تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

قوات الاتحاد الافريقي ونوبة يقظة الضمير المتأخرة بقلم: سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/3/2005 2:11 م

قوات الاتحاد الافريقي ونوبة يقظة الضمير المتأخرة


كنت اتمني أن يحل علينا شهر رمضان ويجد اهلنا في دارفور قد نعموا بالسلام والطمأنينة ، وهذا الشهر هو احد النعم العظيمة التي لا يعرف سرها الا من يحس بالجوع والظمأ فيتذكر أن له أخوة يستحقون منه الرحمة والعطاء ، أنه شهر القرآن والرحمة حيث تطالع أعين الصبية مغيب الشمس عند ساعات الغروب لتلقط رؤية الشهر المهيب ، فيطير الخبر بين أزقة القرية ويفرح الناس ويؤذن امام المسجد ليدعو الاهالي الي اداء صلاة التراويح ، وبالليل تجد الكبار ينصتون للراديو باهتمام ليتيقنوا من خبر الرؤية وليعرفوا الامم التي سوف تشاركهم في صومهم وعيدهم ، ولكن رمضان أتي هذه المرة بما لا تشتهي الانفس ، وحرص شياطين الانس أن لا تشمل الرحمة الجميع ، فعادت طائرات الانتنوف الي قصف معسكرات اللاجئين ، وعاد الجنجويد الي قتل المدنيين وحرق القري ونهب البيوت وكأنهم علي موعد مع شيطان أساءه أن يمكث في الغل في شهر رمضان ، وكان يكفي أهل دارفور أنهم نزحوا من ديارهم وتزحزحوا من قراهم وتركوا وطن المليون ميل مربع غنيمة لأهل الانقاذ وتبعها من قادة الجنجويد ، وهذا الايثار لم يفي بالغرض المطلوب لأنهم يريدون حياة الناس وليس ارضهم وقراهم ، والهجوم الجديد والذي قامت به الحكومة السودانية ومليشياتها الموالية لها لا يختلف كثيرا عن التكتيكات العسكرية السابقة ، يبدأ الهجوم باقحام المليشيات في المواجهة ثم تبدأ المروحيات في انتقاء الاهداف مستغلة هلع السكان وذعرهم من قوات الجنجويد والتي عادة ما تبدأ بحرق المساكن ونهبها ، وفي اثناء ذلك يقوم الجيش بتطويق المنطقة بالكامل ويستمر القتل والنهب والاغتصاب لمدة يومين أو ثلاثة ثم ينسحب الجميع خوفا من أن تلاحقهم وسائل الاعلام الغربية ، ويعترف الولاه بعد نهاية المجزرة بحدوث بعض المناوشات الخفيفة والتي أنتهت بطرد المسلحين من منطقة معينة ولا يشيرون في تصريحاتهم أن هناك ضحايا في صفوف المدنيين ويعتبرون ذلك نوعا من الاتهامات الكاذبة والصادرة من قادة التمرد ، هذا هو التكتيك الحربي المتبع في دارفور وعملية اليومين الماضيين والتي اشرف عليها كل من يوسف كبر والحاج عطا المنان لا تخرج عن هذا السياق ، اقام الوالي يوسف كبر عرضا عسكريا كبيرا في مدينة الفاشر ودعا في الاحتفال الي نصرة القوات المسلحة وتوعد المسلحين بهجوم كاسح ، وكان وقتها الحاج عطا المنان يقود العمليات العسكرية في جنوب دارفور ويعد العدة من أجل توحيد جيوش الولاتين تحت رأية واحدة من أجل أخذ زمام المبادرة الحربية ، وشعر الحاج عطا المنان بعد سقوط مدينة شعيرية بخطورة قبيلة الزغاوة ولذلك قام بتهديد زعاماتها العشائرية وأخبرهم بأن هناك كوكبا غير الارض ينتظرهم في حالة دعمهم للتمرد ، وهذا التهديد تاريخيا لا يختلف عن ذاك الذي اطلقه أمير المهدية محمود ود أحمد عندما طلب من أهل المتمة الرحيل من ديارهم عام 1897 والا ساءت عاقبتهم . واخشي أن تكون حروب الانقاذ مربوطة بنوع من الثأرات التاريخية .
وبعض مجئ قوات الاتحاد الافريقي شعر الاهالي في دارفور ببعض الامان والطمأنينة ، ولكن هذه القوات تنقصها الامكانيات مثل أجهزة الاتصال والمراقبة الحديثة ووسائل الانتقال ، كما أن عدد هذه القوات والذي يصل الي ستة الاف جندي يعتبر ضئيلا اذا قورن بحجم مساحة اقليم دارفور المتسعة ، وأحيانا يتعرض قادة هذه القوات الي ضغط من قبل الحكومة السودانية ، ولذلك تجدهم لا يشيرون الي الخروقات الا اذا جمعت بين الحكومة والمجموعات المسلحة ، وقد أشار المحللون أن قوات الانحاد الافريقي لا تملك تفويضا وصلاحيات تامة من أجل ارساء سلطاتها علي الارض في سبيل حفظ القانون ، وقد كان دورها في السابق لا يقل عن اختبئ وشاهد (Hide & Watch) ، فهي ايضا غير قادرة علي النزول الي الارض ومنع قوات الجنجويد من مهاجمة المدنيين ، وقد كشف البيان الاخير لقوات الاتحاد الافريقي عدم مقدرتها علي فرض سلطتها علي الارض وقد حصر قائدها الخروقات التي وقعت كما يلي :
في يوم 18 سبتمبر 2005 قام الجيش ورجال المليشيا بمهاجمة 6 معسكرات مما أدي الي مقتل اثني عشر شخصا وترك أربعة الاف من السكان بلا مأوي .
في يوم الثلاثاء هاجم الجيش السوداني مخيم ( ارشارو ) للنازحين وقريتين مما ادي الي مقتل 32 شخصا ، وقد شوهدت المروحيات الحربية وهي تحلق فوق المنطقة ، وقد شارك 400 من افراد مليشيا الجنجويد في العملية وقد كانوا يمتطون الجمال والحصين .
في يوم الخميس قامت القوات الحكومية والشرطة بالاغارة علي مدينة طويلة وعلي معسكر يقع بالقرب منها ، وقد طلت الحكومة السودانية عرباتها العسكرية باللون الابيض وهو نفس لون عربات قوات الاتحاد الافريقي .
في يوم الجمعة تلقت قوات الاتحاد الافريقي تقاريرا تفيد بقيام القوات الحكومية بمهاجمة مدينة شعيرية التي تقع في جنوب دارفور ويسكنها 33000 من السكان ، وقد قامت المروحيات الحربية بالقاء القنابل علي تخوم المدينة وبالتحديد في منطقة (عطو )
كل هذه النقاط اشار اليها السيد/ كنجبي المسؤول عن قوات الاتحاد الافريقي في مؤتمره الصحفي والذي أنعقد في الخرطوم بعد هذه الاحداث ، وقد كشف هذا المؤتمر ما يلي :
أن قوات الاتحاد الافريقي اكتشفت متأخرا مستوي التنسيق بين الجنجويد وجيش الحكومة ، وحتي لا يحدث خلط في المسألة فان قوات الجنجويد تعتبر جزءا من الجيش السوداني وتتلقي الاوامر من قادة الجيش ولم يعد هناك مجالا للانكار بأن الجنجويد يمثلون حالة انفلات امني خارج يد السلطات الحكومية .
وقد قامت القوات الحكومة بعمل خدعة ذكية عندما طلت مركباتها العسكرية باللون الابيض ، وقد أنطلت خدعة حصان طروادة علي الاهالي الابرياء فانتظروا الي أن خرج الجنود من مركباتهم فوقعت المجزرة الدموية ، وهذه الخدعة فيها انتهاك صريح لاتفاقيات جنيف وكل المواثيق الدولية والتي تحظر استخدام لون وشعارات المنظمات الانسانية كتمويه في الحروب ، وكان من الممكن أن تتعرض قوات الافريقي لحرج كبير اذا أتهمت بمشاركة الجيش الحكومي في هجماته لأن ذلك سوف يرفع عنها سقف ثقة الاهالي .
والهجوم الاخير والذي بدأ ضاريا وعنيفا تم بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، والصورة لم تتضح بعد هل هذه حكومة وحدة وطنية أم حكومة حرب ، والمؤشرات تقول بأن الحركة الشعبية هي الغائب الحاضر عن هذا النزاع ، ولا ندري من الذي يقرر الحرب والسلام في الحكومة الحالية ، والاجابة عن هذا السؤال كشفها تكالب حزب المؤتمر الوطني علي الاحتفاظ بوزارات مثل الدفاع والداخلية والعدل والطاقة والمالية ، والمالك لمفاتيح هذه الوزارات هو الذي يستطيع تحديد مستقبل السودان ، وهو ايضا الذي يحدد متي واين وكيف تبدأ الحرب ، ومصطفي عثمان في نيويورك لام المجتمع الدولي لأن مساعداته تأتي متأخرة وبعد وقوع الكارثة ، ولكن هل يساعد المجتمع الدولي بلدا يحتفظ بأربعة الوية عسكرية في اقليم واحد وتسقط طائراته الحمم والقنابل علي رؤوس الاهالي بدلا من الخبز والدقيق والادوية ، ازمة المجتمع الدولي أنه سمح ببقاء الكارثة عندما اعتبر أن الانقاذ حكومة محترمة ترعي المواثيق والعهود .وواقع الحال يقول غير ذلك ، انها حكومة مليشيا في زي رسمي للدولة .
سارة عيسي

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved