تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حصاد الفصل الأول من التشكيلة الوزارية بقلم محمد يوسف حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/10/2005 10:07 م

محمد يوسف حسن
[email protected]

حصاد الفصل الأول من التشكيلة الوزارية
تم الاعلان خلال الأيام القليلة الماضية عن تسمية الولاة فى الولايات الشمالية وتشكيل المجلس الوطنى ومجلس الولايات وقد زاولا جلساتهما ولكن الناس مازالوا ينتظرون بفارغ الصبر اكمال المشاورات بين الاحزاب المختلفة وبين الحليفين الاساسيين لإعلان حكومة الوحدة الوطنية والحكومات الولائية وحينها يبدأ الفصل الثانى من الاتفاقية بالشروع فى تحقيق المشاريع التنموية لتلبية طموحات المواطنين ولإزاحة المعاناة وإنهاء الانتظار فى محطات الاحباط والإنخراط فى مسيرة العمل الجاد واستشراف المستقبل الزاهى الواعد بسقف عال من الهمة:

"والله لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها"
يغوص البحر من طلب اللآلى ومن طلب العلا سهر الليالى
ليس نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
تحقيق الطموحات لن يكون بانتظار السماء أن تمطر ذهبا أوفضة ولكن بالهمة المصحوبة بالمدافعة والمغالبة والمكابدة لقطع الطريق الوعر والوصول الى حيث يوجد الكنز المدفون أو الموعود فوق أرض الجزيرة المعطاءة أو فى حفرة النحاس، بين أشجار الهشاب أو فى مزارع سكر كنانة، تحت جبال البحر الأحمر أو بين غابات الأبنوس ومزارع الشاى والبن فى الاستوائية، فوق سفوح جبل مرة أو تحت إهرامات البجراوية وتحت مياه النيل الذى يتمدد وينساب فى خيلاء من نمولى إلى حلفاء.

هاتفنى أحد أصدقائى المهمومين حتى الثمالة بالسياسة وتطوراتها فى بلدنا وهو يكمل حوارا قد بدأه معى سابقا بشأن توقعاتى لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة وتم نشره فى مقالى" سياحة بين الحقيقة والاحلام فى وطن يولد من جديد" فى يوم 26 يوليو الماضى والذى حاول أن يستنطقنى فيه حينها لكى أرسم له تركيبة الوزارة الجديدة. حدثته حينها أن السياسة السودانية يصعب التنبؤ بها وأنه بصورة عامة يتوقع أن تتكون من أهل الخبرة والتخصص وأنه سيكون فيها سهما لمن قاموا بإنجاز السلام ومن باركوه كما توقعت أن يكون للشباب حضورا مقدرا. وقد بدأ صديقى محادثه مستفسرا عن مغزى ما تم الاعلان عنه حتى الآن وسأل إن كنت ما زلت عند تفاؤلى الحذر بشأن رسم خارطة الوزارة قلت له ولكن الحكومة لم يتشكل منها إلا مجلسها التشريعى بغرفتيه المجلس الوطنى ومجلس الولايات وفى الجهاز التنفيذى تم الإعلان فقط عن الولاة فى الولايات الشمالية الخمسة عشر ولم تكتمل الوزارة فى شكلها التنفيذى الاتحادى ولا الولائى. قال صديقى، وكأنما إستسلم لتفاؤلى الحذر: "إن الجواب يكفيك عنوانه" وما تم الإعلان عنه لا يتيح لرفع سقف التفاؤل برؤية تغيير حقيقى ينتظره الشعب. وسألنى عن تحليلى لما تم حتى الآن وما أتوقعه من إعلان للوزارة خلال يوم أو يومين من نشر هذا المقال. قلت له إن ما تم يشبه حالة حركة الآليات الثقيلة المجنزرة (track) على شاكلة حفارات الترع والقنوات (Excavators) أو آليات رصف الطرق كالبلدوزرات التى تتحرك إلى الإمام ببطء عبر جنازيرها الحديدية مع إمكانية الدوران حول نفسها يمنة أو يسرة. قال لى فهمت ولكننى أطمع فى شرح سياسى أكثر قلت إذا نظرت إلى رئاسة المجلس الوطنى لم تتغير، فالأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر عاد لموقعه السابق أو لم يغادره وهو أهل لذلك بخبرته وحركته وعلاقاته مع الأجهزة التشريعية فى بلاد الدنيا المختلفة وإن كنت فى خوالج نفسى توقعت أن يقلد موقع آخر كوزارة العدل كإجراء لتجديد الوجوه وتجديد الروح مع الموقع الجديد مستصحبا طرفة شيخ العرب ود أبوسن حينما سأله المفتش الإنجليزى عن رأيه فى المأمور فرد عليه شيخ العرب قائلا: ما كعب علا (إلا) طول (أى طالت مدته والأفضل تجديد الوجوه) وحل نائبا له السيد أتيم دينق من الحركة ورغم عدم معرفتى السابقة به ولكننى أعده من الشباب الذين تدفع الحركة بهم بقوة ستة حصين لإحداث التغيير نحو السودان الجديد. أما فيما يخص تسمية الولاة فقد جاء التشكيل يحمل ثلاثة معالم: المعلم الأول أن الذين تقلدوا هذه المنصب لأول مرة بلغ عددهم سته من مجموع خمسة عشر والى ولكن أثنان من هؤلاء الستة كانا يشغلان مناصب تنفيذية وزارية وبذلك يتراجع حجم مشاركة الوجوه الجديدة إلى الربع فقط وهو ما قصدته من حركة المجنزرة البطئ للأمام. أما المعلم الآخر فهو أن سبعة ولاة فى التشكيلة السابقة بقوا فى التشكيلة الجديدة مع تغيير مواقع بعضهم إلى ولايات أخرى وإنضم إليهم وجهين جديدين ولكنهما كانا واليين فى وقت سابق فى قيادة ولايتيهما وأحدهما كان وزيرا إتحاديا هو وزير الشؤون الإنسانية وبذلك شكل عودة الولاة السابقين ثلثى التشكيل الحالى تقريبا وهو ما رمزنا له بحركة الآلية المجنزرة يمنة ويسرة وهى مرتكزة أى أن دورانها حول نفسها كان أكبر من حركتها للأمام والمعلم الثالث أن عدد الشباب بين تشكيلة الولاة الجديدة بلغ خمسة فقط أحدهما والى جنوب كردفان الذى يمثل الحركة الشعبية أى أن نسبة التغيير فى ولايات الشمال التى أتاحت فرصة للشباب لم تتجاوز الثلث بما فى ذلك ممثل الحركة فى الولايات الشمالية ولو أننا إستبعدنا ممثل الحركة لتراجعت نسبة التغيير إلى إثنين على سبعة أى أزيد من الربع بقليل وهى نسبة تقع دون طموح التغيير الذى توقعه الناس بكثير من الأمل. وهذا ما يدلل على أن المؤتمر الوطنى تمترس خلف وجوهه القديمة وفى تقديرى أن ما أبطأ حركة التغيير هى الجنازير التى تحرك هذه الآلية وتدفع بها للأمام والمتمثل فى مجالس الشورى فى الولايات التى حصرت خياراتها فى الشخصيات السياسية النافذة ولم تنقب بين عضويتها على أهل الإختصاص وإن كانوا من التكنوقراط ذوو الحضور السياسى المتواضع لأن الفترة المقبلة فترة عمل تنموى وخدمى يقنع الناس ويكسب ودهم ويقلل الإحتكاك السياسى بين الشركاء فى حكومة الوحدة الوطنية. وللإستفادة من السياسيين فى القيام بالعمل التعبوى والإستعداد لمرحلة ما بعد النصف الأول من الفترة الإنتقالية. رد على صديقى بأنه فهم الآن حركة المجنزرة فى السياسة وبلغة أهل الرياضة قال بأن المؤتمر الوطنى لم يفك تسجيلات لعيبته القدامى فقلت له أن هذا المؤشر الذى إستخلصناه من تسمية الولاة قابل تطبيقه على الوزارة الإتحادية والولائية وأحسب أن نسبة التغيير فيها ستكون إرتكازية حول المحور أى تبديل مواقع تنفيذية بأخرى تنفيذية ولن يغادر أحد بإرادته موقعه التنفيذى وستكون نسبة التغيير أو الحركة الأمامية متضائلة. رد على صديقى بأننى أصبته بالإحباط فقلت له إننى أحاول قراءة الواقع كما تشاء أحزابنا السياسية غير أننى محبط مثله تماما لأن حركة التغيير ليست هى فى الشعارات وإنما فى المواثيق وفى الرؤية الجديدة وفى الوجوه الجديدة فالقديم سيتعامل بنفس روحه وعادته القديمة والشعب السودانى ملول يحب التغيير فى المبانى والأشخاص والمعانى وما لم نستجب لهذه الرغبة سنفقد دعمه فى أول محك بعدم التجاوب وعدم الإكتراث وتظل منابر سخطه تتمدد من حافلات النقل إلى بيوت الفرح والعزاء.
قال صديقى ساخرا وهو يحاول أن ينتشل نفسه من حالة الإحباط هل كل هذا ما عندك يا حكيم السياسة؟ قلت تقريبا ولكن تبقى ملاحظة أخرى هى أن الكثيرين كانوا يتوقعون أن يغادر والى الخرطوم الولاية لولاية غيرها أو لوزارة كالصناعة أو الإستثمار ليس لعدم كفاءته فى مجال التنمية العمرانية والنظافة ولكن لأن الذى وقع من أحداث أوضح أن المسألة الأمنية فى العاصمة خاصة فى المرحلة القادمة التى ستجلب للعاصمة أهل الثقافات المختلفة ونشاطات حركات المجتمع المدنى، من نقابات وغيرها، الإحتجاجية وما يسبق الإنتخابات من تجمهرات وإحتكاكات. كل هذا التوقعات إضافة للعامل النفسى للمواطنين الذين يرون بأن الوالى لم يقم بالتحوط الكامل وإن قال هو وأجهزته بغير ذلك ولكن مراعاة رأى الجمهور فى هذا مثل هذه الإمور مهم لأنه أشبه بالصلاة خلف إمام وهم له كارهون. وهناك بعد آخر دائما ما نغفله يتمثل فى ضرورة أن يتعامل المسؤول بالشفافية اللازمة ويحاسب نفسه يبادربالتقدم بإستقالته طواعية دون أن تفرض عليه أو يضطر الآخرون لتبرير أفعاله. نريد للمسؤولين زهدا فى السلطة ولا يقبلها من يقبلها إلا بالتكليف المجمع عليه لا السعى للتكليف. نقول ذلك بصورة عامة ونرى أن الوالى قد أصاب كثيرا فى جعل الخرطوم عاصمة حضارية معماريا ولكن ما فائدة ذلك إن لم يكن تعامل المواطنين مع بعضهم تعاملا متحضرا. وقد أصاب كذلك من قبل فى ولاية النيل الأبيض ولكن غيره أيضا يمكن أن يصيب. ولو أن المتعافى نقل لولاية الجزيرة لبث روح المدينة ولأصلح حالها وجعلها متنفسا للإستثمارات وإحتياطا للعاصمة فى توفير القاعات والفنادق والملاعب وتوسيع المشاريع ولخفف عن العاصمة هذا الإختناق الأمنى. وفى المقابل لو أن الفريق أول عبدالرحمن سرالختم تولى قيادة العاصمة لكان الأنسب لها بتربيته العسكرية وحسه الأمنى وخبرته التنفيذية فى إستصحاب هموم المهددات الأمنية. قال لى صديقى بعد أخذ نفس عميق أصبحت تمثل برلمانا مصغرا فرددت عليه بأن هذا رأى نقوله خدمة للوطن ولأهل الرأى أن يأخذوا منه ما يفيد ويتركوا ما يحيد، والله فعال لما يريد،،،،،


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved