تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الإمام محمد عبده‚‚ ومدرسة الحداثة والتجديد بقلم: أبوبكر القاضي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/5/2005 9:48 ص

أبوبكر القاضي: الإمام محمد عبده‚‚ ومدرسة الحداثة والتجديد
هذا هو مقالي الثاني بمناسبة الذكرى المئوية للإمام المستنير الشيخ محمد عبده ويلزمني في بداية المقال بيان ان الإمام محمد عبده كان مدرسة فكرية وقد ورثه تلاميذه فالشخص العادي ترثه ذريته والشيخ الصوفي يرثه أهله بحسابات مرجعيات القرابة باختيار الأصلح منهم أما أساتذة الفكر والاصلاح من ورثة الأنبياء فإنهم يؤسسون مدارس فكرية ومن ثم لا يورثون قرابات الدم‚‚ وإنما يورثون التلاميذ النجباء‚ ومن تلاميذ إمام التنوير محمد عبده رشيد رضا صاحب المنار‚ سعد زغلول‚ قاسم أمين‚ حسن عاصم‚ علي فخري‚ لطيف سليم‚ حسن رشدي‚ عدلي يكن‚ عبدالخالق ثروت‚ أحمد حشمت‚ فتحي زغلول‚ أحمد فريد‚ أحمد ماهر‚ محمود شلتوت‚ طه البشرى‚ محمد عز العرب‚ حافظ إبراهيم ومصطفى لطفي المنفلوطي‚ الإمام محمد عبده‚‚ شيخ العقلانية والتسامح كتبت الدكتورة زينب عفيفي شاكر بحثا بعنوان «فتاوى الشيخ محمد عبده رؤية تنويرية عصرية» أبرزت فيه الأصول والقواعد العامة التي استند إليها الإمام محمد عبده في اجتهاده واعتمد عليها في أحكامه وفتاواه وهي 1- ميله الى العقلانية والتسامح بالعلم ونبذ التقليد‚ 2- ايمانه بحرية الانسان واستقلال الارادة‚ 3- الاهتمام باللغة كوسيلة للتفاعل الحضاري‚ 4- الاعتماد على تفسير روح القرآن الكريم دون التوقف عند حرفيته‚ المساواة‚‚ بغض النظر عن الدين أو الجنس‚ مدرسة محمد عبده‚‚ وضعت اسس دولة المواطنة حيث المساواة بغض النظرعن الدين أو الجنس من ذكر أو انثى‚ وهذا اعظم انجاز حضاري قدمته هذه المدرسة (من داخل الدين)‚‚ فلو جاء هذا التجديد من خارج الدين‚‚ من عساكر او علمانيين بمعنى من يستندون الى رؤية فلسفية وضعية وليس الى منظور ديني‚‚ سيكون منبتا عن الاصلاح الديني‚ لما اخذ هذا التجديد قيمته الفكرية والاسلامية من منظور التجديد الاسلامي الوارد في الحديث النبوي الشريف الذي رواه ابو هريرة «ان الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»‚ والتجديد بهذا المفهوم حين اتى من رجال مثل الشيخ محمد عبده والشيخ محمود شلتوت فإنه تحول الى ثورة ثقافية‚‚ بمعنى ان هذا الفكر سيجد طريقه الى رجل الشارع العادي ويفعل مفعوله فيه وذلك باعادة صياغته وفقا للرسالة التجديدية التي تقوم على التسامح والعقلانية‚ رؤيته حول مساواة غير المسلمين بالمسلمين في الماضي كانت الحقوق تستند الى مرجعية الدين‚ والوطن كمكان لم يكن يشكل مرجعية للحقوق والواجبات‚ في زماننا هذا‚ وبصورة خاصة بعد ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان اصبحت «المواطنة» هي اساس الحقوق واصبح المواطنون في البلد الواحد يتمتعون بالحقوق المتساوية امام القانون بغض النظر عن العنصر او اللون او الجنس او الدين او الموقع الجغرافي‚ الاضافة الحقيقية التي اضافتها مدرسة محمد عبده هي ايجاد حلول من داخل الدين الاسلامي لمسألة مساواة غير المسلمين بالمسلمين‚ في البلاد المتجانسة عرقيا ودينيا مثل دول الخليج والمغرب ربما لا تشكل مسألة المساواة بين المسلمين وغير المسلمين مشكلة دستورية وسياسية وامنية واجتماعية‚ لكن في بلدان مثل مصر او السودان حيث التعددية الدينية والثقافية فان الامر يختلف‚ اذ لا بد من فقه «اسلامي» يسمح بالمساواة بين المواطنين وبين الناس جميعا من حيث انتمائهم للوطن كمصريين او سودانيين ومن حيث انهم ناس وبشر‚ بحيث اذا ـ لا سمح الله ـ قتل المسلم مسيحيا ـ قتلا عمدا او خطأ ـ حسب الحال ـ يقتل المسلم قصاصا اذا قتل مسيحيا‚ او يدفع الدية كاملة اذا كان القتل خطأ دون تمييز بين المسلم وغير المسلم‚ لقد اخذت مدرسة الإمام محمد عبده وشلتوت التجديدية بمفهوم المساواة أمام القانون في القصاص والدية بين المسلمين وغير المسلمين‚ وقد أشار الاستاذ المستشار د‚عبدالمنعم احمد بركة الى رأي مدرسة محمد عبده في هذا الموضوع في كتابه «الإسلام والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين» ص 227-230 وقد وافق د‚ عبدالمنعم بركة آراء مدرسة الشيخ محمد عبده فيما ذهبت إليه من مساواة غير المسلمين بالمسلمين في القصاص والدية‚ ووجه التجديد في هذا الموضوع هو إيجاد الحلول لمشاكل العصر بالرجوع الى أصل الدين وروحه‚ فالمسألة ليست مساومة او تنازلات للغربيين‚ وإنما هي ادراك حقيقي لجوهر الدين الإسلامي الذي يقوم على التسامح وقبول الآخر‚ ويكفي ان من اركان الإيمان الستة الإيمان بالرسل بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بالكتب السماوية بخلاف القرآن‚ مساواة المرأة بالرجل في مدرسة محمد عبده مدرسة محمد عبده أنجبت قاسم أمين ومحمد رشيد رضا وغيرهما وقد رصد تاريخ الفكر الإسلامي العربي جهود هؤلاء الرجال في تحرير المرأة العربية من قيود التقاليد العربية التي تتعارض مع روح الدين الإسلامي الذي كان له فضل السبق في منح المرأة حق الحياة وحررها من الدفن حية ووفر لها بالشرع ذمتها المالية المستقلة عن زوجها وثبت حقها الشرعي في الارث عن زوجها وقرابات الدم‚ استند رشيد رضا في كتابه «حقوق النساء في الاسلام» على القرآن مثبتا الحقوق الاساسية التالية: 1- المرأة انسان هي شقيقة الرجل‚ 2- ايمان النساء كالرجال‚ 3- جزاء المؤمنات في الآخرة كالمؤمنين‚ 4- مشاركة النساء للرجال في الشعائر الدينية والاعمال الاجتماعية والسياسية‚ 5- مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء كالرجال‚ 6- امر المرأة بالمعروف ونهيها عن المنكر‚ 7- حقوق النساء المالية والميراث‚ استخلصت مدرسة محمد عبده التجديدية من حقوق المرأة الثابتة بنص الكتاب من قبل 1400 سنة واستنبطت حق المرأة في المساواة‚ في العلاقة بين الحكومة والشعب كان الامام محمد عبده رجل اصلاح وقد دفع ثمن مواقفه الاصلاحية شارك في ثورة احمد عرابي ضد نظام الخديوي توفيق الذي استنجد بالانجليز فتم احتلال مصر وقد نفي الامام محمد عبده الى لبنان ومن هذه التجربة ترك السياسة وتوجه نحو الاصلاح عبر مؤسسات المجتمع المدني‚ وقال عن السياسة في كتاب الاسلام والنصرانية في مقتطف اورده د‚ كمال الدين عبدالغني المرسي في كتابه الغني بعنوان الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفقه والفكر الإسلامي‚ حيث يقول الإمام «إن شئت ان تقول ان السياسة تضطهد الفكر أو العلم او الدين فأنا معك من الشاهدين‚‚ أعوذ بالله من السياسة ومن لفظ السياسة ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس»‚ الإمام محمد عبده هو صاحب الشعار «التمييز ما بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب‚ وما للشعب من حق العدالة على الحكومة»‚ هذه المعادلة تعني ببساطة أن حقوق الحكومة تقابلها واجبات‚ وان طاعة الحكومة مشروطة بالعدل‚ مما يعني أن الحكومة المستبدة غير خليقة بالطاعة ونذكر في هذا الخصوص ان علماء السلطان منذ عهد دولة بني أمية ومرورا بدولة بني العباس قد اسقطوا شرط العدل الملازم لطاعة الرعية‚ فسيدنا أبو بكر الصديق الخليفة الأول هو أول من ألزم نفسه من الخلفاء الراشدين بهذا الشرط حين قال «أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم» لقد أتى علماء السلطان ببدعة امام الغلبة والشوكة وقننوا له الاستبداد وافتوا بعدم مقاومته ما دام يسمح بإقامة شعيرة الصلاة بحجة أن مقاومته تنطوي على ضرر أكبر‚ لقد وقف الإمام محمد عبده في وجه الخديوي عباس عندما أراد الأخير استبدال بعض اراضي الأوقاف المعدة للبناء بمزرعة من مزارع الخديوي لأن في ذلك غرما للمسلمين وللدولة فغضب الخديوي واستقال الامام محمد عبده من عضوية مجلس الازهر‚ الامام محمد عبده لم يكن رجل دولة وانما كان رجل مجتمع ومن هنا جاء اهتمامنا الشديد به‚ التحول الديمقراطي لمصلحة الافراد والمجتمعات لا يصنعه إلا المجتمع بمؤسساته المدنية المختلفة‚ لقد ذهب الخديوي باستبداده وبقيت مدرسة الامام محمد عبده ومدرسة المنار ومحمود شلتوت وقاسم أمين كمعالم في طريق الفكر العربي وطريق التحرر العربي ونضال المرأة العربية‚



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved