناول هذه الهواجس يعتبر ترفا في رأي محمد طه محمد أحمد لأنه يعتبر من علية القوم الذين جلبوا الماسآة ولا يسعون الي حلها .
سأل سيدنا عمر بن الخطاب أبناء هرم بن سنان وذكرهم بالمديح الذي قاله فيهم أحد شعراء الجاهلية وأظنه زهير بن أبي سلمي :
فقالوا له : يا أمير المؤمنين كنا نجزل له في العطاء
فرد عليهم : لقد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved